ماذا يخيف مالك هذه القناة

[مسيو إيهاب]

منذ أيام المجلس العسكري وأنا أكتب بغضب عن سلوك قنوات الليل، ليس في المقال الذي أكتبه هنا فقط بل في أماكن أخرى. كنت أرى أنها الخطر الأول على سلمية ثورة 25 يناير والملوث الأكبر لصورتها النقية البيضاء التي احتفى بها العالم. وقد اتصل بي ذات مرة الأستاذ معتز الدمرداش معاتبًا فهو يرى أن "التوك شو" يمارس مهمته الرقابية وهي الوظيفة الرئيسة والأساسية للإعلام. هذا حق يراد به باطل، فتلك البرامج تحولت منذ انتهاء حكم مبارك إلى مصاطب للفتنة وأبواق لمن أصبحت وظيفتهم الكلام. لت وعجن يومي متشابه في قنوات كانت لا تجرؤ في عهد مبارك على بث نشرة أخبار. نجح التوك شو في استقطاب الذين شاركوا في الثورة ولاحقًا تحول بعضهم إلى تقديم بعض البرامج دون أي مهارات تليفزيونية أو إعلامية على الإطلاق. هدف الممولين لقنوات الليل على ما يبدو هو القضاء عليهم وتحويلهم من ثوار أشاد بهم العالم إلى "صبيان" في ورش فضائية تصنع الكراهية والانقسام وتقوم بضاعتها على الغش وترويج سلع إعلامية مغشوشة. عقب تنحي مبارك انطلقت قنوات جديدة بإمكانيات مادية ضخمة من أشهرها مجموعتاCBC والنهار وقناة التحرير. وغيرت قناة "القاهرة والناس" توقيتها المؤقت بشهر رمضان فقط حيث كانت تقدم المسلسلات والمنوعات فقط في السنوات الأخيرة للنظام المخلوع، إلى بث مستمر على مدار الساعة ببرامج سياسية أو شبه سياسية، منه توك شو أحادي، يكلم المذيع نفسه ساعة كاملة أو أكثر، رغي في رغي كما يقول الإعلان اللطيف الذي يتحدث عن "حلاق" تسلط على دماغ الزبون فحول رأسه إلى شوارع بمقصه الضايع! لم تقدم أي قناة إعلامًا جديدًا بل أعادت بعث نجوم المرحلة الماضية من المذيعين الذين هتف ضدهم ثوار ميدان التحرير وطردوهم من القنوات الحكومية التي كانوا يتقاضون منها الملايين. من كانوا في حظيرة أنس الفقي انتقلوا إلى حظيرة رجال البزنس الذين لم يقدم بعضهم مشروعًا واحدًا يخدم الاقتصاد ويعين الفقراء والمعدمين ويساهم في مقاومة البطالة، وإنما جاءوا بقنوات تبدأ هجمات ليلية بعد الثامنة مساءً لتمزيق الوطن و*****ه. كمن على رأسه بطحة خرج أحدهم أمس داعيًا مرسي ووزير الدفاع السيسي لتأمين ممتلكاته، ومقترحًا على وزارة الداخلية توفير حماية مؤجرة، أي يدفع ثمنها بنفسه. الممتلكات التي يتحدث عنها هذا الرجل الذي هبط من المجهول إلى قمة الإعلام المصري بعد ثورة يناير، هي قنواته الفضائية التي تقدم أجورًا خرافية، لدرجة أن توفيق عكاشة تساءل على الهواء من خلال قناته الخصوصي، هل لا يتعب في أمواله حتى إنه يعطي أجرًا كبيرًا بمئات الآلاف لمقدمة برامج متواضعة، كل ما رصعت به سيرتها الذاتية اعتراضها على أحد العسكريين بطريقة فجة أثناء فترة المجلس العسكري فطردها صاحب القناة التي كانت تعمل بها سابقًا. من أي شيء يخاف ذلك الرجل الذي توسعت إمبراطوريته الإعلامية مؤسسًا صحيفة اشتهرت بأخبار المصادر المجهلة وخصوصًا العسكرية، وكلها أخبار غير حقيقية لا تحتاج سوى محرر خصب الخيال، واشتهرت أيضًا في بدايتها بأجورها الكبيرة. الإعلام الذي يراقب وينتقد ويقدم الأخبار والمعلومات الصحيحة يحوز إعجاب الجميع واحترامهم وحمايتهم لأنه سلعة ضرورية لا تقل عن الطعام والشراب والدواء. عندما يتحول من الرقابة إلى التحريض ومن مهمته الخبرية والمعلوماتية إلى ماكينة لصناعة الإشاعات والفوضى فإنه يتحسس رأسه ويلمس البطحة التي عليها ويسرح به خياله فيظن أنه مستهدف وأملاكه في خطر.

اقرأ المقال الاصلى فى المصريون : http://almesryoon.com/%D8%A7%D9%84%D...A7%D8%A9%D8%9F