عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-10-2018, 09:48 AM
الصورة الرمزية Mr. Hatem Ahmed
Mr. Hatem Ahmed Mr. Hatem Ahmed غير متواجد حالياً
نائب رئيس مجلس الإدارة
 
تاريخ التسجيل: Nov 2011
المشاركات: 49,822
معدل تقييم المستوى: 10
Mr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond reputeMr. Hatem Ahmed has a reputation beyond repute
افتراضي


(1) أعــظـــم قــائـــد عــســـكـــــري فــي تــاريـــخ مــصــــر الــحـــديـــــث



هــــو: سيادة الفريق/ ســعـــــد الــديـــن مــحـــمـــــد الــحـــســــيـــــنـــــــي الــشـــاذلـــــي؛ أعظم القادة العسكريين في تاريخ مصر الحديث، وروميل العرب، والعقل المدبر لحرب أكتوبر 1973، ومؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الأسبق، وأمين عام مساعد جامعة الدول العربيةللشؤون العسكرية الأسبق، وأعظم الخبراء الاستراتيجيين في تاريخ مصر الحديث، وأهم أعلام العسكرية العربية المعاصرة.



المولد والنشأة: وُلِد بقرية شبراتنا مركز بسيون بمحافظة الغربية، في 1أبريل في عام 1922م، في أسرة فوق المتوسطة، إذْ كان والده من الأعيان، وكانت أسرته تملك 70 فدانًا، وأبوه هو الحاج/ الحسيني الشاذلي، وأمه السيدة/ تفيدة الجوهري وهي الزوجة الثانية لأبيه، وكان والده أحد مُلاَّك الأراضي الزراعية وقد تزوج مرتين وأنجب من الأولى تسعة أبناء هم: محمد وحامد وعبد الحكيم والحسيني وعبدالسلام ونظيمة وفريدة وبسيمة ومرسية؛ أما الثانية تفيدة الجوهري وهي والدة الفريق/ الشاذلي فقد أنجبت له: مظهر وسعد وألفت ونبيلة... ومنذ الطفولة الباكرة ارتبط وجدانياً وعقلياً بحُب العسكرية، حيث كان الطفل الصغير يستمع إلى حكايات متوارثة حول بطولات جدّه لأبيه الشاذلي، الذي كان ضابطاً بالجيش، وشارك في الثورة العرابية وحارب في معركة "التل الكبير"؛ وابن عم والده هو عبد السلام باشا الشاذلي، الذي تولى مديرية البحيرة، ثم تولى بعد ذلك وزارة الأوقاف ... وقد تلقَّى الشاذلي العلوم في المدرسة الابتدائية في مدرسة بسيون التي تبعد عن قريته حوالى 6 كيلو مترات، وبعد إكماله الابتدائية، انتقل والده للعيش في القاهرة وكان عمره وقتئذ 11 سنة، وأتم المرحلة الإعدادية والثانوية في مدارس القاهرة.



الحالة الاجتماعية: تزوَّج الشاذلي في 13 ديسمبر عام 1943، مِن زينات محمد متولي السحيمي، ابنة محمدمتولي باشا السحيمي "مدير الكلية الحربية"، في ثلاثينات القرن الماضي، وأنجب منها 3 بنات.



الحياة المِهَنية:
- التحق بالكلية الحربية في فبراير 1939، وكان أصغر طالب في دفعته.
- تخرَّج من الكلية الحربية في يوليو 1940، برُتبة مُلازِم في سلاح المُشَاة.
- في عام 1943، تم انتدابه للخدمة في الحرس الملكي وكان حينئذ برُتبة مُلازِم.
- شارك في حرب فلسطين 1948.
- شارك في الحرب العالمية الثانية المنتهية عام 1945.
- مؤسس وقائد أول فرقة سلاح مظلات في مصر.
- قائد الكتيبة 75 مظلات خلال العدوان الثلاثي عام 1956.
- قائد أول قوات عربية (قائد كتيبة مصرية) في الكونغو، كجزء من قوات الأمم المتحدة، بين عامي 1960، 1961.
-مُلحق حربي في لندن خلال الأعوام 1963، 1964، 1965.
- قائد القوات الخاصة (المظلات والصاعقة) خلال الأعوام 1967، 1968، 1969.
- قائد لمنطقة البحر الأحمر العسكرية بين عامي 1970، 1971.
- رئيس أركان حرب القوات لمسلحة خلال الأعوام 1971، 1972، 1973.
- أمين عام مساعد جامعة الدول العربية للشؤون العسكرية بين عامي 1973، 1974.
- سفير مصر في بريطانيا بين عامي 1974، 1975.
- سفير مصر في البرتغال خلال الأعوام 1975، 1976، 1977، 1978.



سلاح المظلات: سافر الشاذلي وهو برُتبة رائدإلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة تدريبية متقدمة في المظلات عام 1953، وهو مِن أوّل مَن حصل على فرقة رينجرز وهي "مدرسة المشاة الأميركية" ... وكان قائداً للكتيبة75 مظلات أثناء العدوان الثلاث يعام 1956؛ ثم تولى قيادة سلاح المظلات خلال الأعوام: 1945، 1955، 1956، 1957، 1958، 1959... وأثناء الاحتفالات بعيد الثورة والذي كان سيقام في 23 يوليو عام 1954، اقترح الشاذلي على اللواء/ نجيب غنيم "قائد منطقة القاهرة" بإظهار سلاح المظلات بصورة مختلفة عن باقي وحدات القوات المسلحة التي كانت تمشي بالخطوة العادية أمام المِنَصَّة كما هو معروف، كما اقترح بأن تقوم كتيبة سلاح المظلات باستعراض المشي بالخطوة السريعة أمام المِنَصَّة، وكان بذلك أوّل مَن أقترح المشي بالخطوة السريعة في العروض العسكرية الخاصة لقوات المظلات، والتي أصبحت مرتبطة بقوات الصاعقة والمظلات وما ميزها عن سائر القوات ونقلتها الدول العربية فيما بعد.



