اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > إبداعات ونقاشات هادفة

إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ...

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-09-2014, 07:42 PM
المفكرة المفكرة غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 1,413
معدل تقييم المستوى: 18
المفكرة is on a distinguished road
افتراضي هموم

أستيقظ و الحمى تكاد تسحق وعيي ، أضاعف سرعة السلحفاة في الاِستعداد لعملي ، بضع دقائق من التأخير قد تهضم أجر اليوم و تحلي بنصيب من المكافأة ... أذهب متأخرة لكن دفتر الحضور و الاِنصراف يغفو في غفلة من الإداريات ، نتوافد عليه فنسجل أسماءنا و نحفظ حقنا في أجر اليوم.
أمر بزميلاتي في طريقي إلى الكنترول فألقي السلام تكراراً و أجني من الحسنات ما يملأ صفحة من الأيام الخالية. أستلم أوراق امتحان تكنولوجيا الصف الثاني الإعدادي كي أضع عليها اللمسات الأخيرة من المراجعة و التدقيق قبل رصدها في الكنترول .
أتناول التلبينة بينما أراجع إجابات الطلاب و تقييم المدرسات ، يطفو الهم على وعيي فيملأ مسارب النفس ، ما هذا السخف ؟ يعجز الكثيرون عن كتابة جملة صغيرة ذات معنى يصل المتلقي مباشرة . أما من يفعل فعليه أن ينتظر فراغ زملائه من سخافاتهم حتى نكمل مسيرة التعليم ، صغار على سرقة كتلك ، يتشربون التهاون مع الدراسة .
سؤال لم أظن أحداً يخطىء إجابته : فيم تستخدم النت ؟ (جميع الطلاب يستخدمها) يعجز بعضهم أن يكتب أن النت تستخدم في تبادل المعلومات و التواصل مع الآخرين و يأخذ درجته كاملة ! بينما يشكل ابن الغرب عالمه و عالم جيرانه من بني البشر بتلك الشبكة!
تمنحهم الوزارة درجات تحت كل أنواع البنود ، بند أنهم شرفونا بالحضور و آخر لعدم إساءة الأدب ! و بند آخر للمشروع الذي استلمته أمه للتو من النجار بعد دفع ثمنه !
يخط الفكر هموم تكتبها يدي فيضغط الجرح فينزف مزيد هم .
يا فارج الهم ، و كاشف الغم ... يا الله ..
و تلك الأخطاء في المناهج عاماً بعد عام ... أذكر جملة سخيفة في الكتاب تزعم أن مفصل القدم واسع الحركة (قابل للدوران مثل مفصل الكتف) ، كيف نمشي إذا؟
أتحدى السفه و أعلن في فصلي أنه محدود الحركة كما هو واضح .
تتبخر مكافأتي بسبب تقييم رئيسة تراني مخطئة لأنني أتصرف بعقلي .
أريها مرجعاً من الجامعة ، لا يشفع لي ، تتحداني تلك الأخطاء مطولاً تخرج لي لسانها حتى يأذن الله بزوال الكتاب عن آخره !
أعيد الامتحانات للكنترول بينما تعصف الحمى بذهني ، تدفعني لحدود أرض الجنون ، أتشبث بأرض الأحياء ، أتجلد حتى يمر اليوم . يصف عقلي القهوة دواء حتى ينتهي اليوم . أبتسم لها طالبة فنجان قهوة ، تهز رأسها بينما تنشغل في إعداده ، هادئة على غير عادتها ، دائماً ما تؤكد وجودها ، تشارك في الحديث الدائر، تقحم نفسها بين السطور.
تتلاقى الأعين ، فألمح درجة شقاء زائدة عن ثمانية و ثلاثين .
أستطلع منها الأمر : تقول الصغير مريض ، حرارته مرتفعة ، عاملة النظافة ، لها ستة أطفال ، يعييها تدبير أمور معيشتهم فتخرج للعمل .
الهم يعلو معظم الوجوه هذه الأيام فتغيير الطقس يحضر الميكروبات ضيوفاً ثقلاء على بني البشر ، ينقشها على مناعة أطفال ضعاف ، تقضي إحداهن الليل تهدهد المريض ، تتحمل قيأه و ثقل وزنه ثم تقوم مبكراً لما هو أثقل.
لا أحد يلتفت لعاملة النظافة اليوم ، همومهن تمحو مقالتها ، اسأل المولى فيما يجب فعله ، الذهاب للطبيب أمر مكلف بلا شك .
انتظر حتى تخرج من الحجرة و تتجه حيث اعتادت الجلوس ، فأدس بيدها عشرين جنيهاً ، أترك في جيبي خمسين أخرى حتى آخر الشهر ، أعلن عجزي عن مساعدتها لمولاي فأطلب منه الشفاء لكل مسلم.
