#1
|
|||
|
|||
![]()
أقدم لحضراتكم مجموعة مقالات إسلامية منوعة أرجو أن تفيدنا جميعا
وهو منقول للفائدة تدبر لا تفسير يكثر الحديث عن تدبر القرآن - وخصوصاً في هذه الأيام - وهو أمرٌ لا يختلف عليه اثنان من حيث أهمّيته, وفضله, وعظيم أثره على القلب, إلا أنَّ كثيراً مِن الناس يتوقّف تفاعله مع هذا الموضوع عند حدِّ سماعِ أهمّيتِه وفضائلِه؛ لأنه يشعر أن بينه وبين التدبر مفاوزَ, ومسافاتٍ حتى يكون أهلاً لممارسته, والتنعّمِ بآثاره, فهو يظن أنه لا بد من أن يكون على علمٍ بتفسيرِ أي آيةٍ يتدبَّرها ! بل ربما خُيِّل إليه أنه لا يجوز الاقتراب من سياجه حتى يكون بمنزلة العالم المفسر الفلاني الذي يُشار إليه بالبنان! ولله! كم حرَمَ هذا الظنُّ فئاماً من الناس من لذّةِ التدبُّر, وحلاوةِ التأمُّلِ في الكتاب العزيز! وكم فات عليهم بسببه من خيرٍ عظيم! ولا شك أن الدافع الذي منعهم من الاقتراب من روضة التدبر دافعٌ شريف, وهو الخوف من القولِ على الله بغير علمٍ. ولكنّ الشأن هنا, هل هذا الظنُّ صحيحٌ, وتطبيقه في محله؟ والجواب: ليس الأمر كذلك, فإن دائرةَ التدبُّر أوسعُ وأرحبُ من دائرة التفسير, ذلك أن فهمَ القرآن نوعان: النوع الأول: فهمٌ ذهني معرفي. والنوع الثاني: فهمٌ قلبي إيماني. فالنوع الأول: وهو تفسير الغريب, واستنباط الأحكام, وأنواع الدلالات هو الذي يختص بأهل العلم - على تفاوت مراتبهم - وهم يغترفون من علومه على قدر ما آتاهم الله تعالى من العلم والفهم ( فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ) الرعد: 17 ، وليس هذا مراداً لنا هنا بل المراد هو الآتي, وهو: النوع الثاني: - وهو الفهم الإيماني القلبي - الذي ينتج عن تأمُّلِ قارئ القرآن لما يمرُّ به من آيات كريمة , يعرف معانيها , ويفهم دلالاتها , بحيث لا يحتاجُ معها أن يراجعَ التفاسيرَ فيتوقف عندها متأملاً؛ ليحرّكَ بها قلبَه, ويعرضَ نفسه وعملَه عليها, إن كان من أهلِها حمد الله, وإن لم يكن من أهلِها حاسبَ نفسه واستعتبَ. والفهم الثاني هو الغاية, والأول إنما هو وسيلة. يقول الحسن البصري - رحمه الله -: العلمُ علمان: علمٌ في القلب فذاك العلم النافع, وعلمٌ على اللسان فتلك حجة الله على خلقه. ولعلي أضرب مثلاً يوضح المقصود: تأمَّلْ معي أخي القارئ في أواخر سورة النبأ. يقول تعالى ( إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ) النبأ: 40 . فهل هذه الآيةُ الكريمةُ تحتاجُ من المسلمِ حتى يفهمَها ويتدبَّرَها إلى رجوعٍ للتفاسير؟ كلا، بل هو يحتاجُ أن يتوقّف قليلاً؛ ليعيشَ ذلك المشهدَ المهُولَ, ويراجعَ حسابَه مع قربِ هذا اليوم: ماذا أعدّ له؟ وماذا يتمنى لو عُرضت عليه الآن صحائفُ أعماله: حسنِها وسيِّئها؟ ولماذا يتمنى الكافر أن يكون تراباً ؟ أحسبُ أن الإجابةَ عن هذه التساؤلات كفيلةٌ بأن يتحقّقَ معها مقصودُ التدبُّر ، وهذا ما قصدته بقولي - عن النوع الثاني من الفهم -: الفهم القلبي الإيماني. ومن تأمَّلَ القرآنَ, وجد أن القضايا الكلِّيةَ الكبرى واضحةٌ جداً, بحيث يفهمها عامّةُ من يتكلََّمون اللغةَ العربيةَ, كقضايا التوحيدِ, واليومِ الآخرِ بوعدِه ووعيدِه وأهوالِه, وأصولِ الأخلاقِ الكريمةِ والرديئة. وعندي من أخبارِ التأمّلات التي أبداها بعضُ العامة, ما يجعلني أجزمُ أنّ منْ أعملَ ذهنَه قليلاً - مهما كان مستواه العلمي - في هذه الموضوعاتِ، فسيظفرُ بخيرٍ عظيم. وإليك هذا الموقفُ الذي وقع لرجلٍ عامي في منطقتنا حينما سمعَ الإمامَ يقرأُ قول الله تعالى في سورة الأحزاب : ) وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (الأحزاب: 7-8 قام فزعاً بعد الصلاةِ يقول لجماعةِ المسجد: يا جماعة! خافوا الله! هؤلاء خِيرةُ الرسل سيُسألون عن صدقِهم, فماذا نقولُ نحن؟! فبكى وأبكى رحمه الله تعالى. ومن وُفّقَ للتدبُّرِ, والعيشِ مع القرآن فقد أمسكَ بأعظم مفاتيحِ حياةِ القلب,كما يقول ابن القيم: " التدبُّرُ مِفتاحُ حياةِ القلب ", وسيجد أنَّ العيشَ مع القرآن لا يعادله عيشٌ! ألم يقل الله تعالى لنبيه ( مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى ) طه: 2 ، ( لا والله, ما جعله شقاءً, ولكن جعله رحمةً, ونوراً, ودليلاً إلى الجنة ) كما قال قتادة رحمه الله. أسأل الله تعالى أن يفتح قلبي وقلبَك لفهم كتابِه, وتدبُّرِه على الوجه الذي يرضيه عنَّا وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
#2
|
|||
|
|||
![]()
اللؤلؤ والعسجد في تفعيل دور المسجد
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد: فإن المساجد بيوت الصالحين، تتعلق قلوبهم بها، ويأنسون بالجلوس فيها، وتطيب قلوبهم بملازمتها، فهم سواريها العامرة، وأوتادها الساهرة، ومنائرها العامرة، ومنابرها الزاخرة، يعيشون فيها كالأسماك في البحار إذا خرجت منها ماتت! قال - تعالى -: ((إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر...)). عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنَّ للمساجد أوتاداً؛ الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم ) ثم قال: (جليس المسجد على ثلاث خصالٍ: أَخٌ مستفاد، أو كلمة حكمة، أو رحمة منتظرة )[1]. وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (المسجدُ بيتُ كلِّ تقِيٍّ )[2]. ولهذا ولغيره ينبغي أن نهتم بالمساجد وما يطرح فيها من أنشطة لنعمرها بطاعة الله - تعالى -، فإنما الصلاة من العبادات المباركة فيها، ولكن يمكن أن يكون للمسجد أكبر من هذا الدور - على أهميته -، وهذه بعض الأفكار والاقتراحات التي أتمنى أن يُعمل بها ليستفيد الناس منها: - الاهتمام من الإمام بالخطبة الأسبوعية في يوم الجمعة، فهي في غاية الأهمية في إيصال صوت الحق إلى الخلق. - إيجاد حلقات تحفيظ قوية بالمسجد للطلاب على كافة مستوياتهم ومراحلهم، ومد يد العطاء لهذه الحلق، فهي من أنفع ما يتربى به الشباب، ويتهذب به الطلاب. - إنشاء ما يسمى بـ(جماعة المسجد) ليقوموا بالإشراف المباشر على الأنشطة المقامة فيه، وتوفير احتياجاته ومتطلباته، والتخطيط للتجديد المفيد. - استقطاب المشايخ وطلاب العلم لإلقاء الكلمات الوعظية في المسجد، وذلك بإسناد مهمة التنسيق لهذه الكلمات لأحد النشطاء في المسجد، مع دعمه بأسماء وأرقام المشايخ للتنسيق معهم، وحبذا لو جعل يوم في الأسبوع لمثل هذا النشاط، يتعارف عليه أهل الحي ليلزموه. - إقامة أكثر من درس أسبوعي في المسجد في العقيدة، والسيرة، والفقه، والسلوك، والآداب، بحيث يتم تنسيق أكثر من درس في الأسبوع، وتسند مهمة متابعة الدرس وإيجاد البديل لأحد الأخوة في المسجد حتى لا ينقطع الدرس، فيحرم الناس الخير. - تعليق لوحة إعلانات في آخر المسجد توزع بطريقة مناسبة لإعلان المحاضرات، والدورات، والأنشطة الدعوية في المدينة. - تعليق لوحة تبرز أنشطة المسجد، وما يحتاجه من دعم ومشاركة من أهل الحي. - تعليق حامل عند باب الخروج من المسجد يكتب عليه [خذ نسختك] ويزود بالمطويات، والنشرات الدورية في كل أسبوع، ويشرف عليه أحد الأخوة، ويدعم بالمال إن أمكن. - وضع صندوق للأسئلة والفتاوى في مكان بارز بالمسجد، ويرغب الناس في وضع أسئلتهم فيه، ثم يحدد يوم في الأسبوع للإجابة على الأسئلة من أحد المشايخ المعتبرين أو من إمام المسجد إن كان أهل لذلك، أو يقرأ عليهم من فتاوى العلماء ما يناسب الأسئلة، كفتاوى اللجنة الدائمة، أو فتاوى ابن باز، أو ابن عثيمين، أو ابن جبرين، أو غيرهم من أهل العلم المعتبرين رحمة الله على الجميع. - إنشاء صندوق خيري بالمسجد يقوم عليه مجموعة من الصلحاء ينفعون الأغنياء كما ينفعون الفقراء، فيدلون هذا على ذلك، ويعدون برنامجاً متكاملاً في هذا الشأن. - عقد مجلس دوري لأهل الحي (في كل أسبوع، أو نصف شهر، أو شهر، أو فصل) يجتمع فيه أهل الحي، مع إعداد برنامج متكامل لهذا اللقاء. - توزيع المطويات على الناس متزامنة مع الأحداث والوقائع لينتفع بها الناس، فهي إشارات في كلمات تناسب الواقع والحدث [الحج، بداية السنة، رمضان، ليلة القدر، نهاية السنة، عاشوراء، الاختبارات، بدع المولد، وبدع ليلة عاشوراء... وغير ذلك مما يناسب الزمان والأحوال]. - توزيع الكتب والأشرطة عليهم بصفة دورية، ويقوم عليها الثقات، ويدعمون بالاشتراكات الدورية ليستمر العمل. - إعداد مسابقات ثقافية مكتوبة توزع لأهل الحي تناقش المنكرات فيه مثلاً، ويحدد زمانها وشروطها، ويعد حفل لتوزيع الجوائز والحوافز للمشاركين فيها، وهي وسيلة دعوية لغزو البيوت، وإيصال الخير إليها، وخصوصاً إذا كانت المسابقة على كتاب تحسن قراءته، أو شريط يحسن الاستماع إليه، مع توفيره لهم. - القيام برحلة فصلية لجماعة المسجد على استراحة مناسبة، وإعداد برنامج متكامل لهم. - القيام ببعض المعارض المناسبة في ملاحق المسجد، وفتحها للناس، مع الدعوة إليها، والدعاية لها، ويمكن التنويع فيها بما يناسب الناس. - تعليق حامل للكتيبات، توضع فيه الكتيبات المناسبة باستمرار، ويكتب عليها: للاستعارة فقط. - إيجاد مكتبة للمسجد تحفل بما يمكن جمعه من أمهات الكتب والمراجع، ويمكن تحريكها عن طريق طلاب التحفيظ، والمسابقات الثقافية الدورية لأهل المسجد، وجمع الناس فيها أكثر من مرة ليألفوا دخولها والاستفادة منها. - بناء مغسلة موتى ملحقة بالمسجد مع تزويدها بكل مستلزمات الغسيل والتكفين، مع توفير مغسل ومغسلة للموتى إن أمكن، وحبذا لو كان الإمام أو المؤذن ليسهل الوصول إليه، والاستفادة منه. - إنشاء مستودع خيري مناسب تجمع فيه الصدقات العينية والتبرعات الشهرية وما يمكن الاستفادة منه من ملبوسات وفرش وأثاث، لتوزيعها على أهل الحاجة في أماكن تواجدهم، ويشرف عليه مجموعة مأمونة من أهل المسجد بإشراف إمامه. - التنسيق لإقامة محاضرة في كل شهر لأهل الحي بالتنسيق مع أحد المشايخ والإعلان عنها. - التنسيق مع أحد المفتين للاستضافة في المسجد أو عبر الهاتف للإجابة على أسئلة الناس، وتحديد الزمان لها. - إنشاء موقع للمسجد عبر الشبكة العنكبوتية، وينشر بين أهل الحي للاستفادة منه، ويقوم عليه الأخيار ومن لديه قدرة على المشاركة الفاعلة فيه. - الإفطار الجماعي في رمضان أو الأيام الفاضلة والمستحب صيامها كعاشوراء أو يوم عرفة لغير حاج، أو في أيام العيدين، مع إعداد برنامج مرافق لهذا النشاط يناسب الأحوال والمناسبات. - إنشاء تحفيظ نسائي بالمسجد (دار الحافظات) يتم من خلاله إقامة مجموعة من الأنشطة التربوية للنساء كالمحاضرات، والدورات العلمية والمهارية، وغير