الإستغفار باب عظيم

[سمير عبد اللطيف]

معلوم أنه في اللغة العربية يستخدم الفعل للدلالة على الحدوث و التجدد أما الإسم فإنه يستخدم للدلالة على الثبوت.


مثال 1

أحمد يتعلم ، أحمد متعلم

ففي الأولى دلالة على الحدوث و التجدد وأنه آخذ في سبيل التعلم

بخلاف الثانية فإنها تدل على أن هذا الأمر ثابت في أحمد وأن هذه الصفة تمكنت في صاحبها.


مثال2

فلان يحفظ ، فلان حافظ


يقول الحق سبحانه في سورة الأنفال :

وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ


والسؤال هنا لماذا ذكر الله سبحانه ليعذبهم مع
الرسول -صلى الله عليه وسلم- بينما ذكر معذبهم مع الاستغفار ؟


معذبهم
وذلك أنه جعل الاستغفار
مانعًا ثابتًا من العذاب
بخلاف بقاء الرسول بينهم فإنه -أي العذاب - موقوت ببقائه بينهم صلى الله عليه وآله وسلم .

فذكر الحالة الثابتة بالصيغة الاسمية والحالة الموقوتة بالصيغة الفعلية وهو نظير قوله تعالى:

وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ
القصص59

فالظلم من الأسباب الثابتة في إهلاك الأمم فجاء بالصيغة الاسمية للدلالة على الثبات.

ثم انظر كيف جاءنا بالظلم بالصيغة الاسمية أيضًا دون الفعلية فقال: وأهلها ظالمون)
ولم يقل :
يظلمون
وذلك معناه أن الظلم كان وصفًا ثابتًا لهم مستقرًا فيهم غير طارئ عليهم فاستحقوا الهلاك بهذا الوصف السيء.


فانظر كيف ذكر أنه يرفع العذاب عنهم باستغفارهم
ولو لم يكن وصفًا ثابتًا فيهم، فإنه جاء بالاستغفار بالصيغة الفعلية يستغفرون
وجاء بالظلم بالصيغة الاسمية ظالمون
فانظر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى بخلقه .

انظروا إلى عظمة هذا الكتاب العزيز إنه كلام رب العالمين .

ثم انظروا إلى رحمة الله سبحانه بعباده حيث أنه لا يعذب الناس إلا إذا كان الظلم ثابتًا متأصلًا فيهم بينما يرفع عنهم العذاب بمجرد أنهم يستغفرونه إستغفارًا غير ثابت.

ولم يجعل ثبوت الاستغفار في الناس شرطًا أساسيًا لرفع العذاب.