اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-01-2010, 07:17 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي التعريف بعالم الجن والشياطين

التعريف بعالم الجن والشياطين
الجن عالم مستقل :
الجن عالم غير عالم الإنسان وعالم الملائكة ، بينهم وبين الإنسان قدر مشترك من حيث الاتصاف بصفة العقل والإدراك ، ومن حيث القدرة على اختيار طريق الخير والشر، ويخالفون الإنسان في أمور أهمها أن أصل الجان مخالف لأصل الإنسان .
لماذا سمّوا جنّاً :
وسمو جنّاً لاجتنانهم ، أي : استتارهم عن العيون ، قال ابن عقيل : " إنما سمّي الجن جنّاً لاجتنانهم واستتارهم عن العيون ، ومنه سمي الجنين جنيناً ، وسمّي المجنّ مجناً لستره للمقاتل في الحرب " (1) .
وجاء في محكم التنزيل : ( إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ) [ الأعراف : 27 ] .
أصلهم وخلقهم
المطلب الأول
أصلهم الذي منه خلقوا
أخبرنا الله – جلّ وعلا – أن الجنّ قد خُلقوا من النار في قوله : ( وَالْجَآنَّ خلقناه من قبل من نّار السَّموم ) [ الحجر : 27 ] ، وفي سورة الرحمن : ( وخلق الجانَّ من مَّارجٍ من نَّارٍ ) [ الرحمن : 15 ] . وقد قال ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن وغير واحد في قوله : ( مَّارجٍ من نَّارٍ ) : طرف اللهب ، وفي رواية : من خالصه وأحسنه (2) : وقال النووي في شرحه على مسلم : " المارج : اللهب المختلط بسواد النار " (3) .
وفي الحديث الذي أخرجه مسلم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خلقتْ الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم ) (4) .
المطلب الثاني
ابتداء خلقهم
لا شك أن خلق الجن متقدم على خلق الإنسان ؛ لقوله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان من صلصالٍ من حَمَإٍ مَّسنونٍ – والجآنَّ خلقناه من قبل من نَّار السَّموم ) [ الحجر : 26-27 ] ، فقد نصّ في الآية أن الجان مخلوق قبل الإنسان . ويرى بعض السابقين أنهم خلقوا قبل الإنسان بألفي عام ، وهذا لا دليل عليه من كتاب ولا سنّة .
المطلب الثالث
صفة خلقة الجن
نحن لا نعرف من خلقتهم وصورهم وحواسهم إلا ما عرفنا الله منها ، فنعلم أن لهم قلوباً قال تعالى : ( ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ ) [الأعراف : 179] .
فقد صرح – تبارك وتعالى – بأن للجن قلوباً ، وأعيناً وآذاناً ، وللشيطان صوتاً ، لقولـه تعالى : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك ) [ الإسراء : 64 ] . وثبت في الأحاديث أن للشيطان لساناً ، وأن الجان يأكلون ، ويشربون ، ويضحكون ، وغير ذلك مما تجده مبثوثاً في هذا الكتاب .
المطلب الرابع
أسماء الجن في لغة العرب وأصنافهم
قال ابن عبد البر : " الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان على مراتب :
1- فإذا ذكروا الجن خالصاً قالوا : جنّي .
2- فإذا أرادوا أنه مما يسكن مع الناس ، قالوا : عامر ، والجمع : عمّار .
3- فإن كان مما يعرض للصبيان قالوا : أرواح .
4- فإن خبث وتعرض ، قالوا : شيطان .
5- فإن زاد على ذلك ، فهو مارد .
6- فإن زاد على ذلك وقوي أمره ، قالوا : عفريت ، والجمع : عفاريت " (5) .
وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنّ ( الجن ثلاثة أصناف : فصنف يطير في الهواء ، وصنف حيّات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) . رواه الطبراني ، والحاكم ، والبيهقي في الأسماء والصفات ، بإسناد صحيح (6) .
--------------------------------
(1) آكام المرجان في أحكام الجان : ص7 .
(2) البداية والنهاية : 1/59 .
(3) شرح النووي على مسلم : 18/123 .
(4) صحيح مسلم : 4/2294 . ورقمه : 2996 .
(5) آكام المرجان : 8 .
(6) صحيح الجامع : 3/85 .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-01-2010, 07:26 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

إثبات وجود الجن
المطلب الأول
لا مجال للتكذيب بعالم الجن
أنكرت قلة من الناس وجود الجنّ إنكاراً كلياً ، وزعم بعض المشركين : أن المراد بالجن أرواح الكواكب (1) .
وزعمت طائفة من الفلاسفة : أن المراد بالجن نوازع الشر في النفس الإنسانية وقواها الخبيثة ، كما أن المراد بالملائكة نوازع الخير فيها (2) .
وزعم فريق من المحْدَثين ( بفتح الدال المخففة ) : أن الجن هم الجراثيم والميكروبات التي كشف عنها العلم الحديث .
وقد ذهب الدكتور محمد البهي إلى : أن المراد بالجن الملائكة ، فالجن والملائكة عنده عالم واحد لا فرق بينهما ، ومما استدل به : أن الملائكة مستترون عن الناس ، إلا أنه أدخل في الجن من يتخفى من عالم الإنسان في إيمانه وكفره ، وخيره وشره (3) .
عدم العلم ليس دليلاً :
وغاية ما عند هؤلاء المكذبين أنه لا علم عندهم بوجودهم ، وعدم العلم ليس دليلاً (4) ، وقبيح بالعاقل أن ينفي الشيء لعدم علمه بوجوده، وهذا مما نعاه الله على الكفرة : ( بل كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) [ يونس : 39] . وهذه المخترعات الحديثة التي لا يستطيع أحد أن يكابر فيها ، أكان يجوز لإنسان عاش منذ مئات السنين أن ينكر إمكان حصولها لو أخبره صادق بذلك ؟ وهل عدم سماعنا للأصوات التي يعج بها الكون في كل مكان دليل على عدم وجودها ، حتى إذا اخترعنا ( الراديو ) ، واستطاع التقاط ما لا نسمع بآذاننا صدقنا بذلك ؟!
يقول الأستاذ سيد قطب – رحمه الله – في ظلاله متحدثاً عن النفر من الجن الذين صرفهم الله إلى رسوله ، فاستمعوا منه القرآن .
" إنَّ ذكر القرآن لحادث صَرْفِ نفر من الجن ليستمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكاية ما قالوا وما فعلوا ، هذا وحده كافٍ بذاته لتقرير وجود الجن ، ولتقرير وقوع الحادث ، ولتقرير أنّ الجن هؤلاء يستطيعون أن يستمعوا للقرآن بلفظه العربي المنطوق ، كما يلفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولتقرير أن الجن خلق قابلون للإيمان وللكفران ، مستعدون للهدى وللضلال ، وليس هنالك من حاجة إلى زيادة تثبيت أو توكيد لهذه الحقيقة ، فما يملك إنسـان أن يزيد الحقيقة التي يقررها سبحانه ثبوتاً .
ولكنّا نحاول إيضاح هذه الحقيقة في التصور الإنساني .
إنّ هذا الكون من حولنا حافل بالأسرار ، حافل بالقوى والخلائق المجهولة لنا كنهاً وصفةً وأثراً ، ونحن نعيش في أحضان هذه القوى والأسرار ، نعرف منها القليل ، ونجهل منها الكثير ، وفي كل يوم نكشف بعض هذه الأسرار ، وندرك بعض هذه القوى ، ونتعرف إلى بعض هذه الخلائق تارة بذواتها ، وتارة بصفاتها ، وتارة بمجرد آثارها في الوجود من حولنا .
ونحن ما نزال في أول الطريق ، طريق المعرفة لهذا الكون ، الذي نعيش نحن وآباؤنا وأجدادنا ، ويعش أبناؤنا وأحفادنا ، على ذرة من ذراته الصغيرة ؛ هذا الكوكب الأرضي الذي لا يبلغ أن يكون شيئاً يذكر في حجم الكون أو وزنه !
وما عرفنا اليوم – ونحن في أول الطريق – يُعدّ بالقياس إلى معارف البشرية قبل خمسة قرون فقط عجائب أضخم من عجيبة الجن ، ولو قال قائل للناس قبل خمسة قرون عن شيء من أسرار الذرة التي نتحدث عنها اليوم ، لظنه مجنوناً ، أو لظنوه يتحدث عما هو أشد غرابة من الجن قطعاً !
ونحن نعرف ونكشف في حدود طاقتنا البشرية ، المعدة للخلافة في هذه الأرض ، ووفق مقتضيات هذه الخلافة ، وفي دائرة ما سَخّرَه الله لنا ؛ ليكشف لنا عن أسراره ، وليكون لنا ذلولاً ، كيما نقوم بواجب الخلافة في الأرض ، ولا تتعدى معرفتنا وكشوفنا في طبيعتها وفي مداها مهما امتد بنا الأجل – أي بالبشرية – ومهما سُخّر لنا من قوى الكون ، وكُشِفَ لنا من أسراره – لا تتعدى تلك الدائرة ؛ ما نحتاج إليه للخلافة في هذه الأرض ، وفق حكمة الله وتقديره .
وسنكشف كثيراً ، وسنعرف كثيراً ، وستتفتح لنا عجائب من أسرار هذا الكون وطاقاته ، مِمّا قد تعدّ أسرار الذرة بالقياس إليه لعبة أطفال ! ولكننا سنظل في حدود الدائرة المرسومة للبشر في المعرفة ، وفي حدود قول الله سبحانه : ( وما أوتيتم من العلم إلاَّ قليلاً ) [ الإسراء : 85 ] قليلاً بالقياس إلى ما في هذا الوجود من أسرار وغيوب لا يعلمها إلا خالقه وَقَيّومه ، وفي حدود تمثيله لعلمه غير المحدود ، ووسائل المعرفة البشرية المحدودة بقوله : ( ولو أنَّما في الأرض من شجرةٍ أقلامٌ والبحر يمدُّه من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) [ لقمان : 27 ] .
فليس لنا والحالة هذه أن نجزم بوجود شيء أو نفيه ، وبتصوره أو عدم تصوره ، من عالم الغيب والمجهول ، ومن أسرار هذا الوجود وقواه ، لمجرد أنه خارج عن مألوفنا العقلي ، أو تجاربنا المشهودة ، ونحن لم ندرك بعد كل أسرار أجسامنا وأجهزتها وطاقاتها ، فضلاً عن إدراك أسرار عقولنا وأرواحنا !
وقد تكون هنالك أسرار ، ليست داخلة في برنامج ما يُكشَف لنا عنه أصلاً ، وأسرار ليست داخلة في برنامج ما يُكْشَف لنا عن كنهه ، فلا يُكْشَف لنا إلا عن صفته أو أثره ، أو مجرد وجوده ؛ لأن هذا لا يفيدنا في وظيفة الخلافة في الأرض .
فإذا كَشَفَ الله لنا عن القدر المقسوم لنا من هذه الأسرار والقوى ، عن طريق كلامه – لا عن طريق تجاربنا ومعارفنا الصادرة من طاقتنا الموهوبة لنا من لدنه أيضاً – فسبيلنا في هذه الحالة أن نتلقّى هذه الهبة بالقبول والشكر والتسليم ، نتلقاها كما هي ، فلا نزيد عليها ، ولا ننقص منها ؛ لأن المصدر الوحيد الذي نتلقّى عنه مثل هذه المعرفة لم يمنحنا إلا هذا القدر بلا زيادة ، وليس هنالك مصدر آخر نتلقى عنه مثل هذه الأسرار ! " .
والقول الحق أن الجن عالم ثالث غير الملائكة والبشر ، وأنهم مخلوقات عاقلة واعية مدركة ، ليسوا بأعراض ولا جراثيم ، وأنهم مكلفون مأمورون منهيون .
المطلب الثاني
الأدلة الدالة على وجود الجن
1- وجودهم معلوم من الدين بالضرورة :
يقول ابن تيمية (5) : " لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن ، ولا في أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إليهم ، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن . أمّا أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، فهم مقرّون بهم كإقرار المسلمين ، وإن وجد فيهم من ينكر ذلك ، كما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك ... كالجهمية والمعتزلة ، وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرّين بذلك .
وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواتراً معلوماً بالضرورة ، ومعلوم بالضرورة أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة ، بل مأمورون منهيون ، ليسوا صفات وأعراضاً قائمة بالإنسان أو غيره ، كما يزعمه بعض الملاحدة ، فلما كان أمر الجن متواتراً عن الأنبياء تواتراً تعرفه العامة والخاصة ، فلا يمكن لطائفة من المنتسبين إلى الرسل الكرام أن تنكرهم " .
وقال أيضاً : " جميع طوائف المسلمين يقرون بوجود الجن ، وكذلك جمهور الكفار كعامة أهل الكتاب ، وكذلك عامة مشركي العرب وغيرهم من أولاد حام ، وكذلك جمهور الكنعانيين واليونان من أولاد يافث ، فجماهير الطوائف تقرّ بوجود الجن " (6) .
وذكر إمام الحرمين : " أن العلماء أجمعوا في عصر الصحابة والتابعين على وجود الجن والشياطين ، والاستعاذة بالله تعالى من شرورهم ، ولا يراغم هذا الاتفاق متدين متشبث بمسكة من الدين " (7) .
2- النصوص القرآنية والحديثية :
جاءَت نصوص كثيرة تقرر وجودهم كقوله تعالى : ( قل أوحي إليَّ أنَّه استمع نفرٌ من الجن ) [ الجن : 1 ] ، وقوله : ( وأنَّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً ) [ الجن : 6 ] . وهي نصوص كثيرة ذكرنا غالبها في ثنايا هذه الرسالة ، وإن كانت كثرتها وشهرتها تغني عن ذكرها .
3- المشاهدة والرؤية :
كثير من الناس في عصرنا وقبل عصرنا شاهد شيئاً من ذلك ، وإن كان كثير من الذين يشاهدونهم ويسمعونهم لا يعرفون أنهم جنّ ؛ إذ يزعمون أنّهم أرواح ، أو رجال الغيب ، أو رجال الفضاء ...
وأصدق ما يروى في هذا الموضع رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم للجن ، وحديثه معهم ، وحديثهم معه ، وتعليمه إياهم ، وتلاوته القرآن عليهم ، وسيأتي ذكر ذلك في مواضعه .
رؤية الحمار والكلب للجن :
إذا كنا لا نرى الجن فإنّ بعض الأحياء يرونهم كالحمار والكلب ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا سمعتم صياح الديكة ، فاسألوا الله من فضله ، فإنها رأت ملكاً ، وإذا سمعتم نهيق الحمار ، فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنه رأى شيطاناً ) (8) .
وروى أبو داود عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا سمعتم نباح الكلب ونهيق الحمار ، فتعوذوا بالله ، فإنهن يرون ما لا ترون ) (9) .
ورؤية الحيوان لما لا نرى ليس غريباً ، فقد تحقق العلماء من قدرة بعض الأحياء على رؤية ما لا نراه ، فالنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية ، ولذلك فإنّه يرى الشمس حال الغيم ، والبومة ترى الفأر في ظلمة الليل البهيم ....
المطلب الثالث
الرد على الذين يزعمون أن الجن هم الملائكة
سبق أن ذكرنا الحديث الذي يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أن الملائكة خلقوا من نور ، وأن الجن خلقوا من نار ) ، ففرق الرسول صلى الله عليه وسلم بين الأصلين ، وهذا يدل على أنهما عالمان لا عالماً واحداً .
ومن نظر في النصوص المتحدثة عن الملائكة والجن ، أيقن بالفرق الكبير بينهما ، فالملائكة لا يأكلون ولا يشربون ، ولا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون ، والجن يكذبون ويأكلون ويشربون ، ويعصون ربهم ، ويخالفون أمره .
نعم هما عالمان محجوبان عنا ، لا تدركهما أبصارنا ، ولكنهما عالمان مختلفان في أصلهما وصفاتهما .
--------------------------------
(1) مجموع الفتاوى : 24/280 .
(2) مجموع الفتاوى : 4/346 .
(3) تفسير سورة الجن : ص 8 .
(4) ليس لهم أن يحتجوا بما ثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه كان ينكر مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم للجن وتكليمهم له ، فإن إنكاره هنا للمشافهة لا للجن ، ومع ذلك فغير ابن عباس كابن مسعود – يثبت مشافهة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم. ومن حفظ حجة على من لم يحفظ .
(5) مجموع الفتاوى : 19/10 .
(6) مجموع الفتاوى 19/13 .
(7) آكام المرجان : ص 4 .
(8) رواه البخاري : 6/350 . ورقمه : 3303 . ورواه مسلم : 4/2092 . ورقمه : 2729 . وأبو داود في سننه . انظر صحيح سنن أبي داود : 3/961 . ورقمه : 4255 .
(9) صحي سنن أبي داود : 3/961 . ورقمه : 4256 .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 26-01-2010, 07:27 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

