|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
للمرأة المسلمة أن تحتسب على المخالفات الظاهرة، والمنكرات الشائعة في كل مكان وزمان؛ وأن تقوم بإنكارها؛ وأن تسعى في تغيرها؛ مع مراعاتها للآداب والضوابط الشرعية المنوطة بها كامرأة.
وهذه مسألة مفروغ الحديث عنها، ولكننا سنزيد الأمر تجلية وتوضيحا حول بعض الميادين التي يمكن للمرأة المسلمة أن تحتسب فيها، والتي من أهمها ما يأتي: أولا: البيت:فهو ميدان خصب لاحتساب المرأة المسلمة، بل هو أهم ميدان على الإطلاق بالنسبة لاحتساب المرأة المسلمة؛ لعدة أسباب: 1- أن الله -تبارك وتعالى- كلف المرأة المسلمة برعاية بيتها، وحملها مسؤولية ذلك؛ -والمقصود رعاية أهل بيتها من زوج وولد ونحو ذلك-؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسئولة عنهم)[2]. ومن رعايتها لبيت زوجها حسبتها على مخالفات تحدث في بيتها. 2- أن الحسبة على الأقربين يعد أولية من أوليات المحتسب؛ فإن الله -تبارك وتعالى- قد كلف إمام المحتسبين بإنذار عشيرته أولاً؛ فقال: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)[الشعراء(214)]، ولما نزلت عليه هذه الآية الكريمة، قال: ((يا معشر قريش أو كلمة نحوها اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي لا أغني عنك من الله شيئا))[3]. فالمحتسبة مدعوة إلى الاقتداء بنبيها - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، بل في كل شأن من شؤون حياتها. 3- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أثنى على المرأة الصالحة التي تقيم الطاعة في بيتها، وتعين زوجها عليها؛ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء))[4]. 4- بقاء المرأة المسلمة في بيتها لساعات طويلة، مما يتيح لها الاطلاع على مخالفات كثيرة، وخاصة إطلاعها على مخالفات زوجها، وأولادها ذكورا كانوا أو إناثا، وأيضا يكون لديها وقتا أطول للقيام بهذه الوظيفة، ومعالجة المخالفات معالجة كافية شافية، بالأساليب المجدية والنافعة؛ فإن لم ينفع أسلوبا في العلاج حاولت بأسلوب آخر، وهكذا.. 5- التوافق الاجتماعي والانسجام النفسي بين أفراد الأسرة الواحدة، وذلك يكون ادعى لقبول النصيحة، والإصغاء للتوجيهات، والعمل بالإرشادات. 6- قوة تأثير المرأة المسلمة على من تحتها، بما منحها الله من مسؤولية على أولادها، ومنهم تحت أمرها ونهيا من خدمات، ونحو ذلك. فلهذه الأسباب جميعا حري بالمرأة المسلمة أن تعلو همتها، وأن تشمر عن ساعد الجد، وأن تجتهد في نصيحة أفراد أسرتها. ولله الحمد والمنة فإن للمرأة المسلمة -قديما وحديثا - في هذا الميدان مواقف مشهودة، وتجارب ناجحة؛ فهذه امرأة صالحة: أولت أبناءها عناية خاصة؛ لأنها تعلم أنهم عماد الأمة مستقبلاً، فلشدة محبتها لهذا الدين رأت أن خير وسيلة للدعوة؛ هي تربية النشء على الطاعة والعبادة، وبُعدهم عن مواطن الشبه والريب، فقررت أن تعتذر عن بعض المناسبات حفاظًا على صغارها من رؤية بعض المنكرات. تعتذر عن ذلك وهي فرحة مسرورة بما تقدم لأبنائها من جلوس في المنزل، وبُعد عمَّا لا تحب؛ فرزقها الله التوفيق، وأخذ بيدها، فكبر ابنها الصغير، وحفظ القرآن، وظهرت عليه أمارات النباهة والفطانة، فقالت