|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تداعيات متعددة للعملية العسكرية الفرنسية في شمال مالي ![]() علي بكر باحث في شئون الجماعات الإسلامية أثار التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي تساؤلات حول التداعيات التي يمكن أن يفرضها على المنطقة، وخاصةً بعد سيطرة التيارات الجهادية على شمال مالي منذ أقل من عام، في ظل "الموجة الجهادية" التي اجتاحت الإقليم بعد اندلاع الثورات العربية التي فتحت الباب على مصراعيه أمام تنامي نفوذ هذه التيارات، بعد أن كانت تبحث عن "ثغرة" للنفاذ منها، وتحقيق أهدافها، وعلى رأسها الانتقام من الدول الغربية والأنظمة السياسية الحاكمة في دول المنطقة. في هذا الإطار، كانت مجموعة من التيارات الجهادية قد سيطرت على شمال مالي ومدنه الرئيسية (تمبكتو، وغاوو، وكيدال)، على رأسها جماعة أنصار الدين، وحركة التوحيد والجهاد، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فضلا عن عدد من الكتائب والسرايا الأخرى مثل كتيبتي أنصار الشريعة والموقعون بالدماء، وهو ما أثار مخاوف جدية لدى قوى إقليمية ودولية من أن تستخدم شمال مالي كـ"نقطة انطلاق" لشن هجمات ضد مصالح هذه الدول. استراتيجية متعددة الأهداف تسعى فرنسا من خلال العملية العسكرية التي تشنها على شمال مالي إلى تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية التي تتمثل في: 1- حماية مناطق النفوذ التقليدية لفرنسا في إفريقيا، وضمان المشاركة في عملية إعادة صياغة الترتيبات الأمنية في هذه المنطقة الحيوية، لا سيما في ظل تطلع العديد من القوى الدولية إلى تفعيل وجودها هناك لاعتبارات أمنية واقتصادية عديدة. 2- وضع حد للنفوذ الملحوظ الذي يحظى به تنظيم القاعدة في المنطقة، وخصوصًا في شمال مالي، وتقييد الجهود التي يبذلها بهدف التوسع والانتشار، وبناء قدرات عسكرية قتالية عالية، حيث تُشير العديد من التقديرات إلى أن الجماعات الجهادية تتطور بسرعة كبيرة وملفتة، بشكل يمكن أن ينتج تداعيات سلبية عديدة على حالة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة. 3- تأمين قدرة فرنسا على الوصول إلى الموارد الطبيعية التي تتمتع بها هذه المنطقة، مثل اليورانيوم، والنفط، والغاز، والتي تحظى بأهمية خاصة بالنسبة للاقتصاد الفرنسي. 4- ضمان مصالح الشركات الفرنسية التي تستثمر في هذه المنطقة، وخاصة في مجالات التعدين والبترول، والتي أصبحت هدفًا مباشرًا للقاعدة في شمال مالي خلال الفترة الأخيرة. تداعيات مختلفة لكن رغم ذلك، فإن فرنسا والدول الحليفة لها لم تتمكن من تبني خطاب مقنع لبعض دول المنطقة بأهمية الحملة العسكرية التي تشنها على شمال مالي، حيث اكتفت بتأكيد أنها تسعى إلى منع قيام "إمارة دينية" في منطقة الساحل، مع إغفال التداعيات المحتملة التي يمكن أن تتمخض عنها العملية العسكرية، والتي يمكن تناولها على النحو التالي: 1- نجاح تنظيم القاعدة في استدراج الفرنسيين لبدء حرب طويلة الأمد، لن تنتهي بسهولة، ولن تستطيع فرنسا أن تحقق فيها نصرًا حاسمًا، تقضي فيه على التيارات الجهادية التي تمكنت من نقل المعركة من داخل المدن إلى الصحاري الشاسعة والكهوف والجبال التي تجيد القتال فيها جيدًا، لا سيما وأنها تُعتبر البيئة الأصلية لهذه التيارات، وهو ما يعزز من احتمالات إقدام هذه التيارات على شن سلسلة هجمات مضادة تتمكن عبرها من إلحاق خسائر بشرية بالقوات الفرنسية والقوات الإفريقية الأخرى. 2- فرض أعباء ثقيلة على دول المنطقة التي تعاني من أزمات مزمنة على كافة الأصعدة، بشكل لن يمكنها من تحمل "فاتورة الحرب"، فضلا عن أنها ستجد نفسها مرغمة على مواجهة الضربات المحتملة للتيارات الجهادية التي تسعى إلى الانتقام من القوات الفرنسية والدول المؤيدة لها، وقد هددت بالفعل باستهداف عواصم ومصالح الدول المحيطة التي قدمت مساعدات وتسهيلات خلال العمليات العسكرية، وهي تهديدات تكتسب أهمية خاصة، لا سيما في ظل انتشار الطوارق عبر صحراء الساحل الإفريقي، وفي كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو والجزائر وليبيا. 3- استنزاف القوات الفرنسية، بالاستفادة من تضاريس المكان وطبيعة الأرض، إلى جانب التعاطف النسبي الذي تحظى به هذه التيارات من جانب بعض مواطني هذه المناطق، الذين يرون أن العمليات العسكرية تمثل "عودة للاستعمار" من جديد. 4- تعبئة كل التيارات الجهادية في المنطقة بهدف مساعدة الإسلاميين في شمال مالي، وهو ما سوف يحول الأخيرة، خلال الفترة القادمة، إلى "قبلة الجهاديين" الذين يرغبون في الجهاد ضد "الصليبيين"، حسب رؤيتهم، الأمر الذي يزيد من احتمالات "أفغنة" شمال مالي، ويفرض تهديدات جدية للأنظمة الحاكمة في المنطقة حتى ولو وصفت بأنها "أنظمة إسلامية"، خصوصًا وأن ذلك سوف يؤدي إلى تنشيط الميليشيات المسلحة المنتشرة في دول عديدة بالمنطقة، والتي تسعى بقوة لتطبيق فكرها الجهادي القديم، بهدف إزاحة الأنظمة السياسية القائمة حاليًّا. وفي النهاية، يمكن القول إن الحرب في مالي هي إحدى التداعيات الجديدة التي أنتجتها التطورات المتسارعة في مرحلة ما بعد الثورات العربية، وربما تؤدي إلى إلحاق خسائر بشرية ومادية كبيرة بالنسبة لفرنسا، كما أنها لن تقود إلى نصر حاسم على الإسلاميين الذين انسحبوا من المدن إلى قواعدهم في الصحراء الشاسعة الممتدة، لتبدأ من هناك "حرب عصابات" قد تقصر أو تطول بحسب الظروف التي تجري في إطارها العمليات العسكرية. وبشكل عام فإن التيارات الإسلامية وإن كانت قد خسرت معركة، فإنها لم تخسر الحرب بعد، خاصة وأن الحرب غير التقليدية (حرب العصابات) التي يجيدونها لم تبدأ بعد، وهو ما يطرح دلالة مهمة مفادها أن مصالح فرنسا والدول التي دعمت عملياتها العسكرية في شمال مالي، ربما تصبح هدفًا مباشرًا للعمليات التي سوف تقوم بها هذه التيارات خلال المرحلة القادمة. |
العلامات المرجعية |
|
|