الشيطان والجان
المطلب الأول
التعريف بالشيطان
الشيطان الذي حدثنا الله عنه كثيراً في القرآن من عالم الجنّ ، كان يعبد الله في بداية أمره ، وسكن السماء مع الملائكة ، ودخل الجنة ، ثمّ عصى ربه عندما أمره أن يسجد لآدم ، استكباراً وعلواً ، فطرده الله من رحمته .
والشيطان في لغة العرب يطلق على كل عاتٍ متمرد ، وقد أطلق على هذا المخلوق لعتوّه وتمرده على ربّه ( شيطان ) . وأطلق عليه لفظ ( الطاغوت ) : ( الَّذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والَّذين كفروا يقاتلون في سبيل الطَّاغوت فقاتلوا أولياء الشَّيطان إنَّ كيد الشَّيطان كان ضعيفاً ) [ النساء : 76 ] . وهذا الاسم معلوم عند غالبية أمم الأرض باللفظ نفسه ، كما يذكر العقاد في كتابه ( إبليس ) ، وإنما سمي طاغوتاً لتجاوزه حده ، وتمرده على ربه ، وتنصيبه نفسه إلهاً يعبد .
وقد يئس هذا المخلوق من رحمة الله ، ولذا أسماه الله ( إبليس ) . والَبَلَس في لغة العرب : من لا خير عنده ، وأبلس : يئس وتحيّر .
والذي يطالع ما جاء في القرآن والحديث عن الشيطان يعلم أنه مخلوق يعقل ويدرك ويتحرك و .... ، وليس كما يقول بعض الذين لا يعلمون : " إنه روح الشّر متمثلة في غرائز الإنسان الحيوانية التي تصرفه – إذا تمكنت من قلبه – عن المثل الروحية العليا " (1) .
المطلب الثاني
أصل الشيطان
سبق القول أن الشيطان من الجن ، وقد نازع في هذه المسألة بعض المتقدمين والمتأخرين ، وحجتهم في ذلك قوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) [ البقرة : 34 ] . وهذه الآية وأمثالها يستثني الله فيها إبليس من الملائكة ، والمستثنى لا يكون إلا من جنس المستثنى منه عادة .
وقد نقلت لنا كتب التفسير والتاريخ أقوال عدد من العلماء ، يذكرون أن إبليس كان من الملائكة ، وأنه كان خازناً للجنة ، أو للسماء الدنيا ، وأنه كان من أشرف الملائكة ، وأكرمهم قبيلة .... إلى آخر تلك الأقوال .
قال ابن كثير : " وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف ، وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها ، والله أعلم بحال كثير منها ، ومنها ما يقطع بكذبه ؛ لمخالفته للحقّ الذي بأيدينا .
وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة ؛ لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان ، وقد وضع فيها أشياء كثيرة ، وليس لهم من الحفّاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالبين ، وانتحال المبطلين ، كما لهذه الأمة من الأئمة ، والعلماء ، والسادة ، والأتقياء ، والبررة ، والنجباء من الجهابذة النقاد ، والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث ، وحرروا وبينوا صحيحه ، من حسنه ، من ضعيفه ، من منكره ، وموضوعه ، ومتروكه ، ومكذوبه ، وعرفوا الوضاعين ، والكذابين ، والمجهولين ، وغير ذلك من أصناف الرجال . كل ذلك صيانة للجناب النبوي ، والمقام المحمدي خاتم الرسل ، وسيد البشر – صلى الله عليه وسلم – أن ينسب إليه كذب ، أو يحدث عنه بما ليس فيه " (2) .
وما احتجوا به من أن الله استثنى إبليس من الملائكة ... ليس دليلاً قاطعاً ، لاحتمال أن يكون الاستثناء منقطعاً ، بل هو كذلك حقا ، للنصّ على أنّه من الجن في قوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه ...) [ الكهف : 50 ] .
وقد ثبت لدينا بالنص الصحيح أن الجن غير الملائكة والإنس ، فقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( أن الملائكة خلقوا من نور ، وأن الجن خلقوا من مارج من نار ، وأن آدم خلق من طين ) . والحديث في صحيح مسلم .
قال الحسن البصري : " لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين " (3) . والذي حققه ابن تيمية : " أن الشيطان كان من الملائكة باعتبار صورته ، وليس منهم باعتبار أصله ، ولا باعتبار مثاله " (4) .
هل الشيطان أصل الجن أم واحد منهم ؟
ليس لدينا نصوص صريحة تدلنا على أن الشيطان أصل الجن ، أو واحد منهم ، وإن كان هذا الأخير أظهر لقوله : ( إلاَّ إبليس كان من الجن ) [ الكهف : 50 ] .
وابن تيمية رحمه الله يذهب إلى أن الشيطان أصل الجن ، كما أنّ آدم أصل الإنس (5) .
المطلب الثالث
قبح صورة الشيطان
الشيطان قبيح الصورة ، وهذا مستقر في الأذهان ، وقد شبه الله ثمار شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم برؤوس الشياطين ، لما علم من قبح صورهم وأشكالهم ( إنَّها شجرةٌ تخرج في أصل الجحيم – طلعها كأنَّه رُؤُوسُ الشَّياطين ) [ الصافات :64-65] .
وقد كان النصارى في القرون الوسطى يصورون الشيطان على هيئة رجل أسود ذي لحية مدببة ، وحواجب مرفوعة ، وفم ينفث لهباً ، وقرون وأظلاف وذيل (6) .
المطلب الرابع
الشيطان له قرنان
في صحيح مسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تَحَرّوا بصلاتكم طلوع الشمس ، ولا غروبها ، فإنّها تطلع بقرني شيطان ) (7) .
وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا طلع حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تبرز الشمس ، وإذا غاب حاجب الشمس فأخروا الصلاة حتى تغيب ، ولا تَحَيُّنوا بصلاتكم طلوع الشمس ، ولا غروبها ، فإنّها تطلع بين قرني شيطان ) (8) .
والمعنى أن طوائف المشركين كانوا يعبدون الشمس ، ويسجدون لها عند طلوعها ، وعند غروبها ، فعند ذلك ينتصب الشيطان في الجهة التي تكون فيها الشمس ، حتى تكون عبادتهم له .
وقد جاء هذا مصرحاً به في صحي مسلم ، فقد سأل عمرو بن عبسة السلمي الرسول عن الصلاة . فقال صلى الله عليه وسلم : ( صل صلاة الصبح ، ثم أقصر الصلاة حتى تطلع الشمس ، حتى ترتفع ، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار ، ثمّ صلَّ ، فإن الصلاة مشهودة محضورة ) .
ثم نهاه عن الصلاة بعد العصر ( حتى تغرب الشمس ، فإنها تغرب بين قرني شيطان ، وحينئذٍ يسجد لها الكفار ) (9) .
وقد نهينا عن الصلاة في هذين الوقتين ، والصحيح أن الصلاة في هذين الوقتين جائزة ، إذا كان لها سبب كتحية المسجد ، ولا تجوز بلا سبب كالنفل المطلق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَحَيّنوا ) ؛ أي لا تتقصدوا .
ومما ورد فيه ذكر قرن الشيطان حديث البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى المشرق ، فقال : ( ها إنَّ الفتنة هاهنا ، إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان ) (10) . والمراد بقوله : ( حين يطلع الشيطان ) ؛ أي جهة الشرق .
--------------------------------
(1) دائرة المعارف الحديثة : ص357 .