الكونغو: في عام 1960، أيام الوحدة مع سوريا، أرسل جمال عبد الناصر بقيادة الشاذلي كتيبة مظلات كجزء من قوات الأمم المتحدة إلى الكونغو، بطلب من رئيس الوزراء لومومبا وبالتنسيق مع داج همرشولد أمين عام الأمم المتحدة، لحفظ الأمن والقانون وبهدف منع بلجيكا من العودة إلى احتلال بلاده التي استقلت في 30 يونيو عام 1960... وكانت الكتيبة العربية مكونة من 5 سراي، 4 منهم من مصر وسرية واحدة من سوريا، والتي أصبح اسمها: "الكتيبة العربية في الكونغو"، وتمركزت الكتيبة في أقصى الشمال على بعد أكثر من 1200 كيلو من العاصمة؛ وكانت أول قوة عربية ترسل للقيام بمهام خارجية تحت قيادة الأمم المتحدة ... تطوَّرت الأحداث وقاد رئيس هيئة الأركان الجنرال موبوتوسيسيسيكو انقلابًا عسكريًّا سيطر به على البلاد، وتمكَّن لومومبا من الهرب إلا أنه اعتُقِل وقُتِـل في يناير عام 1961... حينئذ أرسل جمال عبد الناصر لجنة عسكرية برئاسة أحمد إسماعيل علي إلى الكونغو لدراسة ما يمكن لمصر أن تقدمه للنهوض بالجيش الكونغولي، ولكن الوضع قد تغير فالحكومة الجديدة كانت تناصب العداء لجمال عبد الناصر وتطالب بإعادة القوات العربية؛ في تلك الفترة وقع الخلاف بين الشاذلي وأحمد إسماعيل؛ فبعد مقتـل لومومبا أحسّ الشاذلي بالخطر وقرَّر بشكل منفرد تسريب جنوده من مواقعهم، كما أمَّن تهريب أبناء لومومبا إلى مصرقبل انسحاب الكتيبة المصرية.



حرب 1967: أظهر الشاذلي تميزًا نادرًا وقدرة كبيرة على القيادة والسيطرة والمناورة بقواته خلال نكسة 1967، عندما كان برُتبة لواء ويقود مجموعة مقتطعة من وحدات وتشكيلات مختلفة (كتيبة مشاة وكتيبة دبابات وكتيبتان من الصاعقة) مجموع أفرادها حوالى 1500ضابط وفرد والمعروفة بمجموعة الشاذلي في مهمة لحراسة وسط سيناء بين المحور الأوسط والمحور الجنوبي ... فبعد ضرب سلاح الجو المصري وتدميره على الأرض في صباح 5 يونيو، واجتياح القوات الإسرائيلية لسيناء، اتخذت القيادة العامة المصرية قرارها بالانسحاب غير المنظَّم والذي أدَّى إلى إرباك القوات المصريةوانسحابها بشكل عشوائي بدون دعم جوي، ما نتج عنه خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، وانقطعت الاتصالات بين القواتالمتواجدة في سيناء وبين القيادة العامة المصرية في القاهرة ما أدى إلى حدوث حالة من الفوضى بين القوات المنسحبة، والتي تم قصفها بواسطة الطيران الإسرائيلي ... وفي تلك الأثناء، انقطع الاتصال الشاذلي وقيادة الجيشفي سيناء، وكان عليه أن يفكر في طريقة للتصرف وخصوصاً بعد أن شاهد الطيران الإسرائيلي يسيطر تمامًا على سماء سيناء، فاتخذ الشاذلي قرارًا جريئًا، حيث عَبَر بقوَّاته شرقًا وتخطى الحدود الدولية قبل غروب يوم 5 يونيو واتجه شرقاً، فيما كانت القوات المصرية تتجه غرباً للضفة الغربية للقناة، وتمركز بقواته داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بحوالي خمسة كيلومترات شرقًا داخل صحراء النقب، من خلال شريط ضيق بعيد عن مسار الطيران الإسرائيلي، وبقي الشاذلي في النقب لمدة يومين 6 و7يونيو، واتخذ موقعاً بين جبلين لحماية قوَّاته من الطيران الإسرائيلي، إلى أن تمكَّن من تحقيق اتصال بالقيادة العامة بالقاهرة التي أصدرت إليه الأوامر بالانسحاب فورًا ... وبالفعل استجاب الشاذلي لتلك الأوامر، وقام بعملية مناورة عسكرية رائعة، حيث قام بعملية الانسحاب ليلاً وقبل غروب يوم 8يونيوفي ظروف غاية في الصعوبة، ورغم هذه الظروف لم ينفرط عقد قواته، كما حدث مع وحدات أخرى، لكنه ظل مسيطرًا عليها بمنتهى البراعة والكفاءة ... ثم استطاع الشاذلي بحرفية نادرة أن يقطع أراضي سيناء كاملة من الشرق إلى الشط الغربي لقناة السويس (حوالي 200 كيلو مترًا) في عملية انسحاب عالية الدِّقة، باعتبار أن الشاذلي كان يسير في أرض يسيطر العدو تمامًا عليها، ومن دون أي دعم جوي، وبالحدود الدنيا من المؤن، إلى أن وصل الضفة الغربية للقناة، وقد نجح في العودة بقواته ومعداته إلى الجيش المصري سالمًا، وتفادى النيران الإسرائيلية، وكان بذلك آخر قائد مصري ينسحب بقواته من سيناء قبل أن تتم عملية نسف الجسور المقامة بين ضِفتي القناة ... بعد عودة الشاذلي إلى غرب القناة، اكتسب سُمعة كبيرة في صفوف الجيش المصري، فتم تعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات في الفترة من سنة 1967، إلى سنة 1969؛ وقد كانت أول وآخر مرة في التاريخ المصري يتم فيها الجمع بين القوات الثلاث.


الشاذلي قائدًا لمنطقة البحر الأحمر العسكرية: أثناء حرب الاستنزاف، كانت إسرائيل تقوم بغارات خاطفة على منطقة البحر الأحمر وتتم عمليات اختطاف يومية للمَدَنِيين وتدمير المنشآت على سواحل البحر الأحمر والتي وصلت ذُروتها في حادثة الزعفرانة في 9 سبتمبر عام 1969؛ فرأى جمال عبد الناصر أن الشاذلي أنسب شخص يستطيع وقف اختراقات إسرائيل لمنطقة البحر الأحمر وتأمين المنطقة، وبالفعل قام بتعيينه قائداً لمنطقة البحر الأحمر العسكرية في عام 1970، وتمكَّن الشاذلي مِن وقف عمليات الاختطاف اليومية التي كانت تتم ضد مدنيين وموظفين الذين كانوا يُؤْخَذون كأَسْرَى من جانب القوات الإسرائيلية في تلك الفترة، واستطاع وقف الهجمات الإسرائيلية.


