اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-01-2010, 01:14 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي من هو الذي يعذر بالجهل في العقيدة والأمورالفقهية ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

:::من هو الذي يعذر بالجهل في العقيدة والأمورالفقهية :::


الجواب:


دعوى الجهل والعذر به فيه تفصيل ، وليس كل واحد يعذر بالجهل ، فالأمور التي جاء بها الإسلام وبينها الرسول صلى الله عليه وسلم للناس وأوضحها كتاب الله وانتشرت بين المسلمين لا تقبل فيها دعوى الجهل ، ولا سيما ما يتعلق يالعقيدة وأصل الدين ، فإن الله عز وجل بعث نبيه صلى الله عليه وسلم ليوضح للناس دينهم ويشرحه لهم وقد بلغ البلاغ المبين وأوضح للأمة حقيقة دينها وشرح لها كل شيء وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ، وفي كتاب الله الهدى والنور فإذا ادعى بعض الناس الجهل فيما هو معلوم من الدين بالضرورة ، وقد انتشر بين المسلمين ، كدعوى الجهل بالشرك وعبادة غير الله عز وجل ، أو دعوى أن الصلاة غير واجبة ، أو أن صيام رمضان غير واجب أو أن الزكاة غير واجبة ، أو أن الحج مع الاستطاعة غير واجب فهذا وأمثاله لا تقبل فيه دعوى الجهل ممن هو بين المسلمين لأنها أمور معلومة بين المسلمين .
وقد علمت بالضرورة من دين الإسلام وانتشرت بين المسلمين فلا تقبل دعوى الجهل في ذلك ، وهكذا إذا ادعى أحد بأنه يجهل ما يفعله المشركون عند القبور أو عند الأصنام من دعوة الأموات والاستغاثة بهم والذبح لهم والنذر لهم ، أو الذبح للأصنام أو الكواكب أو الأشجار أو الأحجار ، أو طلب الشفاء أو النصر على الأعداء من الأموات أو الأصنام أو الجن أو الملائكة أو الأنبياء .. فكل هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة وأنه شرك أكبر ، وقد أوضح الله ذلك في كتابه الكريم وأوضحه رسوله صلى الله عليه وسلم وبقي ثلاث عشرة سنة في مكة وهو ينذر الناس هذا الشرك وهكذا في المدينة عشرسنين ، يوضح لهم وجوب إخلاص العبادة لله وحده ويتلو عليهم كتاب الله مثل قوله تعالى : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) الإسراء/23 ، وقوله سبحانه : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) الفاتحة/5 ، وقوله عز وجل : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة/5 ، وقوله سبحانه : فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) الزمر/2-3 ، وقوله سبحانه : ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) الأنعام/162-163 ، وبقوله سبحانه مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر ) الكوثر1-2 ، وبقوله سبحانه وتعالى : ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ) الجن/18 ، وبقوله سبحانه وتعالى : ( ومن يدع مع الله إلهاً آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون ) المؤمنون/117 ، وهكذا الاستهزاء بالدين والطعن فيه والسخرية به والسب كل هذا من الكفر الأكبر ومما لا يعذر فيه أحد بدعوى الجهل ، لأنه معلوم من الدين بالضرورة أن سب الدين أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم من الكفر الأكبر وهكذا الاستهزاء والسخرية ، قال تعالى : ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) التوبة/65-66 .
