اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-11-2012, 11:24 PM
darch_99 darch_99 غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,824
معدل تقييم المستوى: 17
darch_99 is just really nice
افتراضي الفاشلون يشعلون مصر ومصر فريسة المعارضة مقال يحمل معاني اتمني ان تصل للجميع

الفاشلون يشعلون مصر ومصر فريسة المعارضة

اولا الفاشلون يشعلون مصر

التاريخ القديم والمعاصر ولوقتنا الحاضر زاخر بالعديد من الأمثلة لفاشلين وطامعين ضحوا بكل نفيس وغالٍ من أجل الانتقام لفشلهم وبث الروح في أطماعهم، نوعية مخصوصة من البشر تجردت من كل القيم والمبادئ والأخلاق، بحثًا عن المناصب ولهثًا وراء السلطة، لا يبالون بدماء سفكت، وأموال ضاعت، ودول خربت، ففي كل واد للفتنة يهيمون، وخلف كل ناعق يسيرون، قتلهم حب الدنيا، وأعماهم الحرص على المناصب وعشق السلطة والكراسي، فالمعتمد بن عباد الأندلسي تحالف مع ملك إسبانيا الصليبي ألفونسو السادس ضد الزعيم المسلم يوسف بن تاشفين كي يمنعه من نجدة الأندلس، والأمير السعيد بن محمد الكامل الأيوبي تحالف مع هولاكو ملك التتار ضد السلطان قطز من أجل البقاء على إمارة الشام، والخديوي سعيد تحالف مع الإنجليز ضد المصريين ووافق على خضوعه لحمايتهم من أجل البقاء في منصبه الفارغ، وهكذا التاريخ زاخر بالفاشلين الذين باعوا كل شيء من أجل أطماعهم ومناصبهم.
تحالف غير مسبوق من علمانيين وليبراليين واشتراكيين وشيوعيين وثوريين وفلول مبارك وقتلة ثوار وفاسدين، شتات لا يجمعه سوى كراهية تطبيق الشريعة ومعاداة المشروع الإسلامي، والرغبة المدمرة في التخلص من التيار الإسلامي وتصفية حسابات الفشل والخسارة الانتخابية والسياسية والفكرية معه، هذا التحالف يجتمع اليوم، ليس بحثًا عن الحرية والعدالة الاجتماعية أو الثورة على الاستبداد والديكتاتورية كما يروجون ويخدعون الشباب بهذه الشعارات البراقة والكلمات الفخمة الطنانة، وأين كانت تلك الشعارات والعسكر يحكمون مصر طيلة عام ونصف بكل استبداد وديكتاتورية؟ ويطالبون بتمديد حكم العسكر لعامين كما طالب بذلك كبيرهم؛ البرادعي، إنما هي في حقيقة الأمر شعارات للانتقام وتفريغ غيظ الصدور وبث سواد النفوس على تيار ليس له ذنب سوى أن الشعب اختاره وأتى به في سدة الحكم وفي المجالس النيابية.
المشهد السياسي في مصر قبل صدور الإعلان الدستوري الأخير كان أشبه ما يكون بالمشهد العراقي بعد الاحتلال الأمريكي، حيث التناحر السياسي والطائفي هو سيد الموقف، والمشهد اللبناني المليء بالصراعات المزمنة والتجاذبات الطائفية والحزبية، دولة ليست بالمعنى المعروف عن الدول المستقرة، حيث مؤسسات الحكم والدستور والقانون، وأقرب ما تكون لشبه دولة، حيث لا توجد مؤسسات حكم منتخبة، إلا مؤسسة الرئاسة، ولا دستور مكتوب، إلا إعلانات دستورية معيبة وناقصة، وذلك بسبب وجود العديد من الشخصيات المحسوبة على نظام مبارك داخل السلطة القضائية أبرزها النائب العام وأعضاء المحكمة الدستورية، وهي الشخصيات التي تواطأت مع المجلس العسكري المنحل على تطويل أمد الفترة الانتقالية، وإهدار مكتسبات التيار الإسلامي الذي كان خيار الشعب في العملية الانتخابية، وفي تغول فاضح من السلطة القضائية على السلطة التشريعية واختيار الشعب، قامت المحكمة الدستورية بحل مجلس الشعب المنتخب، ومنح صلاحياته للمجلس العسكري المعين من قبل المسجون مبارك، الذي بادر بإعلان دستوري مكمل وضعه بعض أعضاء الدستورية، كبَّل به سلطة الرئيس المنتخب وحد كثيرًا من صلاحياته، وجعله أشبه ما يكون بالرئيس الشرفي مثل رئيس ألمانيا، لا تتعدى صلاحياته عتبات قصر الرئاسة لتقع البلاد فريسة للتنازع بين السلطات، فالسلطة القضائية بقيادة الدستورية بالاتفاق مع السلطة التشريعية ممثلة في المجلس العسكري الذي استولى عليها في الأصل بمساعدة الدستورية، كلاهما ضد السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس المنتخب، في نادرة ثورية غير مسبوقة، ذلك لأن الصراع في الحقيقة كان بين رجال نظام مبارك البائد الذين عينهم بنفسه واختارهم على عينه ـ الدستورية والمجلس العسكري ـ وبين رجال الثورة المصرية ممثلين في الرئيس المنتخب محمد مرسي.