حادثة شدوان: في 22 يناير عام 1970، قامت إسرائيل بالهجوم على "جزيرة شدوان" الواقعة في البحر الأحمر بالقُرب من مَدخل خليج السويس وتَبعُد عن الغردقة 35 كيلو مترًا وعن السويس 325 كيلو مترًا، وعليها فنار لإرشاد السُّفن ورادار بحري، وتُؤمِّنها سَرِيَّة من الصاعقة المصرية؛ وأهميتها العسكرية بحتة لأنها جزيرة صخرية غير مسكونة ومساحتها لا تتجاوز 60كيلو متر مربع ... قامت القوات الإسرائيلية بقصف الجزيرة جويًّا وأعقبته بإبرام جنود من الهليكوبتر وزوارق الإنزال في محاولة لاحتلالها، وقد صمدت فيها حامية صغيرة من الصاعقة المصرية أمام قوة نيران إسرائيلية ضخمة، وكان الإسرائيلي ونقد أعلنوا مساء ليلة القتال الأولى أن قواتهم: "لا تجد مقاومة على الجزيرة!"، إلاَّ أنهم عادوا واعترفوا في الثالثة من بعد ظهر اليوم التالي: "أن القتال لا يزال مستمرًّا على الجزيرة!"؛ فأمر الشاذلي بمهاجمة الجزيرة بمساعدة عدد من الصيادين من أبناء المحافظة، ما أثمر في نقل الجنود والمعدات وسط الظلام إلى جزيرة شدوان للقيام بالهجوم على القوات الإسرائيلية، واستمرت المعارك في الجزيرة36 ساعة متواصلة، ومِن ثَمَّ فشلت القوات الإسرائيلية بعدها في احتلال الجزيرة وتم تحريرها في معركة شدوان.


الشاذلي رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة: في 16 مايو 1971، وبعد إطاحة أنور السادات بأقطاب النظام النَّاصِري، فيما سمَّاه بثورة التَّصحيح، عيَّن الشاذلي رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية، باعتبار أنه لم يكن محسوبًا على أي من المتصارعين على الساحة السياسية المصرية آنذاك؛ ولكفاءته وقدرته العسكرية ولخلفيته الغنية التي اكتسبها من دراسته بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في العلوم العسكرية إلي جانب تاريخه العسكري.


خلاف الشاذلي مع محمد صادق: فعند تعيين الشاذلي رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية كان وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة وقتئذ الفريق أول محمد صادق، الذي دخل معه في خلافات حول خطة العمليات الخاصة بتحرير سيناء، حيث كان محمد صادق يرى أن الجيش المصري يتعيَّن عليه أَلَّا يقوم بأي عملية هجومية إِلاَّ إذا وصل إلى مرحلة تفوّق على العدو في المعدات والكفاءة القتالية لجنوده، عندها فقط يمكنه القيام بعملية هجومية واسعة تدمر القوات الإسرائيلية في سيناء وتتقدم إلى المضائق ومنها إلى غزة ... وكان رد الشاذلي على مقترحاته أنه يود ذلك إِلاَّ أن هذا الرأي لا يتماشى مع الإمكانيات الفعلية للقوات المسلحة لضعف القوات الجوية وعدم وجود دفاع جوي متحرِّك يحمي القوات المتقدمة ... ثم شرع الشاذلي في وضع خطة هجومية وفق إمكانات القوات المسلحة، تقضي باسترداد من 10 إلى 12 كيلو مترًا في عمق سيناء، وبَنى رأيه على أنه من المهم تفصيل الاستراتيجية الحربية على إمكانياتك وطبقًا لإمكانيات العدو! إِلاَّ أن محمد صادق عارض الخطة بحُجَّة أنها لا تحقق أي هدف سياسيأو عسكري! فمن الناحية السياسة فهي لن تحقق شيئاً وسوف يبقى 60 ألف كيلومتر مربع من أرض سيناء تحت سيطرة إسرائيل؛ أما عسكريًّا فستضع الجيش المصري في موقف صعب بدلاً من الموقف الحالي الذي يعتمد على قناة السويس كمانع طبيعي في حين أن خطوط المواصلات عبر الجسور المقامة في القناة ستكون تحت رحمة الطيران الإسرائيلي ... وبعد نقاشات مطوَّلة بين الشاذلي وصادق، توصَّل الشاذلي إلى حل وسط وهو إعداد خطتين، الأولى: تهدف إلى احتلال المضائق أطلق عليها اسم العملية 41؛ والثانية: تهدف إلى الاستيلاء على خط بارليف وأطلق عليها اسم عملية بدر، ولكن محمد صادق لم يقتنع، ومن وجهة نظره أن مصر لن تحتمل هزيمة أخرى ... وفي 26 أكتوبر 1972، أقال أنور السادات الفريق محمد صادق من وزارة الحربيةلاختلافه مع رؤيته لتحرير الأرض، واقتناعه برؤية الشاذلي، وعيَّن أحمد إسماعيل علي وزيرًا للحربية والذي كان قد أُحِيل للتقاعد في أواخر أيام جمال عبد الناصر؛ والذي كان بينه وبين الشاذلي خلافات قديمة، ولكنهما التزما بالعمل فيما بينهما للإعداد لحرب أكتوبر.


خلاف الشاذلي مع أحمد إسماعيل: تصادف وجود العقيد سعد الشاذلي والعميد أحمد إسماعيل في الكونغو عام 1960، حاول خلالها أحمد إسماعيل فرض هيمنته الإدارية والعسكرية على الشاذلي بحكم رُتبته العسكرية الأعلى، رغم اختلاف مهمتيهما ومرجعيتيهما ... ورفض الشاذلي هذا المنطق وتبادل كلاهما الكلمات الخشنة حتى كادت أن تصل إلى الاشتباك بالأيدي! وبعد أن علمت القيادة بالقاهرة بذلك استدعت اللجنة وانتهى الصِّراع ولكن آثاره بقيت في أعماق كل منهما، وبعد عودة الشاذلي من الكونغو، لم يكن هناك أي اتصال مباشر بينهما حيث أن أحمد إسماعيل كان في المشاة بينما الشاذلي كان في المظلات... وفي 10مارس1969، فوجئ الشاذلي بتعيين أحمد إسماعيل رئيساً لهيئة أركان حرب القوات المسلحة بعد استشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض في 9 مارس من نفس العام، فقام الشاذلي بتقديم استقالته لدى مكتب وزير الحربية محمد فوزي، باعتبار أن أحمد إسماعيل سيحتكّ به مرة أخرى من خلال منصبه الجديد ولكن جمال عبد الناصر تدخَّل وأرسل أشرف مروان إلى الشاذلي حيث أقنعه بالعودة إلى عمله بعد أن أكَّد له وعد جمال عبد الناصر بعدم احتكاك أحمد إسماعيل به؛ وبالفعل لم تطأ قدم أحمد إسماعيل طوال الشهور الستة التي قضاها رئيسًا للأركان قاعدة أنشاص التي كان يعمل بها الشاذلي قائدًا للقوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) إلى أن تم إحالة أحمد إسماعيل إلى التقاعد بأمر من جمال عبد الناصر في 9سبتمبر1969، إثر حادثة الإغارة الإسرائيلية على الزعفرانة في خليج السويس ... وفي 26 أكتوبر عام 1972، أقال السادات الفريق أول محمد صادق لاختلافهما حول خطة العبور، وقام بتعيين أحمد إسماعيل وزيرًا للحربية وقائدًا عامًا للقوات المسلحة، وكان قبلها قد استُدعِي من المعاش وعيَّنه السادات مديراً للمخابرات العامة في 15 مايو عام 1971 ... عَرَض السادات الأمر على الشاذلي، وكانت مفاجأة سيئة بالنسبة له، فَرَوَى للرئيس التاريخ الطويل للخلافات بينهما مما يجعل التعاون بينهما شبه مستحيل؛ ولكن السادات أكَّد له أن العلاقة بينهما ستكون حسنة وأفضل كثيرًا من العلاقة السابقة بينه وبين محمد صادق وفكر الشاذلي وقتئذ في الاستقالة، ولكن منعه عاملين: أولهما: إن استقالته سوف تُفسَّر على أنها تضامنًا مع محمد صادق بعد اقالة الرئيسله. وثانيهما: أن البعض قد يُفسِّر استقالته بأنه لا يريد دخول الحرب، في حين أن الحقيقة هي عكس ذلك.


خطة المآذن العالية "عملية بدر": الشاذلي هو المُخطِّط الرئيسي لعملية بدر للاستيلاء على خط بارليفوالتحصينات الإسرائيلية ... فالخطة التي وضعها الشاذلي للهجوم على القوات الإسرائيلية واقتحام قناة السويسفي شهر أغسطس عام 1971، والتي سماها "خطة المآذن العالية"؛ إِذْ وُضِعت هذه الخطة بسبب ضعف القوات الجوية المصرية وضعف امكانيات في الدفاع الجوي المصري ذاتي الحركة مما يمنع القيام بعملية هجومية كبيرة ... ولكن يمكن القيام بعملية محدودة لعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واحتلال من 10 إلى 12 كيلومتراً شرق القناة وهو أقصى نطاق للدفاع الجوي المصري، والتحول بعد ذلك لأخذ مواقع دفاعية ... وكانت فلسفة هذه الخطة تقوم على أن لإسرائيل نقطتي ضعف هما: الأول: عدم قدرتها على تحمُّل الخسائر البشرية نظرًا لقِلَّة عدد أفرادها. والثاني: إطالة مُدَّة الحرب، فهي في كل الحروب السابقة كانت تعتمد على الحروب الخاطفة التي تنتهي خلال أربعة أسابيع أو ستة أسابيع على الأكثر، لأنها خلال هذه الفترة تقوم بتعبئة 18% من الشعب الإسرائيلي وهذه نسبة عالية جدًّا؛ ثم إن الحالة الاقتصادية ستتأثر بشدة في إسرائيل وذلك لتوقف التعليم والزراعة والصناعة، لأن معظم الذين يعملون في هذه المؤسسات في النهاية ضباط وجنود في القوات المسلحة الإسرائيلية ... فالخطة كان لها بُعدان آخران على صعيد حرمان إسرائي لمن أهم مزاياها القتالية وهما: الأولى: حرمانه من الهجوم من الأجناب؛ لأن أجناب الجيش المصر يستكون مرتكزة على البحر المتوسط في الشمال، وعلى خليج السويس في الجنوب، ولن يستطيع الهجوم من المؤخرة التي ستكون قناة السويس، فسيضطر إلى الهجوم بالمواجهة وعندها سيدفع الثمن فادحاً. والثانية: يتمتع العدوبميزة مهمة في المعارك التصادمية، وهي الدعم الجوي السريع للعناصر المدرعة التابعة له، حيث تتيح العقيدة القتالية الغربية التي تعمل إسرائيلبمقتضاها للمستويات الصغرى من القادة بالاستعانة بالدَّعم الجوي، وهو ما سيفقده لأن القوات المصرية ستكون في حماية الدفاع الجوي المصري، ومن هنا تتم عملية تحييد الطيران الإسرائيليخلال المعركة.


التوجيه 41: أصدر الشاذلي 41 توجيهاً، تُبيِّن طريقة أداء الجنود لمهامهم القتـالية خلال حرب أكتوبر؛ وهو ما تم تنفيذه في عمليات حرب أكتوبر ونجحت الخطة نجاحاً ساحقاً.


