#1
|
|||
|
|||
![]()
- التدخل الغربي في تطوير الأزهر كارثة، وعودة الكتاتيب ضرورة.
- المعلم المؤمن مفتاح تخريج أزهريين متميزين. - صورة "حافظ القرآن" في وسائل الإعلام مشوهة ومستفزة. - نعم لتطوير الآليات.. لا للعبث بالتراث. - يجب ألا يطور الأزهر إلا الأزهريون. شيخ الأزهر: - لا نتدخل في شئون أحد، فلماذا يتدخل الآخرون في شأن تطوير مناهج الأزهر؟ .................................. كان الأزهر مسجدًا وجامعة، وسيظل منارة إسلامية عربية، تجمع حولها كل متعطش للعلم الديني، وتنشر نورها في أرجاء العالم كله رغم ما قد يشوب عمل هذه المؤسسة الدينية الرائدة من قصور، خاصة فيما يتعلق بالبعثات الأزهرية إلى الأقليات الإسلامية، هذا القصور الذي يرجع إلى اعتبارات تخطيطية أو مادية، وليس إلى أسباب يمكن ردها - ولو افتراضا - إلى عدم أهمية دور الأزهر أو تقلص هذا الدور في عصر الفضائيات; إذ سيظل للتعليم الديني ضرورته؛ إذ يعد إحدى قلاع مقاومة التغريب، خاصة إذا تلقى المسلم تعليما دينيا متصالحا مع فقه الواقع، ومستفيدًا من الطفرات التكنولوجية، وغير منفصل عن المستحدثات العلمية والفكرية، وخاصة أيضا إذا استطاع هذا التعليم أن يطور القدرات النقدية، والانتقائية للشخصية المسلمة، التي يفترض أن تتخذ موقفا وسطا من الغرب، وسطا بين الرفض المطلق، والذوبان الكامل. من هذا المنطلق كان المزج بين المدني والديني في التعليم الأزهري في الفترة الناصرية تحت عنوان عريض هو: "تطوير الأزهر" خطوة اعتبرها البعض فتحا، ونظر إليها البعض الآخر على أنها قضاء مبرم على هدف الأزهر الأساسي كمؤسسة للتعليم الديني. ويعاني التعليم الأزهري حاليا من التخبط الإداري، ومن كثير من العتامة على خطط تطوير مناهجه، وأدواته، مما أثر كثيرًا على خصوصية هذا التعليم، الذي صار الفارق الوحيد بينه وبين باقي أنواع التعليم هو منهج القرآن، والمواد الشرعية، بينما تتشابه باقي المناهج، ولا تتسم مناهج الأزهر في المواد العلمية والرياضية بما يميزها عن سواها بتطعيمها بالرؤية الدينية "الإعجاز العلمي" مثلا خاصة في مناهج العلوم. إذن التعليم الأزهري بحاجة إلى تطوير، وإن كان المهتمون بالأزهر يمكن أن يختلفوا حول مفهوم هذا التطوير، ولكن على أية حال يجب أن تبقى مناهج التعليم الأزهري تحت منظار المراجعة والتقييم، وتصحيح المسار .. وحول تطوير التعليم الأزهري في الألفية الجديدة كان هذا التحقيق مع بعض أساتذة هذه الجامعة العريقة. ففي البداية طرحنا السؤال حول واقع التعليم الأزهري على د. محمود عمارة - عميد كلية الدعوة الإسلامية الأسبق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية - فأكد أن التعليم الأزهري في الأربعينيات والخمسينيات قبل تطويره كان أفضل، مما هو عليه الآن؛ بسبب تشتت الطالب بين منهجين أحدهما شرعي والآخر عام مماثل للتعليم غير الأزهري. ففي الماضي كان للطالب حظه من العلوم المختلفة بجانب التركيز الكامل على العلوم العربية والإسلامية، أما الآن فالعلوم غير الشرعية والأجنبية تأخذ جهدا وطاقة أكثر، ووقتا أكبر على