|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
من بديع الإيجاز والإطناب في القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم يعرف علماء البلاغة (الإيجاز) بأنه التعبير عن المراد بلفظ غير زائد، ويقابله (الإطناب) ؛ وهو التعبير عن المراد بلفظ أزيد من الأول. ويكاد يجمع الجمهور على أن الإيجاز، والاختصار بمعنى واحد؛ ولكنهم يفرقون بين الإطناب، والإسهاب بأن الأول تطويل لفائدة، وأن الثاني تطويل لفائدة، أو غير فائدة. ومن بديع الإيجاز قول الله تعالى في وصف خمر الجنة:﴿لا يصدَّعون عنها ولا ينزفون﴾[الواقعة:19]. فقد جمع عيوب خمر الدنيا من الصداع، وعدم العقل، وذهاب المال، ونفاد الشراب، ثم نفى ذلك كله بـ(لا). ومن بديع الإطناب قوله تعالى على لسان يوسف عليه السلام:﴿وما أبرىء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء﴾[ يوسف:53]. ففي قوله:﴿وما أبرىء نفسي﴾ تحيير للمخاطب، وتردد في أنه كيف لا يبرىء نفسه؛ وهي بريئة، قد ثبت عصمتها ! ثم جاء الجواب عن ذلك بقوله:﴿إن النفس لأمارة بالسوء﴾. ومن الآيات البديعة، التي جمعت بين الإيجاز، والإطناب، في أسلوب رفيع، قول الله تعالى:﴿ قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون﴾[النمل:18]. أما الإطناب فنلحظه في قول هذه النملة:﴿ يا أيها﴾، وقولها:﴿وهم لا يشعرون﴾. أما قولها:﴿يا أيها﴾ فقال سيبويه:" الألف والهاء لحقت(أيًّا) توكيدًا؛ فكأنك كررت (يا) مرتين، وصار الاسم تنبيهًا ". وقال الزمخشري:" كرر النداء في القرآن بـ(ياأيها) دون غيره؛ لأن فيه أوجهًا من التأكيد، وأسبابًا من المبالغة؛ منها: ما في (يا) من التأكيد، والتنبيه، وما في (ها) من التنبيه، وما في التدرُّج من الإبهام في (أيّ) إلى التوضيح. والمقام يناسبه المبالغة، والتأكيد ". وأما قولها:﴿وهم لا يشعرون﴾ فهو تكميل لما قبله، جيء به، لرفع توهم غيره. ويسمَّى ذلك عند علماء البلاغة، والبيان: احتراسًا، وذلك من نسبة الظلم إلى سليمان- عليه السلام- وكأن هذه النملة عرفت أن الأنبياء معصومون، فلا يقع منهم خطأ إلا على سبيل السهو. وفي ذلك قال الفخر الرازي: " وهذا تنبيه عظيم على وجوب الجزم بعصمة الأنبياء- عليهم السلام ". ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ فتصيبكم منهم معرة من غير علم﴾[الفتح:25]. أي: تصيبكم جناية كجناية العَرِّ؛ وهو الجرب. وأما الإيجاز فنلحظه فيما جمعت هذه النملة في قولها من أجناس الكلام فقد جمعت أحد عشر جنسًا: النداء، والكناية، والتنبيه، والتسمية، والأمر، والقصص، والتحذير، والتخصيص، والتعميم، والإشارة، والعذر. فالنداء ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() فأدَّت هذه النملة بذلك خمسة حقوق: حق الله تعالى، وحق رسوله، وحقها، وحق رعيتها، وحق الجنود. فأما حق الله تعالى فإنها استُرعيت على النمل، فقامت بحقهم. وأما حق سليمان- عليه السلام- فقد نبَّهته على النمل. وأما حقها فهو إسقاطها حق الله تعالى عن الجنود في نصحهم. وأما حق الرعية فهو نصحها لهم؛ ليدخلوا مساكنهم. وأما حق الجنود فهو إعلامها إياهم، وجميع الخلق، أن من استرعاه الله تعالى رعيَّة، وجب عليه حفظها، والذبِّ عنها، وهو داخل في الخبر المشهور:" كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته ". هذا من جهة المعنى. وأما من جهة المبنى(اللفظ) فإن كلمة (نملة) من الكلمات التي يجوز فيها أن تكون مؤنثة، وأن تكون مذكرة؛ وإنما أنث لفظها للفرق بين الواحد، والجمع من هذا الجنس. ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام:" لا تضحي بعوراء، ولا عجفاء، ولا عمياء " كيف أخرج هذه الصفات على اللفظ مؤنثة، ولا يعني الإناث من الأنعام خاصة! وأما تنكير(نملة) ففيه دلالة على البعضيَّة، والعموم. أي: قالت نملة من هذا النمل. وهذا يعني أن كل نملة مسؤولة عن جماعة النمل. وأما قولها:﴿ادخلوا مساكنكم﴾ ففيه إيجاز بالحذف بليغ؛ لأن أصله: ادخلوا في مساكنكم، فحذف منه(في) تنبيهًا على السرعة في الدخول.. ومن الفوائد البديعة، التي لا يتنبَّه إليها الكثيرون: أنك إذا قلت ![]() وبعد.. فقد أدركت هذه النملة الضعيفة فخامة ملك سليمان، وأحسَّت بصوت جنوده قبل وصولهم إلى وادي النمل، فنادت قومها، وأمرتهم بالدخول في مساكنهم أمر من يعقل، وصدر من النمل الامتثال لأمرها، فأتت بأحسن ما يمكن أن يؤتى به في قولها من الحكم، وأغربه، وأفصحه، وأجمعه للمعاني. وروي عن سليمان- عليه السلام- أنه قال لها بعد أن تبسم ضاحكًا من قولها: لم قلت للنمل:﴿ادخلوا مساكنكم﴾؟ أخفت عليهم من ظلمنا؟! فقالت: لا، ولكن خفت أن يفتتنوا بما يرَوْا من ملكك، فيشغلهم ذلك عن طاعة الله! بقي أن تعلم أن النمل- على ضعفه- مخلوق قويُّ الحسِّ، شمَّامٌ جدًّا، يدَّخر القوت، ويشق الحبة من القمح قطعتين؛ لئلا تنبت، ويشق الحبة من الكزبرة أربع قطع؛ لأنها إذا قطعت قطعتين أنبتت، وتأكل في عامها بعض ما تجمع، وتدخر الباقي عدة أعوام. فتأمل حكمة الله تعالى في أضعف خلقه، وردِّدْ مع سليمان- عليه السلام- قوله:﴿رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين﴾.. اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين!
__________________
![]() تهانينا لقد تم تحميل السرطان بنجاح
|
#2
|
|||
|
|||
![]()
مشكووووووووووور اخوي جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك
|
العلامات المرجعية |
|
|