(2) تفسير ابن كثير : 4/397 .
(3) البداية والنهاية : 1/79 .
(4) مجموع الفتاوى : 4/346 .
(5) راجع مجموع الفتاوى : 4/235 ، 346 .
(6) دائرة المعارف الحديثة : 357 .
(7) صحيح مسلم : 1/567 . ورقمه : 828 .
(8) رواه البخاري : 6/335 . ورقمه : 3272 ، 3273 . ورواه مسلم إلى قوله : (حتى تغيب) : 1/568 .ورقمه : 829 .
(9) رواه مسلم : 1/569 ، ورقمه : 832 .
(10) رواه البخاري : 6/336 . ورقمه : 3279 .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 26-01-2010, 07:29 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

طعام الجن وشرابهم ونكاحهم
المطلب الأول
طعامهم وشرابهم
الجن – والشيطان منهم – يأكلون ويشربون ، ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي – صل الله عليه وسلم – أمره أن يأتيه بأحجار يستجمر بها وقال له : ( ولا تأتيني بعظم ولا روثة ) ، ولما سأل أبو هريرة الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك عن سرّ نهيه عن العظم والروثة ، قال : ( هما من طعام الجن ، وإنّه أتاني وفد جن نصيبين – ونعم الجن – فسألوني الزاد ، فدعوت الله لهم : أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعماً ) (1) .
وفي سنن الترمذي بإسناد صحيح عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تستنجوا بالروث ، ولا بالعظام ، فإنّه زاد إخوانكم من الجن ) (2) .
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتاني داعي الجن ، فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن ) ، قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم ، وسألوه الزاد فقال : ( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم ، أوفر ما يكون لحماً ، وكل بعرة علفٌ لدوابكم ) . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم ) (3) .
وكون الروث طعاماً للجن أو لدوابهم ليس العلة الوحيدة للنهي عن الاستنجاء بالروث ، فقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم علة أخرى ، فقد صرح بأن الروث رجس (4) .
وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّ الشيطان يأكل بشماله ، وأمرنا بمخالفته في ذلك ، روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أكل فليأكل بيمينه ، وإذا شرب فليشرب بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ) (5) .
وفي صحيح مسلم : ( إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه ، قال الشيطان : لا مبيت لكم ولا عشاء ، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله ، قال الشيطان : أدركتم المبيت ، وإذا لم يذكر الله عند طعامه ، قال : أدركتم المبيت والعشاء ) (6) . ففي هذه النصوص دلالة قاطعة على أن الشياطين تأكل وتشرب .
وكما أن الإنس منهيون عن أكل ما لم يذكر اسم الله عليه من اللحوم ، فكذلك الجن المؤمنون جعل لهم الرسول صلى الله عليه وسلم طعاماً كل عظم ذكر اسم الله عليه ، فلم يبح لهم متروك التسمية ، ويبقى متروك التسمية لشياطين كفرة الجن ، فإن الشياطين يستحلون الطعام إذا لم يذكر عليه اسم الله ، ولأجل ذلك ذهب بعض العلماء إلى أن الميتة طعام الشياطين ؛ لأنه لم يذكر اسم الله عليها .
واستنتج ابن القيم من قوله تعالى : ( إنَّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشَّيطان ) [ المائدة : 90 ] أن المسكر شراب الشيطان ، فهو يشرب من الشراب الذي عمله أولياؤه بأمره ، وشاركهم في عمله ، فيشاركهم في شربه ، وإثمه وعقوبته .
ويدل على صحة استنتاج ابن القيم ما رواه النسائي عن عبد الله بن يزيد قال : كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " أما بعد : فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان ؛ فإن له اثنين ، ولكم واحد " (7) .
المطلب الثاني
تزاوج الجن وتكاثرهم
الذي يظهر أن الجن يقع منهم النكاح ، وقد استدل بعض العلماء على ذلك بقوله تعالى في أزواج أهل الجنة : ( لم يَطْمِثْهُنَّ إنسٌ قبلهم ولا جانٌّ ) [ الرحمن : 56 ] . والطمث في لغة العرب : الجماع ، وقيل هو الجماع الذي يكون معه تدمية تنتج عن الجماع .
وذكر السفاريني حديثاً يحتاج إلى نظر في إسناده ، يقول : ( إن الجن يتوالدون ، كما يتوالد بنو آدم ، وهم أكثر عدداً ) (8) .
وسواء أصح هذا الحديث أم لم يصح ، فإن الآية صريحة في أن الجن يتأتى منهم الطمث ، وحسبنا هذا دليلاً .
وأخبرنا ربنا أن الشيطان له ذرية ، قال تعالى مبكتاً عباده الذين يتولون الشيطان وذريته : ( أفتتخذونه وذريَّته أولياء من دوني وهم لكم عدو ) [ الكهف : 50 ] ، وقال قتادة : " أولاد الشيطان يتوالدون كما يتوالد بنو آدم ، وهم أكثر عدداً " (9) .
المطلب الثالث
دعوى بعض أهل العلم أن الجن لا يأكلون
ولا يشربون ولا يتناكحون
وقد زعم قوم أن الجن لا يأكلون ولا يشربون ، ولا يتناكحون ، وهذا القول تبطله الأدلة التي سقناها من الكتاب والسنة .
وذكر بعض العلماء أن الجن أنواع : منهم من يأكل ويشرب ، ومنهم من ليس كذلك ؛ يقول وهب بن منبه : " الجنّ أجناس ، فأمّا خالص الجن فهم ريح لا يأكلون ، ولا يشربون ، ولا يموتون ، ولا يتوالدون ، ومنهم أجناس يأكلون ، ويشربون ، ويتوالدون ، ويتناكحون ، ويموتون ، قال : وهي هذه السعالي والغول وأشباه ذلك " . أخرجه ابن جرير (10) .
وهذا الذي ذكره وهب يحتاج إلى دليل ، ولا دليل .
وقد حاول بعض العلماء الخوض في الكيفية التي يأكلون بها ، هل هو مضغ وبلع ، أو تشمم واسترواح ، والبحث في ذلك خطأ لا يجوز ؛ لأنّه لا علم لنا بالكيفية ، ولم يخبرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بها .
المطلب الرابع
زواج الإنس من الجن (11)
لا زلنا نسمع أن فلاناً من الناس تزوج جنية ، أو أن امرأة من الإنس خطبها جني ، وقد ذكر السيوطي آثاراً وأخباراً عن السلف والعلماء تدل على وقوع التناكح بين الإنس والجن (12) . يقول ابن تيمية (13) : " وقد يتناكح الإنس والجن ويولد بينهما ولد ، وهذا كثير معروف " .
وعلى فرض إمكان وقوعه فقد كرهه جمع من العلماء كالحسن وقتادة والحكم وإسحاق . والإمام مالك – رحمه الله – لا يجد دليلاً ينهى عن مناكحة الجن ، غير أنّه لم يستحبه ، وعلل ذلك بقوله : " ولكني أكره إذا وجدت امرأة حاملاً فقيل من زوجك ؟ قالت : من الجن ، فيكثر الفساد " (14) .
وذهب قوم إلى المنع من ذلك ، واستدلوا على مذهبهم بأنّ الله امتنّ على عباده من الإنس بأنّه جعل لهم أزواجاً من جنسهم : ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مَّوَدَّةً ورحمة ً ) [ الروم : 21 ] .
فلو وقع فلا يمكن أن يحدث التآلف والانسجام بين الزوجين لاختلاف الجنس ، فتصبح الحكمة من الزواج لاغية ؛ إذ لا يتحقق السكن والمودة المشار إليهما في الآية الكريمة .
وعلى كلٍّ فهذه مسألة يزعم بعض الناس وقوعها في الحاضر والماضي ، فإذا حدثت فهي شذوذ ، قلما يسأل فاعلها عن حكم الشرع فيها ، وقد يكون فاعلها مغلوباً على أمره لا يمكنه أن يتخلص من ذلك .
ومما يدل على إمكان وقوع التناكح بين الإنس والجن قوله تعالى في حور الجنة : ( لم يَطْمِثْهُنَّ إنسٌ قبلهم ولا جانٌّ ) [ الرحمن : 56 ] ، فدلت الآية على صلاحيتهن للإنس والجن على حد سواء .
--------------------------------
(1) رواه البخاري : 7/171 . ورقمه : 3860 . والطعم : الطعام . قال ابن حجر ( فتح الباري : 7/73 ) : " في رواية السرخسي : ( إلا وجدوا عليها طعاماً ) .
(2) صحيح سنن الترمذي : 1/8 . ورقمه : 17 .
(3) رواه مسلم : 1/332 . ورقمه : 450 . صحيح سنن الترمذي : 3/104 . ورقمه :2595 . إذا كنّا نهينا عن إفساد طعام الجن فيحرم علينا من باب أولى إفساد طعام الإنس .
(4) هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه : 1/256 . ورقمه : 156 .
(5) رواه مسلم : 3/1598 . ورقمه : 2020 .
(6) صحيح مسلم : 3/1598 . ورقمه : 2018 .
(7) صحيح سنن النسائي : 3/1154 . ورقمه : 5275 .
(8) رواه ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ في : العظمة ، عن قتادة .
(9) لقط المرجان : ص51 .
(10) لوامع الأنوار : 2/222 .
(11) إن شئت التوسع في هذه المسألة فارجع إلى آكام المرجان : ص66 .
(12) لقط المرجان : ص53 .
(13) مجموع الفتاوى : 19/39 .
(14) آكام المرجان : ص67 .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26-01-2010, 07:30 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