حساب العلوم الدينية والعربية في معاهدنا الدينية. وقد ثبت علميا أن تفرغ الإنسان لفرع واحد من العلم أصلح له ولمجتمعه، وهو ما كان عليه الأزهر قبل نصف قرن، بينما الآن يتخرج الطالب وهو ضعيف علميا، لم يحصل على الناحية الدينية كاملة، ولا الناحية المدنية كاملة. مأساة ما بعد 1963 بينما يصف د. مصطفي عبد الله إبراهيم الصاوي - أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر - ما يحدث في المعاهد الأزهرية الآن بأنه يخالف العملية التعليمية والتربوية بمعناها الصحيح، ويؤثر على نفسية الطالب، خاصة في المرحلة الأولى من التعليم، فحشد الطلاب في فصل دراسي مكتظ يؤدي إلى كراهية التلاميذ للمعهد والمادة العلمية; لأنه يفقدهم بهجة التعليم، مما يجعلهم عرضة للإصابة بالاكتئاب، والتمرد، والرغبة في الخروج على النظام، والهروب من المعهد. بالإضافة إلى إهمال المدرس واجبه الوظيفي تجاه تلاميذه، وهو ما سبب ظاهرة التسرب من التعليم في المرحلة الابتدائية. أما د. عبد الرحمن العدوي - الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو اللجنة الدينية بمجلس الشعب المصري - فله رأي آخر هو: أن الاهتمام بالمواد الأجنبية على حساب المواد الشرعية والعربية سرُّ ضعف طالب الأزهر، موضحا أنه بعد قانون تطوير الأزهر قبل 1963 لم تهذب العلوم غير الشرعية التي أدخلت عليه من كل التجاوزات التي لا تتفق مع عقيدتنا وأخلاقنا وقيمنا. وأكد أن التعليم في المعاهد الأزهرية إذا استمر على هذا التناقض المريع، والتردي السريع، والفوضى الفكرية، والأزمة الخلقية، فستكون النتيجة سقوط لا رفعة بعده. وسيفقد الطالب من خلال هذه الفوضى شخصيته وفكره المستقل، ويتجرد من كل عاطفة أو روح فياضة، مما يعود بالأثر السلبي على الأمة الإسلامية. ومن جانبه يؤكد د. محمد رجب البيومي - عميد كلية اللغة العربية جامعة الأزهر الأسبق، وعضو مجمع البحوث الإسلامية - أن تدني مستوي التعليم الأزهري ظهر بصورة واضحة في العقد الأخير من القرن العشرين، وفي هذه الأيام، مما كان له أبلغ الأثر في الحالة السيئة التي تعيشها الأمة الإسلامية، ولا يدري إلا الله ماذا يكون مصير التعليم الأزهري لو استمر على هذا الوضع المريب من الهبوط، ويرجع السبب أولا إلى غياب أو ندرة المدرس الصالح، فالكليات التربوية لم تعد تخرج أنماطا من المدرسين يفهمون رسالتهم على وجهها الصحيح، وتكدس الطلاب في مراحل التعليم المختلفة ساعد على أن يكون الخريج على مستوى ضعيف، ففي كل عام يأتي جيل أشد سوءا من الجيل الذي سبقه. وأشار إلى أن المناهج الدراسية بالأزهر الآن متضخمة تضخما شديدًا، والكتب الدراسية كثيرة المعلومات دون جدوى، مما يتسبب في ضعف مستوى الطالب في المرحلة الابتدائية التي تعد البناء الراسخ للتعليم. وقد أصبحت الدروس الخصوصية تقوم بأكثر مما يقوم به المدرس. ويرى د. محمد حماسة عبد اللطيف - وكيل كلية دار العلوم جامعة القاهرة - أن إضافة مواد أجنبية بجانب المواد الشرعية والعربية في الأزهر، والتي بنيت أصولها بعيدًا عن العقيدة الإسلامية، ورسالتها وتاريخها، كانت