الصيام من منظور دعوي

[abomokhtar]

بقلم / تراجي الجنزوري
ما أحوج الدعاة إلى الله أن يقفوا وقفة تأمل وتدبر مع هذه الفريضة العظيمة وهي ترسي قواعد الدعوة إلى الله وفقه التعامل مع الآخرين.. وكلما فتحت المصحف وقرأت آيات الصيام ونظرت أحاديثه رأيت أحكاما ً وقواعد دعوية نحن في مسيس الحاجة إليها .
القاعدة الأولى:
" كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ".
" لا صيام لمن لم يبيت النية بليل ".
وهذا واجب وفرض عين على كل من قام يدعو إلى الله سبحانه .. بأن يجعل الله بغيته وغايته وقصده من دعوته.. ولابد أن يجدد النية مع كل درس وموعظة.. ومع كل كلمة تقال.. ومع كل حركة وسكنة.. وهل هي لله .. أم لحزبه وجماعته.. وهل هو يدور مع الحق حيث دار .. أم يدور ويدندن حول حزبه وجماعته.
القاعدة الثانية:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ....".. أيها الدعاة الحق مر فلا تزده مرارة بأسلوبك.
ويقول الشيخ الشعراوي رحمه الله:
" الحق ثقيل فلا ترسله جبلا.. ومر فلا تجعله جدلا.. فكم هو نداء العلي الأعلى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ " محبب إلى النفوس.. مثلج للصدور مشنف للآذان.. يتودد وهو الغني.. ويتقرب وهو الولي"
فأين نحن من هذا الرقي والتودد إلى الخلق.. فقد صرنا كما يقول الشيخ عائض:
" جفاة غلاظ .. فتجد من يفسق ويبدع.. ومن يحرم الصلاة على هذا.. ومن يكفر".
أين نحن من قوله (صلى الله عليه وسلم): " أفرغت يا أبا الوليد".
متى سنصل إلى هذا الرقي ؟
القاعدة الثالثة:
"أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ ".. وفي هذه درس عظيم للخطباء والوعاظ.. وهو ما ينقله لنا العرباض بن سارية حكاية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
" كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتخولنا بالموعظة.. حيث تجد اليوم الحديث والموعظة على العمال والبطال.
وخطبة الجمعة كما يقول د/ مبروك عطية:
" صارت خطبة الجمعة علقة سخنة.. فلابد من ترقب أحوال الناس ومدى استعدادهم لتقبل الحديث وتلقي الموعظة وقبول الكلمة" .
القاعدة الرابعة:
"لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" .. وفيه بيان العلة والحكمة من الصيام.. ومنها لابد من بيان وتوضيح علة دعوة المدعو..حيث فيها صلاحه في تلك الحياة ونجاته يوم يقوم الأشهاد "إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ" .. " ويا قومإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ".
القاعدة الخامسة:
"يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ".
لابد وأن يكون شعار الدعاة إلى الله " يسروا ولا تعسروا.. وبشروا ولا تنفروا" .. ويكون ديدنهم " ما خير رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ً.. فإن كان إثما كان أبعد الناس عنه ".
المشكلة متمثلة أننا دائما نركز على الأحوط.. ونركز على سد الذرائع.. ما فتحناها يوما ً .. ودائما ً نختار للناس الأصعب مع أن الأصل غير ذلك .
القاعدة السادسة:
" وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ".. فالهداية أيها الدعاة بيد الله لا بأيديكم.. " وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـكِنَّ اللّهَ رَمَى ".
كذلك: وما دعوت إذ دعوت ولكن الله هدى.. فإذا تمت هداية المدعو على يدك.. فكبر الله واسجد له شكرا ً .
القاعدة السابعة:
"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ".
ألزم منزلة الافتقار إلى الله.. تحقق بأوصافك يمددك بأوصافه.. أعلن فقرك يمدك بغناه.. أعلن عجزك يمدك بحوله وقدرته.. أعلن ضعفك يمدك بقوته.. أعلن ذلك يمدك بعزه.. استمطر رحمات الله بالتزامك عتبة الذلة بين يديه .
القاعدة الثامنة:
"للصائم فرحتان" .. وللدعاة إلى الله فرحتان .. فرحة في الدنيا: نحن في سعادة لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدونا عليه بالسيوف.. وفرحة عند لقاء ربه.." فلأن هدي الله بك رجلا ً واحدا ً خير لك من حمر النعم " .." وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ..."
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه