اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-01-2013, 08:31 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 29
abomokhtar is just really nice
New متى يصبح الاستثناء قاعدة؟

بقلم/ حمادة نصار
ذهب الأكابر من أهل العلم أنّ النبي (صلي الله عليه وسلم) كان إذا أراد أن ينكر سلوكاً ما أو تصرفاً من تصرفات أحد أصحابه لجاء إلي التعميم وتجنّب التعيين ما أمكن.. ولذا تواترت العبارة النبويّة المباركة في العديد من المواضع في صيّغة "ما بال أقوام" وكانت تلك السياسة منه عبقريّة فضلاً عن كونها وحياً سماوياً.. ويكأنّ النبيّ (صلي الله عليه وسلم) يريد أنّ يوجه الأمّة إلي البعد عن شخصنة الأمر والنهي ما استطاع إلي ذلك سبيلاً.
النبي الكريم الذي طالما لعن المعصيّة ونفّر منها غاية التنفير.. هو نفسه الذي نهي الصحابة عن لعن الشارب الذي ما فتئ يشربها ويؤتي به ليقام عليه حدّ الشرب.. وهذا هو الأسلوب الأمثل إذ أنّ تركيّز النبي صلي الله عليه وسلم في الإنكار علي الصفة دون الموصوف "الشخص المعين".. يعني أنّ هذا الشخص إذا تاب من شرب الخمر مثلاً أصبح في حلٍ من الذم الذي يلحق الشارب.. خلافاً ما لو ذكره النبي بالاسم.
وقد أثبتت الأيام أنّ هذا المنهج في العلاج من أنجح المناهج وأنجعها في تقويم السلوك المنحرف.
ولذا يصبح من الخطأ البيّن أن يقوم بعض المنتسبين للعلم والدعوة باستدعاء بعض العبارات والجمل التي وقعت استثناءً لا قاعدة فرعاً لا أصلاً في سيرة الحبيب (صلي الله عليه وسلم).. ليجعل منها أصلاً وقاعدة.. ويتخذ منها منهجاً في التجريح والسب وتوجيه قذائف الشتم إلي المعارضين في الرأي.. وإن كانوا من أهل الفسق والفجور.. ويستدلّ بأنّ هذا المنهج يستند علي أدلة شرعيّة.. ويدلل علي مذهبه هذا بمثل هذه الاستثناءات التي أشرنا إليها.. كقولة الصديق أبي بكر في مقام رده علي عروة بن مسعود الثقفي حين وجّه نوعاً من السبّ والإهانة للنبيّ (صلي الله عليه وسلم) والصحابة أثناء المفاوضات التي مهدت لصلح الحديبية بين النبيّ وأصحابه من ناحية وبين المشركين من ناحية أخرى.
لا شكّ في صحة النقل.. لكنّه لابدّ أن يُراعي فيه السياق الذي قيل فيه هذا القول.. لقد قيل ما قيل في جو معركة حربية حقيقية لا معركة فكرية.
نعم.. قيلت تحت أسنّة الرماح المشرعة، وصليل السيوف، وصهيل الخيول، وهفهفة الرماح، وقعقعة الحراب.. وهذا وضع طبيعي لمثل هذه المبارزات القولية والمساجلات الكلامية.. ولو تضمنت ألفاظاً نابية.. مادام الأمر وصل إلي القتال وال***.. فكل ما دونه مباح متاح لا إشكال في ذلك.
لكن أن تستدعي لغة المعارك الحربية ومفردات الحرب الأتون إلي ساحة المعارك الفكرية.. دون ملاحظة السياق العام لكل نوع من هذه الأنواع .. ومحاولة أن نلحق هذا بذاك علي طريقة أهل القياس دون نفي الفارق.. هي محاولة محكوم عليه بالفشل الذريع.
وقد يتذرع صاحب مثل هذا الطرح أنّ ما يقوم به لا يزيد عن كونه رد فعل ما منه بدّ علي شتائم الآخرين وبذاءاتهم.. "ولكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار مضاد له في الاتجاه" كما تقول قوانين الفيزياء.
وهذا أيضاً كلام يحتاج إلي ضابط.. حيث إنّ الدعاة لا يمكن أن يتساووا مع شانئيهم في كل ما يأتون وما يذرون.. وإلا ما الفارق بين أصحاب الهدي النبوي وبين الجاهليين الذين لا يؤمنون بضابط ولا رابط من الدنيويين وأصحاب المناهج الأرضية.
وقد يستعمل الخصم الإيماءة فيحملك ذلك إلي إيماءة مماثلة.. وهنا ينتقل الأخر من الإيماءة إلي التصريح.. فإذا ما جاريته في تصريحه دفعته حتماً إلي الإغلاظ.. وخاصة بعدما استمرأ التصريح بدلاً من التلميح.. وبذلك يكون قد نجح نجاحاً منقطع النظير في جرك إلي مربعه لتنازله علي أرضه.. وهو أستاذ في هذا الباب ولا شك.
لكن الصحيح الذي توافقت عليه العقول والنُهي.. أنّ عدم استجابتك لبذاءات الخصم يحمل العوام على شتم خصمك.. ويحمل العلماء على مدح حلمك.
وما أروع ابن الجوزي في إحدى خواطره في كتابه الماتع" صيد الخاطر "تحت عنوان "لا تظاهر بالعداوة أحداً فإنّك لا تأمن تقلبات الأيام" إذ يقول:"مما أفادتني تجارب الزمان أنّه لا ينبغي لأحدٍ أن يظاهر بالعداوة أحداً ما استطاع.. فإنّه ربّما يحتاج إليه مهما كانت منزلته".
__________________
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:11 AM.