أراقب من حولي بينما أرتشف فنجان القهوة ، تمر أمام مكتبي في لحظة انقطاع عن العمل فأستوقفها ، أسألها ما أخبار الدراسة ؟
_ انقطعت عنها ، تحيرت بين المواصلة و الهجر ، لا أجد جدوى لشهادة متخصصة في الحسابات بلا خبرة حقيقية في هذا المجال ، الكتابة على الكمبيوتر هو المطلوب هنا ، لا أجد مكاناً بالمدرسة في الإدارة المالية .
تفيض : من يشاركني الدراسة يحتاجونها للحصول على وظائف مرموقة ، بالشركات متعددة ال***يات ، شركات لها أنشطة اقتصادية متداخلة مع الأجانب و بالأخص اليهود ، لا أرتضي أن أعمل بشركة كتلك فأكون ممن يساعدهم على أي نحو ، خير لي أن أبقى في وظيفة صغيرة دخلها قليل و لكنه يكفي و بركته عظيمة عن دخل كبير في وظيفة لا يرتضيها المولى .
تطيل الحديث : كشفوا عن جبل به ذهب منذ عدة أيام ... يذهب خمسون بالمائة منه لشركة أجنبية تستخرجه ثم تخرجه من البلاد ، ألا ترين أن صاحب القرار السياسي يبيع البلد برخص التراب ؟ لن أضع خنجراً في نصل بلدي، لن أشرب الدم النازف .
أقول ابننا سخيف ، خفضنا التحديات في حياته حتى فرغ منها و التفت للسخف الذي يراه في التلفزيون و ألعاب الكمبيوتر ، أعرف شاباً لا يغرف طعامه في طبقه حتى تدسه أمه في فمه ، ما أصنفه في ملف المعتاد، كيف يواجه أجنبي اعتاد العمل منذ الصغر ، يعمل بيديه، يستخدم عقله ، ينمي عضلاته ؟! و الحياة صراع إرادات و الإرادة الأقوى تكسب ، كيف يقهر بضع آلاف من الأمريكيين ملايين البشر في العراق وأفغانستان ؟ الحساب به شيء مختل حد الجنون .
تتلاقى الأعين فيغمر الإحساس المعنى ذاته :
_ يضمخ القهر الاحساس، أعني أنهم مقهورون حقاً في العراق و فلسطين ، لكن الناس هنا أيضاً يشعرون أنهم مركعون ، خانعون ، يمد الزهق ظله على الخطى ، يخلط القرف الطعام ، يسىء لطعمه رغم الغنى و الاقتدار!!
أجل ، أرتشف السم عينه .
يأخذنا الآذان من هذا العالم ، إلى زمن يأذن فيه المولى بذكره ، يفرّغنا من هموم لا علاج لها ، فيكون دواء و شفاء حتى حين ، يسألنني أن أتصدر ، و أنا عادة ما أفعل، لكن اليوم عصيب أكاد أغيب عن الوعي ، أتردد قليلاً ، فتجتاح إرادتها القوية إرادتي المهلهلة تصر أن أتصدر فأفعل .
مشاعر متوهجة تسري عبر جسد واهن ، لو نظرت إحداهن لأزعجها وهج الكهرباء ، و أنا لا أحب كشفه ، أتوجه للذي فطرني ، أسكب ضعفي بين يديه ، أسأله كل ما أعجز عنه ، أعني كل شيء ، تكاد تفيض روحي بين يديه ، تنسكب أدمعي : إليك أشكو ضعف قوتي و قلة حيلتي و هوان أمتي على الناس ، أنت رب المستضعفين و أنت ربي ، لا تكلنا لأنفسنا طرفة عين ، و لا تكلنا لعدو سقيم يقتات لحومنا و دماءنا ، نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات و الأرض و صلح به أمر الدنيا و الآخرة أن تنصرنا عليهم و أن تصلح لنا شأننا كله ، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك و لاحول و لا قوة إلا بك عدد خلقك و رضى نفسك و زنة عرشك و مداد كلماتك.
أعود إلى مكتبي ، يعود لي الفكر ، تربط الوزارة يداي بحزم و تطالبني بالعمل باقتدار ، عملي كخيالات السحّـار، المتناقضات : بسيط حد السذاجة .... خبيث حد اللؤم ، تسيل من أنيابه دماء أولادي ، أخرب مستقبلهم زعم أنني أبنيه ، ألفق لهم نجاحاً فأهدمه في الحقيقة ، الكل يقول افعلي ما تقدرين عليه فقط و لا عليك بالباقي ، الذي هو كل شيء ... أغير ما أغير فتأتي من تنقض ما أفعله .... تعيده لأصله ، يعشقون الأصالة ، أهدد بتركهم ، تأخذهم الحنية .... يرسم النفاق ألوانه : حبك مضمخ بالاحترام ، انظر إلى العيون فيموت الكلام .
يرسلني الزمان إلى البيت فقد طالت حصة الهم ، اخفض صوت الهم و أنا عند أختي ، طفلها الرضيع على صدر أمي ، شهرين من عمره في هذه الحياة ، لا يسكن لغير حضن أم رؤوم ، فنقتسم الأمر بيننا، حانت حصتي ، احمله ريثما تعد الطعام ، أمشي و أنا أرقيه ، تمتزج حرارة جسمه بحرارة جسمي ، يداخلني بعض ما يشكو منه.
