|
أخبار التعليم المصـري نقاشات وأخبار تعليمية متنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
مهما حاولنا أن نرسم في مخيلة أطفالنا شكل أو وصف لإحدى الشخصيات الإسلامية أو التاريخية العظيمة، لن نصل لذلك الانطباع والأثر الذي سيتركه فيلم رسوم متحركة (كارتون) لا يتعدى مداه الزمني دقائق معدودة حول موضوع أو شخصية ما، وأيًّا كانت تلك الشخصية أو ذلك الموضوع فسيرسخ في ذهن الطفل ويعلق بذاكرته مؤثرًا في شخصيته وسلوكه المستقبلي.
وتناولت إحدى الدراسات العربية أثر وسائل الإعلام على فكر أطفالنا؛ حيث قالت تلك الدراسة إن الرسوم المتحركة تحتل المركز الأول في الأساليب الفكرية المؤثرة على عقل الطفل، وللأسف فقد أكدت تلك الدراسة أيضًا أن المحتوى الإعلامي الذي يُقدَّم للطفل العربي بشكلٍ عام سواء من خلال التلفزيون أو مجلات الأطفال المتخصصة، 85% منها (مُعرَّب)، أي أنه نتاج ثقافة مجتمعات تختلف اختلافًا جذريًّا عن مجتمعاتنا وعاداتنا وآدابنا. فالطفل هنا ينعزل بشكلٍ تام عن مجتمعه الذي يعيش فيه بما يُقدَّم له من ثقافات المجتمعات الأخرى، فيشب على قيم غير القيم، وآداب غير الآداب التي من المفروض أن يشب عليها، فنجد أنفسنا أمام مسخٍ مشوه يعيش وسط مجتمعه بعقل قد تُشكَّل بخلفيات مجتمعية مغايرة لواقع مجتمعه، أي انه يعيش في مجتمعه جسدًا بلا عقل متلائم ومتناغم ومنسجم مع مَن حوله؛ لذا نجد انتشار لظواهر ومشكلات غريبة ووافدة على مجتمعاتنا. وبالطبع وكنتيجةٍ واقعيةٍ لما يعيشه الإعلام المُوجَّه للطفل من انفصالٍ عن مجتمعاتنا وقيمها، نجد أن أولادنا قد اتخذوا الشخصيات التي يتمحور حولها الأحداث (الأبطال) كنماذج وقدوة يقتدون بها في حياتهم، ولكن يتبادر إلى أذهاننا سؤالان هما: - ماذا تعني كلمة قدوة؟ - وكيف تُكتسب تلك القدوات؟ يُقال قدوة لما يُقتدى به، ويقال فلان قدوة يُقتدى به، والمراد بالقدوة مَن يُتأسَى به في جميع أحواله قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ..) (الأحزاب: من الآية 21)، والأصل في الصغار أن مستوى الإدراك والفهم لديهم أقل بكثير من مثيله لدى الكبار؛ لذا فهم يحتاجون للرؤية بالعين المجردة لواقع حي يتمثل أمامهم لكي يكتسبوه كقدوةٍ ومثالٍ يُحتذَى به. ورغم تغير نظرة الأفراد للقدوة واختلاف مواصفاتها من زمان لزمان، إلا أن الجميع أكد ضرورة وجود القدوة في حياة كل منا، وقد ظهر في وقتٍ من الأوقات بأوروبا تيار يرى بأنه لا داعيَ لوجود قدوةٍ في حياة الأفراد، ودعوا لانفراد كل شخصٍ بتكوين نموذج خاص به من خلال التجربة والخطأ، ورأوا بأن وجود القدوة يحد من حرية الفرد ويجعله منقادًا لغيره، وهنا نقول بأن القدوة والبحث عنها حاجة غريزية يغذيها ما يُطبع عليه الإنسان من التأثير والتأثر، إضافةً إلى الاستعداد النفسي للتقليد، واستنادًا إلى دراسات سيكولوجية فالنفس البشرية تبحث عن نموذج تتعلق به لتخفف من "أزمات المرحلة" التي يمر بها، كالمراهقة وغيرها من المراحل العمرية التي يمر بها الفرد. وبالطبع لن يجد أطفالنا أفضل من التلفاز يقدم نماذج مرئية مؤثرة، ولكن كما قلنا أن معظم تلك النماذج لا