أعمار الجن وموتهم
لا شك أن الجن – ومنهم الشياطين – يموتون ؛ إذ هم داخلون في قوله تعالى : ( كلٌّ من عليها فانٍ – ويبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام – فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان ) [ الرحمن : 26-28 ] .
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( أعوذ بعزتك ، الذي لا إله إلا أنت ، الذي لا يموت ، والجن والإنس يموتون ) (1) .
أما مقدار أعمارهم فلا نعلمها ، إلا ما أخبرنا الله عن إبليس اللعين ، أنه سيبقى حيّاً إلى أن تقوم الساعة : ( قال أنظرني إلى يوم يبعثون – قال إنَّك من المنظرين ) [ الأعراف : 14-15 ] .
أما غيره فلا ندري مقدار أعمارهم ، إلا أنهم أطول أعماراً من الإنس .
ومما يدّل على أنهم يموتون أن خالد بن الوليد قتل شيطانة العزى ، ( الشجرة التي كانت تعبدها العرب ) ، وأن صحابياً قتل الجني الذي تمثل بأفعى ، كما سيأتي بيانه .
--------------------------------
(1) رواه مسلم في صحيحه : 4/1906 . ورقمه : 2451 .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 26-01-2010, 07:30 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

مساكن الجن ومجالسهم وأماكنهم
الجن يسكنون هذه الأرض التي نعيش فوقها ، ويكثر تجمعهم في الخراب والفلوات ، ومواضع النجاسات كالحمامات والحشوش والمزابل والمقابر ، ولذلك – كما يقول ابن تيمية – يأوي إلى كثير من هذه الأماكن ، التي هي مأوى الشياطين : الشيوخ الذين تقترن بهم الشياطين . وقد جاءت الأحاديث ناهية عن الصلاة في الحمام ؛ لأجل ما فيها من نجاسة ، ولأنها مأوى الشياطين ، وفي المقبرة ؛ لأنها ذريعة إلى الشرك .
ويكثر تجمعهم في الأماكن التي يستطيعون أن يفسدوا فيها كالأسواق ، فقد أوصى سلمان أصحابه قائلاً : " لا تكونن ، إن استطعت ، أول من يدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها ، فإنها معركة الشياطين ، وبها ينصب رايته " (1) .
والشياطين تبيت في البيوت التي يسكنها الناس ، وتطردها التسمية ، وذكر الله ، وقراءة القرآن ، خاصة سورة البقرة ، وآية الكرسي منها ، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشياطين تنتشر ، وتكثر بحلول الظلام ،ولذا أمرنا أن نكف صبياننا في هذه الفترة ، وهو حديث متفق عليه .
والشياطين تهرب من الأذان ، وفي رمضان تُصَفّد الشياطين .
والشياطين تحب الجلوس بين الظل والشمس ؛ ولذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الجلوس بينهما ، وهو حديث صحيح مروي في السنن وغيرها .
--------------------------------
(1)رواه مسلم في صحيحه : 4/1906 . ورقمه : 2451 .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26-01-2010, 07:31 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

دواب الجن ومراكبهم
في حديث ابن مسعود في صحيح مسلم : أنَّ الجن سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم الزاد ، فقال : ( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً ، وكل بعرة علف لدوابكم ) (1) .
فأخبر أن لهم دوابّ ، وأن علف دوابهم بعر دواب الإنس .
وأخبرنا ربنا أن للشيطان خيلاً يجلب بها على أعدائه من بني آدم قال تعالى : ( واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ) [الإسراء : 64] .
حيوانات تصاحبها الشياطين :
من هذه الحيوانات الإبل ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن الإبل خلقت من الشياطين ، وإن وراء كل بعير شيطاناً ) . رواه سعيد بن منصور في سننه بإسنادٍ مرسل حسن (2) . ومن أجل ذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل ، فعن البراء بن عازب أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصلوا في مبارك الإبل ، فإنها من الشياطين ، وصلوا في مرابض الغنم ، فإنها بركة ) (3) .
وعن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صلوا في مرابض الغنم ، ولا تصلوا في أعطان الإبل ، فإنها خلقت من الشياطين ) (4) .
وهذه الأحاديث ترد على من قال : إنّ علة النهي عن الصلاة في مبارك الإبل نجاسة أبوالها وروثها ، فالصحيح أن روث وبول ما يؤكل لحمه غير نجس .
وقد تساءَل أبو الوفاء ابن عقيل عن معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الكلب الأسود شيطان ) ، ومعلوم أنه مولود من كلب ، و ( أن الإبل خلقت من الشياطين ) مع كونها مولودة من الإبل .
وأجاب : أنّ هذا على طريق التشبيه لها بالشياطين ، لأن الكلب الأسود أشرّ الكلاب وأقلعها نفعاً ، والإبل تشبه الجن في صعوبتها وصولتها ، كما يقال : فلان شيطان ؛ إذا كان صعباً شريراً (5) .
ويدل لصحة قول ابن عقيل أن الأحياء في عالمنا الأرضي مخلوقة من الماء ، كما قال تعالى : ( وجعلنا من الماء كُلَّ شيٍ حَيٍّ ) [ الأنبياء : 30 ] ، والشياطين مخلوقة من النار .
--------------------------------
(1)رواه مسلم : 3/332 . ورقمه : 450 .
(2) صحيح الجامع : 2/52 .
(3) رواه أبو داود . انظر صحيح سنن أبي داود : 1/37 . ورقمه : 169 .
(4) صحيح سنن ابن ماجة : 1/128 . ورقمه : 623 .
(5) آكام المرجان : ص22 . لقط المرجان : ص42 .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 26-01-2010, 07:32 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