هذه السيولة السياسية والتنازع بين السلطات استطاع محمد مرسي أن يحقق فيه انتصارًا بارعًا أنهى به الحكم العسكري لمصر بعد ستين سنة من الحكم المستبد المتلاحق، وذلك بتخلصه بالمجلس العسكري الذي كان يعاني من تدهور كبير في شعبيته وسوء بالغ في إدارته للبلاد، وتخلص منه بضربة معلم شهد ببراعتها الجميع، وبدا للعيان أن مرسي قد استرد صلاحياته وفرغ من تهديدات فلول نظام مبارك، ولكنه قد أخطأ خطأ فادحًا بتركه للمتربصين به داخل السلطة القضائية، ولم يستغل صدمة الرعب التي أصابت الفلول ومن تحالف معهم من الفاشلين والحاقدين على نجاحات التيار الإسلامي بعد الثورة، مما جعل خصوم الرئيس داخل السلطة القضائية يلملمون أوراقهم ويرتبون أوضاعهم، ويصطفون خلف النائب العام الذي كان بمثابة الحصن الأخير لفلول النظام، وهو الذي قام بدور كبير في وأد القضايا التي تنال من فلول النظام، وفي المقابل قام بتحريك القضايا التي من شأنها تأزيم الأوضاع السياسية داخل البلاد، مثل قضايا حل اللجنة التأسيسية وحل مجلس الشورى والطعن في الانتخابات الرئاسية وإلغاء الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي بعد الإطاحة بطنطاوي وعنان، مما ينذر حال قبول هذه القضايا لخلف فراغ سلطوي كامل داخل البلاد، بحل آخر المؤسسات المنتخبة شعبيًّا، وهي مؤسسة الرئاسة.
في ظل هذه الأجواء وتحت هذه الضغوط أجبر الرئيس مرسي على الإسراع بإعلان دستوري جديد ذي طابع ثوري استبدادي، ولكنه استبداد من لم يجد سوى الاستبداد لإحقاق الحق ونشر العدل، يحبط كل هذه المؤامرات الهادفة لإعادة إنتاج نظام مبارك، وتطويل الفترة الانتقالية التي كلما طالت زادت الأزمات والاضطرابات وأصبح الباب مشرعًا على مصراعيه لعودة الحكم العسكري مرة أخرى لسدة الحكم في مصر، وهو ما اتفقت عليه إرادات كارهي المشروع الإسلامي من العلمانيين والليبراليين والفلول، وكان هذا الإعلان كافيًا لإشعال ثورة غضب عارمة يقودها الفاشلون والكارهون والحاقدون في بر من مصر من أجل تمرير مؤامرة الدستورية نحو تفكيك السلطة التنفيذية وما تبقى من السلطة التشريعية، ولكن الفشل يقودهم اليوم للوصول بسقف مؤامراتهم لإحراق البلاد طولاً وعرضًا.
