|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
الشاعـــــر / عبـد الحميــد الــديـــب " صوت البؤســـــــاء " - بقلــم إسماعيـل بريــك
ولد عبد الحميد الديب عام 1898م بقرية كمشيش بمحافظة المنوفية لأسرة فقيرة بائسة كان والده السيد الديب فلاحاً فقيراً يعمل جزارا في مواسم القرية وأعيادها – وألحق ابنه عبد الحميد الديب بكتاب القرية فحفظ القرآن وجوََّده ثم التحق بمعهد أزهري في الإسكندرية وبعد أن نال منه شهادة متوسطة التحق بكلية دار العلوم بالقاهرة ليسكن في حجرة متواضعة بحيَّ الحسين في "قصر الشوق" وكان يقول دائماً " إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه ثم قالوا لحفاةٍ يوم ريح اجمعوه" وأطلق علي الغرفة التي استاجرها " جحر الديب " وعاش حياة بائسة لرقة حاله وضيق ذات اليد يصف غرفته فيقول :- أفي غرفتي ياربٌّ أم أنا في لحدي ؟ ألا شدَّ ما ألقي من الزمن الوغدِ لقد كنتٌ أرجو غرفةً فأصبتها بناءً قديم العهدِ أضيق من جدَّي فأهدأ أنفاسي يكادُ يهدٌّها وأيسرٌ لمْسٍ في بنايتها يردي أري النمل يخشي الناس إلاَّ بأرضها فأرجله أمضي من الصارم الهندي تساكنني فيها الأفاعي جريئةً وفي جوَّها الأمراضٌ تفتك أو تعدي تراني بها كل الأثاث – فمعطفي فراشٌ لنومي أو وقاءُ من البردِ وأمَّا وساداتي بها فجرائدٌ تٌجدَّدٌ إذ تبلي علي حجر صَلْدِ تعلَّمتٌ فيها صبر " أيوب " في الضني وذقتٌ هزال الجوع أكثر من " غاندي " ثمانون قرشاً أهلكتني كأنها ثمانون ذنباً في سجلَّ عذابي طوَيْتٌ لها الدنيا سؤالاً وَكٌدْيةً فما ظفرت نفسي بردَّ جوابِ ففي كل شهرٍ لي "عواءٌ " بموقفٍ يباعد عني أسرتي وصحابي وطول ليالي الشهر يهتاج مضجعي مخافة ربَّ البيت يطرق بابي يطالبني في غلظةٍ فأجيبه إجابة مَنْ يرجو يداً ويحابي ألا سكنٌ ملكي ولو بجهنٌم وَأكْفيَ من الأيام شرَّ حسابي يمرٌّ علي سكناي في ذيل بيته مرور عيون الموسرين علي الفٌلْسِ تكبَّرَ فالألفاظ منه إشارةٌ كأنَّ عباد الله طرَّاً مِن الخٌرْسِ وإن نطقَ الفصَحي فمن طرف أنفه كنفخة ذي جاهٍ ومالٍ من الفٌرْسِ صحوتٌ علي قصف الرياح وصوته وما أحدث الطرق الخليع من الجرس يطالبني بالأجر في غيظ دائنٍ فصيْدٌه المحتالٌ بالثمن البَخسِ وقالَ يداري ظٌلْمَهٌ أيّ ضامن ٍ لسٌكْني تعرَّتْ عن سرير وعن كٌرْسي ؟ أَراك بها كل الأثاث ولا أري سِوي قلم ثاوٍ علي الأرض أو طُرس ؟ فَقٌلتٌ لَهٌ هذي جدودي كما تَري فما سكني في البيت بل أنا في رَمْسِ وَأسْمَعْتٌهٌ صوت الدراهم فانحني يقدَّم أعذار اليهود من الوَكْسِ إذا كانت السٌكني بأجرٍ مَذَلَّةً فما أرحب المجَّانِ في غرف الحَبْسِ لحافي وَهَلْ غير الهباء لحافي ؟ بقيَّة نَسْج دارسٍ وندافِ أطاف به لِصٌّ فقيرٌ كعيشتي فيا بؤسها من هجرةٍ ومطافِ ولم أخْشَ من ذا الرٌّزء إلاَّ فضيحتي بأني قد ملكتٌ شرَّ لحافِ فليتك يا لصَّي الجرئ وجدتني غنيَّاً وسعدي في الحياة موافي لقد ضاع منَّي ذا الغطاءٌ فهل تري أٌدثَّرٌ شعراً صافياً وقوافي ؟ دع الشكوي وهات الكأس نسكرْ وَدَعْكَ من الزمانِ إذَا تنكَّرْ وهام بي الأسي والبؤسٌ حَتَّي كأني عَبْلةُ والبؤسُ عَنتَرْ كأني حائطُ كتبوا عليه هنا يا أيها المزنوق "طَرْطَرْ" يا لائمي في الطَّلا أَفْرغْتُ منك يدي فأنت في حرمات الخلد دَسَّاسُ قُلْ للخليَّين مَنْ يصحون من غسقي أنتم علي طُهركم بالماء أنجاسُ كل العباد سُكاري في معيشتهم والسُّكْرُ كالخلق أشكالُ وأجناسُ وإخوانُ سجنٍ قَبٌحتْ من وجوههم همومُ توالي دائماً وخطوبُ فمنظرهم أضحوكةُ كلباسهمْ ومَخبرهم في الحادثات رَهيبُ فكم ليلةٍ في السجن بين صباحها وبين دُجَاهَا مَشرقُ وغروبُ وكل ضياءٍ في الغيابة خادع ففجر الأماني للسجين كذوبُ رَعاكَ اللهُ " مارستان " مصْرَ فإنك دارُ عقل لا جنونْ حويتَ الصابريَن علي البلايا وَمنْ نزلوا علي حُكْم السنين وَمَنْ هبطوا بهم من صرح عِزًّ إلي أغلال إذلالٍ وهونْ تراهمْ خائِفين فإن أثيروا بمهزلةٍ فآسادُ العرينْ وإنْ سُئلوا عن الأسرار كانوا كمَنْ أخذوا عن الروح الأمينْ وَرُبَّ مُهرّج منهم بقولٍ يريك الجدَّ في ثوب المجونْ فإنْ يغضبْ بقارصة تباكي فأبكي العين بالدمع الهتونْ يُعَذّبُهُ عبادُك كل يومٍ ويصْلَي الضيمَ حيناً بعد حينْ وكَمْ في مصر من غِرٌغَبيّ تمتَّعَ بالجميلِ وبالثمينْ ولو عدلوا لأمْسَي " خانكيَّاً " يُعَذَّبُ بالشمالِ وباليمينْ أقام ليَ الأصحاب عُرْسَاً فُمذْ رأوا به محنتي تشدو أقاموه مأتما وريُّ العطاشي من نميري بينما سُقيتُ به مُهْلاً حميماً وعلقما لقد نجح الإجرامُ حتى رأيتني إذا رُمْتُ بعض العيش أصبحت مُجْرمَا وَلَسْتُ بمختار الشقاء أو الهنا فطول حياتي أشربُ الكأس منهما يا ربَّةَ الدَّارِ لا ترثي لأرزاقي قدْ قدَّرَ اللهُ إسعادي وإملاقي معيشتي بين مصر أصبحت مثلاً لعبقريًّ غنيّ النفس أفَّاقِ والبؤسُ يا هذه حَبْلي وآصرتي إلي السماء تريني فيض خلاَّقِ كلًٌ المكاسيرِ زارتهم أحبتهمْ ولم يزرني إلاَّ طيفِ نجواكِ قد ذِقتِ لذة توحيدي فما نفعتْ فاليوم أسقيك عدلاً كأس إشراكي أري بهجرك جلاَّدي ومقصلتي متي وأين إذن يا ليلُ ألقاكِ زيد لي في الليالي ليلة الشاكي جنت حياتي في وردي وأشواكي إحسانُ – لا تفرقي من محنتي وثقي أنَّي علي الرغم من بلواي أهواكِ يا معشر الديب وافي كل مغتربِ إلاَّ غريبكمُ في مصر ما بانا قدَّمتمُ الشاة قرباناً لعيدكمُ والدَّهر قدَّمني للبؤسِ قربانا يا دار داودَ ما فاتتك سَرَّاءُ يشدو بها ملهماً غصنُ وورقاءُ آسيت كل جراح القلب من نغمِ يزجي به من عيون الفن أكفاءُ من عازفٍ أو هتوفٍ إن هما اجتمعا تجمَّعَ الحُسْنُ والمخضرُّ والماءُ عبقريّ غناءٍ من ترنّمِهِ تصفو النفوس فما في الناس أعداءُ بالأمس كنتُ مشرداً أهليَّا واليوم صرتُ مشرَّداً رسمياً جناحي في ظلالك يستهاضُ وأيامي علي ذُلَّي تراضُ وقد شبعت من النعمي بطون مغلظة وأقفيةُ عراضُ تجافت لي وجوه اليسر ظلما وأفرخ معشر فيها وباضوا خجلت من التهاني أيْ وربي أيهنئني علي بَرصي البياض ؟ ولم يقنع بعظم الشاة ليَثُ وقد سبح الذئاب بها وخاضوا الوالدانِ .... هلكتُ بعدهما مَنْ لي علي ردّ الأسي بهما استوحش الدنيا كراهيةً مُذْ ذقتُ كأسي من فراقهما مَنْ موقظُ أُمّي لأِسمعها قلباً يذوب لموتها ألَما ؟ وأبثها لهفي لرؤيتها وتحرٌقي أن أبلغ العدما فأعيد أفراحي بحضرتها وتدَللُّي في البيت محترما أمّي إذا أصبحت نافلةً لم تلفني إلاَّ فتيً علما وإذا لحاني الناس كلهمُ أضْفَتْ عَليَّ حنانها كَرَما وإذا افتقرتُ وجدت رحمتها قد أمطرتني اليسر والنعما أبي ... وَمَنْ يحييه لي لأِري وجهاً كنور الشمس مبتسما أري برؤية وجهه لهفي وأطالع الدنيا به قُدُمَا ما شِمْتُهُ يوماً تَجهَّمَ لي مَهما تجلَّي الخطبُ أو عَظُما آهٍ ، وَهَلْ ألقاهما يقظا أو نائماً ألقاهما حُلْما ؟ الوالدان . هلكتُ بعدهما مَنْ لي علي رَدّ الأسي بهما ؟ نهاري إمَّا نَوْمَةُ بين مَسْجِدِ غراراً وإمَّا في الطريق تسكعُ وأطوي عصي الليل في القرّ ساعياً وأيَّان للأفَّاق في الكون مهجعُ إذا أذَّنوا للفجر طرتُ مُسَارعاً إلي مَسْجدٍ فيِه أصلّي وأركعُ أمرُّ علي المقهي فأسمع شامتاً يمزّقُ في عِرضي وآخر يشفعُ وقد ساءَ ظني بالعباد جميعهِم فأجمعتُ أمري في العداء وأجمعوا صَغُرَ الرغيفُ كأنما هو قطعةُ من قلب تاجره وجلد البائع هل صار وهما أو خيالاً إنَّهُ قد عاد غيرَ مؤمَّلٍ أو نافع قد كان شيخاً للطعامِ فما لَهُ قد صار شبه وليد شهرٍٍ سابعِ قَبْلَ الأعادي حاربوا التُجَّارا لا تتركونا للغلاء أسَاري سيَّان : من طعم الغلاء بعيشهِ ومن اصطلي بين القتال النارا والقاتلان اثناَن : عادٍ في الدُجي أو تاجرُ *** النفوس نهارا برامكةُ وليس لهم رشيدُ وأقيالُ وكلهمُ عبيدُ مدحتهمُ فما شرفوا بشعري لخسّتهم وما شرف القصيد وصغت هجاءَهم فإذا الأهاجي علي الأفواه لحنُ أو نشيدُ وأسفلُ صاعدٍ للمجد قومٌ علي حرماتهم كان الصعودُ لكيما يحكموا ركعوا هواناً وطاب لهم من الذُّلَّ السجودُ فيا بئس الحكومة والمعالي إذا ارتفعت إلي الحكم العبيدُ إن الذين يبايعونك إنما يجدون في الزلفي لغيرك عارا رَاجعْ زمانك أيُّهذا الكاسُ فاليوم لا نحسُ ولا ........ لم يبق من مجد الزعامة كلّهِ إلاَّ قميص أزرَقُ ولباسُ "كُلُوا " الحكومة او موتوا من الجوعِ صوتُ الضعيف المرجيّ غير مسموعِ مَنْ حَرَّموا اللحم في يومين هل علموا أن ليس في حكمهم زيدُ لتشريع ؟ حكومة الفقر والأيام قبلهمو علي الوري حَرَّمته ألف أسبوعِ اليوم مات شاعر تعرّي واكتست الأضرحة .. وجاع وشبعت الكلاب ." |
#2
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
جزاكم الله خيرا وربنا يرحم موتنا وموتي المسلمين اللهم امين تحيييياتي |
#3
|
||||
|
||||
![]() جزاك الله خيرا شاعرنا الكبير الاستاذ اسماعيل بريك
على هذه المقطوعات الشعريه الرائعة وهذا الوفاء الكبير للمبدعين رحمه الله الشاعر عبد الحميد الديب واسكنه فسيح جناته وبارك الله فيك ومتعك الله بالصحة والسلامة وطولة العمر تحياتي وتقديري نغم محمد |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|