بداية حقيقية لتدني مستوى طلاب الأزهر، حتى أصبحوا كشجرة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار، فاضطربت مفاهيمهم وتنكروا لعقيدتهم، واستهتروا بتاريخهم، فضاعت بالتالي أصالتهم ثم افتقدوا وجودهم كعلماء لهم تأثيرهم في مجريات الأحداث. ترجمة غير منصفة يقول: إن هناك تخطيطا ماكرًا خبيثا يهدف للقضاء على التعليم بالأزهر، وعزل التربية والتعليم عن مبادئ الأمة الإسلامية وعقائدها، وصياغتها صياغة لا ترتكز على مبادئها، ولا تستلهم الدروس من قيمها ولا تراعي أخلاقها، بل الأدهى من ذلك أن بعض المناهج ترجم إلى لغتنا بما يحمله من غث وسمين، وما يتضمنه في بعض الأحيان من نظريات تتعارض مع ثوابت العقيدة. وبعد رصد هذا الواقع نستعرض العلاج الناجح للنهوض بالتعليم الأزهري. حيث يطالب محمود عمارة بعودة الأزهر كما كان قبل 1963 عام صدور قانون تطوير الأزهر، وأن تبقى الكتاتيب كما كانت عليه، المحضن الأساسي لتعليم القرآن الكريم، وتعليم القيم الأخلاقية التي تربى عليها النشء قبل ذهابه إلى المدرسة، والتي لها عميق الأثر في حياتنا الآن. كما يؤكد ضرورة تشجيع الدولة الدعوة التي نادي بها علماء الأزهر لنشر الكتاتيب ورعايتها، كما يجب على الأزهر والأوقاف التعاون لإيجاد نموذج حديث للكتاتيب لمساعدة الأطفال على حفظ القرآن الذي يفضل أن يكون في سن مبكرة. وأكد ضرورة مقاومة الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الإعلام بتشويه صورة حفاظ القرآن الكريم، وعلماء الدين، وإظهارهم في المسلسلات على أنهم متسولون يقرأون القرآن على المقابر. ويري د. مصطفى عبد الله إبراهيم الصاوي لكي ننهض بالعملية التعليمية بالأزهر يجب أن يدخل الطالب في برنامج تربوي منذ الصباح، وحتى المساء، بحيث يجد الرعاية من العهد، وهو ما كان معمولا به في الكتاتيب قبل ذلك، حتى يعود التعليم الأزهري بالفائدة على التلاميذ. غربلــة الثقـافــات ويؤكد د. عبد الرحمن العدوي أهمية دور المعلم المؤمن في نهوض التعليم بالأزهر حتى يفيض عطاء من وحي إيمانه، ويكون قدوة لتلامذته من واقع استقامته، فتلتقي عند ذلك روعة الصياغة، وسمو الصائغ بإشراق العقيدة، والاعتزاز بالأصالة، حتى تؤتي العملية التعليمية أكلها بإذن ربها، وما أروع المدرس المؤمن، الذي يربط حقائق العلم بثوابت الإيمان! فمثلا حين يتكلم المدرس عن الباخرة التي تمخر عباب الماء، والطائرة التي تخترق السحاب في الفضاء يربطها بقدرة الله تعالى وأمره، ويتلو على تلامذته قوله تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"، كما يتلو أيضا قوله تعالى: "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون" . ويشدد د. العدوي على ضرورة غربلة الثقافات العصرية قبل إدخالها مناهج الأزهر، وصبغها بالصبغة الإيمانية، وربطها بسنن الله الكونية، وإقصاء ما يتعارض مع عقيدتنا الإسلامية، وإعداد المعلم المؤمن الذي يعتز بعقيدته، ويفخر بماضي أمته، ويخلص لرسالته، ويكون قدوة لتلامذته. كما طالب د. محمد رجب البيومي القائمين على العملية التعليمية بالأزهر