عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 10-07-2009, 07:23 PM
Khaled Soliman Khaled Soliman غير متواجد حالياً
معلم أول أ لغة إنجليزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 9,299
معدل تقييم المستوى: 25
Khaled Soliman has a spectacular aura about
افتراضي

متوفيك نقف عند هذه الكلمة ، فنحن غالباً ما نأخذ معنى الألفاظ من الغالبالشائع ، ثم تموت المعاني الأخرى في اللفظ ويروج المعنى الشائع فنفهم المقصد مناللفظ .
إن كلمةالتوفي نفهمها على إنها الموت، ولكن علينا هنا أن نرجع إلى أصل استعمال اللفظية ، فإنه قد يغلب معنى على لفظ ،وهذا اللفظ موضوع لمعان متعددة ، فيأخذه واحد ليجعله خاصاً بواحد من هذه .
إن كلمةالتوفي قد يأخذها واحدالمعنى (( الوفاة )) وهو الموت ، ولكن ، ألم يكن ربك الذي قال (( إني متوفيك )) ؟ وهو القائل في القرآن الكريم
سورة الأنعام 60
بسم الله الرحمنالرحيم
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْتَعْمَلُونَ
إذنيتوفاكمهنا بأي معنى؟ إنها بمعنى ينيمكم . فالنوم معنى من معاني التوفي . ألم يقل الحق في كتابه أيضاًالذي قال فيه (( إني متوفيك))
سورة الزمر
42
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىَ عَلَيهَا المَوتَ ويُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ
لقد سمىالحق النوم موتاً أيضاً . هذا من ناحية منطق القرآن ، إن منطق القرآن الكريم بينلنا أن كلمة (( التوفي)) ليس معناها هو الموت فقط ولكن لهامعان أخرى ، إلا أنه غلب اللفظ عند المستعملين للغة على معنى فاستقل اللفظ عندهمبهذا المعنى ، فإذا ما أطلق اللفظ عند هؤلاء لا ينصرف إلا لهذا المعنى ، ولهؤلاءنقول : لا، لا بد أن ندقق جيداً فياللفظ ولماذا جاء ؟
وقد يقول قائل : ولماذا يختارالله اللفظ هكذا ؟
والإجابة هي : لأن الأشياء التي قديقف فيها العقل لا تؤثر في الحكام المطلوبة ويأتي فيها الله بأسلوب يحتمل هذا ،ويحتمل ذلك ، حتى لا يقف أحد في أمر لا يستأهل وقفة .
فالذي يعتقد أن عيسى عليه السلام قد رفعه الله إلى السماء ما الذيزاد عليه من أحكام دينه ؟ والذي لا يعتقد أن عيسى عليه السلام قد رُفع ، ما الذينقص عليه من أحكام دينه ، إن هذه القضية لا تؤثر فى الأحكام المطلوبة للدين ، لكنالعقل قد يقف فيها ؟
فيقول قائل: كيف يصعد إلى السماء ؟ ويقولآخر : لقد توفاه الله .
وليعتقد أي إنسان كما يُريد لأنها لا تؤثر في الأحكامالمطلوبة للدين .
إذن: فالأشياء التي لا تؤثر فيالحكم المطلوب من الخلق يأتي بها الله بكلام يحتمل الفهم على أكثر من وجه حتى لايترك العقل في حيرة أمام مسألة لا تضر ولا تنفع .
وعرفنا الآن أن (( توفى)) تأتي من الوفاة بمعنى النوم من قوله سبحانه :
سورةالأنعام 60
بسم الله الرحمن الرحيم
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّيَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
ومن قوله سبحانه وتعالى
سورةالزمر 42
بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا والَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَىَ عَلَيهَا المَوتَ ويُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ

إن الحق سبحانه قد سمى النوم موتاً لأن النوم غيب عن حس الحياة . واللغة العربية توضح ذلك :
فأنت تقول - على سبيل المثال – لمن أقرضته مبلغاً منالمال ، ويطلب منك أن تتنازل عن بعضه .. فتقول : لا
لا بد أن أستوفي مالي ، وعندما يُعطيك كل مالك ،تقول له : استوفيت مالي تماماً ، فتوفيته هنا تعني : أنك أخذت مالك بتمامه .