ذلك مما فيه مصلحة للنساء. - تكوين لجنة للزيارات مهمتها الأساسية زيارة من يتخلفون عن الصلوات لدعوتهم إليها بالأسلوب الحسن، والطريق الأمثل، وكذلك زيارة رواد المساجد حين مرضهم أو حصول ما يكره لهم أو لذويهم، وغير ذلك مما حث الشارع عليه ورغَّب فيه. - التنسيق مع المؤسسات الخيرية والدعوية والإغاثية لعرض أنشطتها في المسجد، أو في اللقاء بأهل الحي لدعمهم لها، وللاستفادة من أنشطتها. - تكوين جماعة من أهل المسجد للإصلاح بين أهله حين وقوع الخصومة بينهم من أهل الرأي والحكمة والمشورة، وأهم مهماتها الإصلاح بين الناس، ودفع غوائل الشر والخصومة والقطيعة والجفوة بينهم. - تكوين مجموعة أخرى من أهل العلم والحكمة والروية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحي، فهم يجوبون الحي ليتعرفوا على منكراته، ثم يُعدون الأنشطة المناسبة لكل منكر بما يلزم لتغييره، فيأخذوا على يد السفيه، ويأطروه على الحق أطراً، ويمكن أن يستفيدوا من القنوات الرسمية في ذلك إذا لزم الأمر. - تكوين لجنة اجتماعية في المسجد هدفها خدمة أهل الحي بما يحتاجون، كالسعي في توظيف شباب الحي العاطلين، أو التنسيق مع دورات الحاسب الآلي لدراستهم فيها إذا عُدمت الوظيفة، أو غير ذلك مما يحتاجه الناس في دنياهم، وأتصور لو أن المسجد قام بمثل هذا الدور لكان له أبرز الأثر في حياة الناس، وربطهم ببيت الله، فهو واحتهم الوارفة، وشجرتهم الظليلة. * والمهم في تنشيط دور المسجد أن تكون جماعة للنشاط مهمتها الأساسية دعوة أهل الحي إلى الخير، والتجديد في ذلك بما يوافق الشرع، فإذا وجد من يحمل الهم، ويتحمل المسئولية؛ جاء الخير، وأقبل المعروف، وشع النور، والله عليم بما في الصدور. |
#3
|
|||
|
|||
![]()
أهل القرآن هم أهل الله
الحمد لله ذي الفضل والإحسان، أنزل كتابه فحفظه من الزيادة والنقصان، ويسّر حفظه حتى استظهره صغار الولدان، وأصلي وأسلم على نبينا محمد سيد كل إنسان، أما بعد: فإن القرآن العظيم هو كلام الله - سبحانه وتعالى -، وهو كتاب الله المبين، وحبله المتين، وصراطه المستقيم، وتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين، بلسان عربي مبين، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وهو سور محكمات، وآيات بينات، وحروف وكلمات، من قرأه فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات، له أول وآخر، وأجزاء وأبعاض، متلو بالألسنة، محفوظ في الصدور، مسموع بالآذان، مكتوب في المصاحف، فيه محكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، وأمر ونهي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}1. ولما كان للقرآن العظيم كل هذه الفضائل وغيرها مما لم نذكره فإن لأهله أيضاً فضل عظيم لأنهم يحفظون ويتلون, ويقرؤون كلام علام الغيوب، فهم أهل الله وخاصته كما سيأتي في كلام سيد ولد عدنان - صلى الله عليه وسلم -، وكيف لا وقد ورد في فضل القرآن وتلاوته فضائل عدة سنذكر بعضاً منها ونسأل الله التوفيق والسداد: أهل الله وخاصته: فقد جاء في حديث عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لله - تعالى - أهلين من الناس، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القران، أهل الله وخاصته))2. شفيعاً لأصحابه: فعن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة))3. رقي صاحب القرآن في درجات الجنة: فصاحب القرآن يرتقى في درجات الجنة بقدر ما معه من الآيات لحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقال لصاحب القرآن: اقرأ و ارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا؛ فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها))4، والقرآن يقدم صاحبه عند الدفن لحديث جابر - رضي الله عنه -: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد))5. نزول الملائكة والسكينة والرحمة للقرآن وأهله: فقد جاء في حديث أبى هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))6. (يتلون كتاب الله ويتدارسونه) أي يتعاهدونه خوف النسيان. مضاعفة ثواب قراءة الحرف الواحد من القرآن أضعافاً كثيرة: لحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول (آلم) حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف))7. إكرام حامل القرآن من إجلال الله - تعالى -: فعن أبى موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))8، ومعنى قوله: (إن من إجلال الله) أي تبجيله وتعظيمه، (غير الغالي فيه) والغلو هو التشديد ومجاوزة الحد، (والجافي عنه) أي وغير المتباعد عنه، المعرض عن تلاوته، وإحكام قراءته، ومعرفة معانيه والعمل بما فيه. صاحب القرآن يلبس حلة الكرامة وتاج الكرامة: فعن أبى هريرة - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيقال: اقرأ وارق، ويزاد بكل آية حسنة))9. القرآن يرفع صاحبه: لحديث عمر - رضي الله عنه - قال: أما إن نبيكم - صلى الله عليه وسلم - قد قال: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين))10، ومعنى قوله: (يرفع بهذا الكتاب) أي بقراءته والعمل به (ويضع به): أي بالإعراض عنه، وترك العمل بمقتضاه. خيركم من تعلم القرآن وعلمه: ففي حديث عثمان - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))11. وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن: قال طلحة بن مصرف: سألت عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنهما -: ((هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى؟ فقال: لا، فقلت: كيف كتب على الناس الوصية أو أمروا بالوصية؟ قال: أوصى بكتاب الله))12، قال الحافظ: قوله (كيف كتب على الناس الوصية) أو كيف (أمروا بالوصية) أي كيف يؤمر المسلمون بشيء ولا يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -13. دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يتلو القرآن بالرحمة: فقد ثبت في حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل قبراً ليلاً، فأسرج له سراج، فأخذه من قبل القبلة، وقال: رحمك الله إن كنت لأواهاً، تلاء للقرآن، وكبر عليه أربعاً))14، ومعلوم أن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - مستجاب. فضيلة حافظ القرآن: في حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، ريحها طيب، وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها، وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ريحها طيب، وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح، وطعمها مر))15. فضل الماهر بالقرآن وأجر الذي يتتعتع فيه: ونص على ذلك في حديث عائشة رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران))16، والسفرة هم هنا الذين ينقلون من اللوح المحفوظ. استماع الله - تعالى - لمن يتغنى بالقرآن: لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه كان يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أذِن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن))17، ومعنى قوله (أذِن) أي استمع، ومعنى قوله (يتغنى بالقرآن) أي تحسين الصوت به. غبطة صاحب القرآن: فعن ابن عمر - رضى الله عنهما - قال: قال رسول - الله صلى الله عليه وسلم -: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله مالاً فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار))18، والحسد المذكور في الحديث هنا هو الغبطة وليس الحسد المذموم. حفظ القرآن خير من متاع الدنيا: لحديث عقبة بن عامر الجهني - رضي الله عنه - قال: خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في الصفة فقال: (أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان والعقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله، ولا قطع - قطيعة - رحم؟) قالوا: كلنا يا رسول الله، قال: فلئن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خيرا له من ناقتين، وإن ثلاث فثلاث، مثل أعدادهن من الإبل))19. فضائل متنوعة للقرآن: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله - وفي رواية: يا ويلي - أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار))20. الله - تعالى - يباهى بالمجتمعين على القرآن الملائكة: لحديث معاوية - رضي الله عنه -: ((أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - خرج على حلقة من أصحابه فقال: ما يجلسكم؟ فقالوا: جلسنا نذكر الله - تعالى -، نحمده على ما هدانا الإسلام، ومنَّ علينا به، فقال: أتاني جبريل - صلى الله عليه وسلم - فأخبرني أن الله - تعالى - يباهي بكم الملائكة))21. فأي فضلٍ أكبر وأحسن وأعظم أن يباهي الله - تعالى - بعباده ملائكته، نسأل الله - تعالى - بمنه وكرمه أن يجعلنا من أهل القرآن وخاصته, وأن يجعله شفيعاً لنا يوم لقاه، وأن يرزقنا العمل به إنه على كل شيء قدير. والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير مبعوث رحمة للعالمين. |
#4
|
|||
|
|||
![]()
بين الوسائل والأهداف
كثيراً ما نسأل عن أهم الوسائل وأنجع الطرق لتحقيق أهدافنا بوجه عام وأهدافنا الدعوية والتربوية بوجه خاص ، وهذا السؤال ينم عن حرص وإدراك لأهمية الوسائل في تحقيق الأهداف ، ولكن إذا أمعنا النظر في هذه المسألة ( وهي مسألة الوسائل وأهميتها ) نجد أن هناك ما هو أهم من الوسائل ومقدم عليها وفي نفس الوقت جالب لها ؛ ألا وهي الإرادة الجازمة لتحقيق الأهداف . فلو ضربنا مثالاً بسيطاً نعيشه في حياتنا نجد أن كثيراً من الناس يسأل عن أهم الطرق المعينة على الاستيقاظ لصلاة الفجر وهذا سؤال جيد لا مانع منه لكن هذا الشخص بعينه لو قيل له إذا قمت في وقت صلاة الفجر وحضرت إلى المكان الفلاني -وهو بعيد عن بيته- فلك ألفٌ أو أكثر فإنه في هذه الحالة لن يسألك عن أفضل الطرق للاستيقاظ ، وقس على هذه المسألة ما شئت ، فهذا المثال وما يشبهه دليل على أهمية الإرادة الجازمة فالإنسان إذا كان عنده إرادة جازمة لم يبق له بعد توفيق الله تعالى إلا الوسائل ، وهي وإن كانت مهمة إلا أن أمرها سهل ويسير فالإرادة الجازمة تجعل الإنسان يفكر بجدية أكثر في تحقيق أهدافه ويستطيع أن يبتكر أساليب ووسائل جديدة ومفيدة . وإذا أردنا تطبيق هذه القاعدة على الحلقات القرآنية نقول لمشرفيها ومدرسيها أخلصوا النية واعزموا القصد ، وأما الوسائل فهي متاحة ومنتشرة يسهل الوصول إليها . |
#5
|
|||
|
|||
![]()
التهرب من المسؤولية فن !
