جريدة الوفد : الأربعاء 10/12/2008
في التعليم*.. لا مركزية الحزب ومركزية الحكومة*! بقلم: د*. محمد نبيه الغريب
اللامركزية في التعليم تعني التفويض الفعال للسلطة إلي المؤسسة التعليمية ونشر فكر المشاركة المجتمعية في مجال التعليم*. واللامركزية لا تعد هدفاً* في حد ذاتها،* بل هي فلسفة وأداة تنموية لتمكين أصحاب الحقوق والمنتفعين من المشاركة في صنع واتخاذ القرارات المتعلقة بتنمية مجتمعاتهم بما يعود عليهم بالفائدة،* فاللامركزية معنية أساساً* بنقل السلطات والصلاحيات من المستويات المركزية إلي المستويات الأدني*. وغني عن القول فإن استقلالية الجامعات تعد شرطاً* أساسياً* لنجاح العملية التعليمية،* ولذلك ذهبت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالأمم المتحدة في دورتها الحادية والعشرين لسنة* 1999* في تعليقها العام رقم* 13* إلي أن الحق في التعليم لا يمكن التمتع به إلا إذا صحبته الاستقلالية والحرية الأكاديمية للعاملين والطلاب*. والاستقلال طبقاً* لتعريفها* »هو درجة من الحكم الذاتي لازمة لكي تتخذ مؤسسات التعليم العالي القرارات بفعالية بالنسبة للعمل الأكاديمي ومعاييره وإدارته وما يرتبط بذلك من أنشطة*«. وقد قال عميد الأدب العربي د*. طه حسين إنه* »لاينبغي لنا أن ننتظر تعليماً* صحيحاً* منتجاً* من جامعة لا يتمتع رجالها بالاستقلال والحرية*«. ومن وجهة نظري فإن استقلالية الجامعات لا تعني إنشاء دول داخل الدولة ولكنها استقلالية مالية وأكاديمية*. وباختصار فإن الاستقلالية الأكاديمية تعني تمكين الجامعة من وضع البرامج والمناهج والمقررات التعليمية وتطويرها باستمرار وفق التغيرات العلمية والتقنية واحتياجات المجتمع وبقرارات من إدارة الجامعة فقط ودون تدخل سلطات أخري من خارجها مثل المجلس الأعلي للجامعات ولجانه وقطاعاته،* وكذلك تمكين الجامعة من صياغة سياسة القبول بها وتحديد أعداد ومستويات الطلاب المقبولين بما يتفق مع السياسة المعلنة للجامعة وبدون تدخل سلطات خارجها،* وإعطاء الجامعة السلطة والإمكانات الضرورية لتمكينها من تطوير وإعادة تشكيل هياكل أعضاء هيئة التدريس بها والتخلص ممن لا يرقون إلي المستويات الأكاديمية التي تطمح إليها واستقطاب من ترغبهم من البارزين والأفذاذ*. أما الاستقلالية المالية فهي تعني إعطاء الجامعات الحق في البحث عن موارد من خلال المشاركة المجتمعية،* وهذا لا يعني عدم حصول الجامعات علي تمويل من الدولة،* بل علي العكس فإن مقدار التمويل الحكومي يعتمد علي مدي التزام الجامعة بتنفيذ استراتيجية الدولة*. ولقد سعدت بإعلان السيد جمال مبارك أمين السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي عن بدء تطبيق سياسات اللامركزية في التعليم للمرة الأولي في مصر مع بداية العام الدراسي الجديد في بعض محافظات مصر بهدف رفع كفاءة نظام التعليم عن طريق زيادة فاعلية المدرسة ودعم جودة التعليم وتوسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في العملية التعليمية وتعبئة الموارد المحلية لتلبية احتياجات العملية التعليمية المباشرة وتحقيق المساءلة المباشرة علي المستوي المحلي لضمان جودة الأداء*. وقد أكد السيد جمال مبارك أن الإطار التشريعي الحالي يسمح بأن نسير في لامركزية التعليم التي لن تنجح إلا بمشاركة حقيقية من المجتمع المحلي والمسئولين عن التعليم علي مستويات المدرسة والإدارة ويقينهم بأن نقل السلطة والموازنة المالية إليهم يواجهه تحمل مسئولية وزيادة في الكفاءة العملية*. وعلي الرغم من النصوص الواردة بالدستور والتي تنص علي* »تكفل الدولة استقلال الجامعات*« وتصريحات السيد أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني بتطبيق اللامركزية في التعليم،* إلا أنني صدمت حين اطلعت علي قرار رئيس وزراء مصر رقم* 1510* لسنة* 2007* والذي يتم التأكيد علي محتواه كل بضعة أشهر من خلال منشور يصدر من وزارة المالية وقد حمل آخر تلك المنشورات* (رقم* 9* والصادر في* 12*/* 10*/* 2008*) التنبيه علي الجامعات بعدم شراء العديد من الأشياء أذكر منها أجهزة الحاسب الآلي ومعدات التصوير*... إلخ*. إلا بعد أخذ موافقة الوزير المختص*!.. لذلك فإنني أتساءل هي مركزية ولا لامركزية؟ وفين استقلالية الجامعات وهل تلك القرارات تتمشي مع سياسة الحزب أم لا؟ ولماذا لم يصدر قرار من دولة رئيس الوزراء بتحديد مكافآت القيادات العليا للجامعات من الصناديق الخاصة إلا بعد موافقة الوزير المختص؟ مش كده ولا إيه؟
10-12-2008, 01:11 AM
الا مركزية فى التعليم
العرض الشجري