حرب أكتوبر 1973: في يوم السبت 6 أكتوبر عام 1973 وفي تمام الساعة الثانية وخمس دقائق ظهراً، شَنَّ الجيشان المصري والسوري هجومًا كاسحًا على القوات الإسرائيلية، بطول الجَبهتين، ونفَّذ الجيش المصري خطة المآذن العالية التي وضعها الشاذلي بنجاح غير متوقع، لدرجة عدم صدور أي أوامر من القيادة العامة لأي وحدة فرعية، لأن القوات كانت تؤدي مهامها بمنتهى الكفاءة ... وبحلول الساعة الثانية من صباح يوم الأحد7 أكتوبر 1973، حقَّقت القوات المصرية نجاحًا حاسمًا في معركة القناة، وعبرت أصعب مانع مائي في العالم وحطَّمت خط بارليف في 18 ساعة، وهو رقم قياسي لم تحققه أي عملية عبور في تاريخ البشرية، وقد تم ذلك بأقل خسائر ممكنة، بلغت 5 طائرات و20دبابة و280 شهيدًا، ويمثل ذلك 2.5% من الطائرات و2% من الدبابات و0.3% من الرجال ... أما العدو ففقد 30طائرة و300دبابة وعِدَّة آلاف من القتـلة، وخسر معهم خط بارليف بكامله، وتم سحق ثلاثة ألوية مُدرَّعة ولواءمشاة كانت تدافع عن القناة، وانتهت أسطورة خط بارليف التي كان يتغنى بها اليهود ... ثم أرسلت القيادة العسكرية السورية مندوبًا للقيادة الموحَّدة للجبهتين التي كان يقودها أحمد إسماعيل تطلب زيادة الضغط على القوات الإسرائيلية على جبهة قناة السويس لتخفيف الضغط على جبهة الجولان، فطلب السادات من أحمد إسماعيل تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط على سوريا... ولكن الشاذلي عارض الفكرة بشدة بسبب أن أي تطوير خارج نطاق الـــ 12 كيلو التي تقف القوات فيها بحماية مظلة الدفاع الجوي، وأي تقدم خارج المظلة معناه أننا نقدم قواتنا هدية للطيران الإسرائيلي، والتي ما زالت القوات الجوية الإسرائيلية قوية وتُشكِّل تهديداً خطيراً لأية قوات برية تتحرك في العراء دون غطاء جوي، ثم أُغلِق الموضوع ... وبعد الظهر كانت التعليمات الخاصة بتطوير الهجوم قد تم إعدادها ووصلت إلى قائدي الجيشين الثاني والثالث ... ثم اتصل سعد مأمون قائد الجيش الثاني الميداني بالقيادة العامة طالباً مكالمة الشاذلي ليخبره باستقالته ورفضه تنفيذ الأوامر، وبعدها بدقائق اتصل عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني بالقيادة وأبدى معارضة شديدة لتلك التعليمات التي أرسلتها القيادة العامة إليه والمتعلقة بتطوير الهجوم؛ وقد أخبرهما الشاذلي لهم أنه نفسه معترض على تطوير الهجوم لكنه أُجبِر على ذلك ... وقد فاتح الشاذلي أحمد إسماعيل مرة أخرى في الموضوع وأبلغه باعتراضات قائدي الجيشين؛ وتقرَّر استدعاء سعد مأمون وعبد المنعم واصل لحضور مؤتمر بالقيادة العامة؛ وفي مساء اليوم نفسه، وفى خلال هذا المؤتمر الذى عُقِد في الساعة 6 إلى الساعة 11 مساءً، كرَّر كل منهم وجهة نظره مراراً وتكراراً، ولكن كان هناك إصرار من أحمد إسماعيل أن القرار سياسي، ويجب أن نلتزم به، والشيء الوحيد الذي تغيَّر هو تأجيل الهجوم من فجر يوم 13أكتوبرإلى فجر يوم 14أكتوبركما كان محددًا ... وفي صباح يوم 14 أكتوبر تم سحب الفرقتين المدرعتين 21 و4 وتم دفعهما شرقًا نحو المضائق، واصطدمت القوات المصرية المتجه شرقاً بمقاومة إسرائيلية عنيفة وكمائن للدبابات وبإسناد جوي إسرائيلي مباشر، ونسبة لتفوق قوات العدو في الدبابات والتفوق الجوي وأن القوات المصرية تعمل خارج نطاق حماية الصواريخ المصرية ومُنِيت هذه القوة بخسارة فادحة في ساعات، وتراجعت إلى إثرها غرباً ... وعليه، فقد فشلت خطة التطوير كما توقع الشاذلي وخسرت القوات المصرية عدد 250دبابة من قوتها الضاربة الرئيسية في ساعات معدودة من بدء التطوير للتفوق الجوي الإسرائيلي؛ وكان قرار التطوير وبتقدير الكثيرين من المتابعين للشأن العسكري أسوأ قرار استراتيجي اتخذته القيادة السياسية، مما أضرَّ كثيراً في سِير العمليات فيما بعد وأثَّر على نتائج الحرب، وجعل ظهر الجيش المصري غرب القناة مكشوفاً لأية عملية التفاف، وهو ما حدث بالفعل ... ثم اقترح الشاذلي إعادة تجميع ما تبقَّى من الفرقتين المدرعتين 21 و4 من شرق القناة إلى غرب القناة وإعادتهما إلى مواقعهما الرئيسية للقيام بمهام التأمين التي تدربوا عليها، وليتمكنا من إعادة الاتزان إلى المواقع الدفاعية، ولكن أحمد إسماعيل عارض الاقتراح على أساس أن سَحب هذه القوات قد يُؤثِّر على الروح المعنوية للجنود وقد يفسره العدو على أنه علامة ضعف فيزيد من ضغطه على قواتنا، ويتحول الانسحاب إلى ذُعر؛ وعارض الشاذلي هذا الرأي مُعلِّلاً ذلك فيما بعد أن أحمد إسماعيل كان يقود المعارك على الخرائط فقط، ولم يَزُر الجبهة قَطُّ إلا بعد وقف إطلاق النار ببضعة أسابيع، وإن عدم اتصاله بالضباط والجنود لم يسمح له بأن يلمس ما أحدثه نجاحنا في عبور قناة السويس في رفع روحهم المعنوية، وفي استعادة ثقتهم بقادتهم ... عندها أصبحت المبادرة في جانب القوات الإسرائيلية التي استعدت لتنفيذ خطتها المعدة من قبل والمعروفة باسم الغزالة للعبور غرب القناة، وحصار القوات المصرية الموجودة شرقها خاصة وأن القوات المدرعة التي قامت بتطوير الهجوم شرقًا هي القوات التي كانت مكلَّفة بحماية الضفة الغربية ومؤخرة القوات المسلحة وبعبورها القناة شرقًا وتدمير معظمها في معركة التطوير؛ وبعد فشل التطوير أصبح ظهر الجيش المصري مكشوفًا غرب القناة، وقد استغلت إسرائيل تلك النقطة فيما عُرِف بعد ذلك بـــ "ثغرة الدفرسوار" ... إِذْ اكتشفت طائرة استطلاع أمريكية من نوع "SR-71" بلاك بيرد، وجود ثغرة غير محميَّة وبعرض 25 كيلو بين الجيش الثالث الميداني في السويس والجيش الثاني الميداني في الإسماعيلية؛ فقام الأمريكان بإبلاغ القيادة الإسرائيلية التي وجدت فرصتها، فدفعت عبر البحيرات المرَّة ثلاث مجموعات، تمكَّن بعضها في ليلتي 15-16 أكتوبر من اجتياز قناة السويس إلى ضفتها الغربية بين الجيشين الثاني والثالث عند منطقة الدفرسوار القريبة من البحيرات المرَّة، وقد أدَّى عبور هذه القوة إلى إحداث ثغرة في صفوف القوات المصرية عُرِفت باسم "ثغرة الدفرسوار... وتم نَصب جسر طوف لعبور الدبابات والآليات المدرعة، وفي يوم 16أكتوبر تمكَّن لواءان (وهما: لواء مدرع، ولواء مظلي) من العبور والتواجد إلى غرب القناة بقيادة الجنرال أرئيل شارون قائد الفرقة المدرعة الإسرائيلية 143، وحاولت هذه القوة احتلال مدينة الإسماعيلية فتصَّدت لها لواء مظلات وكتيبتان صاعقة مصرية، ومنعتها من احتلال الإسماعيلية وكبَّدتها خسائر فادحة، ولكن تمكَّن أرئيل شارون من احتلال المنطقة ما بين مدينتي الإسماعيلي ةوالسويس... وفي يوم 17أكتوبر، اقترح الشاذلي المناورة بالقوات وسحب الفرقتين المدرعتين 21 و4 من شرق القناة، وباستخدام هاتين الفرقتين يتم توجيه ضربة رئيسية للواءين الإسرائيليين غرب القناة، وفي الوقت نفسه يقوم اللواء116 المتواجد غرب القناة بتوجيه ضربة أخرى للعدو، بينما تقوم الفرقة21 مدرعة المتواجدة شرق القناة، بتوجيه ضربة لقوات العدو بهدف إغلاق الطريق المؤدي إلى الثغرة؛ وليزيد من الخناق على القوات الإسرائيلية الموجودة في الغرب، والقضاء عليها نهائيًّا، عِلماً بأن القوات الإسرائيليةيوم 17أكتوبركانت لواءمدرع ولواءمظلات فقط وتوقع الفريق/ الشاذلي عبور لواء إسرائيلي إضافي ليلاً ... لم يقبل أحمد إسماعيل ولا السادات رأي الشاذلي، بدعوى أن الجنود المصريين لديهم عُقدة نفسية من عملية الانسحاب للغرب منذ "نَكسة1967"، وبالتالي رفض سحب أي قوات من الشرق للغرب، وقرر أن تتم مواجهة الثغرة بقيام القوات المدرعة المصرية في الشرق (في سيناء) بسد منافذ عودة القوات الإسرائيلية المتسللة إلى سيناء، واستدعاء قوات تهاجمها من الغرب وبذلك تكون محصورة بين القوات المصرية... وهنا وصلت الأمور بين السادات وإسماعيل والشاذلي إلى مرحلة الطلاق! فقام السادات بإقصاء الشاذلي، وعَيَّن محمد عبد الغني الجمسي بدلاً منه ليقوم بالتعامل مع الثغرة ... ثم بعد ذلك ازداد تدفق القوات الإسرائيلية، وتطور الموقف سريعًا، إلى أن تم تطويق الجيش الثالث بالكامل في السويس، ووصلت القوات الإسرائيلية إلى طريق السويس - القاهرة، ولكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة، خاصة بعد فشل الجنرال أرئيل شارون في الاستيلاء على مدينة الإسماعيلية وفشل الجيش الإسرائيليفي احتلال مدينة السويس، مما وضع القوات الإسرائيلية غرب القناة في مأزق صعب، وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية والاستنزاف والقلق من الهجوم المصري المضاد الوشيك.