الأحداث والأزمات التي تمر على الأمة من خير أو شر لا بد أن تحمل في طياتها فوائد ودروس وعبر ؛ ليعيد الإنسان حساباته ويراجع المسار الذي يسير عليه فإن كان ثمة خطأ أو زلة تاب واستغفر وأقلع مع اعتراف وتحمل مسؤولية ذلك ، ومن ثم يسلك جادة الصواب أياً كان موقعه ، وليس هذا عيباً بذاته ، وإنما العيب كل العيب التمادي فيه ، وإقناع النفس ، والآخرين بصوابه وسلامته ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون " رواه الترمذي ، وأحمد وصححه الحاكم . مع البعد عن الأسباب التي تؤدي به إلى الوقوع في الخطأ نفسه بصورته أو بصورة أخرى ، أو الوقوع في الخطأ المضاد . تحمل المرء جريرة عمله ، وما ينتج من سوء عمله بعيد المنال ، بل قد يكون التبرأ ديدنه ، والتملص من تبعاته شعاره لاسيما عندما يتعدى إلى الغير ، أو كان للأحداث والمصائب النابعة عنه تبعات . وللتهرب من المسؤولية ، والتملص منها صور وأشكال ، ولدهاء محترفيها وذكائهم اسطاعوا أن يتفننوا في ذلك ، وأن يخففوا تبعاتها على أنفسهم ، وأن يجعلوا آخرين شركاء لهم في ذلك . والله سبحانه ذكر صوراً لذلك ، وذلك يوم القيامة عندما ينكشف المخبوء ، ويعظم الهول والكرب ، حينها لا يستطيع المرء تحمل جريرة عمله فضلاً عن أعمال غيره . قال الله جل جلاله : { وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ{21} وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}." إبراهيم آية : 21، 22". وقال عز من قال : {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{11} لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ{12} .... إلى قوله : {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }. " الحشر آية : 10ـ 16" والتاريخ مليء بالصور من هذا القبيل ، فالأحداث والأزمات السابقة شاهدة على ذلك ، حين بدايتها كان هناك سراب من الأمل والخير ، وجوانب مشرقة ، وسلبيات وأضرار تلك الأحداث والأزمات لم تبرز بعد فكان البعض يفتخر بها ، ولا يريد أن تنسب لغيره لكن سرعان ما تملص منها ، وسحب بساطه منها ، وانزوى جانباً ليتوارى من القوم لعظم الكرب . أما زمننا هذا ففيه من العجب العجاب ، تملص وانسحاب مما جنته الأيادي على مستوى المجتمع بدءًا من رب الأسرة فما كان من خير فلا يريد أن ينسب لغيره ، وما كان سوى ذلك فاللوم على الغير من مدرسة ، وحي و ..... ومررواً بمحاضن التربية والتعليم فالتخلف العلمي ، والانحراف في الأفكار والسلوك ، فمرة يلصق اللوم بالمدرس ، ومرة أخر بالطالب ، وأصابع تشير إلى السياسة العامة للتعليم ، ودراسة مطولة مفادها أن المناهج ليست بمنأ من اللوم ، وأنها تحمل العبء الأكبر .......... وهلم جرا . والانحراف الأخلاقي والسلوكي سيما في أوساط الشباب من الجنسين ، وظهور الحالات الشاذة مَنْ المسئول ؟ ! هل هو الأب ؟ فالأب يضع اللوم والعتاب على الغير ، أم هي القنوات الفضائية ، والوسائل المغريات الأخرى ؟ أم هو الشاب نفسه ؟ أم المسئول الجليس والصاحب ؟ أو يتحمل مسؤولية ذلك الدولة لأنها معنية بحفظ أعراض الناس وأخلاقهم ، وأنها لم تقف حصنناً منيعاً أمام السيل المنهمر من الانحرافات الخلقية وأربابها ، مع أنها وقفت أمام ما هو أشد من ذلك ، واستطاعت أن تحد من شره . وأنها أغفلت سلطة الرقابة في هذا الجانب ، أو أن المسئول ....... وهكذا دواليك في إلقاء اللوم ، والعتاب ، وتحميل المسؤولية الغير ، واتهام من كل ِّجنس ، والانسحاب بأقل الخسائر في مواضيع وقضايا أخرى : البطالة وفشوها ، والعنوسة بين الجنسين ، والطلاق والتفكك الأسري والفقر ، وظاهرة التسول ، ....... يرمي الأنَام بدائه ويَزِنُّهمْ بَهَناتِه ويَصُدُّ أو يتسلَّلُ مع أن كل فرد من المجتمع يتحمل عبء المسؤولية كل بحسبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمر : " كلكم راعٍ ، وكلكم مسئول عن رعيته : الإمام راع ومسئول عن رعيته ، والرجل راعٍ في أهله وهو مسئول عن رعيته ، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ، والخادم راعٍ في مال سيده ومسئول عن رعيته ، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته " متفق عليه . ومن العجائب في هذا الزمان ، الذي هو مضرب المثل في التفنن من التهرب من المسؤولية ؛ أننا نجد أن طروحات وأفكار ، ورسم خطط كثيرة ، منها المصيرية من بعض من تصدر للناس لتوجيههم ، وأخذ على عاتقه إرشادهم ، وحملهم على قالب النجاة ، والوقوف صلداً أمام العدوان وأهله لصده ودحره ، وإيقاف الأمة على الحقائق ، أو ممن تولى السير بالبلد إلى الأمام ليواكب حضارة هذا العصر ، ومنافسة البلدان الأخرى ؛ أو من صاحب القرار قرارات تحمل في طياتها مصلحة الفرد والمجتمع ؛ سالكاً طرق ووسائل شتى للإقناع والتحسين من مسموع ومقروء مؤيدة بدراسات ، وشهادات من قوم أخر ؛ فإن كان ثمت إيجابيات لتلك الطروحات والأفكار ، وجوانب مشرقة ، ونجاح لتلك القرارات ولو من زاوية ضيقة سواءً على نطاق المجتمع ، أو الأمة ، أو كان الصواب حليفه قال : هذا ما كنا نبغي ، ونحمد الله أن هيأ لنا هذا الطريق ، ونشكره على هذا التوفيق والسداد ، وبدأ يعتز بتلك الطروحات ، والأفكار ويشيد بها ، رافعاً بها رأسه . أما إن كانت طروحاته وأفكاره سلبية على الأمة والمجتمع ، وبدأت المصائب تلاحق الأمة من تلك الأفكار والطروحات ، وغيرها من الطروحات نجده يتسلل منها لواذاً ، ويتبرأ منها بلباقة ودهاء ، ويجعل مسؤولية تلك الطروحات دائرة ما بين المخاطب حيث فهمها على غير المراد ، أو على من تصدر لتوجيه الأمة بأسلوب تجعل المستمع يخرجه من دائرة المسؤولية ، مع أنه في يوم من الأيام يشكر الله أن كان خمس خمسة تصدروا لتوجيه الأمة ، وتحملوا همومها وشجونها . أو ِأن يحمل تبعات تلك القرارات من تحته من النفعيين والمتغلغلين الذي لا يشتغلون إلا من وراء الكواليس ، ومن تحت الظلام ، ولا همّ لهم إلا مصالحهم الذاتية . بما أن الوعي تغلغل في أوساط الأمة ، وأن فيهم من الذكاء والدهاء مثل ما في غيرهم ، وأن العُصب التي كانت على أعينهم قد أزيحت ؛ فما عادت تنطلي عليهم الأمور مثل ما كانت في السابق ، فعلم ووعي وبصيرة تجعل المرء يدرك الأمور على حقيقتها بجلاء ، وتجعله يميز بين الحق والباطل ، والخير والشر ؛ فلن يمر عليه هذا الانسحاب بسهولة ، بل يعده نوعاً من الاستغفال ، والاحتقار للعقول ، والتقليل من شأن الغير . ولهذا اضطر أصحاب تلك الطروحات والأفكار للتخلص من تبعاتها ؛ فمرة بتذكير الأمة بالطبيعة البشرية ، وأن الخطأ وارد فلا عصمة في ديننا لغير نبينا ، ومرة أخرى أن من الوعي لدى الأمة تجاوز السنن العجاف ، وطي صحائف تلك المرحلة ونسيانها ، وما استودع فيها من طروحات وأفكار ، والبدء من جديد معاً ، وتكثر في أدبيات هذه المرحلة الحث على العفو ، و الصفح عن الماضي ، وينتشر في الأفق مقولة " عفا الله عما سلف " هذا ما يريده من الأمة . أما هو فلم يغير في نفسه شيء يذكر مما كان سبباً في مجانبته للصواب ، فثقة بالنفس تجعله لا يصغي للغير ، مع استبداد بالرأي والحل ، وآلية ذات ألوان يسير عليها ؛ ليرضي جميع الأطياف والأطباق ، ويطأ الأمور بِظَلَفٍ فيتحرك لينهض فيَرسب . طأْها برفق ولا توغِلْ فتسقط في *** وحْلِ الهوى وبعيد منه إفْلاتُ والتأثر بالجماهيرية لم يفارقه ، والضجر من النقد الهادئ ظهر على محياه ، والحساسية الزائدة من الآخر أبت إلا الظهور ، وصب جام غضبه على مخالفه لم ينقطع بعد ، والمؤشرات التي تشير إلى عدم تقديره للعواقب ، وما تؤول إليه الأمور تلوح بالأفق . وعوائد استحوذت على علقه وفكره ، لها تواجد عند معالجة الأمور ، والإدلاء بالطروحات والأفكار ، والخروج بالقرارات والتوصيات ، والعوائد أملك . ومن يتعوَّد عادة ينجذِب لها *** على الكُره منه والعوائد أمْلَكُ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . إبراهيم بن محمد سليمان السعوي القصيم ـ بريدة |
#6
|
|||
|
|||
![]()
أداء العمل ....بين ضعف الاحتساب وخوف المحاسبة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ....وبعد...!!! لا تكاد تطلع على أي عمل من الأعمال- تنتسب إليه أو لا تنتسب إليه -إلا وتمتد من أمامه ومن خلفه شباك ؛ تختلف من مكان لآخر ومن عمل لآخر في سمكها وقوتها وعظمها -تشبه شبكة الصياد ‘ تلك التي يقع في شراكها ما هب ودب وما صغر وكبر ،ومن قصدت ومن لم تقصد . ما نوع تلك الشراك وما هدفها ؟؟؟ إن المتأمل في البون الشاسع بين ما يتم تنفيذه من الأعمال كلفة وآخر احتساب ،تجد أن الناس يتفاوتون في مدى الجدية ومن جهة أخرى في الإنتاج وحصول الثمرة،لأن مسألة الرقابة الدنيوية تعطي طابعا آخر للعمل من ناحية الانضباط من عدمه ، ربما بلغت أوجها في نفوس المغرر بهم أو من سقط في أيديهم . بينما الرقابة السماوية لا تسهم في توجيه العمل عند البعض إلى الصواب وتحري القبول، ولا تزرع في سلوكهم فضلا عن قلوبهم معاني الخوف والمراقبة . قال تعالى:"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون،وستردون الى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون". التوبة. لماذا؟؟ هل هناك أسباب عكسية من واقع العمل تحتم علينا أن نغلق باب المراقبة ؟؟ لعلك تجيب بـ لا!! وأنا أخالفك القول بأن الميدان التربوي وغير التربوي في مجتمعاتنا تفوح بالنتائج العكسية السلبية الغير منضبطة -جراء سلوك نجم عن خطأ أو سلوك غير مستقصد أو كلمة أريد بها حق دبلجها الموقف باطلا، أو سوء فهم من الوجه الآخر،التي ولو قدر لنتائجها أنها ! تخالف أمرا أو نهيا شرعيا لما رأينا للغضب مسرحا ، ولم يتمعر لها وجه ينطق "بكلمة الحق" -وقد انتهكت محارم الله-أو قيل ما لا يحمد عقباه . إن من أهم أسباب التباطؤ في الأداء وسلبية الانتاج : أولا : انعدام الرقابة الإلهية في نفوس العاملين وعدم استشعارها كما هو الحال في الرقابة الدنيوية كما هو ملموس . ثانيا :عدم الإيمان بأهمية المرجعية في أي عمل أو مهنة سواء المرجعية العليا أو سلطة اتخاذ القرار؛ حيث أن لها دور كبير في توجيه العمل وفق الضوابط ، ودورها يبرز في كونها تنظم سير العمل وفق آلية وتقيمه .