تحضر أم يوسف ، تكاد تتقطع أنفاسها فقد نزلت بحثاً عني فلم تجدني في البيت ، هداها قلبها أنني حيث أنا ، في عينيها كل ما تريد قوله ، أعرفه دون أن تنطق ، طبعاً يوسف و امتحاناته ، قبل أن تنطق أعرض أن أساعد، بالتأكيد ، أحمل عنها هم عريض ، يوسف نبيه في اتجاه آخر ، يعييه أن يقرأ أو يكتب ، بالذات باللغات الأجنبية، و هل صارت كل مدارسنا إلا مدارساً للغات ، لا أدري أيمهدون لاستعمار جديد أم يهيأون الأولاد لخدمة محتل موجود ، لا شهادة بغير لغته و شعره وآدابه و فلسفته .... الخ !!
تحتل مقررات اللغات القسم الأكبر من اليوم و الطاقة و المال ، يتبقى وقت قصير للعلوم تدرس بلغتهم ، فتات معلّـب، لا عصير ، جفاف حد الموت ، لا يهم ستضع المدرسة الاِمتحان قرب فيّـه، تقول اشرب ، أفعلت ؟ رائع 99 % يا صغير ، أطلت الحديث مع الإداريات و المدرسات ، لم أقنع أحداً بتغيير مساره ، ربما حادثة في نهاية الطريق تزيل إحداهن من مكانها .... غالباً ما تحل مكانها توأمها ، خلعهن الله جميعاً عمّـا قريب .
حسناً سأجلس معه و هذا هم لا تعلمون مداه ، قياساً على ما مضى ، لعلها ساعة تلك التي تفلح في ترويض إرادة جامحة لطفل قائد ، إرادة صلبة ، بلا تصور واضح للاتجاه المنشود .
أبدأ القراءة ، بينما ذهنه تحتويه الثعابين ، يقاطعني ، أيمكن أن نفتح النت فننظر إليها ، أعِدُ جادة بذلك بعدما ننتهي من صفحة الكتاب ، تقطع كلماته ثالث كلمة أنطقها .
_ أيأذن مولاي لي بالكلام ؟
_ بل اسمعي سؤالي الخطير : أسمعت عن تلك الأفعى الخارقة التي ت*** من يقربها بسم تنفثه في وجهه ؟
_ أعيده إلى تصنيف الحيوانات إلى فقاريات و لافقاريات ، أؤكد وعدي ، أطالبه بالاِلتزام بالجزء الخاص به .
أبدأ القراءة ، تمر كلمتان ثم يأمر ثانية : لنلعب كرة اليد و الفورة من 10 و أنا الحكم و الهداف و المعلّـق و أنتِ ما يجعل كل هذا ممكناً.
_ تأخذ الحازمة الزمام ، تكشر عن أنيابها ، تقسم الوقت و توزع الأنصبة بالعدل .
موقع الكرة بعد صفحتين ، يطول الزمن فيهما ساعة ، تجري فلا أشعر بها ، أطويه في حضني ، أشغل تركيزه المشعث : نصفه مهترئ ، ربعه مشغول بأمر آخر ، نخرج من متاهة الجدل حول الثعابين فندخل دهاليز الكرة ، أرتب ، أفصل ، ربع ساعة كرة ، أختها في المذاكرة ، أعد طعامه ، أدفن الحمص في زيت الزيتون و الطحينة ، يستحسن طعمه ، و هو لا يستحسن من الطعام الكثير .
يسترسل أمام التلفزيون ، فأنزعه بالقوة الجبرية من أمامه ، يستاء مني ، لا يهمني ، قلمّـا نلت الاِستحسان ، فقط حين أحرز نتائجاً طيبة ، يمر ببالهم موضع الحق .
نعود لمهمتنا ، نقرأ و نكتب و نحفظ ، ننقد و نحلل و نربط المعلومات ، نناقش كل ما يخطر بباله، ننظم .. نفصل ، أسأله رأيه ، يسألني رأيي ، يعلو البشر وجهه إذ يسري الطعام الطيب في جوفه ، يزيد تركيزه ، نتحرك بسلاسة أكثر ، نقضي عدة ساعات على هذا النحو ، يستنفذ طاقة شبه مفقودة ، يتركني حطام ، لا أرغب في شيء ، لا بأس سيعيد النوم الحيوية لجسد مكدود، أمامها يوم آخر مغمور في هذا العته .
بعض هم نساء لا محور له سوى أبنائهن ، تغمرهن الأمومة فتتلاشى المرأة .
مفردات من كتاب الحياة ، أولى بالقراءة من منمقات أجهزة خلط الإعلام ، صورهم لفقها نابهون تصوروا الأمور على نحو ما ... تيار الحياة يخط لها مساراً مغايراً .
**************
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:25 PM.