الشاذلي سفيراً بلندن: في 12 من ديسمبر لعام 1973، استدعى أحمدإسماعيلالشاذلي ليبلِّغه بأن السادات قرَّر إنهاء خدمته كرئيس لهيئة أركان القوات المسلحة وذلك اعتباراً من 13 من ديسمبر 1973، وأصدر قرارًا آخر بتعيينه سفيراً بالدرجة الممتازة في وزارة الخارجية؛ لكن الشاذلي رفض وفضَّل البقاء في منزله، فأرسل إليه الساداتُ حسني مبارك، لإقناعه بالعرض، لكنه ردَّ عليه قائلاً: "قل للرئيس إذا كان هذا المنصب عِقابًا لي، فِمن الأفضل أن أُعَاقَب داخل بَلَدي، وإن كان مكافأةً فمِن حقي أن أرفضها" ... بعدئذ نجح السادات بنفسه في إقناعه بالسفر إلى لندن بعد مقابلته للشاذلي بأسوان في يناير عام 1974، بحُجَّة أنه ستتم عملية إعادة تنظيم للقوات المسلحة بأسلحةغربية وأنه سيكون بالقرب من ألمانيا ويستطيع إنجاز صفقات الأسلحة السرية التي ستجلبها مصر من هناك بعد أن تغير المصدر السوفيتي؛ وبحُجَّة أيضًا أنه الأكثر دراية بهذه الأسلحة، وأنه سيكون المُشرِف على هذه الصفقات، وهذا ما دفع الشاذلي للموافقة، ثم غادر إلى لندن في 13مايو1974، وبعد قيامة بالاتصال بالسفير الألماني في لندنا كتشف الشاذلي أنه لا توجد صفقات أسلحة!!... وفي لندن قُوبل الشاذلي بحملة شرسة من اللوبي الصهيوني، موجَّهين إليه تهمة أنه إبان حرب أكتوبر73، أمر جنوده بقتـل الأسرى اليهود، وهي تهمة نَفَاها الشاذلي في سلسلة من الظهور الإعلامي في جميع وسائل الأعلام البريطاني ... فُوجئ الجميع بالسفارة المصرية بلندن بعسكري مصري مشرف يتحدث بلغة إنكليزية طليقة تفوق في جودتها عشرات السفراء المدنيين، فضلاً عن أفكاره الغير تقليدية في العمل وقدرة واضحة على الوصول إلى الهدف، وهو الشاذلي... وكان مِن أوائل مَن فطنوا إلى قيمة وزيرة التعليم البريطاني مارجريت تاتشر، ومستقبلها السياسي المنتظر فدعاها هي وزوجها إلى عشاء رسمي في بيت مصر بالسفارة المصرية في حي ماي فير، كما دُعي أسقف كانتبري علي العشاء ومعه كبار الشيوخ من بعثة الأزهر الشريف، في المركز الإسلامي بلندنوهو تفكير ينمّ عن سعة الأُفُق والفَهم البعيد لمسألة الوحدة الوطنية وتقديم صورة راقية عن الإسلام وسماحته ... وقد استطاع الشاذلي أن يكسب احترام المجتمع البريطاني في مواجهة تليفزيونية جرت بينه وبين السفير الإسرائيلي جدعون رافائيل في 12 من فبراير عام 1975، واشترط أن يكون كل واحد منهما في مكان بعيد عن الآخر، وكأنه بهذا الحديث ردَّ المكائد التي دبَّرها اللوبي الصهيوني كلها وعلى حساب السفير الإسرائيلي نفسه؛ واكتسح الشاذلي السفير الإسرائيلي وأصبح حديث المدينة وبعثاتها الدبلوماسية لِعِدَّة أيام بعد ذلك.