فالواجب على أهل العلم في أي مكان أن ينشروا هذا بين الناس وأن يظهروه حتى لا يبقى للعامة عذر وحتى ينتشر بينهم هذا الأمر العظيم ، وحتى يتركوا التعلق بالأموات والاستعانة بهم في أي مكان في مصر أو الشام أو العراق أو في المدينة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو في مكة أو غير ذلك وحتى ينتبه الحجيج وينتبه الناس ويعلموا شرع الله ودينه ، فسكوت العلماء من أسباب هلاك العامة وجهلهم ، فيجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا الناس دين الله وأن يعلموهم توحيد الله وأنواع الشرك بالله حتى يدعوا الشرك على بصيرة وحتى يعبدوا الله وحده على بصيرة وهكذا ما يقع عند قبر البدوي أو الحسين رضي الله عنه أو عند قبر الشيخ عبد القادر الجيلاني أو عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة أو عند غيرهم يجب التنبيه على هذا الأمر وأن يعلم الناس أن العبادة حق لله وحده ليس لأحد فيها حق كما قال الله عز وجل : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة/5 ، وقال سبحانه : ( فاعبد الله مخلصاً له الدين ألا لله الدين الخالص ) البينة/2-3 ، وقال سبحانه : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ) الإسراء/23 ، يعني أمر ربك ، فالواجب على أهل العلم في جميع البلاد الإسلامية وفي مناطق الأقليات الإسلامية وفي كل مكان أن يعلموا الناس توحيد الله وأن يبصروهم بمعنى عبادة الله وأن يحذروهم من الشرك بالله عز وجل الذي هو أعظم الذنوب وقد خلق الله الثقلين ليعبدوه وأمرهم بذلك . لقوله سبحانه : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) الذاريات/56 ، وعبادته هي : طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وإخلاص العبادة له وتوجيه القلوب إليه ، قال تعالى : ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة/21 .
أما المسائل التي قد تخفى مثل بعض مسائل المعاملات وبعض شؤون الصلاة وبعض شؤون الصيام فقد يعذر فيها الجاهل كما عذر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحرم في جبة وتلطخ بالطيب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( اخلع عنك الجبة واغسل عنك هذا الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك ) ولم يأمره بفدية لجهله ، وهكذا بعض المسائل التي قد تخفى يعلَّم فيها الجاهل ويبصر فيها ، أما أصول العقيدة وأركان الإسلام والمحرمات الظاهرة فلا يقبل في ذلك دعوى الجهل من أي أحد بين المسلمين فلو قال أحد ، وهو بين المسلمين ، إنني ما أعرف أن الزنا حرام فلا يعذر ، أو قال ما أعرف أن عقوق الوالدين حرام فلا يعذر بل يضرب ويؤدب ، أو قال ما أعرف أن اللواط حرام فلا يعذر ، لأن هذه أمور ظاهرة معروفة بين المسلمين في الإسلام .
لكن لو كان في بعض البلاد البعيدة عن الإسلام أو في مجاهل أفريقيا التي لا يوجد حولها مسلمون قد يقبل منه دعوى الجهل وإذا مات على ذلك يكون أمره إلى الله ويكون حكمه حكم أهل الفترة والصحيح أنهم يمتحنون يوم القيامة ، فإن أجابوا وأطاعوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار ، أما الذي بين المسلمين ويقوم بأعمال الكفر بالله ويترك الواجبات المعلومة ، فهذا لا يعذر ، لأن الأمر واضح والمسلمون بحمد الله موجودون ، ويصومون ويحجون وكل هذا معروف بين المسلمين وفاش بينهم فدعوى الجهل في ذلك دعوى باطلة والله المستعان .

المصدر:
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله - م/7 ، ص/132.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-01-2010, 09:00 PM
الصورة الرمزية أمير الأنصاري
أمير الأنصاري أمير الأنصاري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 174
معدل تقييم المستوى: 16
أمير الأنصاري is on a distinguished road
افتراضي توضيح لقاعدة العذر بالجهل

توضيح لقاعدة العذر بالجهل:
________________________________________
السؤال: هل هناك قاعدة أو قواعد للعذر بالجهل فيما فعله الإنسان محرماً؟
________________________________________
الجواب: إي نعم القاعدة هي: أن كل إنسان جاهل يفعل محرماً أو يترك الواجب فلا شيء عليه، إلا إذا كان منه تفريط في السؤال، مثل أن يقال له: هذا الشيء واجب افعله، فيقول: لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101] ويتهاون في السؤال، فهنا لا نعذره بالجهل لأنه فرط في أنه لم يتعلم. أما إذا كان إنساناً في بادية بعيداً عن العلم ولا يعرف شيئاً فهذا يعذر بجهله سواء في الواجب أو المحرم، ويدل على هذا: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما جاء الرجل وصلى صلاة لا يطمئن فيها أمره أن يعيد الصلاة وقال: إنك لم تصل، لكنه لم يأمره بإعادة الصلوات الماضية مع أنه كان يصلي صلاة لا تصح، وكذلك المستحاضة التي كانت لا تصلي مدة استحاضتها تظن أن هذا حيض لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الصلاة. فالحاصل: أن الجهل عذر، لكن قد لا يكون عذراً إذا فرط في السؤال فلم يسأل مع قيام الشبهة عنده. الشيخ العثيمين سلسلة لقاء الباب المفتوح