في نفسها: الحمد لله، قدمته للأمة رجلاً صالحًا، مقيمًا لحدود الله، وقافًا عند أوامره؛ مبتعدًا عن نواهيه[5]. وهذه امرأة أخرى: "تفرغت للدعوة إلى الله، وهي في عقر دارها كيف؟! تنسخ مئات من الأشرطة باللغة العربية من محاضرات ودروس وندوات لتوزعها على المتعطشات إلى العلم الشرعي، كما أن لها نصيبًا وافرًا من نسخ الأشرطة باللغة الأندونيسية والفلبينية.. فللخادمات والسائقين والقادمين دعوة بالشريط، ولم يكلفها المشروع العملاق سوى القليل. لله درها كم من مستمعة دعت لها وكم من سامع اتعظ؟! "[6]. فعلى المرأة المسلمة أن تنصر دين الله بكل وسيلة متاحة؛ فإذا رأت مخالفة في البيت من زوجها نصحته ووجهته وأرشدته، وإذا رأت مخالفة من أولادها نصحتهم ووجهتهم، بل عليها أن عليها مسؤولية عظيمة في تربية أولادها تربية حسنة؛ حتى تنتفع بهم في حياتها وبعد موتها؛ فقد أخبرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها إذا ماتت فقد انقطع عملها، ولم يبق لها إلا دعوة صالحة تصلها من أولادها؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له))[7]. قال النووي - رحمه الله -: "قال العلماء معنى الحديث: أن عمل الميت ينقطع بموته وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة؛ لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه" [8]. وهذا لا يعني أنه لا تحتسب إلا الزوجة فقط، بل الحسبة واجبة على كل امرأة توفرت فيها شروط ومؤهلات الحسبة، من بنت وأخت، وما إلى ذلك. ثانيا: المسجد: فهو ميدان آخر من ميادين الحسبة، ذلك أن المسجد مكان يجتمع فيه النساء جميعا؛ فإذا ذهبت المرأة إلى المسجد بإذن وليها، فعليها أن تقوم بالحسبة إذا كانت عالمة، فإذا وجدت رائحة كريهة من امرأة نصحتها، وبينت لها حرمة إتيان المسجد لمن أكل ثوما أو كراثا؛ أو ما أشبه ذلك؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا أو قال فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته)) [9]، ولقول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين هذا البصل والثوم؛ لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به، فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا"[10]. وإذا رأت امرأة لا تحسن صلاتها، وجهتها ونصحتها، وعلمتها؛ متأسية بتعليم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك الرجل الذي أساء في صلاته، فقال له: ((ارجع فصل فإنك لم تصل))[11]. وهكذا إذا رأت أي مخالفة شرعية ظاهرة احتسبت عليها. وإذا كانت عالمة، فلها أن تلقي كلمة في النساء تبين فيها بعض أخطاء النساء، وتحثهن على العمل على نصرة الدين، بل يحبذ أن تقيم درسا أسبوعيا للنساء، فذلك وسيلة من وسائل الحسبة. ثالثا: المدارس والجامعات: فالمدارس والجامعات من أهم ميدان الحسبة والدعوة إلى الله؛ ذلك أن هذا الميدان يجتمع فيه طبقة مثقفة، فإذا صلحت هذه الطبقة صلح المجتمع، وإذا فسدت هذه الطبقة فسد المجتمع. ومن المخالفات المنتشرة في المدارس والجامعات كثيرة من أبرزها: التعلق المذموم بين الفتيات، وربما بين المعلمات والطلبات، وتضييع الصلوات، وسماع الأغاني الماجنات، وتداول الأفلام والصور الخليعة، وما