، فتجد أن من المعوقات النفسية عند العاطل هي القوانين التي تتحكم في كثير من الأعمال أو الرئيس أو المسؤل . ثالثا: ما سبق الإشارة إليه -من كون الدافعية للعمل الإلزامي تفوق قابلية العمل التطوعي -في كثير من الأحوال-والالتواء عند قبوله ، والتقاعس عن الاهتمام به ، والانهزام عند الإخفاق فيه، والاتكالية في تنفيذه - ربما يكون ذلك طوعا للذات الأمارة بالسوء أو المتقاعسة عن فعل الخير للغير ؛الموطنة بحب المحفزات والمرغبات أيا كان نوعها ،وقد قال الله تعالى " ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون".وقال عليه الصلاة والسلام "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف .وفي كل خير". رابعا: قلة الاطلاع ، والابتعاد عن القراءة ،التي تسبب انعدام المصادر التي تثري العمل وتلم بجوانبه، والتعصب للرأي دون الرأي الآخر، والتباطؤ في إصدار القرار ،وفي ذلك إشكالية كبيرة ربما تقف دون نضوج العمل أو تلحق به البوار أو تؤدي إلى إنزال الناس أكبر أو أصغر من منازلهم ومما يدل على أهمية الاطلاع أول ما أنزل من القرآن قوله تعالى في سورة الأعلى "اقرأ" وقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم " من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم".وإذا فقهك الله في الدين فقد أراد الله بك خيرا سواء لنفسك أو للآخرين . ولن ينال الانسن العلم حتى يحقق مطالبه التي تدل عليه كما قال الشاعر: أخي لن تنال العلم إلا بسـتة سأنبيك عن تفصيلها ببيان ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وصحبة أستاذ وطول زمان فبالعلم ترفع الجهل عن نفسك وتسمو تسمو إلى معالي الأمور . خامسا : الانغلاق عن المجتمع والإحجام عن فهم كثير من المسلمات أو غير المسلمات ،وعدم الانفتاح على الآخرين لتدارس أفكارهم والنهوض بخبراتهم لسبب أو لآخر؛ سببه القوقعة حول الذات ، والنظرة السلبية أو عدمها للآخرين ،مما يسبب انفصام الشخصية، وعدم تفهمها لأهمية التعاون الذي دعا الله إليه في كتابه بقولة "وتعاونوا.."وأهمية التواصل مع الآخرين حتى تبدأ من حيث انتهى إليه الآخرون "...ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ". سادسا : عدم النظر إلى قيمة العمل وأهميته ،وخاصة الأعمال الخيرية التي لا يحدها ضابط ولا يشملها قرار أو نظر مسئول ، فحينما لا يعطى العمل حقه ومستحقة من المكانة والأهمية ، ينقص ذلك من مكانته وأهميته ،وحينما لايراعى أي عمل من ناحية توثيقه، أو دراسته،أو إمعان النظر فيه وتحري النجاح من ورائه والوصول إلى إتقانه وتحقيق أهدافه ، حينها لن تستطيع أن تقدره حق قدره أو تصل إلى ثمرته ،أو تؤديه كما ينبغي على أقل تقدير . وقد قال عليه الصلاة والسلام " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ". سابعا : إسناد العمل لغير أهله ،وذلك من وجوه متعددة بحيث يسند إلى شخص عملا لا يستطيع أن يلم بجوانبه لوحده ،أو يكون العمل لا يناسب درجته العلمية ، أو يحتاج العمل لجدية أكبر عند تنفيذه لا تناسب ذلك الذي يقلل من أهمية كثير من الأعمال ،أو يوضع الرجل في تخصص لا يناسبه وهكذا .فالأمي لن يمتهن التعليم قبل أن يؤهل.ولكل مقام مقال " فإسناد الأعمال لمن هم أهل لإدارتها والقيام بها خطوة كبيرة في طريق النجاح ،وبداية لنهاية واعده بالإتقان وبلوغ المرام . أما حينما نراعي ضوابط أي عمل نريد تنفيذه أو نسعى إلى إنجاحه ،فاننا بإذن الله نبلغ القصد ، ونصل إلى المطلوب وننتظر النجاح " . ثامنا : الخوف من النتائج السلبية للعمل أيا كان نوعه ، أو الخوف من الظهور بمظهر لا يحقق النجاح والتفوق .فتجد طاقته محدودة، خائفا من الاحراجات واحتقار الآخرين له ، مع أن المتطلب منا جميعا بعد الاستعانة بالله أن نحدد الأهداف بوضوح ، وندير المشروع والمهمة بنجاح ، ثم نمضي قدما متفائلين ولنعلم جميعا أن من اهم قوانين الابداع في الأعمال هو "الاصرار". وأخيرا: قلة الحوافز ليست معيارا للنجاح في أي عمل على كل حال وليست سببا للإخفاق ، فالحاجة إلى ما يكفل بتنظيم العمل ويضمن تأمين احتياجاته ،هي الأولى بالاهتمام من أن يكون هناك حافزا يقلل من أهمية العمل حال حجب ذلك الحافز ، أو يزيد من قيمة عمل لا وزن له ،لأنا نحتاج إلى مسألة الاحتساب وخاصة في الأعمال الخيرية التي تؤتي أكلها كل حين وتنتج ثمرتها ويرتجى النفع من ورائها . وعلى كل حال فمتى ما قدمت لعمل ما القليل أعطاك الكثير ، ومتى ما سعيت في عمل لإنجاحه و استعنت على ذلك بعد الله بأسباب النجاح حينها سترى تلك الايجابية الكبيرة في النهوض بمستواه والرقي به . الله عز وجل يقول " وإذا عزمت فتوكل على الله ".وهم يقولون :"لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد".وكلام الله أبلغ في اللفظ والمعنى وأقوى في الحجة والبرهان وأقرب إلى الوضوح والدلالة ، لأنه لا غنى للعزيمة عن التوكل والتوكل أقوى أسباب النجاح . والمبادرة إلى العمل وخاصة العمل الذي فيه الخير للغير وفيه النفع للناس والطير والدواب مما يحث عليه الشارع الكريم ومما تحمده الشريعة الإسلامية ،فقد قال عز وجل "سابقوا... " وقال "وسارعوا". وقال"وقل اعملوا ... " كلها آيات عظيمات تحث على المبادرة إلى الخيرات و الأعمال الصالحة النافعة والمتعدية النفع . وفي الختام دعوني اهمس في أذن كل قاعد عن العمل أو متقاعس عن نفع الآخرين والى كل من أبى الحسبة ولذة الاحتساب ورضي بالإشادة وإشارة البنان ، أهمس في آذانهم وأقول اعملوا وجددوا الثقة بأنفسكم وليكن طموحكم عليّا يصل الثريا، واخلصوا في أعمالكم فكل ميسر لما خلق له "و ما عند الله خير وأبقى والعمل للباقية خير وأبقى من العمل للفانية ،والعمل محمدة و شرف للمرء وعون له عل حصول الخير ، ولا يعوق سعيك الآخرين ، ولتكن خشيتك من الرقيب الأعلى مقدمة على الخوف من الرقيب الأدنى. وليعلم أرباب البطالة أن الفرد الايجابي في المجتمع خير وأحب إلى الناس من العاجز الكسول . |
#7
|
|||
|
|||
![]()
أحكام تتعلق بالمصحف
الحمد لله رب العالمين، القائل: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُون * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ} (77-80) سورة الواقعة، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فإن الله - سبحانه وتعالى- أنزل كتابه الكريم على النبي - صلى الله عليه وسلم- ولم يكن مجموعاً حينها في مصحف بل كان محفوظاً في صدور الرجال، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- كل ما نزلت عليه آيات أمر بكتابتها، فكان القرآن في صحف وأوراق، وكان مرتباً كما هو الآن في سوره وآياته إلا أنه كان في صحف لا في مصحف. ولما جمع المصحف في عهد عثمان -رضي الله عنه- كان الأمر جديداً بالنسبة للصحابة -رضي الله عنهم-، فأشكلت عليهم أمور تتعلق بكتاب الله في شكله الجديد، فأثروها بعلمهم ونقاشهم، ودرج على ذلك علماء الإسلام من بعدهم، وها نحن - إن شاء الله- في معرض بعض من تلك الأحكام: أولاً: كتابة المصحف وجمعه: في المصحف ثلاث لغات: ضم الميم "المُصحف"، وكسرها "المِصحف" وفتحها "المَصحف" فالضم والكسر مشهورتان والفتح ذكرها أبو جعفر النحاس وغيره(1). عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه و سلم- قال : (لا تكتبوا عني شيئاً سوى القرآن من كتب عني شيئاً سوى القرآن فليمحه). قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه(2). وكان بعد أن استشار أبو بكر الصحابة -رضي الله عنهم- في جمعه في مصحف، فأشاروا بذلك، فكتبه في مصحف، وجعله في بيت حفصة أم المؤمنين -رضي الله عنها-. فلما كان في زمن عثمان -رضي الله عنه- وانتشر الإسلام، خاف عثمان -رضي الله عنه- وقوع الاختلاف المؤدي إلى ترك شيء من القرآن، أو الزيادة فيه، فنسخ من ذلك المجموع الذي عن حفصة الذي أجمعت الصحابة عليه مصاحفَ، وبعث بها إلى البلدان، وأمر بإتلاف ما خالفها، وكان فعله هذا باتفاق منه ومن على بن أبي طالب وسائر الصحابة -رضي الله عنهم-(3). وعليه فيستحب كتابة المصحف، وتحسين كتابته وتبيينها وإيضاحها وتحقيق الخط(4). أخذ الأجرة على كتابة المصحف: العلماء على قولين: - الكراهة: وقد جاء عن ابن سيرين أنه قال: نكره لكاتب المصحف أن يأخذ على كتابها أجراً(5). - الجواز: فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه سئل عن أجرة كتابة المصحف فقال: لا بأس إنما هم مصورون، وإنهم إنما يأكلون من عمل أيديهم(6)، وعن مجاهد وابن المسيب والحسن أنهم قالوا: لا بأس به على غير شرط(7). وأحق الناس بكتابة المصاحف مضر: فقد أخرج ابن أبي داود عن إبراهيم التيمي، قال عبد الله: لا يكتب المصاحف إلا مضري(8). نقط المصحف: قال النووي: نقط المصحف وشكله مستحب؛ لأنه صيانة له من اللحن والتحريف (9)، وأما كراهة الشعبي والنخعي النقط، فإنما كرهاه في ذلك الزمان خوفاً من التغيير فيه وقد أمن ذلك اليوم فلا منع(10). رسم المصحف: رسم المصحف يراد به الوضع الذي ارتضاه عثمان -رضي الله عنه- في كتابة كلمات القرآن وحروفه، والأصل في المكتوب: أن يكون موافقًا تمام الموافقة للمنطوق من غير زيادة ولا نقص ولا تبديل ولا تغيير(11). ويجب أن تتَّبع القواعد التي ذكرها العلماء في هذا الباب، ولا يخرج عنها. ترتيب السور والآيات: قد وقع خلاف كبير بين العلماء هل هو بالنص أو بالاجتهاد، قال شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية: ترتيب السور بالاجتهاد لا بالنص في قول جمهور العلماء من الحنابلة والمالكية والشافعية فيجوز قراءة هذه قبل هذه، وكذا في الكتابة(12)، وأما ترتيب آيات السور فهو منزل منصوص عليه، فلم يكن لهم أن يقدموا آية على آية في الرسم كما قدموا سورة على سورة؛ لأن ترتيب الآيات مأمور به نصاً(13). ثانياً: بيع المصاحف: العلماء في حكم بيع المصاحف على ثلاثة أقوال: - الكراهة مطلقاً، كما جاء عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يشددون في بيع المصاحف، وعن النخعي قال: المصحف لا يباع ولا يورث. وعن ابن المسيب: أنه كره بيع المصاحف، وقال: أعِن أخاك بالكتاب أو هب له. - كراهة البيع دون الشراء كما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال اشتر المصاحف ولا تبعها. وعن مجاهد أنه نهى عن بيع المصاحف ورخص في شرائها. - الجواز مطلقاً، كما جاء عن ابن الحنفية: أنه سئل عن بيع المصحف، قال: لا بأس، إنما تبيع الورق وعن سعيد بن جبير: أنه سئل عن بيع المصاحف، فقال: لا بأس، إنما يأخذون أجور أيديهم(14). وعن الحسن، قال: لا بأس ببيعها وشرائها(15). وغيرهم من السلف جوزوا ذلك؛ للحاجة، ولأنه إنما تباع الورق وعمل اليد(16). إجارة المصحف: وفي إجارة المصحف وجهان: - لا تصح