|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
نجاح العمل والحفاظ على الأخوَّة.. المعادلة الصعبة
[17:21مكة المكرمة ] [31/05/2008] بقلم: أحمد صلاح تلعب العلاقة بين المدير ومرؤوسيه في أي عمل إداري دورًا مهمًّا وأساسيًّا وخطيرًا في نجاح العمل أو فشله؛ فهي العلاقة التي تحدد مدى إمكانية حدوث التفاهم بين الطرفين ودرجة الإتقان في تنفيذ التكليفات، أو تنفيذها من الأساس، وهي العلاقة التي تحدد شعور المرؤوس بانتمائه للمكان من عدمه، وهو الشعور الذي يثير في المرؤوس الرغبة في العمل، والحرص عليه، ويدفعه إلى البحث في حل المشاكل وتطوير الأفكار بما يحقق صالح العمل، دون أن يربط ما يبذله بحسابات مادية دقيقة، تحوله إلى آلة تعمل عملاً روتينيًّا بلا روح أو سعادة أو قدرة على الإبداع. والعمل الدعوي، كأي عمل إداري يهدف إلى النجاح وتحقيق الإنجاز والتطور؛ يعتمد بصورة أساسية على العلاقة بين المدير ومجموعة العمل؛ إلا أن المسألة في العمل الدعوي تأخذ بعدًا آخر، يجعل الأمر أكثر حساسيةً من العمل الإداري (المدني)، إن جاز التعبير، نتيجةً لوجهة نظر كل من المدير ومجموعة العمل لطبيعة هذه العلاقة في الحالتين. 1- ففي العمل الإداري العادي (المدني) يكون الرابط بين الرئيس ومجموعة العمل هي علاقة رئيس ومرؤوسين، وأساس هذه العلاقة هي المادة، والتي يحكمها منطق المكسب والخسارة؛ مما يجعل الكثير من المديرين لا يلتفتون الى العلاقات الإنسانية مع مرؤوسيهم، ويجعل المرؤوسين في حالة تقبل لهذا الوضع، ويأخذ بعض المديرين منهجًا للضغط على مَن يرأسونهم دون رحمة، ربما بغرض التنفيس عن غضبهم في مرؤوسيهم، بما لا يراعي قيم العدل التي قد يتنازل عنها المرؤوسون، ويدفعهم لتحمل هذا الضغط في سبيل البحث عن لقمة العيش حتى تتاح لهم فرصة أفضل. هذا الأسلوب الآلي في العمل يفصل المرؤوس وجدانيًّا عن المؤسسة التي يعمل بها، ويجعله في حالة تمرد مكتوم، من الممكن ألا يخرج حتى بالشكوى، لكنه ينفجر في لحظة إذا ما واتته الفرصة. 2- يختلف الأمر تمامًا في العمل الإداري الدعوي؛ لأن العلاقة بين المدير ومجموعة العمل تقوم أساسًا على مبادئ الفكرة الإسلامية نفسها، وأهمها الأخوَّة والعدل والشورى والمساواة، وبالتالي إذا مارس المدير إدارته دون أن يراعي هذه الأركان الأساسية لفكرة الدعوة نفسها، تنهار مجموعة العمل، وينهار معها العمل الدعوي. وهنا تنشأ المشكلة.. فالعمل الإداري لا بد أن يعتمد على المحاسبة الدقيقة للتكاليف المتفق عليها، ولا يخلو أي عمل أيًّا كان من وقوع أخطاء، وبالتالي لا بد من وجود عملية نقد مستمرة من المدير لمجموعة العمل، وهذا النقد إذا لم يتقبل سيسبِّب بعض التوترات النفسية بين المدير وأفراد العمل، ويصبح هنا مدير العمل مسئولاً عن إحداث التوازن بين الحفاظ؛ على أن تصبح النفوس هادئةً ومستقرةً دون توترات أو ضغائن، وبين أن يسير العمل بدقة تضمن له تحقيق أهدافه. وهنا يظهر اختلاف أنماط المديرين في الأعمال الدعوية؛ فمنهم من يتبع مبدأ التضحية بالمحاسبة