تتماشى مع ما يحياه الطفل واقعًا؛ لذا نجد انفصالاً إعلاميًّا بين ما يُقدَّم للطفل وما نتمناه كمجتمعٍ أن يُغرس فيه، وفي سلوكه وشخصيته. وقد اهتمَّت الحكومات الغربية بأثر التلفاز في تكوين القدوات لدى الأطفال- وخصوصًا القدوات التي تتخذ العنف منهج في التعامل- باعتبار أن تلك القدوات تُؤثِّر بشكلٍ سلبي على سلوك الأطفال، فنجد مثلاً أن الكونجرس الأمريكي قد طلب في أعوام 1954 و1961 و1964 و1970 و1977 بإعداد دراسات حول الإعلام وأثره على سلوكيات الأطفال؛ ما يؤكد أهمية دور الإعلام في رسم شكل القدوات التي يقتدي بها الأطفال؛ وذلك بعد أن وجدوا أن عدد الأحداث الذين أُلقي القبض عليهم لارتكابهم جرائم عنف خطيرة ارتفع بنسبة 16% بين عامي 1952 و1972 استنادًا إلى أرقام مكتب المباحث الفيدرالية الأمريكية. وفي دراسة لواقع قنواتنا العربية قام أحد الباحثين بعمل دراسة تفصيلية بيانية لإحدى أشهر قنوات الأطفال في عالمنا العربي، وهي قناة mbc3؛ حيث جاء هذه الدراسة بدلالات رقمية تحتاج منا للوقوف عليها لمعرفة آثارها على عقول أطفالنا. قالت الدراسة: إن نسبة مشاهد العنف المقدمة على شاشة القناة 94%؛ بينما لو قارنها بنسبة مشاهد العنف في قناة (mbc Action) المخصصة لأفلام الحركة سنجد أن نسبة العنف فيها بلغت 79% فقط!!، وقد بلغت نسبة مشاهد الرعب 13%، أما عن نسبة المشاهد العاطفية والإثارة 16%، وأخيرًا نسبة المشاهد الخيالية 94%. كما تعرض القناة يوميًّا فيلمًا أجنبيًّا من أفلام "والت ديزني" مترجم، ومن متابعة الباحث لمضمون تلك الأفلام بشكلٍ عام لاحظ التالي: يغلب على طابع تلك الأفلام طابع الحياة الأمريكية، كذلك الاختلاط المتعمد بين البنين والبنات في كل مناحي الحياة والتبرج في لبس الفتيات، ناهيك عن ال*****ة في بعض الألفاظ التي لا تناسب طبيعة القناة باعتبارها قناة للأطفال. أما عن القدوات التي تقدمها أمثال تلك القنوات فسنورد بعض الشخصيات الكارتونية التي تقدمها تلك القنوات، ونحاول بيان آثارها المُدمِّرة على سلوكيات وشخصية أطفالنا: لم ننتهِ من مشكلة برنامج البوكيمون- وهي لعبة ظهرت منذ عام 1996م وبيع منها أكثر من 120 مليون نسخة، وهي عبارة عن مجموعة من الكروت بها أوامر وشخصيات قتالية تحتوي على بعض الشعارات الدينية كالصليب والنجمة السداسية وما نحوها- حتى ظهرت لنا "يوجي"، و"يوجي" الشخصية الأساسية للبرنامج هو طفل يكتشف بطاقات ألعاب فرعونية قديمة ولها قدرات سحرية غريبة، وترسخ تلك القدوة في نفوس أطفالنا مبدأ غاية في الخطورة، وهو أن العنف هو الوسيلة الوحيدة للتفاهم، وكذلك تؤكد أن السحر يُستخدم من أجل غايات نبيلة!! فالغاية تبرر الوسيلة، وتُرسِّخ في ذهن الطفل نظرية أن الشرق وأهله هم مصدر السحر والسحرة في العالم أجمع، وكذلك تدفع الطفل لترديد كلمة (الأشرار) على كل مَن يخالفه أو غير متوافق معه. نأتي للقدوة الثانية وهي شخصية "سبونج بوب"، وهي عبارة عن إسفنجة مربعة الشكل صفراء اللون، ويسكن "سبونج بوب" في قاع المحيط الهادئ في مدينة تُدعى "Bikini Bottom" تُحاكي المدن الأمريكية في نمط الحياة، وشخصية سبونج بوب شخصية ضعيفة