إذنمعنى (( متوفيك)) قد يكون هو أخذك الشيء تاماً .
أقول ذلك حتى نعرف الفرق بين الموت وال*** ، وكلاهما يلتقي في أنهسلب للحياة ، وكلمة سلب للحياة قد تكون مرة بنقض البنية ، كضرب واحد لأخر علىجمجمته في***ه ، هذا لون من سلب الحياة ، ولكن بنقض البنية .
أما الموت فلايكون بنقض البنية ، إنما يأخذ الله الروح ، وتبقى البنية كما هي ، ولذلك فرق اللهفي قرآنه الحكيم بين (( موت)) و (( ***)) وإن اتحد معاً في إزهاق الحياة .
آل عمران 144
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَّنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنيَّضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
إنالموت وال*** يؤدي كل منهما إلى انتهاء الحياة ، لكن ال*** ينهي الحياة بنقض البنية، ولذلك يقدر البعض البشر على البشر في***ون بعضهم بعضاً . لكن لا أحد يستطيع أنيقول : (( أنا أريد أن يموت فلان )) ، فالموت هو ما يجريه الله على عباده من سلبللحياة بنزع الروح .
إن البشر يقدرون على البنية بال*** ، والبنية ليست هي التي تنزعالروح ، ولكن الروح تحل في المادة فتحياً ، وعندما ينزعها الله من المادة تموت وترمأي تصير رمة .
إذن: فال*** إنما هو إخلالبالمواصفات الخاصة التي أرادها الله لوجود الروح فى المادة ، كسلامة المخ والقلب .
فإذا اختل شيء من هذه المواصفات الخاصة الأساسية فالروح تقول (( أنا لا أسكن هنا )) .
إن الروح إذا ما انتزعت ، فلأنها لا تريد أن تنتزع .. لأي سببولكن البنية لا تصلح لسكنها .
ونضرب المثل ولله المثل الأعلى :
إن الكهرباء التي في المنزليتم تركيبها ، وتعرف وجود الكهرباء بالمصباح الذي يصدر منه الضوء . إن المصباح لميأت بالنور ، لأن النور لا يظهر إلا فى بنية بهذه المواصفات بدليل أن المصباح عندماينكسر تظل الكهرباء موجودة ، ولكن الضوء يذهب .
كذلك الروح بالنسبة للجسد . إن الروح لا توجد إلا في جسد لهمواصفات خاصة . وأهم هذه المواصفات الخاصة أن تكون خلايا البنية مناسبة ، فإن توقفالقلب ، فمن الممكن تدليكه قبل مرور سبع ثواني على التوقف ، لكن إن فسدت خلايا المخ، فكل شئ ينتهي لأن المواصفات اختلت .
إذن: فالروح لا تحل إلا فى بنية لها مواصفات خاصة ، وال*** وسيلة أساسية لهدم البنية ،وإذهاب الحياة ، لكن الموت هو إزهاق الحياة بغير هدم البنية ، ولا يقدر على ذلك إلاالله سبحانه وتعالى .
ولكن خلق الله يقدرون على البنية ، لأنها مادة ولذلكيستطيعون تخريبها .
إذن (( فمتوفيك)) تعني مرة تمام الشيء (( كاستيفاء المال)) وتعني مرة (( النوم)) .
وحين يقول الحق : (( إني متوفيك)) ماذايعني ذلك ؟ إنه سبحانه وتعالى يريد أن يقول : أريدك تاماً
أي أن خلقي لا يقدرون على هدم بنيتك ، إني طالبك إلى تاماً ، لأنك في الأرض عرضه لأغيار البشر من البشر ، لكني سآتي بك في مكان تكون خالصاً لي وحدي ، لقد أخذتك من البشر تاماً ، أي أن الروح في جسدك بكل مواصفتها ، فالذين يقدرون عليه من هدم المادة لن يتمكنوا منه .
إذن ، فقول الحق : (( ورافعك إليّ)) هذا القول الحكيم يأتي مستقيماً مع قول الحق (( متوفيك)) .