الدقيقة، فليجأ إلى مبدأ التهاون في تحقيق الأهداف؛ باعتبار أن مجموعة العمل تغضب بسرعة، وهو لا يريد إغضابهم حفاظًا على مبدأ الأخوَّة ورغبة في استمرار العمل. ونمط آخر لا يقبل التهاون مطلقًا في تنفيذ أهدافه؛ فيتبع أسلوب الضغط المستمر الذي قد لا تحتمله مجموعة العمل؛ فتتوتر العلاقات، وتجرح الأخوَّة، وتكثر الشكاوى، ويعتذر أفراد العمل عن الأعمال أو ينسحبوا من العمل تمامًا، في خطوة درامية مستقبلية، وتكون النتيجة توقّف العمل الدعوي، وضعف علاقة المحبة والأخوَّة بين أفراد العمل، والتي تعتبر عاملاً أساسيًّا لوجود أعمال دعوية منظمة ومؤثرة. ونحن لا نريد النمط الأول الذي يسبب التهاون في تحقيق أهداف العمل الدعوي؛ مما يجعلها تتأخر خطواتٍ واسعةً عن دعوات أخرى مضللة تسير بسرعة الصوت في الإعلام والشارع والمدرسة، ولا نريد أيضًا النموذج الثاني الذي لا يعتبر المشاعر في قيادة البشر، وتكون عنده ثمن تحقيق الأهداف هو تجاهل العاطفة التي تحفظ كيان مجموعة العمل، وتضمن ترابطها وتماسكها. إننا نحاول أن نبحث عن نموذج ثالث، يعي ما يريد، ويخطط لأهدافه جيدًا، وينجح في إدارة مجموعة العمل بما يحفزهم لتحقيق أهداف العمل، محافظًا في نفس الوقت على مبادئ الفكرة الإسلامية نفسها من أخوَّة وعدل وشورى ومساواة، وأرى أن تحقيق هذا النموذج يتطلب مراعاة النقاط التالية: 1- على مدير العمل أن يُشعر المجموعة أنهم شركاء في العمل، وليسوا مجرد منفِّذين لقراراته؛ فيحاورهم ويقبل اقتراحاتهم وأفكارهم، ويرعى المفيد من هذه الأفكار بصدق وإخلاص، وإلا فإن العمل سيتحوَّل إلى طريقة رئيس ومرؤوس، وهي طريقة ستضرب العمل الدعوي من أساسة (المشاركة في العمل). 2- أن يقف المدير على قدرات كل فرد في مجموعة العمل ولا يطالب فرد بعمل لا يتناسب مع قدراته، سواءٌ كان هذا العمل أقل أو أعلى من القدرة بمسافة كبيرة؛ فالعمل الأدنى يشعر من يقوم به بعدم أهميته، والعمل الأعلى يعرضه للتقصير، وبالتالي حدوث المشكلات عند المحاسبة (العمل المناسب للفرد المناسب). 3- ألا يقوم المدير بتكليف أي فرد من مجموعة العمل إلا بعد إيضاحه بصورة تامة لمن يكلّف بالعمل، وأن يتم الاستقرار على صيغة العمل النهائية وطريقة تنفيذه بعد حوار يحترم فيه رأيه؛ حتى يضمن اقتناع الفرد بالعمل تمامًا (وضوح التكليف). 4- أن يكون موعد إنهاء التكليف واضحًا، ولا يلوم المكلف بالعمل عن عدم إتمام عمله قبل موعده، ولكن عليه أن يتابعه برفق، بعد أن يوفر له كل إمكانات العمل المطلوب (الاتفاق على موعد تسليم العمل). 5- ألا يقوم المدير بتكليف أفراد المجموعة بعمل أعلى من مستواهم إلا بعد أن يقوم بالتدريب عليه؛ سواء عن طريق مباشر أو عن طريق جهة مخصصة للتدريب (التدريب). 6- عند المحاسبة على الأعمال تتم المحاسبة بحزم ونقاش موضوعي، دون إهانة أو تجريج أو غضب متواصل، يُشعِر أفراد العمل أن مديرهم غاضب دومًا، وأنه لا يحبهم ولا تربطهم به علاقة إلا علاقة العمل، وأن الغرض من علاقته بهم هو مجرد تحقيق أهداف إدارية فقط، مع الأخذ في الاعتبار أن الحزم لا يتنافى أبدًا مع الرقَّة أو خفَّة الظل أو التعبير عن العواطف (الحزم). 