إجارته مبنيًا على أنه لا يصح بيعه، إجلالاً لكلام الله وكتابه عن المعارضة به، وابتذاله بالثمن في البيع، والأجر في الإجارة، ومقتضى مذهب أبي حنيفة أنه لا تجوز إجارته؛ لأنه فقط ينظر إليه، ولا يجوز أن يؤجر شيء للنظر. - تجوز إجارته وهو مذهب الشافعي وأحمد؛ لأنه انتفاع مباح، تجوز الإعارة من أجله، ولأنه يحتاج إليه، فجازت فيه الإجارة، كسائر الكتب والمنافع(17). ثالثاً: مس المصحف وحمله: يجوز مس المصحف لكل امرئ مسلم طاهر من الحدث الأصغر والأكبر، وفيما يلي الكلام على كل من هؤلاء: مس الكافر المصحف: جوز بعض السلف أن يمس الكافر المصحف بعلاقته(18). مس المحدث المصحف: فيه أقوال للعلماء: - يجوز أن يمسه المحدث؛ لما روي عن جماعة من السلف منهم ابن عباس و الشعبي وغيرهما وهو رواية عن أبي حنيفة. - يمنع مسه على غير وضوء؛ لحديث عمرو بن حزم الذي كتب له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان في كتابه: (ألا يمس القرآن إلا طاهر)(19)، قال به جماعة من الصحابة وهو مذهب الجمهور(20). - يجوز مس ظاهره وحواشيه، وما لا مكتوب فيه، وأما الكتاب فلا يمسه إلا طاهر وهو رواية عن أبي حنيفة(21). وقد جوز بعض السلف للجنب والحائض أخذه بعلاقته(22). مس الصبيان المصحف: فيه قولان: - المنع؛ اعتبارًا بالبالغ -في حال حدثه-. - الجواز؛ لأنه لو منع لم يحفظ القرآن؛ لأن تعلمه حال الصغر، ولأن الصبي وإن كانت له طهارة إلا أنها ليست بكاملة؛ لأن النية لا تصح منه، فإذا جاز أن يحمله على غير طهارة كاملة، جاز أن يحمله محدثًا(23). مس المستحاضة المصحف: حكم الاستحاضة ومن به مرض مستديم كسلس البول: أنهم لا يمنعون شيئًا من الأشياء التي يمنعها الحيض والنفاس: كقراءة القرآن ومس المصحف(24)، لكن لا بد أن ينوي استباحة الصلاة أو مس المصحف أو غير ذلك مما يتوقف على الوضوء(25). حمل المحدث للمصحف: فيه قولان: - لا يجوز حمل المحدث إياه بعلاقة ولا على وسادة، وهذا مذهب الشافعية والمالكية. - لا بأس بذلك ولا يمنع من حمله بعلاقة أو مسه بحائل(26). تطييب المصحف: يستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي، ويجوز تحليته بالفضة؛ إكرامًا له على الصحيح، وأما بالذهب فالأصح أنه يباح للمرأة دون الرجل، وخص بعضهم الجواز بنفس المصحف دون علاقته المنفصلة عنه والأظهر التسوية. ويحرم توسد المصحف؛ لأن فيه إذلالاً وامتهانًا، وكذلك مد الرجلين إلى شيء من القرآن(27). تقبيل المصحف: في ذلك أقوال: - يستحب تقبيل المصحف؛ لأن عكرمة بن أبى جهل -رضي الله عنه- كان يقبله، وبالقياس على تقبيل الحجر الأسود، ولأنه هدية الله لعباده، فشرع تقبيله، كما يستحب تقبيل الولد الصغير. وعن أحمد ثلاث روايات الجواز والاستحباب والتوقف(28). - لا يستحب لعدم ورود الدليل على ذلك، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئًا مأثورًا عن السلف(29). رابعاً: حرق المصحف ودفنه: إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبِلىً ونحوه، فلا يجوز وضعها في شَقٍ أو غيره؛ لأنه قد يسقط، ويوطأ، ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف، وتفرقة الكلم، وفي ذلك إزراء بالمكتوب. وفي إتلافها عند الحاجة إليه عدة أقوال: - غسلها بالماء، وإحراقها بالنار لا بأس؛ فقد أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات، وقراءات منسوخة ولم ينكر عليه، ذكره الحليمي. - الإحراق أولى من الغسل: لأن الغُسالة قد تقع على الأرض. - يحرم الإحراق؛ لأنه خلاف الاحترام، جزم به القاضي حسين في تعليقه. - يكره الإحراق ولا يحرم، ذكره النووي. - وفي بعض كتب الحنفية أن المصحف إذا بلي لا يحرق بل يحفر له في الأرض ويدفن. وفيه نظر؛ لتعرضه للوطء بالأقدام(30). السفر بالمصحف إلى أرض العدو: - يحرم السفر بالقرآن إلى أرض العدو؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسافروا بالقرآن؛ فإني لا آمن أن يناله العدو)(31). - لا يحرم إذا كثر الغزاة، وأُمن استيلاؤهم عليه؛ لقوله: (أن يناله العدو)(32). الإمامة بالمصحف: يجوز الائتمام بالمصحف؛ لما روي أن عائشة -رضي الله عنها- كان يؤمها عبد لها في مصحف. وقال الحسن لا بأس أن يؤم في المصحف إذا لم يجد يعني من يقرأ بهم. ومثله عن عطاء والزهري وغيرهم(33). هذا ما تيسر جمعه من الأحكام المتعلقة بالمصحف باختصار، وإلا فثمت أحكام أخرى مذكورة في كتب أهل العلم. والحمد لله رب العالمين. |
#8
|
|||
|
|||
![]()
هجر القرآن أسباب وآثار
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، أما بعد: فالقرآن الكريم كتاب الله تعالى منه بدا وإليه يعود، نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم بلسان عربي مبين لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، تكفل الله بحفظه وتعبدنا الله بتلاوته وتدبر آياته ومعانيه {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد. جمع الله فيه خيري الدنيا والآخرة، من تمسك به نجا ومن أعرض عنه فقد ضل وفاز بالردى. والذي ينظر إلى أحوالنا يجد أن أثر القرآن في الواقع وفي القلوب يكاد يكون معدوماً إذ أن القرآن الذي كان عند الصحابة هو نفس القرآن الذي بين أيدينا فما هو إذاً الخلل؟. أسباب هجر القرآن الكريم: إن الخلل يكمن في أنفسنا، وهذه بعض أسباب ذلكم الخلل فمن تلك الأسباب: أولاً: الانشغال بغير القرآن عن القرآن: فقد أصبح جل اهتمامنا وشغلنا بغير القرآن الكريم مما أدى إلى التشاغل عنه وهجره. ثانيًا: عدم التهيئة الذهنية والقلبية عند قراءة القرآن الكريم: فعند قراءتنا للقرآن الكريم لا نختار المكان الهادئ، البعيد عن الضوضاء، إذ أن المكان الهادئ يعين على التركيز وحسن الفهم وسرعة التجاوب مع القراءة، ويسمح لنا كذلك بالتعبير عن مشاعرنا إذا ما استُثيرت بالبكاء والدعاء، وعدم لقائنا بالقرآن في وقت النشاط والتركيز بل في وقت التعب والرغبة في النوم. إلى جانب أننا لم نعمل على استجماع مشاعرنا قبل القراءة، ولم نتخد الوسائل المؤدية لذلك كالدعاء وتذكر الموت، والاستماع إلى المواعظ. ثالثًا: عدم القراءة المتأنية والتركيز معها: فعلينا ونحن نقرأ القرآن أن تكون قراءتُنا متأنيةً، هادئةً، مرسلةً، وهذا يستدعي منا سلامة النطق وحسن الترتيل، كما قال تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} (4) سورة المزمل. وعلى الواحد منا ألا يكون همّه عند القراءة نهاية السورة، بل لا ينبغي أن تدفعنا الرغبة في ختم القرآن إلى سرعة القراءة. رابعاً: عدم التجاوب مع القراءة: فالقراءة خطاب مباشر من الله عز وجل لجميع البشر، وهو خطاب يشمل أسئلةً وإجاباتٍ ووعدًا ووعيدًا، وأوامرَ ونواهي، فالتجاوب مع تلك العناصر يساعدنا على زيادة التركيز عند القراءة وعدم السرحان. آثار هجر القرآن: ولنعلم جميعاً أن لهجر القرآن آثاراً سلبية على المسلم والمجتمع، فعلى المسلم أن يتنبه لها ومن هذه الآثار: 1. قسوة القلب: لأن القرآن الكريم يعمل على ترقيق القلوب المؤمنة فهي تطمئن بذكر الله {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد، فنعوذ بالله من القلب القاسي. 2. تغلب الشيطان وأعوانه من شياطين الجن والإنس: فذكر الله تعالى خير حافظ للعبد، فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا تأتيه البطلة، وهم شياطين الجن. 3. حرمان العبد من فضل التلاوة والتعبد بها: فقد فوت العبد على نفسه بهجرانه للقرآن أجراً عظيماً، وفضلاً كبيراً. 4. الحرمان من شفاعته له يوم القيامة: فقد جاء في الحديث: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه).1 5. موت السنة وانتشار البدعة بسبب الإعراض عن كتاب الله. 6. هجر السنة: فتكثر الأهواء ويقل العلم وينتشر الجهل وكل هذه عوامل على انتشار البدع وتحكيم الهوى. فالله الله في العناية بكتاب الله تلاوةً وحفظاً وتدبراً، والحرص على تعلم القرآن وتعليمه، والإنفاق في سبيل ذلك على حلقات تحفيظ القرآن الكريم والعمل على تشجيع أبنائنا وبناتنا -خاصة - للالتحاق بتلك الحلقات؛ لما في ذلك من خدمة للقرآن وعلومه، والفوز بالخيرية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)2.3 |
#9
|
|||
|
|||
![]()
تدبر القرآن.. لماذا وكيف؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، أما بعد: فالقرآن الكريم كلام الله تعالى، أنزله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- ليكون للعالمين نذيرًا، وحوى من العقائد والشرائع والمعارف والعلوم والآداب والأخلاق ما يجلّ الوصف عن ذكره، وتضمّن بين طيّاته الإخبار عن الأوّلين والآخرين، وما كان وما سيكون، ورسم للإنسان منهجًا واضحًا، وطريقًا سليمًا، وصراطًا مستقيمًا يسير عليه، ويهتدي به، ويدعو إليه.1 ولذا اعتنى به صَحْبُ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتابعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً، وعلى ذلك سار سائر السلف. ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، "وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره".2 وليس المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده؛ ففي ذلك أجر كبير؛ لكن المراد التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر. ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح -رحمهم الله تعالى-. ولذا فهذه بعض الإشارات الدالة على أهمية التدبر في ضوء الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.3 فالتدبر كما قال ابن القيم رحمه الله: "تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر، قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (29) سورة ص. وقال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد، وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ} (68) سورة المؤمنون، وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (3) سورة الزخرف، وقال الحسن: نزل القرآن ليتدبر ويعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً، فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل وجمع منه الفكر على معاني آياته". لماذا تدبر القرآن الكريم؟: قال ابن القيم في فوائد التدبر والتفكر: "فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما وعلى طرقاتهما وأسبابهما، وغاياتهما، وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتشيد بنيانه وتوطد أركانه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه، وقواطع الطريق وآفاتها، وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار، وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم، ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه..." ثم قال: "فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتناديه كلما فترت عزماته : تقدمَ الركبُ، وفاتك الدليل، فاللحاقَ اللحاقَ، والرحيلَ الرحيل...وفي تأمل القرآن وتدبره وتفهمه أضعاف أضعاف ما ذكر من الحكم والفوائد، وبالجملة فهو أعظم الكنوز طلسمه الغوص بالفكر إلى قرار معانيه".4 كيف نتدبر القرآن الكريم؟ لا بد أن تكون هناك خطوات عملية من أجل أن نصل إلى الوصف الذي نستطيع من خلاله فهم كتاب الله تعالى ومعرفة مراد رب العالمين سبحانه وهذه بعض النقاط العملية المساعدة -إن شاء الله تعالى-: أولا: الاهتمام باللغة العربية: فالقرآن الكريم نزل باللغة العربية {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (2) سورة يوسف، {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} (113) سورة طـه. ولقد كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: "اللغة العربية من الدين"5 فلذلك أول خطوة في طريق تصحيح علاقتنا مع القرآن الكريم هو بعض الاهتمام بهذه اللغة، فمن يريد أن يتعامل مع القرآن الكريم فلا بد أن يتجاوب مع لغته ليفهم كتاب الله. ثانياً: كثرة التساؤلات في القرآن: قالوا قديماً: "العلم خزائن ومفتاحه السؤال" وأي علم أوسع وأغزر من القرآن الكريم فإضفاء التساؤلات المختلفة على القرآن الكريم يعطينا فهما أوسع للقرآن وامتداداً زمانياً ومكانياً له، فمثلاً: لماذا جاءت هذه السورة قبل تلك؟ ولماذا قدم الجملة هذه على تلك؟ إن هذه التساؤلات وغيرها تجعل القرآن الكريم يفتح لنا أسراره الكامنة وتجعلنا نستنطق كثيراً من الآيات لم تستنطق بعد. ثالثاً: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب: وهذه قاعدة مهمة، حيث أن ما كان سبباً في نزول بعض آيات القرآن الكريم لا يقتصر على الحادثة فقط إنما تقاس عليها كل الحوادث المشابهة، فأسباب النزول هي وسائل إيضاحية وليست وعاءً حصرياً، فما نزل في الوليد بن المغيرة يقاس عليه كل من يتصف بصفاته، وما نزل بأبي لهب يقاس عليه كل من يتصف بالصفات ذاتها. رابعاً: الاهتمام بالصحيح من تفسير القرآن الكريم: ذلك أن النبي عليه السلام هو الناقل عن الله وهو المبين للقرآن الكريم. خامساً: عدم أسر أنفسنا بالإسرائيليات التي وردت في التفاسير السابقة؛ لأنها تشكل عقبة في فهم القرآن، وتخرجنا عن مقاصده العامة بالإضافة إلى المخالفات الشرعية الموجودة فيها. إن إعادة صياغة علاقتنا مع القرآن الكريم هي مسؤولية الجميع وعلى رأسها المؤسسات التعليمية والثقافية وعلى رأس كل ذلك يأتي البيت المسلم.6 فيا ربنا أعنا على تلاوة قرآنك واجعل هذه التلاوة محفوفة بالتدبر والفهم والتطبيق، واجعل القرآن شاهداً لنا لا شاهدا علينا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين. |
#10
|
|||
|
|||
![]()
أثر القرآن الكريم في المسلمين
من أجلِّ نعم الله على الإنسانية قاطبة وأظهرها، نعمة إنزال الكتب على أنبيائه الكرام، يتعبد الناس بتلاوتها، ولتكون هداية لهم ونوراً، كما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (44) سورة المائدة، وقال: {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ} (46) سورة المائدة. وقال: {قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }(المائدة 15 - 16). ولم يبق من تلك الكتب المنزلة شيء يصدق عليه قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} إلا القرآن المجيد، فهو الكتاب الوحيد الذي ما زال بين يدي الناس مصوناً محفوظاً، لم يأته الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد. ولو كنا بسبيل أن نستعرض فضائل القرآن الكريم، لأتينا على عشرات الآيات المفصلات لهذا المعنى، ومثلها من الأحاديث النبوية الشريفة، والعديد من الكتب المصنفة المفردة في هذا الغرض، فضلاً عما أجمل في مقدمات بعض كتب التفسير، وما خرجه بعض أئمة الحديث في مصنفاتهم تحت كتاب فضائل القرآن. ولكن نحاول أن نمسك من تلك الفضائل، بطرف يتصل بتربية الأمة صياغةً لعقولها، وتزكيةً لنفوسها، وتهذيباً لأخلاقها، وتنمية لمواهبها. فقد نزل القرآن الكريم والعرب على الحال التي وصفتها كتب السيرة والتاريخ والأدب، خاصة في مناحيها الاجتماعية، والسياسية، والثقافية، فأحدث فيها تأثيراً بالغاً نقلها نقلة نوعية في فترة زمنية قياسية، بل صاغ من قبائلها المتناثرة المتباعدة أمة متآلفة متحدة، غنية بالمبادئ والقيم السامية التي كانت الامم في أمس الحاجة إليها في ذلك الوقت. وانطلقت كالريح المرسلة تبشر برسالة ربانية إلى العالم، تدعو إلى تحرير الناس من الوثنية والشرك لتكون عبادتهم خالصة لله، وتحرير الأخلاق من المساوئ والفواحش والظلم والطغيان، لتحل محلها الفضيلة والعفة والعدل والإحسان، وتحرير العقل من الخرافة والجهل والتقليد الأعمى للآباء، وتعويد الناس الاعتماد على المصادر الصحيحة في اكتساب العلوم والمعارف، والاحتكام إلى الحجة الصحيحة التي لا يداخلها شك ولا يخالجها ريب، وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} (36) سورة الإسراء. ويقول: {قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}111) سورة البقرة - النمل 64). والقرآن الكريم ما دام كلام الله تعالى، فإنه خليق أن يكون أثره عميقاً في النفوس، كيف لا وقد قال الله تعالى في وصفه: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى} (31) سورة الرعد. أي: لكان هذا القرآن. وقال سبحانه: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (21) سورة الحشر. ودوننا ما تناقلته كتب السيرة أن عتبة بن ربيعة لما أرسلته قريش يعرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم عروضاً دنيوية ليكف عن الدعوة الجديدة التي جاء بهان فما كان جوابه له إلا أن قرأ عليه صدراً من سورة فصلت، فتأثر عتبة تأثراً شديداً، وشهد له بكلمته المشهورة: إني سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة. وأسلم عمر بن الخطاب رضي الله بسبب اطلاعه على سورة طه في صحيفة وجدها عند أخته فاطمة. وقرأ جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه صدراً من سورة مريم على النجاشي وأساقفته، فبكوا حتى اخضلت لحاهم، ثم قال لهم النجاشي: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة. والفضيل بن عياض سيد الزهاد، قيل: إن سبب توبته أنه تعلق بجارية، فبينما هو يتسلق جداراً ليصل إليها، سمع تالياً يترنم بقوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} (16) سورة الحديد. فقال: بلى قد آن يا رب؛ اللهم إني قد تبت إليك وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام. وصرَفَ الله تعالى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم طائفة من الجن يستمعون القرآن، فما كان منهم إذ سمعوه إلا أن قالوا - كما أخبر الله عنهم -: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (1- 2) سورة الجن. هذا أثر القرآن على الجنة والناس قديماً.. واليوم كثير من الذين هدى الله قلوبهم للإيمان وشرح صدورهم للإسلام، يذكرون في قصة اهتدائهم أن القرآن الكريم كان السبب الاكبر في ذلك، حين اطعلوا عليه، ونظروا في معانيه بتدبر وإمعان، فأخذ بمجامع قلوبهم، ويهدي الله لنوره من يشاء. ولقد أفادت بعض التجارب العصبية التي أجريت بواسطة أجهزة المراقبة الإلكترونية، في بعض المستشفيات الأمريكية، تأثير القرآن الكريم على أعصاب المرضى ووظائف أعضائهم، بإحداث تهدئة واضحة حين يتلى عليهم. هذه صور من أثر القرآن الكريم على الأفراد.. وأما أثره على الأمة المسلمة بعامة، فله مناحٍ عديدة. فمن أهم تلك المناحي، تأثير كتاب الله تعالى البالغ في الحياة الخلقية وما يتعلق بتهذيب السلوك الإنساني وتزكية النفوس، ونشر الأخلاق الفاضلة، فكان من جراء ذلك أن قدمت الامة الإسلامية للناس من أعلام النبلاء، وزينة الأصفياء، رجالاً ضربوا أروع الأمثال في القدوة الصالحة التي جعلها الإسلام هدفاً لدعوته؛ وبخاصة في الازمنة الاولى التي اصطلح على تسميتها بالقرون المفضلة أو السلف الصالح، وفي مقدمتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي وصفه الله تعالى بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم، ووصفته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها لسعد بن هشام بن عامر، بقولها: كان خلقه القرآن، كما ثبت في صحيح مسلم. وكان تأثير القرآن الكريم في الحياة الخلقية ثمرة من ثمار تأثيره في الحياة العقلية والفكرية، إذ السلوك والخلق ينشأ من الفكر والاعتقاد. فقد حرر القرآن الكريم العقول من اتباع الأهواء، وتقليد الآباء بغير علم، والاعتماد في المعرفة على أسس باطلة من الخرافة والتنجيم والسحر والكهانة والطيرة وضرب خط الرمل. وانضبطت العلاقة بين الرجال والنساء، ببيان المحارم من الأجانب، وضرب الحجاب على النساء، والولاية على المرأة في زواجها، وبيان حدود الزواج المشروع وحقوق الزوجين وآداب الحياة الزوجية، وتربية الأبناء، وصلة الأرحام، والقيام بحقوق الضعفاء في المجتمع من اليتامى والمساكين والأرامل والمطلقات. وغير ذلك من التوجيهات القرآنية التي صاغت المجتمع الإسلامي صياغة مميزة، جعلته كالأسرة الواحدة الكبيرة، يتواصل جميع أفرادها بعضهم ببعض بأنواع من الحقوق والواجبات المؤكدة للتراحم والتعاطف. ومن المناحي التي يتجلى فيها أثر كتاب الله على المسلمين، انبعاث الهمم نحو الاجتهاد في الشريعة؛ ابتغاء شمول كل شأن من شؤون الحياة الفردية والجماعية بما لا يلائمه من الأحكام والآداب. وجاء ذلك ثمرة وتطبيقاً لما بينه القرآن الكريم في جملة من الكليات التي تتعلق بأصول التشريع الإسلامي؛ منها: أن الإنسان لا يخلو من حال يكون مخاطباً فيها بحكم الله؛ لقوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى} (36) سورة القيامة. يعني: مهملاً لا يُمر ولا ينهى. ولم يكن الفقه الإسلامي وحده ثمرة من ثمار التربية القرآنية المحفزة للهمم نحو العلوم، وإنما كان الفقه أبرزها وأكثرها تصنيفاً وعناية؛ لحاجة الناس العملية إلى الفقه في الدين، ومعرفة الحلال والحرام وحدود ما أنزل الله على رسوله، وتطويع الحياة الإسلامية لحكم الشريعة وسلطانها. وهناك علوم أخرى برزت أيضاً بدرجات متفاوتة، كعلوم القرآن التي أبرزها علم التفسير وعلوم الحديث التي أبرزها علم الرواية وعلم الجرح والتعديل، وأصول الفقه وقواعده. وبلاغة البيان القرآني التي جعلها الله معجزة تحدى بها المشركين، كانت سبباً في انبعاث الهمم للعناية باللغة العربية، وحفظ مفرداتها من الفصيح والغريب والأصيل والمعرَّب، ورواية دواوينها الشعرية الشاهدة، وإبراز فنونها وخصائصها وجمالها، والتباري في الإبداع النقدي والأدبي فيها، ووضع قواعدها في النحو التصريف. وعلم الرسم القرآني كانت فضيلته على الناس في تطوير الخط العربي وتجويده، حتى صار فناً من أبرز الفنون التي تختص بها اللغة العربية، والتي تجلت في الزخرفة والعمارة. |