أشبه ذلك من المخالفات. فعلى عميدات الجامعات ومديرات المدارس، والمعلمات جميعا أن يقمن بواجبهن، وأن ينصحن لله، ولعامة المسلمات، ونحن نعلم أن هناك كليات ومدارس كثيرة فيهما ثلة من خيرة المعلمات علمًا ودعوة ونشاطًا؛ فهذه معلمة في مدرسة احتسبت في مدرستها على المعلمات، فبدأت في التودد إليهن، وقالت: هن أهم عندي الآن من الطالبات؛ لأنهن داعيات خاملات آثرن الكسل والدعة، فقط يحتجن إلى إيقاظ. فبدأت خطوات الإيقاظ بالكتاب والشريط والهدية، حتى تحولت المدرسة إلى شعلة نشاط ومركز دعوة، حمدت إحداهن الله وهي تردد: كيف ضاعت مني خمس سنوات يوميًا أقف أمام الطالبات ولم أدعهن وأحدثهن وأركز على تربيتهن، إنها الغفلة عن يوم الحساب غدًا. شرعت المعلمة في بيان أضرار السفر والفساد والانحلال في بلاد الكفر وعقبت بدعاء صادق.. نسأل الله أن لا ندخلها ولا نذهب إليها. ولم ينته الدعاء حتى تسلل من بين الصفوف صوت حمل هم الدعوة: نعم يا معلمة نسأل الله - عز وجل - ألا ندخلها إلا فاتحين، لا فض الله فاك وجعلك وأبناءك من الفاتحين. تكد وتكدح للآخرة، -والله- إنها تركض للآخرة ركضًا وتسعى لها سعيًا فمن محاضرات إلى ندوات إلى نصائح. كل عمل خير لها فيه نصيب. وفي نهاية كل شهر-علمت إحدى المدرسات من زميلاتها- أنها ترسل راتبها كاملاً لأعمال الخير، نعم كاملاً وأقسمت لقد رأته -برباطه- ترسل به إلى كفالة أيتام وطبع كتب وتجهيز غاز... اجتمعت معلمات المدرسة وقررن الدخول في "جمعية" مع بعض، وكل منهن تتحدث عما ستفعل بالمبلغ عندما تستلمه أما هي فصامتة تنتظر ذلك اليوم حتى إذا استلمت المبلغ دفعت به لبناء مسجد لعله يصيبها الأجر والثواب"[12]. وهذه: "مدرسة للغة الإنجليزية في بداية كل درس جعلت دقائق معدودة لقراءة حديث من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وترجمة معانيه"[13]. فعلى المديرة أو المعلمة أن تستغل نفوذها وموقعها بين طالباتها في النصيحة والتوجيه والإرشاد. وفق الله نساء الأمة المحتسبات إلى كل خير، وصرف عنهن كل سوء مكروه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. [2] رواه البخاري(5200). [3] رواه البخاري(2753). [4] رواه أبو داود (1/ 418) رقم (1308)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (1304) وفي المشكاة (1230). [5] انظر: غراس السنابل(25- 26). [6]غراس السنابل، ص(21). [7] رواه مسلم (1631). [8] شرح النووي على صحيح مسلم(11/85). [9] رواه البخاري(855) ومسلم(564). [10] رواه مسلم(567). [11] رواه البخاري(793) ومسلم(397)، وهذا لفظ مسلم. [12]غراس السنابل، ص(14- 15). [13] غراس السنابل، ص(69- 70). عبده قايد الذريبي
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن بعض ميادين احتساب المرأة المسلمة، وتكملة للموضوع، وحبا في الإفادة؛ رأينا أن نكمل هذا الموضوع بذكر ميادين أخرى يمكن للمرأة المرأة المسلمة أن تساهم فيها، فمن ذلك:
رابعا: المجالس العامة "المناسبات والولائم واللقاءات":سواء كانت مناسبة فرح؛ كعرس، ونحوه، أو مناسبة حزن؛ كعزاء، وما أشبه ذلك، أو لقاءات أسرية، أو نحو ذلك، وسواء كانت هذه اللقاءات في المنزل، أو في صالة أفراح، أو في فندق، أو ما أشبه ذلك، فإذا رأت المرأة المسلمة منكرا وجب عليها تغييره إذا كانت عالمة قادرة؛ فإذا سمعت لهوا محرما في عرس أنكرته، وإذا رأت بدعة أو مخالفة في عزاء نصحت وبينت؛ وإذا سمعت كذبا أو غيبة في مجلس أنكرت، وردت على أصحابها؛ ولتتأسّ في ذلك بنبيها - عليه الصلاة والسلام - فها هو - عليه الصلاة والسلام - ينكر على عائشة لما سمعها تقول في مجلس: "حسبك من صفية، كذا وكذا -تعني قصيرة -، فقال: ((لقد قلتِ كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته))[1]. فعلى المرأة أن تنكر؛ فإن استجبن لها فبها ونعمت؛ إلا فلتعتزل المجلس؛ لقوله - تعالى -: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[الأنعام(68)]. قال النووي - رحمه الله -: "اعلم أنّه ينبغي لمن سمع غيبة مسلم أن يردّها ويزجر قائلها، فإن لم ينزجر بالكلام زجره بيده، فإن لم يستطع باليد ولا باللّسان، فارق ذلك المجلس، فإن سمع غيبة شيخه أو غيره ممّن له عليه حقّ، أو كان من أهل الفضل والصّلاح، كان الاعتناء بما ذكرناه أكثر"[2] إي إذا كانت الغيبة في أهل العلم وأهل الفضل، و في رجال الحسبة يكون الإنكار حينها أوجب!. وعلى المحتسبة أن تتخذ كافة الوسائل الدعوية المتاحة لها؛ وأن تتخير الوسيلة المجدية والمناسبة؛ فهذه امرأة صالحة لها تجربة نافعة في هذا الميدان: "فنظرًا لضيق وقتها، ورغبتها في أن يعم الخير أرجاء الحي؛ بدأت في تنظيم مسابقة لحفظ القرآن في الحي، ووضعت جوائز قيمة، ثم بدأت في تسميع حفظ المشاركات، وبعد أن انتهت الدورة دعتهن إلى منزلها لأول مرة، وذلك لاستلام الجوائز والفرح بهذا الفضل العظيم. إنها مسابقة لحفظ القرآن عن طريق الهاتف وعندما اجتمعن لديها، قالت: هذا جهاز الهاتف سخرناه لخدمة دين الله، ونحمد الله أننا جعلناه أداة للخير، ومعينًا على القرار في البيوت. ثم أردفت -بحث المتسابقات على الحسبة- كل واحدة منكنَّ تستطيع أن تقيم مسابقة مثل هذه لأقاربها وصديقاتها ومعارفها، وهي في مكانها. للجار حق عظيم، وقد أوصى به - صلى الله عليه وسلم -، أخذت حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أطرافه، فقامت بتقيد أحوال الجيران ومواساتهم. اجتماع الحي اكتسب طابع الخير-وهذه وسيلة أخرى-، فمن موعظة حسنة إلى قراءة بعض الأحاديث وحفظ ومراجعة آيات القرآن، إلى حصالة للمبالغ المالية تحضر معهم كل جلسة ثم إذا قاربت على الامتلاء، تم استبدالها بأخرى، ويذهب ريعها للمشاريع الخيرية. سنوات! بعضهن تتبرع بريال، وأخرى بمائة، وكل على قدر طاقته وحسب استطاعته. تتفقد أرامل الحي وأيتامه وفقراءه وتسأل عن المحتاجين ماذا تريدون؟ وماذا ينقصكم؟ لهذه العائلة ثلاجة ولتلك غسالة ولأخرى أدوات مدرسية، ثم تشتري تلك الحاجيات وتبعث بالفاتورة إلى من لديه سعة في المال فيقوم بسدادها، وهكذا تنتقل من خير إلى خير. تعجبن من عرضها عليهن تعلم الخياطة، ولكنها مع مرور الأيام بدأت في تنفيذ ذلك وبدأ نساء الحي يقمن بخياطة بعض ثيابهن إنها هواية ومتعة وفيها مع النية الأجر والثواب. لم تقتصر همتها ودعوتها إلى الله على طالبات المدرسة، بل تعدى نفعها إلى الجيران، فجعلت لهم نصيبًا من دعوتها بين حين وآخر تجمع نساء الحي وتلقي عليهن كلمة توجيهية ذات فائدة، تكون زادهن إلى الآخرة، وبين محاضرة وأخرى تستضيف زميلة لها لإلقاء المحاضرة ليكون هناك تجديد وتنويع. علمت أن غرس الفضيلة يتمكن في النفوس منذ الصغر، فسعت إلى جمع بنات الحي الصغيرات يومين في الأسبوع في منزلها لمدة ساعة ونصف يحفظن القرآن، وتغرس في نفوسهن معنى الفضيلة، وتعلمهن الحشمة والحياء. تحث العوائل على زواج أبنائهم وتسارع في البحث لهم عن الزوج الصالح وتقدم من لديها ظروف خاصة أو خوف من انحرافها وتدل على صاحبة الدين وتثني على تقاها وورعها. بين حين وآخر تجمع بين زوجين وهي تدعو بالتوفيق والذرية الصالحة، وعندما قدمت لها والدة إحداهن هدية ومبلغًا من المال رفضت، وقالت لها في الهاتف: "أنا أعمل لوجه الله"[3]. فحري بك أيتها المرأة المسلمة أن تغتنمي الفرص السانحة، وأن تستغلي المناسبات العامة لنشر الدعوة إلى الله، والحث على الفضائل، والتحذير من الرذائل. خامسا: الأسواق العامة: فإذا خرجت المرأة لحاجة؛ فرأت امرأة متبرجة قامت بنصحها وإرشادها، مبينة لها حرمة ذلك، وموضحة لها أن لله قد نهى عن ذلك من فوق سبع سموات؛ فأنزل الله - سبحانه - في كتابه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب: 59]، وإذا رأت امرأة لابسة ثيابا ضيقة شفافة نصحتها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((صنفان من أهل النار لم أرهما)) وذكر: ((ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا))[4]. وإذا وجدت من امرأة رائحة زكية فواحة نصحتها، وبيت لها أن ذلك لا يجوز لها إلا في بيتها؛ أما عند خروجها إلى السوق فلا؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أيما امرأة استعطرت؛ فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية))[5]، فإذا خرجت المرأة لحاجة فلتخرج متحجبة تفلة غير متعطرة، ولا متزينة. وحبذا لو أن هذه المحتسبة التي خرجت لحاجة يكون معها محرمها ليصونها من أي أذى قد يصيب بها.. وكذلك الحسبة مطلوبة في الأسواق النسائية المغلقة، بالاحتساب على زئرات السوق، وعلى العاملات فيه، وأيضا على إدارة السوق النسائية، فإذا رأت مخالفة شرعية نبهت عليها، ونصحت من وقعت فيها. وكذلك الأماكن الترفيهية المغلقة للنساء؛ كالحدائق والمنتزهات، وما أشبه ذلك، فتحتسب المرأة فيها على الزائرات، وعلى العاملات فيها، وأيضا على إدارة السوق. وعليها إذا خرجت إلى السوق أن تصطحب معها بعض المنشورات الخاصة بالمرأة، أو السديهات المفيدة؛ لتوزيعها؛ فهذه وسيلة احتسابية نافعة. سادسا: الصديقات في العمل، أو في الدراسة، أو في الحي:كل هؤلاء مطالبات بالحسبة على بعضهن البعض إذا كن مستطيعات. فالصداقة والصحبة لها تبعات، وعليها مسوؤليات، فمن حق الصديق على صديقه أن ينصحه، فهؤلاء ثلاث صديقات: "بدأنا طريق الهداية، وهن في المرحلة الجامعية، جمعتهن القرابة، وزادت المقاعد الدراسية في حب بعضهن لبعض، ثم تأصل ذلك محبة في الله، فبدأنا في جمع مبلغ بسيط من مرتباتهن في الجامعة، به يشترين بعض الكتيبات والأشرطة، وعلى الرغم من قلة هذا المبلغ إلا أن الله بارك فيه ليشمل ما يوزعهن جميع أقاربهن ومعارفهن، وبدأ ينضم إليهن بعض فتيات العائلة حتى تيسرت أمورهن، ولم تعد المادة عائقًا نحو شراء تلك الكتب والأشرطة". وهذه صاحبة طاعة وقيام ليل، لا تترك النوافل وعندما تحدث زميلاتها في المدرسة الثانوية تحث فيهن روح العمل، هيا نصلي متى نعمل إذا كبرنا وأصبح الوقوف صعبًا، والركوع مشقة، والسجود بجهد.. نحن في زمن النشاط والقوة، هيا نعمل ونجد في الطاعة قبل أن يدركنا الموت أو تدب إلينا الأمراض والأسقام والأوجاع وقبل أن تكثر مسئولياتنا من زوج وأبناء. وهؤلاء ثلاث زميلات في الجامعة تعاهدن على حفظ القرآن كاملاً، وكان بينهن اتصال مستمر مساء كل يوم لتسميع ما حفظن، دقائق معدودة وفي نهاية الأسبوع يكون التسميع لبعض الآيات من أول السورة ووسطها وآخرها ليسترجعن ويتأكدن من حفظن كانت النتيجة من هذا الخير في شهر ونصف حفظن سورة البقرة"[6]. سابعا: المستشفيات والمستوصفات:فإذا رأت المرأة تقصيرا في العمل سددت ونصحت: "فالمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة"، وإذا علمت غشا في العمل نصحت ووجهت، وإذا رأت تبرجا وسفورا، أو اختلاطا أنكرت؛ وإذا لم تستطع ذلك رفعت إلى الجهات المختصة لاتخاذ العقوبات اللازمة، والإجراءات الصارمة. ثامنا: الصحف والمجلات: وذلك من خلال الكتابة عن قضايا المرأة، والدفاع عنها، والرد على دعاة التحرير المزعوم! ومحاولة التأثير على بعض الكاتبات في الصحف والمجلات، وتغير توجهاتهن، وتعديل مسارهن إلى المسار الصحيح - بإذن الله تعالى-. فهذه امرأة محتسبة: "تساهم بالكتابة في الصحف والمجلات، وتختار ما يناسب المرأة ويبعث فيها إيمانها، ويزكي حياءها، ترد على الشبه، وتشجع المبتدئين أصحاب الخط الواضح، كثير لا يعلم بعملها سوى صديقتها التي تناولها الرسائل ليبعث بها الأخ إلى البريد"[7]. وهذا ميدان فرط فيه الرجال -وللأسف- الرجال قبل النساء، فقلة قلية هم الذين طرقوا هذا الميدان، وقاموا بواجب الحسبة بالكتابة والبيان؛ وإقامة الحجة. تاسعا: الشبكة العنكبويته "الإنترنت":فهذا ميدان لها عدة مزايا، من أهمها: 1- مخاطبة أكبر عدد من النساء، فالمحتسبة تخاطب النساء في شتى بقاع الأرض. 2- حرية الخطاب، فالمحتسبة تخاطب الجمهور بحرية تامة. وغير ذلك من المزايا. وتكون الحسبة في هذا الميدان من خلال المناقشات العلمية، والحوارات الهادفة، والردود العلمية النافعة؛ مع التقيد بالضوابط الشرعية في ذلك. وأخيرا:"مكة أدرى بشعابها" كما يقال؛ فالمرأة المحتسبة أدرى بالميادين التي يمكنها أن تحتسب فيها، وأن ينفع الله بها؛ بل عليها أن تكون كالغيث أينما حلت نفعت، وحيثما رأت منكرا غيرت، وحيثما رأت معروفا تُرك حثت عليه ورغبت. وفق الله نساءنا المحتسبات إلى القيام بهذه المسؤولية، ونفع بهنَّ الإسلام والمسلمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] رواه أبو داود(4875)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب(2834). [2] الأذكار، ص(433). [3] غراس السنابل، ص(83- 84). [4] رواه مسلم(2128). [5] رواه النسائي (5126)، وحسن إسناده الألباني في صحيح الجامع(2701). [6]غراس السنابل، ص(12- 13) بتصرف. [7] غراس السنابل، ص(20)]. عبده قايد الذريبي
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|