نعم هذا ما يقوم به الفاشلون اليوم في مصر، ولأن الفشل هو شعارهم، والأقلية هي حجمهم، فقد فشل قادة تحالف إجهاض الثورة في حشد التأييد الشعبي ضد إعلان الرئيس، فلم يستجب لدعوتهم رغم الشحن الإعلامي الكبير من جانب فضائيات مبارك إلا ألوف قليلة، فاتجهوا نحو الخطوة الثانية في التصعيد وهي تحريض الجيش للانقلاب على الشرعية، ومن أجل ذلك قاموا بتوزيع منشورات منسوبة للجيش المصري زورًا وكذبًا تدَّعي أنه يساند ثورة الغضب ضد الرئيس مرسي، ما حدا بوزير الدفاع لأنْ يحسم هذه الترهات برفض الجيش التدخل في العملية السياسية والتورط في مؤامرات الحاقدين على مصر، بعدها قام عرَّاب الفتنة ورأس الفاشلين "البرادعي" بتحريض الدول الخارجية عامة وولية نعمته وسيدته أمريكا خاصة، من أجل التدخل الصريح في شئون مصر والضغط على الرئيس لسحب إعلانه الدستوري الذي أحبط آمال الفاشلين والطامعين، ولكن الرد الخارجي جاء فاترًا وليس على المستوى المأمول ولم يخرجه عن سياقه المعتاد من الدول التي لا تريد أن تتورط في مغامرات خارجية، لذلك كان الحل الأخير لدى نخبة الفشل هو اللجوء إلى سفك الدماء وإحداث أكبر قدر من الفوضى، بدأت بالهجوم على مقار الحرية والعدالة والاحتكاكات غير المبررة مع الإخوان ومحاولة استفزازهم في قتال شوارع، يقود البلاد لشبه حرب أهلية يكون المخرج منها نزول الجيش واستيلائه على مقاليد الأمور مرة أخرى.
وفي أتون هذه الأحداث الملتهبة يجب على الرئيس مرسي انتهاج العديد من الخطوات لإحباط مؤامرة الفاشلين والحاقدين على الثورة في مصر، عليه أولاً أن لا يتراجع عن قراراته الثورية مهما كان المقابل، فلا مجال لعودة الفاسد العام ولا مجال لحل التأسيسية، فلو تراجع في واحدة منها كتب بيديه شهادة وفاة ليس لرئاسته فحسب، ولكن للتجربة الإسلامية في الحكم، كما عليه ثانيًا أن لا يستمع لصوت الساسة الفاشلين مثل البرادعي وحمدين وموسى وغيرهم ممن أكل الغيظ قلوبهم وأعمى الطمع عيونهم، ولا يرضخ لضغوطهم، فقد عرف قدرهم وحجم تأثيرهم في الشارع في عدة مواقف آخرها مليونية أقصد ميني أو ميكرو مليونية "مصر مش عزبة "، ثالثًا عليه أن يطمئن الشباب الثائر الذي يستغله قادة الفشل والكراهية، وإزالة مخاوفهم المشروعة من تحول الإعلان المؤقت لإعلان مستمر، وعودة الديكتاتورية المباركية، ببيان الأسباب الدافعة لمثل هذا الإجراء الثوري، رابعًا عليه أن يضمن ولاء الجيش ويتأكد من حياديته في الأحداث الجارية؛ لأن الإغراء على قادة الجيش كبير، وكراسي السلطة ما زالت دافئة من أثرهم ستين سنة من حكم البلاد، خامسًا على الرئيس مرسي أيضًا ضرورة كبرى وهو التفاهم مع شرفاء السلطة القضائية وهم الأكثرية، وإزالة مخاوفهم من التوغل على سلطتهم القضائية وإعطائهم كامل الضمانات على حفظ استقلالية السلطة القضائية، وأن التحصين لا ينسحب على كل قراراته،كما عليه أن يفضح مؤامرة بعض أعضاء الدستورية مع الفلول والفاسد العام وبعض المرشحين الخاسرين أمامهم، وهي المؤامرة التي كانت الدافع الأساسي لدى الرئيس مرسي لاتخاذ هذه الإجراءات الثورية.
الرئيس مرسي يحاول اليوم بكل قوة أن ينتقل بمصر من الفترة الانتقالية إلى مرحلة الاستقرار والثبات في مؤسسات الدولة، لتدور عجلة الإنتاج وتنتهي الاضطرابات وتستعيد البلاد عافيتها، في حين أن الفاشلين والفلول يحاولون بكل قوة إطالة أمد الفترة الانتقالية وتدمير مؤسسات الحكم ومنع كتابة الدستور، وتسييل البلاد لأقصى صورة من أجل عودة حكم العسكر مرة أخرى وإفشال المشروع الإسلامي برمته، فهل ينجح تحالف الفاشلين في إحراق مصر وتدمير مؤسساتها؟ أغلب الظن أنهم سيفشلون لأن كلمة الله الماضية أنه سبحانه وتعالى لا يصلح عمل المفسدين، فالفشل سيكون حليفهم بمشيئة الله، وربنا يستر.