#11
|
|||
|
|||
![]()
أثر القرآن الكريم في تهذيب النفوس
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد: فإن القرآن الكريم يهدي للتي أقوم في كل شيء سواء كان في الأخلاق أو الصفات أو السلوك، بل في الأمور كلها، والله تعالى يقول: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}(9) سورة الإسراء، وقد وردت الآيات الكثيرة التي تدل المؤمنين على الاتصاف بأحسن الأخلاق وأعلاها وتحثهم على التمسك بها، ولا شك أن تزكية النفوس وتهذيب أخلاق الناس من مهام الرسل، عليهم الصلاة والسلام. قال تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ} (151) سورة البقرة، وسوف نستعرض فيما يأتي آيات وردت في كتاب الله تعالى تدعو إلى تهذيب النفوس والتخلق بالأخلاق الحسنة، ومن ذلك ما يلي: 1) قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران. قال ابن كثير رحمه الله (يُذكّر تعالى عباده المؤمنين ما أنعم عليهم من بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتلو عليهم آيات الله المبينات ويزكيهم أي يطهرهم من رذائل الأخلاق ودنس النفوس وأفعال الجاهلية) تفسير القرآن العظيم 1-201، وقال ابن سعدي رحمه الله (ويزكيكم) أي يطهر أخلاقكم ونفوسكم بتربيتها على الأخلاق الجميلة وتنزيهها عن الأخلاق الرذيلة، وذلك كتزكيتهم من الشرك إلى التوحيد ومن الرياء إلى الإخلاص ومن الكذب إلى الصدق ومن الخيانة إلى الأمانة ومن الكبر إلى التواضع ومن سوء الخلق إلى حسن الخلق ومن التباغض والتهاجر والتقاطع إلى التحاب والتواصل والتوادد، وغير ذلك من أنواع التزكية) تيسير الكريم الرحمن 1-115 . 1) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ {1} قُمْ فَأَنذِرْ {2} وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ {3} وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ {4} وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ {5} وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ {6}. وقد قيل في تفسير الآية أن معناها ألزم مكارم الأخلاق وأعلاها، وابتعد عن قبيح الأخلاق التي يتصف بها المشركون، ثم أمره رب العالمين بعدم المن حين العطاء وذلك بأن يستكثر ما يدفعه في سبيل الله، حيث إن الكريم يستقل ما يعطي ولو كان كثيراً ولا ينتظر العوض إلا من الله تعالى. 3) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ } (57) سورة يونس، فالقرآن الكريم موعظة وتذكير وبشارة للمؤمنين ونذارة للكافرين وهو شفاء للصدور من مرض الشك والغرور والرياء والنفاق والحسد والحقد والغل وغيرها من رذائل الأخلاق، وسيد الثقلين عليه الصلاة والسلام كان خلقه القرآن الكريم، فعن سعد بن هشام رحمه الله قال: سألت عائشة رضي الله عنها أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: (كان خلقه القرآن) رواه مسلم 746، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) رواه أحمد 381، قال ابن عبدالبر: يدخل في هذا المعنى الصلاح والخير كله والدين والفضل والمروءة والإحسان والعدل، فبذلك بُعث ليتممه صلى الله عليه وسلم، وقد قال العلماء: إن أجمع آية للبر والفضل ومكارم الأخلاق قوله عزّ وجلّ: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (90) سورة النحل. 4) وفي سورة الإسراء جملة من الآيات الكريمة التي تحث على التخلق بالأخلاق الحسنة التي لها علاقة مباشرة بتهذيب النفوس وطهارتها، ومنها بر الوالدين، والإحسان إلى ذوي القربى والمساكين وابن السبيل والنهي عن التبذير، وعدم قتل الأولاد والبعد عن قربان الفاحشة وقتل النفس وقربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وفيها المحافظة على العدل، وأن يراقب الإنسان ربه فيما يسمع ويبصر وأن يوثق الإنسان علاقته بربه، وأن يحذر من الكبر والتعدي على عباد الله، وغير ذلك مما له أبلغ الأثر في تهذيب النفوس وإصلاحها. والمسلم إذا تدبر الأوامر والنواهي الواردة في القرآن الكريم وعمل بمقتضاها فإن نفسه تسمو ويحظى بمحبة الله تعالى ومحبة عباد الله الصالحين، وتلك درجة طيبة ينال بها صاحبها خيرات كثيرة ومناقب جمة. فندعو إخواننا وأبناءنا وبناتنا إلى بذل المزيد من العناية بالقرآن الكريم والمحافظة على فرائض الله وبر الوالدين وصلة الرحم والإحسان إلى الناس والعفو عمن أساء والبعد عن الأخلاق السيئة التي حذر القرآن الكريم منها، ومن أشدها التهاون بالصلاة وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وارتكاب المظالم والحقد والحسد والسخرية والبعد عن سفاسف الأمور وغيرها. وأسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لكل خير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. |
#12
|
|||
|
|||
![]()
ثلاثون توجيهاً تربويا
1- التشجيع والثناء على الطلبة بالكلمات الإسلامية الجميلة مثل : بارك الله فيك ، جزاك الله خيرا ، وفقك الله ... والإكثار من استعمالها ليتعود الطلبة عليها ، والاقتصار قدر الإمكان على الثواب بدلاً من العقاب . 2- عدم جلوس المعلم أثناء الدرس ، وعدم إحضار الطلبة إليه عند التسميع ، بل لابد من ذهابه إليهم . 3 - التركيز على الحركات والتشكيل في قراءة القرآن الكريم خاصة في الاستعاذة والبسملة . 4 - منع الإجابات الجماعية وتعويد الطلبة على الاستئذان والهدوء . 5 - إشراك التلاميذ في استخدام السبورة لتصحيح الكلمات صعبة النطق والعبارات التي أخطأوا فيها ، وكذلك المشاركة في إعطاء الأمثلة وعلى المعلم استنتاج المعلومات منهم . 6- عدم استخدام كتابة القرآن الكريم وسيلة لمعاقبة الطلبة . 7- عدم استخدام العبارات التالية : من يقرأ أو من يكمل أومن يرد على الخطأ أومن يصحح ، فهذه العبارات تكون سبباً في توليد الفوضى والإجابات الجماعية ، والأفضل الاستعاضة عنها بالاختيار الفجائي من قبل المدرس . 8- عدم قصر الإجابة دائماً على من يرفع يده ، بل التركيز على الضعاف والطلبة الذين في آخر الصف وأحياناً تعطى الإجابة للمتفوقين . 9- عمل جدول مراجعة للقرآن الكريم في التلاوة والحفظ لا سيما في مدارس القرآن الكريم . 10- الاهتمام بنظافة وهندام وصحة الطلبة ( مثل عدم السماح بفتح الصدر أو التشمير ) وكذلك نظافة وترتيب الفصل . 11- في دفتر التحضير لا مانع من أن تكون مناهج التربية الإسلامية في دفتر واحد على أن تفصل مواد التربية الإسلامية عن بعضها ، كل فرع في جزء مستقل من الدفتر . 12- عدم التسرع في الرد على الطالب إذا أخطأ بل يستحسن إعطاؤه الفرصة ، فإن لم يعرف فإن المعلم ينقل الإجابة إلى طالب آخر ، فإن لم يعرف فإن المعلم يتدخل حينئذ بالإجابة . 13 - الإكثار من الحوار والأسئلة والمناقشة ، والإقلال من الإلقاء . 14- عمل حصة تقوية للضعاف في القرآن الكريم أثناء الطابور أو في الفسحة على الأقل ليوم واحد في الأسبوع . 15- أن يكون المعلم قدوة حسنة في هيئته ولبسه ، فلا يكون حليقاً أو مسبلاً أو مدخناً ... 16- يكون حافظاً لآيات وأحاديث الدرس فهذه عبادة لربه ، وأداء لواجبه على أكمل وجه ، وليبتعد عن حمل الكتاب والنظر فيه أثناء الدرس . 17- بالنسبة لمناهج التربية الإسلامية عموماً فمن المهم ربط المعاني فيها بواقع الحياة المعاصرة ، وضرب أمثلة من البيئة ، وذلك لربط الدين بالحياة ، والاهتمام ببيان حكمة المشروعية لزيادة الأيمان والفهم . 18- بالنسبة لمنهج الفقه من المهم تطبيق العبادات عملياً خارج الفصل وليس داخله ( كالوضوء ـ والتيمم ـ والصلوات ..... ) . 19- البعد عند الكتابة عن اختصار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرموز التالية ( ص ) أو ( صلعم ) لما في ذلك من البخل بالأجر والثواب ، ولما فيه من سوء الأدب مع أفضل البشر صلى الله عليه وسلم . 20 - الإعداد الذهني الجيد للمادة ، فهذه المناهج يعتبر الإعداد الجيد لها عبادة لله سبحانه وتعالى ، فكلما توسع في الإعداد وقراءة المراجع كان أعظم عبادة وأفضل أداء للدرس . 21 - الاهتمام بالهدف الخاص في القرآن الكريم وهو التلاوة السليمة ، ثم التدبر ، بالإضافة إلى معرفة موضوع ومعاني وأحكام آيات ذلك الدرس وتطبيق وتحقيق ذلك سلوكاً في حياة الطالب . 22 - هناك وسائل عقاب تربوية مثل : الحسم من علامات النشاط أو التفاهم مع ولي الأمر أو الحرمان من المشاركة في بعض الأنشطة الممتعة كالبدنية وغيرها . 23- أن يتجنب التحدث بالعامية واللهجة فإن الكلام بالفصحى من شعائر الإسلام . 24 - تقديم الطلبة الضعاف إلى مقدمة الصف والتركيز عليهم . 25 -تحديد وتفصيل موضع الخطأ للطالب عند القراءة ، وعدم الرد عليه بقراءة المقطع كاملاً . 26- عدم توبيخ الطالب إذا أخطأ بل جعله يشارك في تصحيح خطئه على السبورة ونقل الإجابة إلى زميله . 27 - التركيز في جميع مناهج التربية الإسلامية على تعويد الطلبة على القراءة الصحيحة السليمة من الأخطاء للأهمية القصوى للقراءة . 28 - الإكثار من وعظهم ونصحهم وحثهم على الالتزام بآداب الإسلام والتخلق بأخلاق السلف الصالح . 29 - يكون قدوة في عمله والتزامه بالدوام ، ومشاركته في جميع الأنشطة والأعمال المدرسية . 30- الاهتمام بإقامة الصلاة جماعة في المدرسة والمساعدة في تنظيمها والإشراف عليها . والله ولي التوفيق والسداد ،،، إعداد : حسن بن عبيد باحبيشي أمين جمعية القرآن الكريم بمنطقة مكة المكرمة مشرف تربوي بإدارة التربية والتعليم في جدة |
#13
|
|||
|
|||
![]()
إليك يا زوجي .. حلقة تحفيظ القرآن