7- أن لا يتسرَّع المدير في إظهار غضبه، وأن يكون سلاحه دائمًا هو النقاش الموضوعي والحوار وبحث المشكلات وإيجاد الحلول لها (الصبر والحوار). 8- أن يتوقع المدير نسبة خطأ دائمة من المكلفين بالعمل لا تقل عن 25% يجعلها خارج حساباته، ثم يقوم بإسداء النصح لمن كلف بالعمل بهدف تقليل نسبة الخطأ قدر الإمكان (توقع نسبة خطأ). 9- أن يوازن المدير بين مبدأ التحفيز والتشجيع ومبدأ اللوم على الخطأ، وألا يتخذ أحدهما فقط منهجًا للتعامل (الموازنة بين مبدأ التشجيع واللوم). 10- السؤال عن الأحوال بصدق خارج إطار التكليفات الإدارية يُشعر مجموعة العمل بالأخوَّة والترابط والحب الحقيقي؛ بما يدفعهم للعمل بحب وحماس، وربما تكون الزيارات الخاصة خارج إطار العمل وسيلةً نافعةً في ذلك (أساليب تظهر صدق الأخوَّة). 11- ألا ينفرد المدير بقرار دون أن يبلغ مجموعة العمل؛ فهذا الأمر يعني تصريحًا غير مباشر أنه أفضل منهم ويفهم عنهم، وهو أمرٌ يجرح مجموعة العمل ويخل بمبدأ الشورى (احترام الآخرين). 12- من الممكن أن يغضب المدير ويظهر غضبه إذا وصل الخطأ إلى حدِّ الإهمال الواضح، أو إذا تكرر الخطأ أكثر من مرتين بعد التنيه عليه وفي فترات متقاربة، المهم أن يكون الغضب واللوم الشديد هو الاستثناء وليس القاعدة، ويظل الخط الموصول بين المدير ومجموعة العمل هو الحب والتفاهم والاحترام؛ بحيث تكون مجموعة العمل على يقين منه حتى إذا خرج المدير عند شعوره مرة أو مرات (متى يغضب المدير؟!). 13- عند الخطأ لا بد من الحساب وعدم تبرير الأخطاء لصالح شخص معين، ويجب ألا يستثني المدير نفسه من المحاسبة إذا أخطأ (العدل). 14- على المدير أن يعي أن ضغط المسئولية عليه يجعل بعض أفراد المجموعة يشحن منه من وقت لآخر؛ فعليه أن يقوم بعملية تفريغ لهذه الشحنات بطريقته حسب شخصية كل فرد، سواء كان ذلك عن طريق زيارة خاصة أو اعتذار علني أمام المجموعة.. المهم أن تظل عملية تفريغ الشحنات هذه مستمرة لا تتوقف (تفريغ الشحنات). أقترح فقرة ولو 10 دقائق كل شهر، يطلب فيها المسئول ملاحظات المجموعة على أسلوبه في العمل معهم؛ حتى يرى نفسه من خلال الآخرين (رؤية النفس، تفريغ الشحنات). 15- تشجيع مبدأ تقبل النقد، على أن يراعى فيه الأدب والنية الخالصة (التدريب على النقد المهذب). إن العمل الإداري الدعوي يحتاج إلى شخصية تتسم بالموهبة والفهم والإخلاص والقدرة على القيادة؛ بما يحفظ كيان المجموعة العاملة، وهي تحتاج من المدير أن يسير دائمًا على حبل مشدود؛ يضمن تحقيق معادلة صعبة في عالم الدعوة، تحقق الإنجازات وتضمن الحب والأخوَّة، وبدون ذلك يصبح العمل في حاجة ماسة إلى تصحيح مساره. ----------- حذف الايميل بواسطة المجاهد فى سبيل الله آخر تعديل بواسطة المجاهد فى سبيل الله ، 13-06-2008 الساعة 07:40 PM |
#2
|
|||
|
|||
![]()
قال الله تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ(9)﴾ (الحجر).