هل يعذر الإنسان بالجهل فيما يتعلق بالتوحيد؟
فأجاب بقوله : العذر بالجهل ثابت في كل ما يدين به العبد ربه ، لأن الله -سبحانه وتعالى-قال: ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده( حتى قال - عز وجل- : (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ( (1) ولقوله ـ تعالى ـ: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً ( (2) . ولقوله ـ تعالى ـ: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون ( (3) . ولقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يسمع بي واحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أصحاب النار". والنصوص في هذا كثيرة، فمن كان جاهلاً فإنه لا يؤاخذ بجهله في أي شيء كان من أمور الدين، ولكن يجب أن نعلم أن من الجهلة من يكون عنده نوع من العناد، أي إنه يذكر له الحق ولكنه لا يبحث عنه، ولا يتبعه، بل يكون على ما كان عليه أشياخه، ومن يعظمهم ويتبعهم، وهذا في الحقيقة ليس بمعذور، لأنه قد بلغه من الحجة ما أدنى أحواله أن يكون شبهة يحتاج أن يبحث ليتبين له الحق، وهذا الذي يعظم من يعظم من متبوعيه شأنه شأن من قال الله عنهم: (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون(4) وفي الآية الثانية: (وإنا على آثارهم مقتدون(5) فالمهم أن الجهل الذي يعذر به الإنسان بحيث لا يعلم عن الحق، ولا يذكر له، هو رافع للإثم، والحكم على صاحبه بما يقتضيه عمله، ثم إن كان ينتسب إلى المسلمين، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإنه يعتبر منهم، وإن كان لا ينتسب إلى المسلمين فإن حكمه حكم أهل الدين، الذي ينتسب إليه في الدنيا. وأما في الآخرة فإن شأنه شأن أهل الفترة يكون أمره إلى الله ـ عز وجل ـ يوم القيامة، وأصح الأقوال فيهم أنهم يمتحنون بما شاء
الله، فمن أطاع منهم دخل الجنة، ومن عصى منهم دخل النار، ولكن ليعلم أننا اليوم في عصر لا يكاد مكان في الأرض إلا وقد بلغته دعوة النبي، صلى الله عليه وسلم، بواسطة وسائل الإعلام المتنوعة، واختلاط الناس بعضهم ببعض، وغالباً ما يكون الكفر عن عناد.
مجموعة رسائل وفتاوى بن عثيمين

س : ما رأي سماحتكم في مسألة العذر بالجهل ، وخاصة في أمر العقيدة ، وضحوا لنا هذا الأمر جزاكم الله خيرا؟
ج : العقيدة أهم الأمور وهي أعظم واجب ، وحقيقتها : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ، والإيمان بأنه سبحانه هو المستحق للعبادة ، والشهادة له بذلك وهي شهادة أن لا إله إلا الله يشهد المؤمن بأنه لا معبود حق إلا الله سبحانه وتعالى ، والشهادة بأن محمدا رسول الله أرسله الله إلى الثقلين الجن والإنس وهو خاتم الأنبياء كل هذا لا بد منه ، وهذا من صلب العقيدة ، فلا بد من هذا في حق الرجال والنساء جميعا ، وهو أساس الدين وأساس الملة ، كما يجب الإيمان بما أخبر الله به ورسوله من أمر القيامة ، والجنة والنار ، والحساب والجزاء ، ونشر الصحف ، وأخذها باليمين أو الشمال ، ووزن الأعمال . . . إلى غير ذلك مما جاءت به الآيات القرآنية والأحاديث النبوية
فالجهل بهذا لا يكون عذرا بل يجب عليه أن يتعلم هذا الأمر وأن يتبصر فيه ، ولا يعذر بقوله إني جاهل بمثل هذه الأمور ، وهو بين المسلمين وقد بلغه كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، وهذا يسمى معرضا ، ويسمى غافلا ومتجاهلا لهذا الأمر العظيم ، فلا يعذر ، كما قال الله سبحانه : أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا
وقال سبحانه : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ وقال تعالى في أمثالهم : إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ
إلى أمثال هذه الآيات العظيمة التي لم يعذر فيها سبحانه الظالمين بجهلهم وإعراضهم وغفلتهم ، أما من كان بعيدا عن المسلمين في أطراف البلاد التي ليس فيها مسلمون ولم يبلغه القرآن والسنة - فهذا معذور ، وحكمه حكم أهل الفترة إذا مات على هذه الحالة الذين يمتحنون يوم القيامة ، فمن أجاب وأطاع الأمر دخل الجنة ومن عصا دخل النار ، أما المسائل التي قد تخفى في بعض الأحيان على بعض الناس كبعض أحكام الصلاة أو بعض أحكام الزكاة أو بعض أحكام الحج ، هذه قد يعذر فيها بالجهل .