ثانيا مصر.. فريسة المعارضة!

يموج المشهد المصري حاليًا بحالة من الفوضى الداخلية التي تنذر بتحولها إلى كارثة على الداخل المصري، ربما تفوق تداعياتها ما حدث في الثورة المصرية ذاتها منذ الخامس والعشرين من يناير، وذلك لوصول الحالة السياسية المصرية إلى حالة انسداد سياسي، وحالة من السخط بين قطاعات ليست قليلة من المجتمع المصري، فبالرغم من قلة عددها، إلا أن تأثيرها لا يمكن الاستهانة به، وأي قائد سياسي يجب أن يضع في اعتباره مثل تلك القلاقل وأثرها ليس فقط على مستقبله السياسي ـ ومستقبل حزبه أو جماعته بالتبعية ـ ولكن على مستقبل مصر كلها.
فبالرغم مما يراه البعض خطوات ضرورية لتطهير مؤسسات الدولة من أقطاب النظام السابق، والذين يرغبون في تفجير الطرق أمام الرئاسة، إلا أن الدور الأول لأي سياسي هو تقليل السخط الشعبي، فالنظام السياسي لأي دولة يتم تغذيته بمطالب وتأييد، فإذا لم تلب المطالب، وانخفضت نسبة التأييد، فهنا يغلي مرجل النظام، لا سيما إذا كانت البيئة المحيطة له بيئة معادية، مثل الحالة المصرية التي بها إعلام معادي للإسلام السياسي، إما لتوجهه الليبرالي، أو بسبب القائمين عليه من أطراف لها حسابات سياسية واقتصادية وأيدلوجية لا تتقاطع بالضرورة مع الإسلام السياسي، وتغذت لعقود من ماكينة الفساد المباركية، ولا تزال تسيطر على قطاعات اقتصادية هامة ومسئولة عن عدد كبير من العمالة، وتتقاطع أهدافها مع أهداف دول إقليمية ودولية لا تريد إنجاح التجربة الإسلامية.
ووسط تلك البيئة المعادية كان يجب على الرئاسة أن تشق طريقها بحذر، مستعينة بحشد جهود الشرفاء من بني الوطن، ومحاولة الوصول إلى توافق سياسي بين الأطياف القريبة من اللون الحاكم الحالي، والأهم من كل ذلك، هو محاولة حشد الشعب إلى جوار المؤسسة الحاكمة بمشروعات تبث الأمل في نفوس البسطاء وغير المؤدلجين أو المرتبطين بمشروع سياسي أو اقتصادي بعينه، بوضع بارقة أمل للشعب المصري ينير لهم الطريق داخل النفق المظلم الذي لا يعلم أحد متى يتم تجاوزه، وتلك البارقة كان يجب أن تكون مشروعًا قوميًا بكل صفاته: مشروع له أبعاد اقتصادية واعدة، يهم القطاع الأكبر من المواطنين، في إطار من العدالة في التوزيع، ثم ربط ذلك المشروع بالأهداف العليا للدولة المصرية وقيمها، كأن يحقق لهم اكتفاء ذاتيًا يوفر لهم كرامة سياسية واستقلالية بالاستغناء عن إحدى السلع الاستراتيجية التي تستوردها مصر على سبيل المثال.
ولكن أيًا من ذلك لم يحدث: لم يتم توجيه خطاب لامع كاريزمي يقوم بلفت أعناق الأتباع وغير المؤدلجين إلى المشروع السياسي بإعلام واعد يقدم بديلاً عن إعلام المقتاتين على عجلة الفساد المباركية، لم يتم احتواء الطبقات المختلفة من أبناء الشعب المصري بمشروع قومي، لم يتم استيعاب مختلف الأطراف السياسية القريبة من لونك السياسي داخل الحكم، لم يتم استيعاب الأطراف الأخرى التي ربما تنتمي إلى الليبرالية غير المتطرفة والرافضة للآخر، بدا الأمر وكأننا نسير خلف رجل واحد فقط، بلا ظهور واضح لحزبه ـ سواء عجزًا أو خوفًا من الإعلام الفاسد واتهامات أخونة الدولة ـ وبلا ظهور واضح لأتباعه من مؤيدي فكرته وأهدافه العليا من أبناء الحركات الإسلامية الأخرى، ثم كانت القشة التي قسمت ظهر البعير بعدم استيعاب جهات هامة ومحورية في الدولة مثل القضاة، الذين يرغب الرئيس في التواصل معهم ـ الآن ـ بعد صدور قراراته.