أنزل الله القرآن الكريم ليكون آخر الكتب المنزلة من السماء؛ لهداية البشرية إلى قيام الساعة، ومن ثم تعهد بحفظه، وتولى سبحانه صيانته، فلم يزل محفوظًا مصونًا من التحريف فلا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. أما ما سبق القرآن الكريم فقد قال الله في حقها: ﴿اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ﴾ (المائدة: من الآية 44)، فوكل حفظه إليهم فبدلوا وغيروا، فضاع. عن يحيى بن أكثم قال: كان للمأمون- وهو أمير إذ ذاك- مجلس نظر، فدخل في جملة الناس رجل يهودي، حسن الثوب، حسن الوجه، طيب الرائحة، قال: فتكلم فأحسن الكلام والعبارة، قال: فلما تقوَّض المجلس دعاه المأمون فقال له: إسرائيلي؟ قال نعم. قال له: أسلم حتى أفعل بك وأصنع، ووعده. فقال: ديني ودين آبائي! وانصرف. قال: فلما كان بعد سنة جاءنا مسلمًا، قال: فتكلَّم على الفقه فأحسن الكلام؛ فلما تقوض المجلس دعاه المأمون وقال: ألست صاحبنا بالأمس؟ قال له: بلى، قال: فما كان سبب إسلامك؟ قال: انصرفت من حضرتك فأحببت أن أمتحن هذه الأديان، وأنت تراني حسن الخط، فعمدت إلى التوراة فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الكنيسة فاشتريت مني، وعمدت إلى الإنجيل فكتبت ثلاث نسخ فزدت فيها ونقصت، وأدخلتها البيعة فاشتريت مني، وعمدت إلى القرآن فعملت ثلاث نسخ وزدت فيها ونقصت، وأدخلتها الوراقين فتصفحوها، فلمَّا أن وجدوا فيها الزيادة والنقصان رموا بها فلم يشتروها؛ فعلمت أن هذا كتاب محفوظ، فكان هذا سبب إسلامي. وحفظ القرآن الكريم يكون في ثلاث صور: 1- الحفظ في الصدور وهذا هو الأصل، ويتم بالتلقي مشافهةً، فقد قرأه أمين الوحي جبريل عليه السلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقرأه الرسول- صلى الله عليه وسلم- على الصحابة رضوان الله عليهم وتلقاه التابعون عن الصحابة، وهكذا سلسلة متصلة إلى يومنا هذا إلى قيام الساعة. 2- الحفظ في السطور، وقد كان النبي- صلى الله عليه وسلم- حين تنزل الآية أو الآيات يأمر كُتّاب الوحي بأن يكتبوها في مكانها من السورة، وظلت صحائف موزعة إلى أن جمعها أبو بكر رضي الله عنه في مكانٍ واحد، ثم جاء عثمان رضي الله عنه من بعد ذلك فنسخ منها نسخًا ووزعها على الأقاليم. 3- حفظ العمل، وذلك بأن يظل القرآن الكريم منهج حياة المسلم كفردٍ في نفسه وأسرته يُطبِّق أحكامه يحل حلاله ويحرم حرام حرامه، ويتأدب بآدابه وأخلاقه، كما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- فقد سُئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول- صلى الله عليه وسلم- فقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَىَ. قَالَتْ: فَإِنّ خُلُقَ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ. والمتأمل في الواقع يرى أن المسابقات الدولية والمحلية في حفظ القرآن الكريم وعلى رأسها جائزة دُبي الدولية جعلت نسخ حفظ القرآن الكريم في الصدور تتوزع في كل أنحاء الكرة الأرضية؛ حيث يتقدم في كل دولةٍ المئات إن لم يكن بالآلاف ليفوز أحدهم بتمثيل دولته، يتكرر ذلك في كل عام، ويتكرر في مسابقاتٍ أخرى؛ مما يجعلنا نجزم أنه لا تخلو دولة من مئات الحُفاظ لكتاب الله في صدورهم. أما عن الحفظ في السطور ففي كل دولة يتم نسخ الملايين من القرآن الكريم عبر مجمعات ومؤسسات تقوم على ذلك مما يجعلنا نجزم أنه لا يكاد بيت مسلم يخلو من عديدٍ من النسخ من القرآن الكريم ولا توجد دولة في العالم لم يصلها نسخ من القرآن الكريم. تبقى الصورة الثالثة حفظ العمل تحتاج من كلِّ مسلم لمجاهدة وصبر