ولا حرج في ذلك ؛ لأنها تخفى على كثير من الناس وليس كل واحد يستطيع الفقه فيها ، فأمر هذه المسائل أسهل . والواجب على المؤمن أن يتعلم ويتفقه في الدين ويسأل أهل العلم ، كما قال الله سبحانه : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ويروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لقوم أفتوا بغير علم ألا سألوا إذ لم يعلموا إنما شفاء العي السؤال وقال عليه الصلاة والسلام : من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين
فالواجب على الرجال والنساء من المسلمين التفقه في الدين ؛ والسؤال عما أشكل عليهم ، وعدم السكوت على الجهل ، وعدم الإعراض ، وعدم الغفلة ؛ لأنهم خلقوا ليعبدوا الله ويطيعوه سبحانه وتعالى ولا سبيل إلى ذلك إلا بالعلم ، والعلم لا يحصل بالغفلة والإعراض ؛ بل لا بد من طلب للعلم ، ولا بد من السؤال لأهل العلم حتى يتعلم الجاهل .
فتاوى بن باز المجلد التاسع
هل يعذر المسلم بجهله في الأمور الاعتقادية؟
فتوى رقم ( 11043 ) :
س: عندنا تفشي ظاهرة عبادة القبور وفي نفس الوقت وجود
من يدافع عن هؤلاء ويقول: إنهم مسلمون معذورون بجهلهم فلا مانع من أن يتزوجوا من فتياتنا وأن نصلي خلفهم وأن لهم كافة حقوق المسلم على المسلم ولا يكتفون، بل يسمون من يقول بكفر هؤلاء: إنه صاحب بدعة يعامل معاملة المبتدعين، بل ويدعوا أن سماحتكم تعذرون عباد القبور بجهلهم حيث أقررتم مذكرة لشخص يدعى الغباشي يعذر فيها عباد القبور، لذلك أرجو من سماحتكم إرسال بحث شاف كاف تبين فيه الأمور التي فيها العذر بالجهل من الأمور التي لا عذر فيها، كذلك بيان المراجع التي يمكن الرجوع إليها في ذلك، ولكم منا جزيل الشكر.
ج: يختلف الحكم على الإنسان بأنه يعذر بالجهل في المسائل الدينية أو لا يعذر باختلاف البلاغ وعدمه، وباختلاف المسألة نفسها وضوحا وخفاء وتفاوت مدارك الناس قوة وضعفا.
فمن استغاث بأصحاب القبور دفعا للضر أو كشفا للكرب بين له أن ذلك شرك، وأقيمت عليه الحجة؛ أداء لواجب البلاغ، فإن أصر بعد البيان فهو مشرك يعامل في الدنيا معاملة الكافرين واستحق العذاب الأليم في الآخرة إذا مات على ذلك، قال الله تعالى: { رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } (1) وقال تعالى:
{ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا } (1) وقوله تعالى: { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ } (2) وثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار » (3) رواه مسلم إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على وجوب البيان وإقامة الحجة قبل المؤاخذة، ومن عاش في بلاد يسمع فيها الدعوة إلى الإسلام وغيره ثم لا يؤمن ولا يطلب الحق من أهله فهو في حكم من بلغته الدعوة الإسلامية وأصر على الكفر، ويشهد لذلك عموم حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم، كما يشهد له ما قصه الله تعالى من نبأ قوم موسى إذ أضلهم السامري فعبدوا العجل وقد استخلف فيهم أخاه هارون عند ذهابه لمناجاة الله، فلما أنكر عليهم عبادة العجل قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ، فاستجابوا لداعي الشرك، وأبوا أن يستجيبوا لداعي التوحيد، فلم يعذرهم الله في استجابتهم لدعوة الشرك والتلبيس عليهم فيها
لوجود الدعوة للتوحيد إلى جانبها مع قرب العهد بدعوة موسى إلى التوحيد.