قدرات الجن وعجزهم
المطلب الأول
ما أعطاه الله للجن من قدرات
أعطى الله الجنّ قدرة لم يعطهـا للبشر ، وقد حدثنا الله عن بعض قدراتهم ، فمن ذلك :
أولاً : سرعة الحركة والانتقال :
فقد تعهد عفريت من الجن لنبي الله سليمان بإحضار عرش ملكة اليمن إلى بيت المقدس في مدة لا تتجاوز قيام الرجل من جلوسه ، فقال الذي عنده علم من الكتاب : أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك : ( قال عفريتٌ من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وَإِنِّي عليه لقويٌّ أمينٌ – قال الَّذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلمَّا رآه مستقرّاً عنده قال هذا من فضل ربي ...) [ النمل : 39-40 ] .
ثانياً : سبقهم الإنسان في مجالات الفضاء :
ومنذ القدم كانوا يصعدون إلى أماكن متقدمة في السماء ، فيسترقون أخبار السماء ، ليعلموا بالحَدَث قبل أن يكون ، فلما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم زيدت الحراسة في السماء : ( وأنَّا لمسنا السَّماء فوجدناها مُلِئَتْ حرساً شديداً وشهباً – وأنَّا كنَّا نقعد منها مقاعد للسَّمع فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رَّصداً ) [ الجن : 8-9 ] .
وقد وضح الرسول صلى الله عليه وسلم كيفية استراقهم السمع ، فعن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قضى الله الأمر في السماء ، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله ، كأنه سلسلة على صفوان ، فإذا فزع عن قلوبهم ، قالوا : ماذا قال ربكم ؟ قالوا للذي قال : الحق ، وهو العلي الكبير .
فيسمعها مسترقو السمع ، ومسترقو السمع هكذا بعضه فوق بعض – ووصف سفيان بكفه ، فحرفها وبدد بين أصابعه – فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته ، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن ، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها ، وربما ألقاها قبل أن يدركه ، فيكذب معها مائة كذبة . فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا : كذا وكذا ؟ فيصدّق بتلك الكلمة التي سمع من السماء ) (1) .
خرافة جاهلية :
ومعرفة السبب الذي من أجله يرمي بشهب السماء قضى على خرافة كان يتناقلها أهل الجاهلية ، فعن عبد الله بن عباس قال : أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار : أنهم بينما هم جلوس ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمي بنجم فاستنار ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ماذا كنتم تقولون في الجاهلية إذا رمي بمثل هذا ) ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم ، كنا نقول : ولد الليلة رجل عظيم ، ومات رجل عظيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فإنها لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته ؛ ولكنّ ربنا – تبارك وتعالى اسمه – إذا قضى أمراً سبّح حملة العرش ، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم ، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء الدنيا ، ثمّ قال الذين يلون حملة العرش لحملة العرش : ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ماذا قال ، قال فيستخبر بعض أهل السماوات بعضاً ؛ حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا ، فتخطف الجنّ السمع ، فيقذفون إلى أوليائهم ، ويرمون به ، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ، ولكنهم يَقْرِفون فيه ويزيدون ) (2) .
وقد يكون استراقهم السمع بطريق أهون عليهم من الطريق الأولى ، وذلك بأن تستمع الشياطين إلى الملائكة الذين يهبطون إلى العنان بما يكون من أحداث قدرها الله ، فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الملائكة تتحدث في العنان – والعنان الغمام – بالأمر يكون في الأرض ، فتستمع الشياطين الكلمة ، فتقرها في أذن الكاهن كما تقرّ القارورة ، فيزيدون معها مائة كذبة ) (3) .
ثالثاً : علمهم بالإعمار والتصنيع :
أخبرنا الله أنه سخر لنبيّه سليمان ، فكانوا يقومون له بأعمال كثيرة تحتاج إلى قدرات ، وذكاء ، ومهارات : ( ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السَّعير – يعملون له ما يشاء من مَّحاريب وتماثيل وجفانٍ كالجواب وقدورٍ رَّاسِيَاتٍ) [ سبأ : 12-13 ] .
ولعلهم قد توصلوا منذ القدم إلى اكتشاف مثل ( الراديو والتلفزيون ) ، فقد ذكر ابن تيمية أن بعض الشيوخ الذين كان لهم اتصال بالجن أخبره وقال له : " إن الجن يرونه شيئاً براقاً مثل الماء والزجاج ، ويمثلون له فيه ما يطلب منه من الأخبار به ، قال فأخبر الناس به ، ويوصلون إليّ كلام من استغاث بي من أصحابي ، فأجيبه ، فيوصلون جوابي إليه " (4) .
رابعاً : قدرتهم على التشكل :
للجن قدرة على التشكل بأشكال الإنسان والحيوان ، فقد جاء الشيطان المشركين يوم بدر في صورة سراقة بن مالك ، ووعد المشركين بالنصر ، وفيه أنزل : ( وإذ زيَّن لهم الشَّيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من النَّاس وَإِنِّي جارٌ لكم ) [الأنفال : 48] .
ولكن عندما التقى الجيشان ، وعاين الملائكة تتنزل من السماء ، ولى هارباً : ( فلمَّا تَرَاءتِ الفئتان نكص علـى عقبيه وقال إني بريءٌ منكم إِنِّي أرى ما لا ترون إني أخاف الله ) [ الأنفال : 48 ] .
وقد جرى مع أبي هريرة قصة طريفة رواها البخاري وغيره ؛ قال أبو هريرة : ( وكلني رسول الله بحفظ زكاة رمضان ، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته ، وقلت : والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : إني محتاج ، وعليّ عيال ، ولي حاجة شديدة ، قال : فخليت عنه ، فأصبحت ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا هريرة ، ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ )
قال : قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً ، فرحمته ، فخليت سبيله ، قال : ( أما إنه كذبك وسيعود ) ، فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه سيعود ، فرصدته ، فجاءَ يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال : دعني فإني محتاج ، وعليّ عيال ، لا أعود ، فرحمته ، فخليت سبيله ، فأصبحت ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا أبا هريرة ، ما فعل أسيرك ؟ ) قلت : يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً ، فرحمته ، فخليت سبيله .
قال : ( أما إنه كذبك وسيعود ) ، فرصدته الثالثة ، فجعل يحثو من الطعام ، فأخذته ، فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا آخر ثلاث مرات ، إنك تزعم لا تعود ، ثمّ تعود ! قال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها ، قال : قلت : ما هنّ ؟
قال : إذا أويت إلى فراشك ، فاقرأ آية الكرسي ( الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم ) [البقرة : 255] حتى تختم الآية ؛ فإنّك لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربنّك شيطان حتى تصبح ، فخليت سبيله ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما فعل أسيرك البارحة ؟ ) قلت : يا رسول الله زعم أنّه يعلمني كلمات ينفعني الله بها ، فخليت سبيله ، قال : ما هي ؟ قلت : قال لي : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية ( الله لا إله إلاَّ هو الحيُّ القيُّوم ) [ البقرة : 255 ] وقال لي : لن يزال عليك من الله حافظ ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح ، وكانوا أحرص شيء على الخير .
قال النبي : ( أما إنه قد صدقك وهو كذوب ، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ ) قال : لا ، قال : ( ذاك شيطان ) (5) .
فقد تشكل هذا الشيطان في صورة إنسان .
وقد يتشكل في صورة حيوان : جمل ، أو حمار ، أو بقرة ، أو كلب ، أو قط ، وأكثر ما تتشكل بالأسود من الكلاب والقطط . وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن مرور الكلب الأسود يقطع الصلاة ، وعلل ذلك بأن ( الكلب الأسود شيطان ) (6) . يقول ابن تيمية : " الكلب الأسود شيطان الكلاب ، والجن تتصور بصورته كثيراً ، وكذلك بصورة القط الأسود ؛ لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره ، وفيه قوة الحرارة " .
جنان البيوت :
تتشكل الجان بشكل الحيات وتظهر للناس ، ولذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قتل الحيات البيوت ، خشية أن يكون هذا المقتول جنياً قد أسلم ، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنّ بالمدينة جنّاً قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان ) (7) .
وقد قتل أحد الصحابة حيّة من حيات البيوت ، فكان في ذلك هلاكه ، روى مسلم في صحيحه : أن أبا السائب دخل على أبي سعيد الخدري في بيته ، فوجده يصلي ، قال : ( فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعت تحريكاً في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت ، فإذا حيّة ، فوثبت لأقتلها فأشار إليّ ؛ أن اجلس ، فجلست .
فما انصرف أشار إلى بيت في الدار ، فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت : نعم . قال : كان فيه فتى منّا حديث عهد بعرس ، قال : فخرجنا مع رسول الله إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار ، فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوماً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خذ عليك سلاحك ، فإني أخشى عليك قريظة ) .
فأخذ الرجل سلاحه ، ثمّ رجع ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها الرمح ليطعنها به ، وأصابته غيرة ، فقالت له : اكفف رمحك ، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني .
فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ، ثم خرج ، فركزه في الدار ، فاضطربت عليه ، فما يدرى أيهما كان أسرع موتاً : الحية أم الفتى !
قال : فجئنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله يحييه لنا فقال : ( استغفروا لصاحبكم ) ، ثم قال : ( إنّ بالمدينة جنّاً قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم شيئاً فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنّما هو شيطان ) (8) .
تنبيهات مهمة حول قتل حيات البيوت :
1- هذا الحكم ، وهو النهي عن قتل الحيوانات خاص بالحيات دون غيرها .
2- وليس كل الحيات ؛ بل الحيات التي نراها في البيوت دون غيرها ، أمّا التي نشاهدها خارج البيوت فنحن مأمورون بقتلها .
3- إذا رأينا حيات البيوت فنؤذنها ؛ أي نأمرها بالخروج ، كأن نقول : أقسم عليك بالله أن تخرجي من هذا المنزل ، وأن تبعدي عنّا شرّك وإلا قتلناك . فإن رؤيت بعد ثلاثة أيام قتلت .
4- والسبب في قتلها بعد ثلاثة أيام أننا تأكدنا أنها ليست جنّاً مسلماً ، لأنها لو كانت كذلك ، لغادرت المنزل ، فإن كانت أفعى حقيقية فهي تستحق القتل ، وإن كانت جنّاً كافراً متمرداً فهو يستحق القتل ؛ لأذاه وإخافته لأهل المنزل .
5- يستثنى من جنان البيوت نوع يقتل بدون استئذان ، ففي صحيح البخاري عن أبي لبابة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تقتلوا الجِنَّان ، إلا كلّ أبتر ذي طُفْيَتَيْن ؛ فإنه يسقط الولد ، ويذهب البصر ، فاقتلوه ) (9) .
وهل كل الحيات من الجنّ أم بعضها ؟ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الحيّات مسخ الجنّ صورة ، كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل ) (10) .
خامساً : الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق :
في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ) (11) ، وفي الصحيحين عن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً ، فأتيته أزوره ليلاً ، فحدثته ، ثمّ قمت فانقلبت ، فقام معي ليقبلني ( يردني ) وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد ، فمرّ رجلان من الأنصار ، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على رسلكما ، إنها صفية بنت حيي ) ، فقالا : سبحان الله يا رسول الله !! قال : ( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءاً ) ، أو قال : ( شيئاً ) (12) .
--------------------------------
(1) رواه البخاري في صحيحه : 8/538 . ورقمه : 4800 .
(2) رواه مسلم : 4/1750 . ورقمه : 2229 . ومعنى يقرفـون فيه أي الصدق بالكذب : يقذفون .
(3) رواه البخاري : 6/338 .ورقمه : 3288 .
(4) مجموع الفتاوى : 11/309 .
(5) صحيح البخاري : 4/486 . ورقمه : 2311 . ويرى بعض العلماء أن الحديث منقطع ؛ لأنه لم يصرح بالسماع من شيخه عثمان بن الهيثم ، والحديث وصله النسائي وغيره . انظر : فتح الباري : 4/488 .
(6) رواه مسلم : 1/365 . ورقمه : 510 .
(7) رواه مسلم : 4/1756 . ورقمه : 2236 .
(8) رواه مسلم : 4/1756 . ورقمه : 2236 .
(9) رواه البخاري : 6/351 . ورقمه : 3311 .
(10) رواه الطبراني ، وأبو الشيخ في العظمة ، بإسناد صحيح ، راجع الأحاديث الصحيحة : 104 .
(11) صحيح البخاري : 13/159 . ورقمه : 7171 . ورواه مسلم : 4/1712 . ورقمه : 2175 .
(12) رواه البخاري : 6/336 . ورقمه : 3281 .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 26-01-2010, 07:32 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