زيارة الشاذلي لأحمد إسماعيل بلندن: في ديسمبر عام 1974، بَعَثت مِصْرُأحمدَ إسماعيل إلى لندن للعلاج بعد مضاعفات سرطان الرِّئة، وقد زاره الشاذلي، ثم بعدها فارق إسماعيل الحياة في 25 ديسمبر 1974، في إحدى مستشفيات لندن عن 57 عاماً، وقام الشاذلي بإنهاء إجراءات نقل جثمانه إلى مصر.


انتقاد الشاذلي لمعاهدة كامب ديفيد: بعد توقيع السادات لمعاهدة كامب ديفيدعام 1978، انتقد الشاذلي بشدة تلك المعاهدة وعارضها علانيةً وهاجم السادات واتهمه بالديكتاتورية، واتخذ القرار بترك منصبه سفيراً لدى البرتغال والذهاب إلى الجزائر؛ هذا وقد عَرَض عليه العديد من الرؤساء والملوك الإقامة عندهم، لكنه اختار الجزائر، وبرَّر اختياره أنها دولة تقوم على مبدأ الحُكم الجماعي وليس الحُكم الفردي.


خلاف الشاذلي مع السادات: في عام 1978، أصدر السادات مذكراته "البحث عن الذات"، واتَّهم فيها الشاذلي بالتخاذل وحمَّله مسؤولية التسبب بـــ "ثغرة الدفرسوار" ووصفه: "بأنه عاد منهاراً من الجبهة يوم 19 أكتوبر، وأوصى بسحب جميع القوات في الشرق"!!، وهذا ما دفع بالشاذلي للرد على السادات بنشر مذكراته "حرب أكتوبر"، والذي يُعتبر مِن أَدقِّ الكتب التي تحدَّثت عن حرب أكتوبر ... وفي إحدى صفحات الكتاب اتَّهم الشاذلي في كتابه السادات باتخاذ قرارات خاطئة رغماً عن جميع النصائح مِن المحيطين به مِن العسكريين، وتدخله المستمر للخطط العسكرية أثناء سير العمليات على الجبهة، أدَّت إلى التسبب في الثغرة وتضليل الشعب بإخفاء حقيقة الثغرة وتدمير حائط الصواريخ وحصار الجيش الثالث لمدة فاقت الثلاثة أشهر كانت تصلهم الإمدادات تحت إشراف الجيش الإسرائيلي ... كما اتَّهمه أيضًا بالتنازل عن النصر والموافقة على سحب أغلب القوات المصرية إلى غرب القناة في مفاوضات "فض الاشتباك الأولى"، وأنهى كتابه هذا ببلاغ للنائب العام يتَّهم فيه السادات بإساءة استعمال سُلُطاته، وهو الكتاب الذي أدَّى إلى محاكمته غيابيًّا في عهد محمد حسني مباركعام 1983، بتُهمة إفشاء أسرار عسكرية وحُكِم عليه بالسجن ثلاثة سنوات مع الأشغال الشَّاقة ووُضِعت أملاكه تحت الحراسة، كما تم حرمانه من التمثيل القانوني وتجريده من حقوقه السياسية!!... وقد أمر السادات بالتَّخلُّص من جميع الصور التي يظهر فيها الشاذلي إلى جواره داخل غرفة العمليات، واستبدالها بصور يظهر فيها محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة في ذلك الوقت، في محاولة منه بمحو أي دليل يشير إلى دور الشاذلي في معركة العبور!!



شهادة المشير الجمسي: يقول الجمسي رئيس هيئة العمليات أثناء حرب أكتوبر في مذكراته "مذكرات الجمسي/ حرب أكتوبر 1973/ صفحة 421": "لقد عاصرتُ الفريق الشاذلي خلال الحرب، وقام بزيارة الجبهة أكثر من مرة، وكان بين القوات في سيناء في بعض هذه الزيارات، وأُقِرّ أنه عندما عاد من الجبهة يوم 20 أكتوبر لم يكن مُنهاراً، كما وصفه السادات في مذكراته "البحث عن الذات صفحة 348" بعد الحرب؛ ولا أقول ذلك دفاعاً عن الشاذلي لهدف أو مصلحة، ولا مضاداً للسادات لهدف أو مصلحة، ولكنها الحقيقة أقولها للتاريخ".