الإرادة سريعة البكاء، ولديه (صديقة!!) تُدعى "ساندي"، وهي عكسه قوية الشخصية تُدير له أمور حياته كلها؛ ما يُرسِّخ في شخصية أطفالنا (الصبيان) الضعف والاستكانة!. ومن الاتهامات التي وجهها (مسيحيو أمريكا) لـ"سبونج بوب" أنه يُروِّج للشذوذ ال***ي! وكان هذا عام 2005م حين ظهر في حلقة يدعو فيها لقبولهم والتسامح مع ميولهم، وفي إحدى الحلقات يلبس فيها "سبونج بوب" قبعة نسائية يقول له صديقه السلطعون: "القبعة تجعلك تبدو كفتاة" فيرد "سبونج بوب": "نعم أنا فتاة جميلة". وكذلك دعوة "سبونج" هذا للماسونية، ففي إحدى الحلقات يذهب "شفيق" الحبار إلى مبنى على هيئة "الهرم"- أحد شعارات الماسونية-، ويتبعه "سبونج بوب" و"بسيط"- أحد الشخصيات وصديق لسبونج بوب-، فيدخل "شفيق" ويعرض على المحفل الأعظم- كبير المعبد-، ويخضع لطقوسٍ معينة يتم قبوله بعدها كماسوني، وفي الحلقة نفسها يلبس رجالات المحفل ملابس عليها (عين حورس التي ترى كل شيء)، وهو شعار آخر للماسونية. ونأتي للطامة الكبرى، قدوة يقتدي بها الكثير من فتياتنا ويتخذونها قدوةً ومثلاً لهم؛ وهي شخصية "هانا مونتانا"، التي تنتشر على كل شيء يخص فتياتنا في العالم العربي، من ملابس وحقائب وحتى الكراسات وما نحوها من أدوات مكتبية نجد عليها صورة المدعوة "هانا مونتانا".. فمن هي "مونتانا" تلك؟ تبدأ القصة بمسلسل تلفزيوني أمريكي بدء عرضه في 24 مارس 2006م على قناة "ديزني"، بطلة المسلسل فتاة تُدعى "مايلي ستوارت"، وهي فتاة في متوسط سن المراهقة، تعيش حياةً مزدوجة! حيث تكون خلال النهار طالبة في المدرسة، وفي الليل تكون مغنية بوب مشهورة باسم "هانا مونتانا"! وتقوم بإخفاء هويتها الحقيقية عن الجماهير، بخلاف أصدقائها المقربين و(العائلة)، وناهيك عن المشاهد التي توضح أدق التفاصيل بالنوادي الليلية بأمريكا وما يحدث فيها، تتورط البطلة في عرض صور عارية لها في إحدى المجلات ال*****ة!! وتتوالى الأحداث.. فأي أفلام وشخصيات تلك التي يعيش في أسرها أبناؤنا وبناتنا؟ ولماذا كل هذا العنف والفساد والانحراف المُوجَّه ناحية عقول أطفالنا؟ ولمصلحة مَن تخريب وتغريب عقول أبنائنا وبناتنا عن واقعهم المجتمعي؟ أعي تمامًا أن ما كُتب حول هذا الموضوع الكثير والكثير، وأن ما كتبته سيبقى مجرد كلمات قليلة لا صدى لها على أرض الواقع، إذا لم تجد آذان أب أو أم مصغية لما يُحاك لأطفالنا من مؤامرات، وأن كل هذا مقصود وليس لمجرد التسلية والترفيه. وهي كذلك دعوة لكل القائمين على مجال التربية والإعلام العربي (اتحدوا يرحمنا ويرحمكم الله )، وأخرجوا لنا شخصية تضاهي روعة تلك الشخصيات الكارتونية التي أسرت ألباب وعقول أبنائنا وبناتنا، وتكون لسان حال واقعنا بما فيه من تقاليد وآداب نرتضيها. والعجيب أنه إن كانت تكلفة ذلك الفن باهظة، فأرباحه (خيالية) ولا تقارن الأرباح بالتكلفة فيكفي أن نعلم أن شخصية كـ"سبونج بوب" ذلك قد حقق منذ عام 2005م حتى الآن أكثر من 200 مليار دولار أرباحًا!! فتلك صرخة لا مجرد كلمة لعلها تجد صدى لدى أصحاب القرار والأموال العرب.
__________________
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|