بضرورة عودة الكتاتيب؛ لأنها تضمن حفظ القرآن الكريم للطلاب قبل أن يلتحقوا بالمعاهد. موضحا أنه من المستحيل أن يتم حفظ القرآن على وجهه الصحيح بعد التحاق الطالب بالمعهد لكثرة العلوم وتنوع المواد. وشدد د. محمد حماسة عبد اللطيف على ضرورة تنقيح المناهج الدراسية وتعديلها بما يلائم العصر، ويحافظ على الشرع من قبل علماء الأزهر أنفسهم، وأن ترتكز على العقيدة الإسلامية، وتستمد منها مفاهيمها، ولا تتعارض مع أهدافها، حتى يتثقف بها ناشؤونا، ويتربى عليها تلاميذنا. أما الدكتور محمد فؤاد شاكر - الأستاذ بجامعة الأزهر - فيضع أسسا لتطوير العملية التعليمية بالأزهر، موضحا أن عملية التطوير إن كانت تمس جوهر العملية التعليمية، فهي مخلة ولا توافق شريعتنا، أما إذا كانت متعلقة بالاستعانة بمستحدثات الوسائل من تطوير، وتقدم تقني في الوصول إلى الغاية، فهذا هو الصحيح، ولكن بمحاذير.. أولا: ألا يكون هذا التطوير موعزا به من أحد إلى المسلمين، ولا يكون توجيها إلى فكر مخالف لشريعتنا، وإن زين فيه زخرف القول، فهو في النهاية كالسم الذي يوضع في العسل، وألا يكون هذا التطوير مستوحى ممن لا يلتزمون بتعاليم الإسلام من المسلمين، مثل الذين يخضعون النقل للعقل، وما يسمون أنفسهم الآن بعلماء الحداثة، ومن تعارف الناس على تسميتهم بالعلمانيين، فهؤلاء لا يقبل تطويرهم، ولا ينبغي أن يشاركوا في هذا العمل. كما يطالب القائمين على الأزهر بضرورة إبقاء التراث الديني الزاخر في الكتب، والمناهج، وأن يكون التطوير في إيصال العلم، وسبل توضيحه، وشرحه، وبيانه للناس، موضحا أن تقليل الجرعة التعليمية تحت مسمى التيسير، أو تأليف كتب تخلط بين المذاهب تحت مسمي التخفيف يعد مخالفة لرسالة الأزهر الحقيقية التي صاغها عمالقة الفكر وأكابر الفقهاء. لا نتلقى أوامر من أحد كما يشير أيضا إلى أن العمل التربوي في الأزهر يجب أن يقوم على حفظ العقيدة الإسلامية، ولا يكون ذلك إلا بعد عدة أمور: أولا - الإقناع الفكري بالبدء من الملموس المشهود بالعيان، والانتقال إلى العقيدة والفكر الواجب الإيمان به، سيرًا مع أسلوب القرآن والسنة. وثانيا - إثارة الحماسة الوجدانية الموافقة لكل فكرة يراد الإيمان بها. ثالثا - تربية الطلاب تربية تحقق الأعمال التعبدية المطلوبة، والأخلاق الإسلامية المنشودة عن طريق القدوة والممارسة. ومن جانبه أكد شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي رفض الأزهر لما يشاع من محاولات أمريكية للتدخل في الشئون الداخلية تحت ستار تطوير مناهج الأزهر، قائلا: إننا لا نتدخل في شؤون أحد حتى يسمح لنفسه أن يتدخل في شؤوننا الداخلية. وأضاف: إن أحدا لا يجرؤ على طلب التدخل في تغيير أو تعديل المناهج التعليمية في المعاهد الأزهرية أيا كان، ونحن لا نسمح بذلك بحال من الأحوال، مؤكدًا أن الأزهر لا يتلقى أوامر من أمريكا أو غيرها، وإنما نتلقاها من ضمائرنا، ومن وحي ديننا، وفقا لكتاب ربنا وسنة نبينا مهما يكن الأم
__________________
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه ؟ |
العلامات المرجعية |
|
|