قدرات الجن وعجزهم
المطلب الثاني
جوانب ضعف الجن وعجزهم
الجن والشياطين كالإنس فيهم جوانب قوة ، وجوانب ضعف ، قال تعالى : ( إنَّ كيد الشَّيطان كان ضعيفاً ) [ النساء : 76 ] ، وسنعرض لبعض هذه الجوانب التي عرفنا الله ورسوله بها .
أولاً : لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين :
لم يعط الرَّب – سبحانه – الشيطان القدرة على إجبار الناس ، وإكراههم على الضلال والكفر : ( إنَّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ وكفى بربك وكيلاً ) [ الإسراء : 65 ] . ( وما كان له عليهم من سلطانٍ إلاَّ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممَّن هو منها في شكٍ ) [ سبأ : 21 ] .
ومعنى ذلك أن الشيطان ليس له طريق يتسلط بها عليهم ، لا من جهة الحجة ، ولا من جهة القدرة ، والشيطان يدرك هذه الحقيقة : ( قال رب بما أغويتني لأزيننَّ لهم في الأرض ولأغوينَّهم أجمعين – إلاَّ عبادك منهم المخلصين ) [ الحجر : 39-40 ] .
وإنما يتسلط على العباد الذين يرضون بفكره ، ويتابعونه عن رضا وطواعية : ( إنَّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاَّ من اتبَّعك من الغاوين ) [ الحجر : 42 ] . وفي يوم القيامة يقول الشيطان لأتباعه الذين أضلهم وأهلكهم : ( وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلاَّ أن دعوتكم فاستجبتم لي ) [ إبراهيم : 22 ] .
وفي آية أخرى : ( إنَّما سلطانه على الَّذين يتولَّونه والَّذين هم به مشركون ) [النحل :100] .
والسلطان الذي أعطيه الشيطان هو تسلطه عليهم بالإغواء والإضلال ، وتمكنه منهم ، بحيث يؤزهم على الكفر والشرك ويزعجهم إليه ، ولا يدعهم يتركونه ، كما قال تعالى : ( ألم تر أنَّا أرسلنا الشَّياطين على الكافرين تؤزُّهم أزاً ) [ مريم : 83 ] ، ومعنى تؤزهم : تحركهم وتهيجهم .
وسلطان الشيطان على أوليائه ليس لهم فيه حجّة وبرهان ، وإنما استجابوا له بمجرد دعوته إياهم ، لما وافقت أهواءَهم وأغراضهم ، فهم الذين أعانوا على أنفسهم ، ومكنوا عدوهم من سلطانه عليهم بموافقته ومتابعته ، فلما أعطوا بأيديهم ، واستأسروا له ، سُلّط عليهم عقوبةً لهم . فالله لا يجعل للشيطان على العبد سلطاناً ، حتى يجعل له العبد سبيلاً بطاعته والشرك به ، فجعل الله حينئذٍ له عليه تسلطاً وقهراً .
تسليطه على المؤمنين بسبب ذنوبهم :
ففي الحديث : ( إن الله – تعالى – مع القاضي لم يَجُر ، فإذا جار تبرأ منه ، وألزمه الشيطان ) . رواه الحاكم ، والبيهقي بإسناد حسن (1) .
ويروي لنا أبو الفرج ابن الجوزي – رحمه الله – عن الحسن البصري – رحمه الله – قصة طريفة ، وبغض النظر عن مدى صحتها فهي تصور قدرة الإنسان على قهر الشيطان إذا أخلصه دينه لله ، وكيف يصرع الشيطان الإنسان إذا ضلّ وزاغ .
يقول الحسن : كانت شجرة تعبد من دون الله ، فجاء إليها رجل ، فقال : لأقطعن هذه الشجرة ، فجاء ليقطعها غضباً لله ، فلقيه إبليس في صورة إنسان ، فقال : ما تريد ؟ قال : أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله ، قال : إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها ؟ قال : لأقطعنها .
فقال له الشيطان : هل لك فيما هو خير لك ؟ لا تقطعها ، ولك ديناران كل يوم إذا أصبحت عند وسادتك . قال : فمن أين لي ذلك ؟ قال : أنا لك . فرجع ، فأصبح فوجد دينارين عند وسادته ، ثمّ أصبح بعد ذلك ، فلم يجد شيئاً . فقام غضباً ليقطعها ، فتمثل له الشيطان في صورته ، وقال : ما تريد ؟ قال : أريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى ، قال : كذبت ما لك إلى ذلك من سبيل .
فذهب ليقطعها ، فضرب به الأرض ، وخنقه حتى كاد يقتله ، قال : أتدري من أنا؟ أنا الشيطان ، جئت أول مرة غضباً لله ، فلم يكن لي عليك سبيل ، فخدعتك بالدينارين ، فتركتها ، فلما جئت غضباً للدينارين سلطت عليك (2) .
وقد حدثنا الله في كتابه عن شخص آتاه الله آياته ، فعلمها ، وعرفها ، ثمّ إنه ترك ذلك كله ، فسلط الله عليه الشيطان ، فأغواه ، وأضله ، وأصبح عبرة تروى ، وقصة تتناقل : ( واتلُ عليهم نبأ الَّذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشَّيطان فكان من الغاوين – ولو شئنا لرفعناه بها ولكنَّه أخلد إلى الأرض واتَّبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الَّذين كذَّبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلَّهم يتفكَّرون ) [ الأعراف : 175-176 ] . وواضح أن هذا مثل لمن عرف الحق وكفر به كاليهود الذين يعلمون أن محمداً مرسل من ربه ، ثم هم يكفرون به .
أما هذا الذي عناه الله هنا ، فقال بعضهم : هو بلعام بن باعورا ، كان صالحاً ثم كفر ، وقيل : هو أمية بن أبي الصلت من المتألهين في الجاهلية ، أدرك الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولم يؤمن به حسداً ، وكان يرجو أن يكون هو النبي المبعوث ، وليس عندنا نص صحيح يعرفنا بالمراد من الآية على وجه التحديد .
وهذا الصنف ( الذي يؤتى الآيات ثم يكفر ) صنف خطر ، به شَبَه من الشيطان ؛ لأنّ الشيطان كفر بعد معرفته الحق ، ولقد تخوف الرسول صلى الله عليه وسلم هذا النوع على أمته ، روى الحافظ أبو يعلى عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مما أتخوف عليكم رجلاً قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه ، وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلى ما شاء الله انسلخ منه ، ونبذه وراء ظهره ، وسعى على جاره بالسيف ، ورماه بالشرك ) . قال : قلت : يا رسول الله : أيهما أولى بالسيف : الرامي أم المرمي ؟ قال : ( بل الرامي ) ، قال ابن كثير : وهذا إسناد جيد (3) .
ثانياً : خوف الشيطان من بعض عباد الله وهربه منهم :
إذا تمكن العبد في الإسلام ، ورسخ الإيمان في قلبه ، وكان وقّافاً عند حدود الله ، فإنّ الشيطان يفرق منه ، ويفرّ منه ، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب : ( إن الشيطان ليخاف منك يا عمر ) (4) ، وقال فيه أيضاً : ( إني لأنظر إلى شياطين الجنّ والإنس قد فرّوا من عمر ) (5) ، وفي صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب : ( والذي نفسي بيده ، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلى سلك فجاً غير فجك ) (6) .
وليس ذلك خاصاً بعمر ، فإن مَن قوي إيمانه يقهر شيطانه ، ويذله ، كما في الحديث : ( إن المؤمن لينصي شيطانه كما ينصي أحدكم بعيره في السفر ) . رواه أحمد . قال ابن كثير (7) : بعد أن ساق هذا الحديث : " ومعنى لينصي شيطانه : ليأخذ بناصيته ، فيغلبه ، ويقهره ، كما يفعل بالعبير إذا شرد ثم غلبه " .
وقد يصل الأمر أن يؤثر المسلم في قرينه الملازم له فيسلم ، أخرج مسلم في صحيحه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما منكم من أحد إلا وقد وُكّل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة ) ، قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : ( وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير ) (8) .
ثالثاً : تسخير الجن لنبي الله سليمان :
سخر الله لنبيه سليمان – في جملة ما سخر – الجن والشياطين ، يعملون له ما يشاء ، ويعذب ويسجن العصاة منهم : ( فسخَّرنا له الريح تجري بأمره رخاءً حيث أصاب – والشَّياطين كل بنَّاءٍ وغوَّاصٍ – وآخرين مقرَّنين في الأصفاد ) [ ص : 36-38 ] .
وقال في سورة سبأ : ( ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السَّعير – يعملون له ما يشاء من مَّحاريب وتماثيل وجفانٍ كالجواب وقدورٍ رَّاسياتٍ ) [ سبأ : 12-13 ] .
وهذا التسخير على هذا النحو استجابة من الله لعبده سليمان حين دعاه وقال : ( وهب لي مُلكاً لاَّ ينبغي لأحدٍ من بعدي ) [ ص : 35 ] . وهذه الدعوة هي التي منعت نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من ربط الجني الذي جاء بشهاب من نار ، يريد أن يرميه في وجهه ، ففي صحيح مسلم عن أبي الدرداء قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمعناه يقول : ( أعوذ بالله منك ) ثم قال : ( ألعنك بلعنة الله ثلاثاً ) ، وبسط يده كأنه يتناول شيئاً .
فلما فرغ من الصلاة قلنا : يا رسول الله ‍ لقد سمعناك تقول في الصلاة شيئاً ، لم نسمعك تقوله من قبل ، ورأيناك بسطت يدك ، فقال : ( إن عدوّ الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ، فقلت : أعوذ بالله منك ثلاث مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم يستأخر ثلاث مرات ، ثم اْردت أخذه ، والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقاً يلعب به ولدان أهل المدينة ) (9) .
وقد تكرر هذا أكثر من مرة ، ففي الصحيحين عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن عفريتاً من الجن جعل يفتك علي البارحة ليقطع عليّ الصلاة ، وإن الله أمكنني منه ، فَذَعَتُّهُ ، فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد ، حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون ، ( أو كلكم ) ، ثمّ ذكرت قول أخي سليمان : ( رب اغفر لي وهب لي مُلكاً لاَّ ينبغي لأحدٍ من بعدي ) ، فرده الله خاسئاً ) (10) . ومعنى يفتك : الفتك : الأخذ غفلة . وقوله : ( ذعته ) ، أي : خنقته .
كذب اليهود على نبي الله سليمان :
يزعم اليهود وأتباعهم الذين يستخدمون الجن بوساطة السحر أن نبي الله سليمان كان يستخدم الجنّ به ، وقد ذكر غير واحد من علماء السلف أنَّ سليمان لما مات كتبت الشياطين كتب السحر والكفر ، وجعلتها تحت كرسيه ، وقالوا : كان سليمان يستخدم الجن بهذه ، فقال بعضهم : لولا أن هذا حق جائز لما فعله سليمان ، فأنزل الله قوله : ( ولمـَّا جاءهم رسولٌ من عند الله مصدقٌ لما معهم نبذ فريقٌ من الَّذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنَّهم لا يعلمون ) [ البقرة : 101 ] ، ثم بين أنهم اتبعوا ما كانت تتلوه الشياطين على عهد ملك سليمان ، وبرأ سليمان من السحر والكفر : ( واتَّبعوا ما تتلوا الشَّياطين على مُلكِ سليمان وما كفر سليمان ولكنَّ الشَّياطين كفروا ) [ البقرة : 102 ] .
رابعاً : عجزهم عن الإتيان بالمعجزات :
لا تستطيع الجن الإتيان بمثل المعجزات التي جاءت بها الرسل تدليلاً على صدق ما جاءت به .
فعندما زعم بعض الكفرة أن القرآن من صنع الشياطين قال تعالى : ( وما تنزَّلت به الشَّياطين – وما ينبغي لهم وما يستطيعون – إنَّهم عن السَّمع لمعزولون ) [ الشعراء : 210-212 ] .
وتحدى الله بالقرآن الإنس والجن : ( قل لئِن اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً ) [ الإسراء : 88 ] .
خامساً : لا يتمثلون بالرسول صلى الله عليه وسلم في الرؤيا :
والشياطين تعجز عن التمثل في صورة الرسول صلى الله عليه وسلم في الرؤيا :
ففي الحديث الذي يرويه الترمذي عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من رآني فإني أنا هو ، فإنه ليس للشيطان أن يتمثل بي ) (11) .
وفي الصحيحين عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رآني في المنام فقد رآني ، فإن الشيطان لا يتمثل بي ) . رواه مسلم من رواية أبي هريرة . وفي صحيح البخاري : ( وإن الشيطان لا يتراءَى بي ) .
وفيه من رواية أبي سعيد : ( من رآني فقد رأى الحقّ ، فإن الشيطان لا يتكونني ) .
وفي الصحيحين من رواية أبي هريرة : ( ولا يتمثل الشيطان بي ) .
وفي صحيح مسلم من حديث جابر : ( من رآني في المنام فقد رآني ، إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي ) . وفي رواية أخرى عن جابر : ( فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي ) (12) .
والظاهر من الأحاديث أن الشيطان لا يتزيّا بصورة الرسول صلى الله عليه وسلم الحقيقية ، ولا يمنعه هذا من التمثل في غير صورة الرسول صلى الله عليه وسلم والزعم بأنّه رسول الله ، وهذا ما فقهه ابن سيرين رحمه الله ، فيما نقله عنه البخاري (13) .
ولذلك فلا يجوز أن يحتج بهذا الحديث على أن كل من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام أنّه رآه حقّاً ، إلا إذا كانت صفته هي الصفة التي روتها لنا كتب الحديث . وإلا فكثير من الناس يزعم أنّه رآه على صورة مخالفة للصورة المروية في كتب الثقات .
سادساً : لا يستطيع الجن أن يتجاوزوا حدودهم في أجواز الفضاء :
قال تعالى : ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السَّماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلاَّ بسلطانٍ ) – فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان – يرسل عليكما شواظٌ من نَّارٍ ونحاسٌ فلا تنتصران ) [ الرحمن : 33-35 ] .
فمع قدراتهم وسرعة حركتهم لهم حدود لا يستطيعون أن يتعدوها ، وإلا فإنهم هالكون .
سابعاً : لا يستطيعون فتح باب أغلق وذكر اسم الله عليه :
روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا كان جنح الليل – أو أمسيتم – فكفوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم ، وأغلقوا الأبواب ، واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح باباًَ مغلقاً ) (14) .
وفي لفظ لمسلم عن جابر : ( غطوا الإناء ، وأوكوا السقاء ، وأغلقوا الباب ، وأطفئوا السراج ، فإن الشيطان لا يحلّ سقاءً ، ولا يفتح باباً ، ولا يكشف إناء ) (15) .
--------------------------------
(1) انظر صحيح الجامع : 2/130 .
(2) تلبيس إبليس : 43 .
(3) انظر تفسير ابن كثير : 3/252 .
(4) صحيح سنن الترمذي : 3/206 . ورقمه : 2913 .
(5) صحيح سنن الترمذي : 3/206 . ورقمه : 2914 .
(6) رواه البخاري : 6/339 . ورقمه : 3294 .
(7) البداية والنهاية : 1/73 ، وفي رواية أخرى : ( لينضي شيطانه ) أي يهزله ويجعله نضواً أي مهزولاً لكثرة إذلاله له وجعله أسيراً تحت قهره وتصرفه .
(8) رواه مسلم : 4/2167 . ورقمه : 2814 .
(9) رواه مسلم : 1/385 . ورقمه : 542 .
(10) رواه البخاري : 6/547 . ورقمه : 3423 . ورواه مسلم : 1/384 . ورقمه : 541 .
(11) صحيح سنن الترمذي : 2/260 . ورقمه : 1859 .
(12) انظر أحاديث عدم قدرة الشيطان على التمثل بالرسول صلى الله عليه وسلم في البخاري : 12/383 . وأرقامها : 6993-6997 . وفي صحيح مسلم : 4/1775 . وأرقامها : 2266-2268 .
(13) صحيح البخاري : 12/383 .
(14) صحيح البخاري : 6/350 ، 10/88 . ورقمها : 3304 ، 5623 . ورواه مسلم : 3/1595 . ورقمه : 2012 .
(15) صحيح مسلم : 3/1594 . ورقمه : 2012 .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 26-01-2010, 07:33 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

