#1
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
وما يكاد النص العجيب يتجلى حتى يفيض النور الهادئ الوضيء ، فيغمر الكون كله ، ويفيض على المشاعر والجوارح ، وينسكب في الحنايا والجوانح؛ وحتى يسبح الكون كله في فيض النور الباهر؛ وحتى تعانقه وترشفه العيون والبصائر؛ وحتى تنزاح الحجب ، وتشف القلوب ، وترف الأرواح . ويسبح كل شيء في الفيض الغامر ، ويتطهر كل شيء في بحر النور ، ويتجرد كل شيء من كثافته وثقله ، فإذا هو انطلاق ورفرفة ، ولقاء ومعرفة ، وامتزاج وألفه ، وفرح وحبور . وإذا الكون كله بما فيه ومن فيه نور طليق من القيود والحدود ، تتصل فيه السماوات بالأرض ، والأحياء بالجماد ، والبعيد بالقريب؛ وتلتقي فيه الشعاب والدروب ، والطوايا والظواهر ، والحواس والقلوب . .النور الذي منه قوامها ومنه نظامها . . فهو الذي يهبها جوهر وجودها ، ويودعها ناموسها . .والوجود نور فائض على الأشياء كلها من نور ذاته فهو نور السموات والأرض وكما أنه لا ذرة من نور الشمس إلا وهي دالة على وجود الشمس المنوّرة ؛ فلا ذرة من موجودات السموات والأرض وما بينهما إلا وهي بجوار وجودها دالة على وجوب وجود موجودها. ومن عرض السماوات والأرض إلى المكشاة . وهي الكوة الصغيرة في الجدار غير النافذة ، يوضع فيها المصباح ، فتحصر نوره وتجمعه ، فيبدو قوياً متألقاً : كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ . . تقيه الريح ، وتصفي نوره ، فيتألق ويزداد . . الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ . . فهي بذاتها شفافة رائقة سنية منيرة . . هنا يصل بين المثل والحقيقة . بين النموذج والأصل . حين يرتقي من الزجاجة الصغيرة إلى الكوكب الكبير ، كي لا ينحصر التأمل في النموذج الصغير ، الذي ما جعل إلا لتقريب الأصل الكبير نُورٌ عَلَى نُورٍ.... ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله.... ![]()
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الله, الله نور, نور الارض, نور السموات, نور،نورعلى نور |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|