ومصابرة ليطبع نفسه وبيته وخلقه بالقرآن الكريم، ومن أعظم تلك الأخلاق الصدق والأمانة والحياء والوفاء بالعقود والوعود، كما تتجلى الأخلاق القرآنية في معاملة المسلم مع مَن يُحيط به: معاملة الابن مع أبيه وأمه، ومعاملة الآباء مع أبنائهم، ومعاملة الزوج لزوجه، ومعاملة الزوجة لزوجها، ومعاملة المسلم مع جاره، في البيت والعمل، وإن شئت فقل صبغ الحياة في كل مجالاتها بروح القرآن الكريم وسنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. وحين تكثر هذه النسخ ويصير القرآن الكريم حيًّا يتحرك بيننا، ونورًا تشرق به بيوتنا، وهدى ترشد به معاملاتنا، حينئذٍ ينعم كل مسلمٍ بالسكينة والطمأنينة، ويشعر بالأمن والأمان، وترفرف السعادة والرخاء على المجتمعات. والمتأمل في علل الأمة الإسلامية يرى أن علة العلل هي الرضا بالحياة الدنيا والاطمئنان بها، والارتياح إلى الأوضاع الفاسدة، والتبذير الزائد في الحياة. فلا يهمه غير مسائل الطعام والشراب واللباس مطالب الجسد، ولا يقلقه الفساد المستشري من حوله، ولا يزعجه الانحراف الذي يُحيط به من كلِّ مكان، ولا يهيجه الظلم والاستبداد الذي تصطلي به البلاد والعباد، والبلسم الشافي لتلك العلل لا يكون إلا بتأثير القرآن والسيرة النبوية إن وجدا إلى القلب سبيلاً؛ لأنهما يحدثان صراعًا بين الإيمان والنفاق، واليقين والشك، بين المنافع العاجلة والدار الآخرة، وبين راحة الجسم ونعيم القلب، هذا الصراع أحدثه كل نبي في وقته، ولا يصلح العالم إلا به، وحينئذٍ تهب نفحات القرن الأول، ويولد للإسلام عالم جديد لا يشبه العالم القديم في شيء. وهذا الأثر الطيب المبارك لا يتحقق في الواقع إلا إذا تدبر المسلمون معاني القرآن الكريم ووقفوا على أحكامه، وتأثروا بذلك في نفوسهم وحياتهم، وليعلم المسلمون أن تأثير القرآن الكريم في نفوس المؤمنين بمعانيه لا بأنغامه، وبمَن يتلوه من العاملين به، لا بمَن يجوده من المحترفين به، ولقد زلزل المؤمنون بالقرآن الأرض يوم زلزلت معانيه نفوسهم، وفتحوا به الدنيا يوم فتحت حقائقه عقولهم، وسيطروا به على العالم يوم سيطرت مبادئه على أخلاقهم ورغباتهم، وبهذا يعيد التاريخ سيرته الأولى. إن إحياء معاني القرآن الكريم في النفوس، ودفع الجيل القادم من الشباب في العالم الإسلامي أن يتنافسوا في حفظ القرآن الكريم في صدورهم يبشر بغد مشرق ومستقبل واعد فإن مَن نشأ في صغره على حفظ كتاب الله، حفظه الله، وجعله معين خير، ومصدر إسعاد لمَن حوله. كما أن القرآن يغرس في النفوس معاني العزة والإباء، ورفض الذل والضيم، ويفرض علينا الجهاد والتضحية، والترفع عن الإخلاد إلى الأرض، والتحليق في الآفاق العلا، والتطلع إلى جنات عرضها السماوات والأرض، ويجعل من الموت في سبيل الله أسمى أمنيات المسلم. جيل هذا شأنه يكون الله معه ويسخر له كل شيء، وحينئذٍ يكون النصر والتمكين للمؤمنين ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر مَن يشاء وهو العزيز الرحيم. |
#3
|
|||
|
|||
![]() اقتباس:
جزاك الله خيرا اخى هذه هى مقومات نجاح اى عمل جماعى مهما كان حجم هذا العمل وهذه خطواته الثابته التى رايناه كثيرا فى بعض الجماعات التى موجوده على الساحه الان فا مثلا جماعة الاخوان المسلمين وربى انه تحقق ما قيل بالحرف لاذالك فهى اقوى جماعه على الساحه الان فى العمل الدينى والعمل السياسى الحمدلله على نعمة الاخوه والاخوان
__________________
الذكريات مش مجرد كلام بتبقى حاجه محفوره فى القلب |
![]() |
العلامات المرجعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|