تكليف الجن
المبحث الأول
الغاية من خلقهم
خلق الله الجن للغاية نفسها التي خلق الإنس من أجلها : ( وما خلقت الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون ) [ الذاريات : 56 ] .
فالجن على ذلك مكلفون بأوامر ونواهٍ ، فمن أطاع رضي الله عنه ، وأدخله الجنة ، ومن عصى وتمرد ، فله النار ، يدلّ على ذلك نصوص كثيرة .
ففي يوم القيامة يقول الله مخاطباً كفرة الجن والإنس موبخاً مبكتاً : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصُّون عليكم آيَاتِي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرَّتهم الحياة الدُّنيا وشهدوا على أنفسهم أنَّهم كانوا كافرين ) [الأنعام : 130] .
ففي هذه الآيات دليل على بلوغ شرع الله الجن ، وأنه قد جاءهم من ينذرهم ويبلغهم .
والدليل على أنهم سيعذبون في النار قوله تعالى : ( قال ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النَّار ) [ الأعراف : 38 ] ، وقال : ( ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس ) [ الأعراف : 179 ] ، وقال : ( لأملأنَّ جهنَّم من الجنَّة والنَّاس أجمعين ) [ السجدة : 13 ] . والدليل على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة قوله تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنَّتان – فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان ) [ الرحمن : 46-47 ] .
والخطاب هنا للجن والإنس ؛ لأن الحديث في مطلع السورة معهما ، وفي الآية السابقة امتنان من الله على مؤمني الجن بأنهم سيدخلون الجنة ، ولولا أنهم ينالون ذلك لما امتن عليهم به .
يقول ابن مفلح في كتابه الفروع : " الجن مكلفون في الجملة إجماعاً ، يدخل كافرهم النار إجماعاً ، ويدخل مؤمنهم الجنة وفاقاً لمالك والشافعي رضي الله عنهما – لا أنهم يصيرون تراباً كالبهائم ، وإن ثواب مؤمنهم النجاة من النار ، خلافاً لأبي حنيفة ، والليث بن سعد ومن وافقهم " .
قال : " وظاهر الأول أنهم في الجنة كغيرهم بقدر ثوابهم ، خلافاً لمن قال لا يأكلون ولا يشربون كمجاهد ، أو أنهم في ربض الجنّة ، حول الجنة كعمر بن عبد العزيز ، قال ابن حامد في كتابه : " الجن كالإنس في التكليف والعبادات " (1) .
وقد عقد الشبلي باباً قال فيه : " باب في أن الجن مكلفون بإجماع أهل النظر " . نقل فيه عن أبي عمر بن عبد البر : أن الجن عند الجماعة مكلفون مخاطبون لقوله تعالى : ( فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان ) [ الرحمن : 13 ] . وقال الرازي في تفسيره : " أطبق الكل على أن الجن كلهم مكلفون " .
ونقل الشبلي عن القاضي عبد الجبار قوله : " لا نعلم خلافاً بين أهل النظر في أنّ الجن مكلفون ، وقد حكى عن بعض المؤلفين في المقالات أن الحشوية قالوا : إنهم مضطرون إلى أفعالهم ، وأنهم ليسوا مكلفين " .
قال : " والدليل على أنهم مكلفون ما في القرآن من ذمّ الشياطين ولعنهم ، والتحرز من غوائلهم وشرهم ، وذكر ما أعد الله لهم من العذاب ، وهذه الخصال لا يفعلها الله تعالى إلا لمن خالف الأمر والنهي ، وارتكب الكبائر ، وهتك المحارم ، مع تمكنه من أن لا يفعل ذلك ، وقدرته على فعل خلافه ، ويدل على ذلك أيضاً أنه كان من دين النبي صلى الله عليه وسلم لعن الشياطين ، والبيان عن حالهم ، وأنهم يدعون إلى الشر والمعاصي ، ويوسوسون بذلك . وهذا كله يدل على أنهم مكلفون ، وقوله تعالى : ( قل أوحي إليَّ أنَّه استمع نفرٌ من الجن ) [ الجن : 1 ] إلى قوله : ( فَآمَنَّا به ولن نشرك بربنا أحداً ) [ الجن : 2 ] (2) .
تكليفهم بحسبهم :
يقول ابن تيمية : " الجن مأمورون بالأصول والفروع بحسبهم ، فإنهم ليسوا مماثلين للإنس في الحدّ والحقيقة ؛ فلا يكون ما أمروا به ونهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحدّ ، لكنهم مشاركون الإنس في جنس التكليف بالأمر والنهي ، والتحليل والتحريم ، وهذا ما لم أعلم فيه نزاعاً بين المسلمين " (3) .
--------------------------------
(1)لوامع الأنوار البهية : 2/222-223 .
(2) غرائب وعجائب الجن ، للشبلي : ص49 .
(3) مجموع الفتاوى : 4/233 .
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 26-01-2010, 07:34 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

كيف يعذبون بالنار وقد خلقوا من النار
يورد بعض الناس شبهة فيقولون : أنتم تقرون أن الجن خلقوا من نار ، ثمّ تقولون : إنّ كافرهم يعذب في نار جهنم ، ومسترق السمع منهم يقذف بشهب من نار ، فكيف تؤثر النار فيهم وقد خلقوا منها ؟
الجواب : أنّ الأصل الذي خلقوا منه النار ، أمّا بعد خلقهم فليسوا كذلك ، إذ أصبحوا خلقاً مخالفاً للنار ، يوضح هذا أن الإنسان خلق من تراب ، ثم بعد إيجاده أصبح مخالفاً للتراب ، ولو ضربت إنساناً بقطعة مشوية من الطين لقتلته ، ولو رميته بالتراب لآذاه ، ولو دفنته فيه لاختنق ، فمع أنه من تراب إلا أن التراب يؤذيه ، فكذلك الجن .
قال أبو الوفاء ابن عقيل : " أضاف الشياطين والجان إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار ، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين ، وليس الآدمي حقيقة ، لكنه كان طيناً ، كذلك الجان كان ناراً في الأصل " (1) .
لا نسب بين الجن ورب العزة :
هذا الذي ذكرناه من أن الجن خلق من خلق الله ، وعباد من جملة عباده ، خلقهم لطاعته ، وكلفهم بشريعته ، يقضي على الخرافات التي تنشأ عن الانحراف في التصور ، وعن ضمور العلم وكثرة الجهل ، فمن ذلك ما شاع عند اليهود ومشركي العرب ، من أن الله – تعالى وتقدس – خطب من سروات الجنّ وتزوج منهم ، وكان الملائكة ثمرة هذا الزواج ، وقد حكى الله هذه الخرافة وبين بطلانها : ( وجعلوا بينه وبين الجنَّة نسباً ولقد علمت الجنَّة إنَّهم لمحضرون – سبحان الله عمَّا يصفون – إلاَّ عباد الله المخلصين ) [ الصافات : 158-160 ] .
قال ابن كثير عند تفسيره هذه الآيات : " قال مجاهد : قال المشركون : الملائكة بنات الله – تعالى عما يقولون – فقال أبو بكر – رضي الله عنه - : فمن أمهاتهنّ ؟ قالوا : بنات سروات الجنّ . وبمثل قول مجاهد قال قتادة وابن زيد ... ، وقال العوفي عن ابن عباس : زعم أعداء الله أنه – تبارك وتعالى – هو وإبليس أخوان ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً " (2) .
--------------------------------
(1) لقط المرجان في أحكام الجان : ص33 .
(2) تفسير ابن كثير : 4/24 .
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 26-01-2010, 07:36 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