حتى السيد وزير العدل نفسه، صرح لأحد البرامج التلفازية أن الرئيس كان يجب أن يعدل من بعض قراراته الرئاسية، وعندما سئل: لماذا لم تقترح على الرئيس ذلك، فأجاب أنه من المؤكد أنه سيفعل، وهذا يضع تساؤلات عن كيفية اتخاذ القرارات داخل مؤسسة الرئاسة، هل لم يتم استطلاع رأي وزير العدل في شأن قضائي وتشريعي؟ لا سيما بما لهذا الوزير من "دلال" على قطاع كبير من القضاة لانتمائهم إلى تيار الاستقلال الذي قاده وزير العدل، ولم يتم عمل "تمهيد نيراني" مناسب لاقتحام المعركة، بل فوجئ الجميع بقرارات ـ بمن فيهم وزير العدل ـ أحدثت جلبة واسعة قادها أئمة الأفك السياسي استغلالاً لعدم التحضير الجيد لتلك القرارات، مما دفع بباقي سدنة منظومة الفساد المباركي لإعادة ضخ الأموال في عجلة البلطجة مرة ثانية، لإشعال الشارع وإظهار أن هناك سخطًا شعبيًا واسع النطاق ضد قرارات الرئيس، بالرغم من أن العكس هو الصحيح.
مع تطور الأزمة كشفت الأحداث عن وجود حوارات سابقة مع أطياف مختلفة من المعارضة ـ الشريف منهم وغير الشريف ـ وكانت هناك مساحات متقاطعة من الاتفاق على بعض الخطوات وعدم الاتفاق على البعض الآخر، الشائك منها كان ما يتعلق بمؤسسة القضاء، وكيفية تطهيرها من أزلام النظام السابق، والعاجل منها كان يتعلق بتحصين اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، لبروز مؤامرات في الأفق تحاك من أجل إعادة كل شيء إلى عهد مبارك من جديد، بنسخ كل تطورات الثورة، وحل كل ما هو منتخب، وإعادة الوضع إلى ما كان عليه، إلى حد إعادة سيطرة المجلس العسكري على مقاليد البلاد مرة ثانية.
وكل تلك المؤامرات كانت تتطلب كل من الحكمة والسرعة، ولكن لم يكن يجب مقايضة أحدهما بالآخر؛ فالتمهيد والإعداد الجيد للقرارات لا يقل أهمية عن الحكمة في اتخاذها، وتلك القرارات من الخطورة بحيث لا يستطيع تحملها فرد واحد، حتى لو كان رئيس الجمهورية، ولا جهة واحدة حتى لو كانت الحزب الحاكم، فعندما يتعلق الأمر بمصير أمة، فإن الشعب ـ مصدر السلطات ـ يجب أن يتم إعداده جيدًا لمثل تلك الخطوات الحاسمة، وإن كانت هناك خطوات ربما بدت أكثر خطورة ـ مثل إقالة المشير ـ قد مرت بسلام غير متوقع، فإنه لا يجب اتخاذ ذلك ديدنًا، ولا يجب التخلي عن الحذر المطلوب والإعداد الجيد لكافة القرارات الرئاسية، لا سيما ومؤسسات الدولة لم يتم تطهيرها وعلى رأسها الداخلية، أداة الرئاسة الأساسية في تقليل الأضرار الناجمة عن الأخطاء السياسية، ولكن ذلك الثمن لا تريد الداخلية دفعه بعد الآن.