ويشهد لذلك أيضا ما قصه الله من نبأ نقاش الشيطان لأهل النار وتخليه عنهم وبراءته منهم، قال الله تعالى: { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (1) فلم يعذروا بتصديقهم وعد الشيطان مع مزيد تلبيسه وتزيينه الشرك وإتباعهم لما سول لهم من الشرك لوقوعه إلى جانب وعد الله الحق بالثواب الجزيل لمن صدق وعده فاستجاب لتشريعه واتبع صراطه السوي.
ومن نظر في البلاد التي انتشر فيها الإسلام وجد من يعيش فيها يتجاذبه فريقان فريق يدعو إلى البدع على اختلاف أنواعها شركية وغير شركية، ويلبس على الناس ويزين لهم بدعته بما استطاع من أحاديث لا تصح وقصص عجيبة غريبة يوردها بأسلوب شيق جذاب، وفريق يدعو إلى الحق والهدى، ويقيم على ذلك الأدلة من الكتاب والسنة، ويبين بطلان ما دعا إليه الفريق الآخر وما
فيه من زيف، فكان في بلاغ هذا الفريق وبيانه الكفاية في إقامة الحجة وإن قل عددهم، فإن العبرة ببيان الحق بدليله لا بكثرة العدد فمن كان عاقلا وعاش في مثل هذه البلاد واستطاع أن يعرف الحق من أهله إذا جد في طلبه وسلم من الهوى والعصبية، ولم يغتر بغنى الأغنياء ولا بسيادة الزعماء ولا بوجاهة الوجهاء ولا اختل ميزان تفكيره، وألغى عقله، وكان من الذين قال الله فيهم: { إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا } (1) { خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا } (2) { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } (3) { وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ } (4) { رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا } (5)
أما من عاش في بلاد غير إسلامية ولم يسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن القرآن والإسلام فهذا - على تقدير وجوده - حكمه حكم أهل الفترة يجب على علماء المسلمين أن يبلغوه شريعة الإسلام أصولا وفروعا إقامة للحجة وإعذارا إليه، ويوم القيامة يعامل معاملة من لم يكلف في الدنيا لجنونه أو بلهه أو صغره وعدم تكليفه، وأما ما يخفى من أحكام الشريعة من جهة الدلالة أو لتقابل الأدلة وتجاذبها فلا يقال لمن خالف فيه: آمن وكفر ولكن يقال: أصاب وأخطأ، فيعذر فيه من أخطأ ويؤجر فيه من أصاب الحق
باجتهاده أجرين، وهذا النوع مما يتفاوت فيه الناس باختلاف مداركهم ومعرفتهم باللغة العربية وترجمتها وسعة اطلاعهم على نصوص الشريعة كتابا وسنة ومعرفة صحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها ونحو ذلك.
وبذا يعلم أنه لا يجوز لطائفة الموحدين الذين يعتقدون كفر عباد القبور أن يكفروا إخوانهم الموحدين الذين توقفوا في كفرهم حتى تقام عليهم الحجة؛ لأن توقفهم عن تكفيرهم له شبهة وهي اعتقادهم أنه لا بد من إقامة الحجة على أولئك القبوريين قبل تكفيرهم بخلاف من لا شبهة في كفره كاليهود والنصارى والشيوعيين وأشباههم، فهؤلاء لا شبهة في كفرهم ولا في كفر من لم يكفرهم، والله ولي التوفيق، ونسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يعيذنا وإياهم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ومن القول على الله سبحانه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم بغير علم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
نائب لرئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز

__________________
إنـي ابتليت بـأربع مـا سُلِّطوا.... إلا لشـدّة شقوتـي وعنـائي

ابليس والدنيا ونفسي والهوى...كيف الخلاص وكلهم أعدائي
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:21 PM.