رسل الله إلى الجن
بما أنهم مكلفون فلا بدّ أن يبلغهم الله وحيه ، ويقيم عليهم الحجة ، فكيف حصل ذلك ؟ هل لهم رسل منهم ، كما للبشر رسل منهم ، أم أن رسلهم هم رسل البشر ؟ .
إن قوله : ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم ) [ الأنعام : 130 ] يدلّ على أن الله أرسل إليهم رسلاً ، ولكنها لم تصرح بأن هؤلاء الرسل من الجن أو من الإنس ؛ لأن قوله : ( منكم ) يحتمل الأمرين ؛ فقد يكون المراد أن رسل كل جنس منهم ، وقد يراد أن رسل الإنس والجن من مجموعهما ، فيصدق على أحدهما وهم الإنس . وقد اختلف في ذلك على قولين :
الأول :أن للجن رسلاً منهم ، وممن قال بهذا القول الضحاك ، وقال ابن الجوزي : وهو ظاهر الكلام ، وقال ابن حزم : " لم يبعث إلى الجن نبي من الإنس ألبتّة قبل محمد صلى الله عليه وسلم " .
الثاني :أن رسل الجن من الإنس : قال السيوطي : " جمهور العلماء ، سلفاً وخلفاً ، على أنه لم يكن من الجن قط رسول ولا نبي ، كذا روي عن ابن عباس ومجاهد والكلبي وأبي عبيد " (1) .
ومما يرجح أن رسل الإنس هم رسل الجن قول الجن عند سماع القرآن : ( إنَّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى ) [ الأحقاف : 30 ] ، ولكنه ليس نصّاً في المسألة .
وهذه المسألة لا يبنى عليها عمل ، وليس فيها نص قاطع .
--------------------------------
(1)لوامع الأنوار البهية : 2/223-224 ، وانظر لقط المرجان : 73 .
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 26-01-2010, 07:36 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم
إلى الإنس والجن
رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم مرسل إلى الجنّ والإنس ، يقول ابن تيمية (1) : " وهذا أصل متفق عليه بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين ، وسائر طوائف المسلمين : أهل السنة والجماعة ، وغيرهم .
يدل على ذلك تحدي القرآن الجن والإنس ، ( قل لئِن اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعضٍ ظهيراً ) [الإسراء : 88].
وقد سارع فريق من الجن إلى الإيمان عندما استمعوا القرآن : ( قل أوحي إليَّ أنَّه استمع نفرٌ من الجن فقالوا إنَّا سمعنا قرآناً عجباً – يهدي إلى الرشد فآمنَّا به ولن نشرك بربنا أحداً ) [ الجن : 1-2 ] .
وهؤلاء الذين استمعوا القرآن وآمنوا هم المذكورون في سورة الأحقاف : ( وإذ صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن فلمَّا حضروه قالوا أنصتوا فلمَّا قضي ولَّوا إلى قومهم مُّنذرين – قالوا يا قومنا إنَّا سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريقٍ مستقيمٍ – يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذابٍ أليمٍ – ومن لاَّ يجب داعي الله فليس بمعجزٍ في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلالٍ مُّبينٍ ) [ الأحقاف : 29-32 ] . استمعوا للقرآن ، وآمنوا به ، ورجعوا دعاة يدعون قومهم إلى التوحيد والإيمان ، ويبشرونهم وينذرونهم .
وقصة هؤلاء الذين استمعوا للرسول صلى الله عليه وسلم يرويها البخاري ومسلم عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال : " انطلق النبي صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، وأرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم ؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب ، قالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، وانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء .
فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة ، عامدين إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن ، استمعوا له ، فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم فقالوا : ( إنَّا سمعنا قرآناً عجباً – يهدي إلى الرشد فآمنَّا به ولن نشرك بربنا أحداً ) [ الجن : 1-2 ] .
فأنزل الله على نبيه ( قل أوحي إليَّ أنَّه استمع نفرٌ من الجن ) [ الجن : 1 ] ، وإنما أوحي إليه قول الجن " (2) .
وفود الجن الذين تلقوا العلم من الرسول صلى الله عليه وسلم :
تلك كانت بداية معرفة الجنّ برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، استمعوا لقراءَة القرآن بدون علم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فآمن فريق منهم ، وانطلقوا دعاة هداة .
ثمّ جاءَت وفود الجنّ بعد ذلك تتلقى العلم من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأعطاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من وقته ، وعلمهم مما علمه الله ، وقرأ عليهم القرآن ، وبلغهم خبر السماء .... وكان ذلك في مكة قبل الهجرة .
روى مسلم في صحيحه عن عامر ، قال : سألت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ قال : فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود ، فقلتُ : هل شهد أحدٌ منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ؟ قال : لا ، ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، ففقدناهُ ، فالتمسناهُ في الأودية والشعابِ ، فقلنا : استطير أو اغتيل ، قال فبتنا بشر ليلة بات بها قومٌ ، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء ، قال : فقلنا : يا رسول الله ! فقدناك فطلبناك فلم نجدك ، فبتنا بشر ليلةٍ بات بها قومٌ . فقال : ( أتاني داعي الجنّ ، فذهبتُ معه ، فقرأتُ عليهم القرآن ) . قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم ، وسألوه الزاد ، فقال : ( لكم كلُّ عظمٍ ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم ؛ أوفر ما يكون لحماً . وكل بعرةٍ علفٌ لدوابّكم ) .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فلا تستنجوا بهما ، فإنهما طعامُ إخوانكم ) (3) .
ومما قرأه عليهم سورة الرحمن ، قال السيوطي : " أخرج الترمذي ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ في العظمة ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها ، فسكتوا فقال : ( ما لي أراكم سكوتاً ، لقد قرأتها على الجن ليلة الجن ، فكانوا أحسن مردوداً منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) قالوا : ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب ، فلك الحمد ) (4) .
ولم تكن تلك الليلة هي الليلة الوحيدة ، بل تكرر لقاؤه صلى الله عليه وسلم بالجنّ بعد ذلك ، وقد ساق ابن كثير في تفسير سورة الأحقاف – الأحاديث التي وردت بشأن اجتماعه صلى الله عليه وسلم بالجن ، وفي بعضها أن ابن مسعود كان قريباً من الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى تلك الليالي .
وقد ورد في بعض الروايات في صحيح البخاري : أن بعض الجن الذين أتوه كانوا من ناحية من نواحي اليمن من مكان يسمى ( نصيبين ) ، فقد روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أتاني وفد نصيبين – ونعم الجن – فسألوني الزاد ، فدعوت الله لهم ألا يمروا بعظم ولا روثة إلا وجدوا عليها طعاماً ) (5) .
--------------------------------
(1) مجموع الفتاوى : 19/9 .
(2) رواه البخاري : 1/253 . ورقمه : 773 . ورواه مسلم : 1/331 ، ورقمه : (449) .
(3) رواه مسلم : 1/332 . ورقمه : 450 .
(4) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، للسيوطي : 7/690 .
(5) رواه البخاري : 7/171 . ورقمه : 3860 .
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 26-01-2010, 07:37 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

دعوتهم الإنس إلى الخير وشهادتهم للمسلم
ومراتبهم في الصلاح والفساد
وفي الأحاديث أن بعض الجن كان له دور في هداية الإنس ، ففي صحيح البخاري : أن عمر بن الخطاب سأل رجلاً كان كاهناً في الجاهلية عن أعجب ما جاءته به جنيته . قال : ( بينما أنا يوماً في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع ، فقالت :
ألم تر الجنّ وإبْلاسها ××× ويأسها بعد إنْكاسها
ولحوقها بالقلاص وأحْلاسها (1)
قال عمر : صدق ، بينما أنا نائم عند آلهتهم ، إذ جاء رجل بعجل فذبحه ، فصرخ به صارخ ، لم أسمع صارخاً قط أشد صوتاً منه ، يقول : يا جليح ، أمر نجيح ، رجل فصيح ، يقول : لا إله إلا الله ، قال : فوثب القوم ، قلت : لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا ، ثم نادى : يا جليح ، أمر نجيح ، رجل فصيح ، يقول : لا إله إلا الله ، فقمت ، فما نَشِبنْا أن قيل : هذا نبي " (2) .
قال ابن كثير في تفسير سورة الأحقاف بعد أن ساق هذا الحديث : ( هذا سياق البخاري ، وقد رواه البيهقي من حديث ابن وهب بنحوه ، ثم قال : وظاهر هذه الرواية يوهم أن عمر – رضي الله عنه – بنفسه سمع الصارخ يصرخ من العجل الذي ذبح ، وكذلك هو صريح في رواية ضعيفة عن عمر رضي الله عنه ، وسائر الروايات تدل على أن الكاهن هو الذي أخبر بذلك عن رؤيته وسماعه ، والله أعلم ، ثم قال : وهذا الرجل ( الكاهن) هو سواد بن قارب ) .
وسيأتي الحديث الذي يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بأن قرينه من الجن أسلم ، فلا يأمره إلا بخير .
وقد قال أبو سعيد الخدري لأبي صعصعة : ( إني أراك تحب الغنم والبادية ، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة ، فارفع صوتك بالنداء ، فإنّه لا يسمع مدى صوت المؤذن جنّ ولا إنس ، ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة ) ، قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (3). فقد أخبر أن الجن يشهدون يوم القيامة لمن يسمعون صوت أذانه .
وهم في الصلاح والفساد مراتب :
فمنهم الكامل في الاستقامة والطيبة وعمل الخير ، ومنهم من هو دون ذلك ، ومنهم البله المغفلون ، ومنهم الكفرة ، وهم الكثرة الكاثرة .
يقول الله سبحانه في حكايته عن الجن الذين استمعوا إلى القرآن : ( وأنَّا منَّا الصَّالحون ومنَّا دون ذلك كنَّا طرائِق قدداً ) [ الجن : 11 ] ؛ أي منهم الكاملون في الصلاح ، ومنهم أقل صلاحاً ، فهم مذاهب مختلفة ، كما هو حال البشر .
ويقول الله عنهم : ( وأنَّا منَّا المسلمون ومنَّا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرَّوا رشداً – وأمَّا القاسطون فكانوا لجهنَّم حطباً ) [ الجن : 14-15 ] ؛ أي : أنّ منهم المسلمين ، والظالمين أنفسهم بالكفر ، فمن أسلم منهم ، فقد قصد الهدى بعمله ، ومن ظلم نفسه ، فهو حطب جهنم .
--------------------------------
(1) الإبلاس : اليأس ، والحزن ، والانكسار . والإنكاس : الضعف ، والهوان ، والقلاص : جمع قلوص ، وهي الناقة الشابة ، والحلس : ما يوضع فوق ظهر الدابة كالسرج .
(2) صحيح البخاري : 7/177 . ورقمه : 3866 .
(3) رواه البخاري : 2/88 . ورقمه : 609 .
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 26-01-2010, 07:37 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

طبيعة الشيطان وهل يمكن أن يسلم
أعطى الله الجنّ القدرة على الإيمان والكفر ، ولذلك كان الشيطان عابداً مع الملائكة ثم كفر .
فلما تحوّل إلى الكفر ، ورضي به ، وأصبح محباً للشرّ ، طالباً له ، يتلذذ بفعله والدعوة إليه ، ويحرص عليه بمقتضى خبث نفسه ، وإن كان موجباً لعذابه : ( قال فبعزَّتك لأغوينَّهم أجمعين – إلاَّ عبادك منهم المخلصين ) [ ص : 82-83 ] .
وهذا يكون في الإنسان ، فالإنسان إذا فسدت نفسه أو مزاجه ، يشتهي ما يضره ، ويلتذ به ، بل يعشق ذلك عشقاً يفسد عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله ، وحسبك أن تتأمل في حال شارب الخمر وشارب الدخان ، فإنّ هذين المشروبين يقتلان شاربيهما ، ويفتكان بهما ، ولا يستطيعان منهما خلاصاً إلا بشق الأنفس .
هل يمكن أن يسلم الشيطان ؟
الشيطان الأكبر الذي هو إبليس لا يمكن أن يسلم لخبر الله فيه أنه سيبقى على الكفر ، أما غيره فالذي يظهر لنا أن الشيطان يمكن أن يسلم ، بدليل أن شيطان الرسول صلى الله عليه وسلم أسلم (1) ، إلا أنّ بعض العلماء يرفض ذلك ويقول : إن الشيطان لا يكون مؤمناً ، منهم شارح الطحاوية ووجه قوله : ( فأسلم ) ؛ أي فانقاد واستسلم (2) .
وبعض العلماء يرى أن الرواية ( فأسلمُ ) برفع الميم ، أي فأنا أسلمُ منه ، ومع أن شارح الطحاوية يرى أنّ رواية الرفع تحريف للفظ ، إلا أن النووي في شرحه على مسلم قال : " هما روايتان مشهورتان " وعزا إلى الخطابي أنّه رجح رواية الضم ، وحكى عن القاضي عياض أنه اختار الفتح ، وهو اختيار النووي (3) .
وممن يرى أن الشيطان يمكن أن يسلم ابن حبان ، قال معلقاً على الحديث : " في هذا الخبر دليل على أن شيطان المصطفى صلى الله عليه وسلم أسلم ، حتى إنه لم يكن يأمره إلا بخير ، إلا أنّه كان يسلم منه وإن كان كافراً " .
وما ذهب إليه شارح الطحاوية من أنّ الشيطان لا يكون إلا كافراً فيه نظر ، فإن كان يرى أن الشيطان لا يطلق إلا على كافر الجن ، فهذا صحيح ، وإن كان يرى أن الشيطان لا يمكن أن يتحول إلى الإسلام ، فهو بعيد جداً ، والحديث حجّة عليه ، وحسبنا أن نعلم أن الشيطان كان مؤمناً ثمّ كفر ، وأن الشياطين مكلفون بالإيمان ، معذبون على كفرهم ، فالإيمان والكفر حالتان تعتوران هذا المخلوق كالإنسان .
--------------------------------
(1)الحديث الذي يخبر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم أن الله أعانه على شيطانه فأسلم ، فلا يأمره إلا بالخير ، رواه مسلم في صحيحه : 4/2168 . ورقمه : 2814 .
(2) شرح العقيدة الطحاوية : ص439 .
(3) شرح النووي على مسلم : 17/158 .
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:54 PM.