ففي حقبة مبارك كان النظام يحمّل الداخلية كل سوءاته، كان يستخدمها كمخلب قط ضد معارضيه، وهراوة ضد أبناء الوطن، مما زاد حالات السخط الشعبي وحنقهم على جهاز الشرطة بأكمله، وتحملت الداخلية وحدها كل هجمات الثورة المصرية على النظام، وكانت الدرع الأساسي لمبارك، ودخلت في صراع مباشر مع الشعب المصري لا تزال أصداؤه مستمرة حتى الآن، لا سيما أن من بين القرارات الرئاسية إعادة محاكمة قتلة شهداء الثورة، والذين ـ يتصادف ـ أنهم أيضًا رجال الداخلية! وإعادة فتح التحقيقات في قضاياها، مما يعني أن النظام الحالي يريد إعادة محاسبة جهاز الشرطة وإدانة القتلة داخله، والذين كانوا يرون جهودهم أثناء الثورة على أنها جهود وطنية للدفاع عن النظام، ثم يأتي النظام الحالي يطلب تطهير الداخلية من القادة من الرتب العليا، الموالين للنظام السابق، وإدانة الضباط من الرتب الصغرى، الذين قتلوا المتظاهرين، ثم يتوقع النظام الحالي ـ ذاته ـ أن تقوم الداخلية بحمايته، والتصدي للمتظاهرين في الميادين المشتعلة من جديد؟
الرئيس يتحرك بمفرده، بلا تمهيد شعبي، ولا تحالفات حزبية، سواء مع طيفه من الإسلام السياسي أو مع الأطراف الليبرالية المعتدلة، وبعدم التنسيق مع السلطتين القضائية، والتنفيذية ـ ممثلة بالداخلية ـ وبلا قطاع واسع من مستشاريه أيضًا، وتلك ليست الطريقة المثلى لإدارة دولة بحجم مصر يريدها البعض مثل لبنان، بتقسيمها لطوائف سياسية تعادي بعضها البعض بناء على مصالح ضيقة وليس بناء على مصلحة الوطن الأم، والرئيس ذاته ليس بعيدًا عن اللوم والعتب، بل هو أمام الشعب المسئول الأول عن سلامة الوطن وتماسكه الداخلي، والذي يعد أهم أبعاد الأمن القومي لأي دولة في العالم.
فبالرغم من الغباء السياسي لحقبة مبارك، إلا أنه كان يستخدم أدواته بحنكة شديدة وكان يضرب الفصائل بعضها ببعض من أجل النجاة، ونجح في ذلك طيلة ثلاثين عامًا، وما أسقطه هو وسائل الإعلام الحديثة التي أزالت الخطوط الفاصلة بين الطوائف السياسية والشعبية، بعد أن رسمها لها نظامه على الأرض ومنع تجمعهم واحتشادهم وتكوينهم للأحزاب والمنتديات والمؤسسات الشعبية الفاعلة، وكان يحتكر الإعلام حتى ظهور الفضائيات والصحف الخاصة ثم وسائل التواصل الاجتماعي التي هدمت عرشه.
واليوم مصر تقف على مفترق طرق جديد، سيتحمل فيه التيار الإسلامي كله نتيجة القرارات السياسية غير المدروسة حتى لو كانت صحيحة سياسيًا ونافعة مجتمعيًا، في ظل حالة عجز كاملة عن التحكم في وسائل الإعلام، بالرغم من سيطرة الإخوان على جهاز الإعلام الرسمي للدولة، إلا أن الصورة لم تصل ولم تكتمل ولم تصبح مرآة عاكسة لما يجب أن تكون عليه الأوضاع في ظل حكم إسلاميين يتفوقون على غيرهم ـ افتراضيًا ـ بنصاعة فكرتهم ومشروعهم ونواياهم، فالشعب قد يغفر بعض الزلات السياسية نظير ثقته في نزاهة يد الإسلاميين ونواياهم الحسنة، واستقلال قرارهم السياسي عن الغرب، ولكن آلة الإعلام الجهنمية تعمل ليل نهار على تلطيخ الصورة وتصيد الأخطاء وإبراز العيوب وإخفاء الإنجازات.
بل إن الدماء التي تسقط جراء "بلطجة" التيارات السياسية المناوئة للإسلاميين يحسبونها على قرارات رئيس الجمهورية، وحرق المقار يبررونه بأنه إجراء شرعي كما كان مع الحزب الوطني، في ظل غياب تام من قوات الأمن وإيثارها عدم التدخل، بتواطؤ واضح ضد النظام الحالي، بتسريبات بأن بعض كبار الضباط كانوا يعلمون مخططات حرق المقرات وأعطوها الضوء الأخضر، وذلك يرجع أيضًا إلى عدم التوفيق في انتقاء القرارات وتوقيتاتها من رئاسة الجمهورية، حيث إنها نجحت باقتدار في شق الصفوف وتأليب الأعداء من كافة الاتجاهات.