وقد يقول قائل : لماذا نأخذ الوفاة بهذا المعنى ؟
نقول: إن الحق بجلال قدرته كان قادر على أن يقول : إني رافعك إلىّ ثم أتوفاك بعد ذلك . .. . ونقول أيضاً : من الذي قال : إن (( الواو)) تقضي الترتيب فى الحدث ؟ ألم يقل الحق سبحانه :
القمر 16
بسم الله الرحمنالرحيم
فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي و َنُذُرِ
هل جاء العذاب قبل النذر أو بعدها ؟ إن العذاب إنما يكون من بعد النذر . إن (( الواو)) تفيد الجمع للحدثين فقط . ألم يقل الله في كتابه أيضاً :
الأحزاب 7
بسم الله الرحمنالرحيم
وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيْسَى ابنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيْثَاقًا غَلِيظًا
إن (( الواو)) لا تقتضي ترتيب الأحداث ، فعلى فرض انك قد أخذت (( متوفيك)) أي (( مميتك)) ، فمن الذي قال : إن (( الواو)) تقتضي الترتيب في الحدث ؟ بمعنى أن الحق يتوفى عيسى ثم يرفعه .
فإذا قال قائل : ولماذا جاءت (( متوفيك)) أولاً ؟
نرد على ذلك : لأن البعض قد ظن أن الرفع تبرئه من الموت .
ولكن عيسى عليه السلام سيموت قطعاً ، فالموت مسألة يمر بها كل بشر .
هذا الكلام من ناحية النص القرآني . فإذا ما ذهبنا إلى الحديث وجدنا أن الله فوض رسوله صلى الله عليه وسلم ليشرح ويبين ، ألم يقل الحق :
النحل 44
بسم الله الرحمن الرحيم
بِالبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
فالحديث كما رواه البخاري ومسلم : ( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم ) ؟
أيأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لنا أن ابن مريم سينزل مرة أخرى
ولنقف الآن وقفة عقلية لنواجه العقلانيين الذين يحاولون التعب فيالدنيا فنقول : يا عقلانيون أقبلتم في بداية عيسى عليه السلام أن يوجد من غير أبعلى غير طريقة الخلق فى الإيجاد والميلاد ؟
سيقولون : نعم .
هنا نقول: إذا كنتم قد قبلتم بداية مولده بشيء عجيب خارق للنواميس فكيف تقفون في نهاية حياته إن كانت خارقة للنواميس؟
إن الذي جعلكم تقبلون العجيبة الأولى يمهد لكم أن تقبلوا العجيبة الثانية . إن الحق سبحانه وتعالى يقول
آل عمران 55
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
إن الله سبحانه وتعالى يبلغ عيسى عليه السلام إنني سأخذك تاما غير مقدور عليك من البشر ومطهرك من خبث هؤلاء الكافرين ونجاستهم ، وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة .
وكلمة اتبع تدل على أن هناك مُـتَّـبـعًـا يتلو مُـتّبَعا .
أي أن المتِـبع هو الذي يأتي بعد ، فمن الذي جاء بعد عيسى عليه السلام بمنهج من السماء ؟
إنه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
ولكن على أي منهج يكون الذين اتبعوك ؟
أعلى المنهج الذي جاؤا به أم المنهج الذي بلغته أنت يا عيسى ؟
إن الذي يتبعك على غير المنهج الذي قلته لن يكون تبعا لك ، ولكن الذي يأتي ليصحح الوضع على المنهج الصحيح فهو الذي اتبعك .
وقد جاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليصحح الوضع ويبلغ المنهج كما أراده الله وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة
فإن أخذنا المعنى بهذا :إن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي التي اتبعت منهج الله الذي جاء به الرسل جميعاً ، ونزل به عيسى أيضاً
أن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد صححت كثيراً من القضايا التي انحرف بها القوم .
اللهم تقبل منا صالح الأعمال
من خواطر الشيخ / محمد متولي الشعراوي

آخر تعديل بواسطة Khaled Soliman ، 10-07-2009 الساعة 08:05 PM
رد مع اقتباس