#1
|
||||
|
||||
![]() خلع المريض مرض الموت د. سامح عبدالسلام محمد • المريض مرض الموت: هو من أضناه مرضٌ عجَز به عن إقامة مصالحه المعتادة خارج البيت؛ كعجز العالِم الفقيه عن الإتيان إلى المسجد، وعجز التاجر عن الإتيان إلى دكانه، ثم استمر المرض في حدود السنة دون تزايد، وأعقبه الموت[1]. ويلحق به من يترقب الموت؛ كمن حُكم عليه بال*** وينتظر تنفيذ هذا الحُكم، أو كالمشرف على الغرق في سفينة، وكمن حضر صف القتال، ونحو ذلك. • وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن خلع المريض مرضَ الموت صحيح ونافذٌ، قياسًا على طلاقه؛ لأنه لو طلق بغير عِوَض لجاز طلاقه، فلَأَنْ يجوز بعِوَض أَولى، ولأن الورثة لا يفوتهم بخلعه شيء. • يقول ابن قدامة في المغني: (وأما خلعه زوجته، فلا إشكال في صحته، سواء كان بمهر مثلها أو أكثر أو أقل، ولا يعتبر من الثلث؛ لأنه لو طلق بغير عِوَض لصح؛ فلَأَنْ يصحَّ بعِوَض أَولى، ولأن الورثة لا يفوتهم بخلعه شيء)[2]. • ويقول ابن حزم: (وطلاق المريض كطلاق الصحيح ولا فرق، مات من ذلك المرض أم لم يمت منه)[3]، مما يفهم منه أن الظاهرية يجيزون الخُلْع في مرض الموت، فلا فرقَ عندهم بين المريض والصحيح. • أما المالكية، فلا يجيزون خلع المريض مرضَ الموت؛ لِما في ذلك من إخراج وارثٍ في مرض موته[4]. • وقد اختلف الفقهاء فيما إذا ما كانت الزَّوجة ترِثُ من زوجها المُخالع إذا مات في هذا المرض من عدمِه! فذهب الفقهاء في ذلك مذهبين: المذهب الأول: • ويرى أن الزَّوجة المختلِعة ترثُ زوجها إذا مات في مرض الموت الذي خالعها فيه، وسواء عندهم أن يموت وهي في العدة، أو إذا انتهت عدتُها، أو تزوجت غيره بعد العدة؛ إذ إنه طلقها في مرض موته، وهو ما يعرفه الفقهاء بأنه طلاق الفارِّ، أو طلاق الفرار؛ لأن فيه فرارًا من أن ترِثَه زوجته، فيرد عليه قصده، ويعامل بنقيض مقصوده، وهو مذهب المالكية، ورواية عند الحنابلة. فعند المالكية: (ترثه زوجتُه المطلَّقة في المرض إن مات من مرضه الذي خالعها فيه، ولو خرجت من العدَّة وتزوجت غيرَه). وفصَّل الحنابلة فقالوا: (يصح خلع المريض مرضَ الموت بما قل أو كثر من بدل؛ لأنه لو طلقها بغير عِوَض، لصح طلاقه، فلأن يطلِّقَها بعِوَض أَولى، فإن أوصى لها بمثل ميراثها أو أقل صح؛ لأنه لا تهمة في أنه أبانها ليعطيها ذلك، وإن أوصى لها بزيادة على ميراثها فللورثة منعُ الزائد عنها؛ لأنه اتهم في أنه قصد إيصال ذلك إليها، وحيث لم يكن له سبيلٌ إلى إيصاله إليها وهي زوجة، فطلَّقها على طريق الخُلْع ليوصل ذلك إليها، فمنع، كما لو أوصى لوارث)[5]. • واستدل أصحاب هذا الرأي بما رُوِي عن عبدالرحمن بن عوف أنه طلق زوجته فبتَّها، ثم مات وهي في عدتها، فورَّثها عثمان[6]. المذهب الثاني: • ويرى أن الزَّوجة المختلعة لا ترثُ من زوجها إذا مات في العدة؛ لأنها رضِيَت بإبطال حقها بسؤال زوجها الطلاق في مرض موته، وغالب الأحوال أنها تكون عالِمةً بهذا المرض، وبما يترتَّبُ على الخُلْع من آثار، وبطلبها الطلاق أيضًا يكون الزَّوج غير متَّهم بالفرار من توريثها، وهو رأيُ الشافعية، ورواية عند الحنابلة. وهو ما نصَّ عليه الشيرازي بقوله: (إن سألته الطلاق لم ترِثْ؛ لأنه غير متهم)[7]. كما أشار إليه ابن قدامة فقال: (وإن سألته الطلاق في مرضه فأجابها القاضي، ففيه روايتان، إحداهما: لا ترِثُه؛ لأنه ليس بفارٍّ)[8]. [1] حاشية ابن عابدين ج3 ص284. [2] المغني؛ لابن قدامة ج8 ص223. [3] المحلى؛ لابن حزم ج10 ص218. [4] الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ج2 ص352 و353. [5] المغني؛ لابن قدامة ج7 ص89. [6] السنن للبيهقي ج7 ص 362. [7] المهذب؛ للشيرازي ج2 ص25. [8] المغني؛ لابن قدامة ج7 ص223. |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|