عودة الشاذلي إلى مصر ودخوله السجن الحربي: في مساء يوم 14 مارس عام 1992، عاد الشاذلي إلى مصربعد أن قضى 14 سنة مَنفياًفي الجزائرمنها سنتان في عهد السادات، و12 سنة في عهد مبارك... قُبِض عليه فور وصوله مطار القاهرة وصُودرت منه جميع الأوسمة والنياشين وأُجبِر على قضاء مُدَّة الحُكم عليه بالسجن الحربي التابع للجيش الثالث الميداني، لأن الأحكام العسكرية ليس بها استئناف ولا نقض ولا تسقط بالتقادم، وقد وُجِّهت للفريق الشاذلي تهمتان:
فالتهمة الأولى: هي نَشر كتاب بدون موافقة مُسبقة عليه.
والتهمة الثانية: هي إفشاء أسرار عسكرية في كتابه؛ وأنكر الشاذلي صِحَّة هذه التهمة الأخيرة بشدَّة، بدعوى أن تلك الأسرار المزعومة كانت أسرارًا حكومية وليست أسرارًا عسكرية؛ وقد طالب الفريق الشاذلي أن تتم إعادة محاكمته وبشكل عَلَني إلا أن طلبه تم رَفضه!!... وفي بداية شهر أكتوبر عام 1993، تم الإفراج عن الشاذلي عن طريق عفو عام، وبعد خروجه عاش منعزلاً بعيدًا عن الناس، وعاد لقريته وخصَّص أرضًا له كوقف للإنفاق على مسجد، وعاش كخبير استراتيجي يكتب ويُحلِّل كل ما يدور على الساحة.



تجاهل مُتعمَّد للشاذلي: الفريق الشاذلي هو الوحيد من قادة حرب أكتوبر الذي لم يتم تكريمه بأي نوع من أنواع التكريم، وتم تجاهله في الاحتفاليات التي أقامها مجلس الشعب المصري لقادة حرب أكتوبر73، والتي سلَّمهم خلالها السادات النياشين والأوسمة!!!... وقد تم مَنحه نجمة الشَّرف سِراً أثناء عمله كسفير في إنجلترامِن قِبَل مندوب من أنورالسادات! ... وقد عَانَى الشاذلي من النسيان المُتعمَّد في فترة حُكم حسنيمبارك، حيث ظل الإعلام يُروِّج لأُحادية النصربالضربة الجوية الأولى وكان الشاذلي ضحية من ضحايا النسيان كما حدث للجمسي، ومحمد علي فهمي، وفؤاد ذكري، ونُزِعت صورته من بانوراما حرب أكتوبر، وتم إيقاف معاشه المُستحقَّ عن نجمة الشَّرف العسكرية، وعاش العشرين عاماً الأخيرة من حياته على إيرادات قطعة أرض ورثها عن أبيه!


مؤلفات الشاذلي: كَتَب الشاذلي 4 كتب متنوعة، لم يُنْشَر في مصر منها سوى كتاب واحد هو: "حرب أكتوبر"؛ أما باقي الكتب فقد صدرت جميعاً في الجزائر، وهي:
- "الحرب الصليبية الثامنة".
- "الخيار العسكري".
- "عقيدتنا الدينية طريقنا إلى النصر". ((وهو كُتيِّب تم توزيعه على الجنود والضباط خلال حرب أكتوبر73، لرفع الروح المعنوية والقتـالية لديهم))



وفــاتـــه: تُوفي سيادة الفريق/ سعد محمد الحسيني الشاذلي يوم الخميس 10 فبراير عام 2011، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة، عن عمر بلغ 89 عامًا، قضاها في خدمة وطنه بكل كفاءة وأمانة وإخلاص، وقد جاءت وفاته في خِضَّم ثورة 2011 في مصر، وقد قام ثُوَّار ميدان التحرير بأداء صلاة الغائب على روحه، وقد شُيِّع في جنازة عسكرية وشعبية مَهِيبة حضرها آلاف من عامة الشعب والضباط والجنود من أفراد القوات المسلحة بعد صلاة الجمعة، وقد تقدَّم المشيعين الشيخ/ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية في السويسإبان حرب أكتوبر73، وكانت جنازته في نفس اليوم الذي أَعلن فيه عمر سليمان تنحِّي محمد حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية!



رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته

التكريم والألقاب بعد وفاته: ظَلَّ الفريق/ الشاذلي مَنسيًّا لمدة 19 سنة بعد الإفراج عنه، ولم يتم دعوته إلى أي نوع من الاحتفالات الخاصة بحرب أكتوبر لحين وفاته!

- وبعد ثورة 25 يناير أعاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة نجمة سيناء لأسرة الفريق الشاذلي عام 2011م، بعد تنحِّي حسني مبارك بأسبوعين.

- وفي 3 أكتوبر لعام 2012م، منحه الرئيس السابق محمد مرسي قلادة النيل العظمى، لدوره الكبير في حرب أكتوبر.


- تم إنشاء طريق كبير للربط بين طريق القاهرة والإسماعيلية الصحراوي بالطريق الدائري يحمل اسم "محور الفريق/ سعد الشاذلي".

- تم تسمية اسم الفريق/ الشاذلي على إحدى الميادين بالغرقة، لدوره الكبير في صد اختراقات إسرائيل في منطقة البحر الأحمر.

- تم تسمية اسم الفريق/ الشاذلي على إحدى دفعات الكلية الحربية والتي تضم الدفعات 109 حربية و67 بحرية و82 جوية و54 فنية عسكرية و44 دفاع جوي ومعهد فني وطلبة من عدد من البلاد العربية منها السودان والبحرين ، بلغ عدد طَلَبة تلك الدفعة نحو 2400 طالب.

- تم افتتاح مدرسة جديدة باسم "الفريق/ سعد الدين الشاذلي" للتعليم الأساسي في الإسكندرية.











__________________

آخر تعديل بواسطة Mr. Hatem Ahmed ، 06-05-2020 الساعة 02:06 AM
رد مع اقتباس