حلقة تحفيظ القرآن اتصلت عليّ صديقتي وأخبرتني بأنها قد دخلت دار تحفيظ القرآن النسائية وأخبرتني عما رأت وعما شعرت به في تلك المجالس الإيمانية تلاوة للقرآن ,,، زيادة في الإيمان ،, سعادة في الروح ، أُنساً بالله ، لذةٌ عجيبة ،دُروس مُفيدة ، وفتاوى لعلمائنا الكرام , تشعِرُ بالسكينةِ في القلب وتقول إنني أنتظرُ الوقت حتى يمر لأذهب لتلك الحلقات وما إن وضعتُ سماعة الهاتف إلا وضعتُ يدي على خدي وطأطأتُ رأسي .. قلتُ لنفسي : يا حسرتا على ليالٍ ذهبت في القيل والقال ..يا أسفا على ساعات مضت في مُتابعة الموضات ومشاهدة القنوات . حاسبُ نفسي : كم سورة أحفظها ؟ صلاتي لا أُجيدُها بل أكثرها أخطاء , اهتماماتي كُلها تافهة , إما مجلة جديدة أو سوق أتجول فيه أو مُكالمة مع إحدى الصديقات والكلام في أعراض الناس , مضت تلك الليلة بما فيها , ولكن أقول لك يا زوجي : لقد قررت هذا القرار يجب أن تذهب بي لكي أُسجل في حلقات التحفيظ للقرآن الكريم . لا ترفض أرجوك , يكفي ذنوبا ُوضياعا للأوقات , صديقاتي منهن من حفظت القرآن الكريم كاملاً وأنا لازلتُ أمام شاشة التلفاز بإذن الله لن يكونوا أفضل مني . زوجي : أرجوك أن تشجعني على هذه الهمة ولا تثبط عزيمتي أما الأولاد فأريدُكَ أن تجلس معهم حتى أعود من الحلقة .... أو تسجلهم في حلقات التحفيظ بالمسجد الذي بجوارنا لا تقل أنا مشغول . اجعل عملك لما بعد المغرب أصبر فأنا في جلسات القرآن والإيمان لا تحرمني الأجر والثواب. غداً سوف نذهب بإذن الله , أشكرك شكراً جزيلا يا زوجي الحبيب وجزاك الله كل خير . |
#14
|
|||
|
|||
![]()
الوسائل التعليمية في مادة التربية الإسلامية
أخي الكريم معلم القرآن الكريم : يعتقد بعض إخواننا من معلمي التربية الاسلامية وخاصة بعض معلمي القرآن الكريم من الحفاظ أنه لا يحتاج إلى الوسائل كالشريط والمسجل ، وكأن الوسيلة من أجله هو ، وفي الحقيقة أن الوسائل من أجل الطلبة أساساً . فالوسائل لها أهداف كثيرة ، لكن أهم تلك الأهداف اثنان : 1 ـ تثبييت وزيادة المعلومات والخبرات . 2 ـ التشويق وجذب الانتباه وتغيير الجو . وهنالك الكثير من الأدلة الشرعية على أهمية استخدام الوسائل في التعليم والتربية نكتفي بذكر اثنين منها : فالأول قوله تعالى : وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى ، قال أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ، قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ، ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً ، واعلم أن الله عزيز حكيم ) البقرة 260. والآخر من السنة المطهرة ، عندما خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطاً وحوله خطوط ، وشبه ذلك بطريق المؤمن . فقد كان الله سبحانه وتعالى يخاطب نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاطب الصحابة الكرام ، ولم يتم الاكتفاء بالكلام وحده ، بل اقترن الشرح النظري باستخدام الوسيلة المناسبة. فهم لم يكونوا ناقصي إدراك ـ حاشاهم ـ فإبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام هما خيرة الأنبياء ، والصحابة الكرام هم خير القرون ، فاستخدام الوسيلة مهم للصغار وكذلك للكبار ، ومهم كذلك لزيادة الإيمان ولزيادة الاهتمام . قواعد تراعى عند استخدام واختيار الوسيلة 1 ـ التأكد من توافق الوسيلة مع أهداف الدرس . 2 ـ مناسبتها للمرحلة والسن . 3 ـ حبذا استخدام وسائل من البيئة القريبة . 4 ـ تجهيزها والتأكد من استعمالها قبل الحصة . 5 ـ مشاركة الطلبة في استخدامها ، وحبذا لو استطاعوا صنعها . 6 ـ استخدام الوسيلة عند عرض نقطة الدرس المحددة وعدم تعليقها طوال الحصة . كيفية استخدام الوسائل إن الوسائل كثيرة ولكن نذكر هنا بعضاً منها مما يتوفر فيه السهولة في الاستخدام ومتيسر في المدارس : أولاً : السبورة : وهي أكثر شيوعاً ولها استخدامان : أ ) للمعلم في مرحلة العرض ، ويكون استخدامها كالتالي : 1 ـ كونها نظيفة فكل فترة لابد من تنظيفها . 2 ـ تقسيمها إلى أجزاء معينة بحسب الغرض المطلوب استخدامه . 3 ـ استخدام الطباشير أو الأقلام الملونة. 4ـ اقتران استخدامها مع حركات وإشارات وصوت معين من المعلم . ب ) استخدامها من قبل الطلبة في تصحيح أخطائهم بأنفسهم وذلك في مرحلة التطبيق ولو بواقع طالب واحد يومياً . ثانياً : المسجل والراديو: وهو متوفر في جميع المدارس وبالإمكان استخدامه على طريقتين : أ) بالشريط ، ويراعى في اختيار الشريط ما يلي : 1 ) حسن الأداء وجمال الصوت . 2 ) مقاطع القراءة القصيرة لتتناسب مع نَفَس الطلبة القصير. 3 ) اختيار المصحف المعلم مع الفاصل . 4 ) ألا يكون من أشرطة التراويح . 5 ) ألا يكون في الشريط الواحد أكثر من قارئ . ويحث طلابه على شراء شريط المنهج ، والأفضل أن يضعه في مسجل سيارته ، وحبذا لو وفرته المدرسة في المقصف . ب) على موجة (إف إم ) مع اللاقط ، وهذه الطريقة جميلة فإذا استخدمها المعلم فيظهر الطلبة وكأنهم يقرأون في الإذاعة ، ويجعل بينهم تنافساً . ثالثاً : البطاقات والشرائح: وهي للكلمات المهمة بأنواعها الثلاثة ( النطق ، الكتابة ، المعنى ) ولعل الاهتمام بالكلمات المهمة في النطق والقراءة ركيزة مهمة في تحسين مستوى الطلبة ، والتعامل مع هذه الكلمات على ثمان مراحل في الاستخدام : أ ـ يكرر المعلم نطقها عدة مرات . ب ـ يكون هذا التكرار قبل أو أثناء قراءة المعلم . ج ـ يكتبها على السبورة باهتمام . د ـ يستخدم البطاقات ويمررها على الطلبة مركزاً على الضعاف . هـ ـ يجعل الطلبة ينطقونها مركزاً على الضعاف . و ـ يضع الطلبة خطا تحتها في الأجزاء . ز ـ يجعل أحد الضعاف يكتبها على السبورة في حالة خطئه بعد ذلك . ح ـ يطلب من الطلبة كتابتها في دفتر القرآن . رابعاً : غرفة قرآنية خاصة ،فإن لم يمكن فيشترك مع أي نشاط في غرفته مؤقتا ، لأهمية انتقال الطلبة من فصلهم ، ولا يكون التدريس في المسجد للتالي :عدم تهيئته لذلك ( وسائل ومكونات ) ، وللتشويش الحاصل على أداء الحصة . خامساً : المصحف الشريف ، وينبغي للمعلم مراعاة ما يلي : 1- توجيه طلبته إلى احترام المصحف والتأدب معه وتعظيمه . 2- ألا يكتب الطالب فيه إلا اسمه وصفه واسم مدرسته ولا يكتب غير ذلك من الكلمات أو الرسومات . 3-عليه تفقد المصاحف بين الفينة والفينة . 4- من المهم أن يجعل المعلم الطلبة يتابعون من المصحف وذلك بوضع أصابعهم اليمنى على السطر . 5- إنحناء رأسهم وأن تكون أعينهم موجهة إلى المصحف وعدم التلفت . أهمية استخدام الوسائل في التعليم 1 ـ جذب وتركيز انتباه الطلاب وتشويقهم من خلال ما تضفيه على الدرس من حيوية وواقعية . 2 ـ زيادة خبرة الطلبة . 3 ـ تقوية الفهم والتذكر . 4 ـ زيادة الثروة اللفظية . 5 ـ تسهيل عملية التعلم والتعليم . 6 ـ توفير الكثير من الجهد والوقت والمال . 7 ـ تنمية ميول واتجاهات ومفاهيم سليمة . 8 ـ مواجهة الفروق الفردية بينهم . أنواع الوسائل هنالك تقسيمات كثيرة للوسائل في الكتب المتخصصة بذلك إلا أني أقسمها إلى نوعين : 1 ـ نوع متيسر وسهل الاستعمال مثل : السبورة ، المسجل ، العارض فوق الرأس ، الأفلام الثابتة ، اللوحات ، البطاقات ، غرفة قرآنية خاصة ( أو الاشتراك في استخدام أي غرفة مؤقتا )، الشرائح ، العينات ، النماذج ، المسجد ، محل وضوء . ولشديد الأسف فحتى بعض الوسائل السهلة لا يستخدمها بعض المعلمين ولا يعرفون كيفية استخدامها ، وبعض المعلمين يستخدم السبورة بدون تنظيم . 2 ـ نوع قد لا يتيسر في كثير من المدارس وهو مكلف ومتطور مثل : الحاسب الآلي ، معمل اللغة ، وقد استخدمت بعض المدارس هذه الأجهزة لخدمة القرآن الكريم وإن كانت قليلة . أسباب عزوف بعض معلمي التربية الاسلامية عن استخدام الوسائل 1 ـ بعض المواضيع يستطيع المعلم والطالب عمل وسائل لها والبعض الآخر يصعب ذلك . 2 ـ الاهتمام العام بالوسائل هو للمناهج غير الدينية حيث أن المتخصصين وشركات إنتاج الوسائل أصلاً من الجامعات الغربية والعالم الغربي . 3 ـ كثير من خريجي الشريعة وكليات المعلمين القديمة والذين يشكلون نسبة كبيرة من المعلمين لم يدرسوا الوسائل في الكليات ، والبعض منهم ليس لديه إعداد تربوي . 4 ـ بعض المعلمين ليس لديهم الرغبة أو الاقتناع أو يتكاسل عن استخدامها ، ولايكتب خانة الوسائل في دفتر التحضير. 5 ـ بعض المديرين يشارك في السبب فتجدها مخزنة في المدارس أو يخاف عليها التلف أو ليس لديه اهتمام . 6- بعض الوسائل مكلف كثيرا . ملاحظة مهمة : إن الوسائل التعليمية بكافة أنواعها ليست إلا عوامل مساعدة في التعليم ، أما العنصر الأساسي فهو المعلم ، فعلى معلم القرآن الكريم استشعار عظمة كتاب الله الكريم والقيام بحقوقه ، وعليه أن يتعبد الله بالقيام بهذا العمل الشريف ، فالتعليم مهنة الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ، ومهنة الأنبياء هي أفضل مهنة عند الله ولكنها أشق مهنة لعظيم ثوابها . وفق الله الجميع لخدمة كتابه الكريم . مشرف التربية الإسلامية حسن بن عبيد باحبيشي |
#15
|
|||
|
|||
![]()
قصيدة الأستاذ / جمعان البقمي
خلت الديار فما بها من يسمع والأرض قفر والمرابع بلقع والدهر ليل حالك بسواده حتى النجوم بجنحه لا تسطع والجهل موت نازل ببلائه والشر باب للرذيلة مشرع يغدو اللبيب إلى الفساد وينتهي فوق الرفات معذباً يتوجع ومضت شياطين تجوب بفيقها وكبيرهم في عرشه يتربع ولأرض من جور الخليقة تشتكي لله في جنح الدجى تتضرع فأراد ربك للعباد هداية ونعيمه بعد الضلال منوع وأتى النبي ( محمد ) برسالة بين الخلائق نورها يتوسع جاء النبي بخير دين يرتضي وكتابه بالحق دوماً يصدع ولقد قرأنا في كتاب إلهنا أن العدو لحربه يتجمع هذا كتاب الله في آياته خير البرية والحقيقة أجمع آياته نور وأفضل رحمة وزواجر منها الجبال تصدع والجن من صدق الحديث توقفت وتجمعت عند النبي لتسمع والكون يخشع في الصلاة لصدقه والعين من هول الحقيقة تدمع نور أضاء لنا الظلام كأنه نور الصباح على البرية يطلع من كان يحفظ حرفه وحدوده فهو العزيز وفي الخليقة يرفع من يهجر القرآن لا يبقى له عز وكل صروحه تتضعضع يامن حملتم للنجاة رسالة حييتم في أرضكم فتمتعوا نهديكم حباً أغر كأنه غصن عليه سلامنا يتفرع والعذر كل العذر من تقصيرنا عند الختام وفي الختام نودع أغفلت عن بعض القصيد قريحتي لكنها من حبكم تتجمع قلت انتهى عهد التصنع فاسكتي قالت : صدقت ولست من يتصنع |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|