إن خطورة المعضلة الحالية هو قدرة الأطراف المعادية للإسلاميين على استثمار الأخطاء السياسية وتصعيد الأوضاع من أجل إحراج المؤسسة الحاكمة، لا سيما أنه لا حل يرضيهم سوى التراجع عن تلك القرارات، أو الاستمرار في تهييج الشارع في ظل غياب الأمن وموقفه السلبي المتواطئ، وفي ظل ذلك المناخ الملتهب والمتأجج والذي تتلاعب فيه قلة من المحرضين بشباب مغيب وسط بلطجة سياسية، سيكون من الصعب الالتجاء إلى صناديق الانتخابات، وتحكيم الشعب للفصل في تلك المسألة، لا سيما وأن الاستطلاعات لا تصب في مصلحة أعداء المشروع الإسلامي، ومن هنا تبرز خطورة المعضلة السياسية الحالية.
فإذا مضت الرئاسة قدمًا في طريقها فإن الأمور مرشحة للتصعيد، لا سيما مع استدعاء الخارج، وإذا تراجعت الرئاسة فسيمثل ذلك انتصارًا ليس للمعارضة فقط، ولكن لأقطاب مبارك في الحكم، والذين سيتهيأون لتوجيه الضربة القادمة، والحلول الوسط أيضًا ربما تمثل تلطيخًا لسمعة مؤسسة الرئاسة وستعتبر نوعًا من التراجع وانتصارًا للمعارضة ولن يختلف الأمر كثيرًا عن التراجع الكامل، فالهدف الأسمى للمعارضة من تلك الجولة هو النهش لأبعد مدى من شعبية الإسلاميين، فقد تمكنوا من غرس أنيابهم ولن يخرجونها خاوية الوفاض، حتى لو كانت الفريسة هي مصر ذاتها، ولن يسمحوا بإجراء أية انتخابات إلا مع تيقنهم من الإجهاد الكامل للضحية، وعلى الجانب الآخر فإن استمرار الحشد الموازي بعد أن تمكن الفلول ـ للمرة الأولى ـ من دخول ميدان التحرير آمنين، سيؤدي إلى زيادة معضلة الدولة المصرية التي بدأت مؤشرات بورصتها في الهبوط في ظل الأوضاع الاقتصادية المأساوية في حالة إصرار المعارضة على غلق كل المنافذ أمام حلول سوى تراجع مؤسسة الرئاسة، تمهيدًا للانقضاض على اللجنة التأسيسية ومجلس الشورى ثم مؤسسة الرئاسة ذاتها.
إن المخرج الوحيد من تلك الأزمة سيكون بتحرك فردي من الرئاسة كما تحركت من قبل، مثلما يقول المثل الشعبي "من حضّر العفريت يصرفه"، ولكن الأمر بحاجة إلى مجهود مضاعف: فإذا كان ينبغي شن حملة علاقات عامة قبل القرارات للتمهيد لها، فيجب الآن شن حملات مكثفة في مختلف الاتجاهات داخليًا وخارجيًا، وإذا كان يجب التواصل مع الأطراف قبل الإعلان عن القرارات، فاليوم نحن بحاجة إلى أكثر من مجرد التواصل والتوضيح والشرح، بمزيد ضمانات قانونية بعدم توسع الرئيس في استخدام صلاحياته، ووجود صياغة قانونية إضافية تمثل طمأنة للشارع وليس للمعارضة، كما يجب على الرئيس أن يستعيد أدواته التي فقدها داخل وزارة الداخلية، وأن يعيد ثقافة التواصل مع التيارات الوطنية الحقيقية والأحزاب الإسلامية والقوى السياسية المخلصة، بإعادة بناء الحشد الشعبي والنخبوي خلف مؤسسة الرئاسة، للابتعاد بالبلاد عن شبح الحالة اللبنانية.
__________________
#الإشـاعة يؤلفها #الحاقد وينشرها #الأحمق ويصدقها #الغبي حاول أن لا تكون من هؤلاء الثلاثة.
بالفيديو.. توثق أحداث الذكرى الثانية للثورة


رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:43 AM.