|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الطريق إلى 25 يناير متجدد باذن الله على بركة الله نفتح هذا الموضوع للنقاش والحوار حتى تظهر الحقيقة كاملة أمامنا سواء كنت مؤيد لها أو كنت معارض لها فهذا لن يغير من التاريخ شيء فهى ثورة باعتراف الدولة نفسها واهم شيء هو أعطاء يوم 25 يناير أجازة رسمية للعاملين بالدولة إذا هى ثورة شاء من شاء وأبى من أبى لكن هذه الثورة كانت بلا قائد ولا تخطيط لهذا السببين الكل حاول اقتناصها إلى فريقه مهما كان الثمن وراح ضحيتها اغلب الناس البسيطة التى شاركت فيها بل امتدد تأثيرها إلى جموع الشعب بكل فئاته . ولهذا سوف نضع هنا كل ما يتعلق بهذه الثورة وبالترتيب ما لها وما عليها مع العلم بفضل من الله شاركت فيها من أول يوم إلى نهائيتها وأعلن مبارك التنحى عن الحكم ودخلت فى مناقشات وحوارات فى ميدان التحرير وكنا نجهل أشياء كثير تدور حولنا ونندفع بحماس أو بدون تفكير فى حينها وسوف أرد على بعض المشاركات التى عاصرتها وبمرور الوقت بدأت تظهر الصور صافيه أمامنا وعندها عرفنا أننا وقعنا فى اكبر عملية خداع فى تاريخ مصر من الذين يتشدقون أثنائها بالدفاع عن مصالحها وأصبحوا خبراء وبعد انتهاء فترة حكم المجلس العسكرى وتولى الإخوان الحكم أصبحت الصورة أكثر وضوحا أمامنا وتأكدنا من هذه العملية التى حيكت لنا ونحنو بعفوية نفذنها فى 25 يناير وانقلب المتشدقون عن مصلحة مصر إلى اكبر عدو لها ومن أهلها وتم والحمد لله إنهاء حكمهم بثورة 30 يونيه التى أعادت إلى المصريين كرامتهم على بركة الله نفتح ملف ثورة 25 يناير ونرحب بكل الآراء سواء مؤيد أو معارض وليعلم الجميع نحن لسنا فى خصومه مع احد بل نمد يد الحب والود إلى كل المصريين لا فرق فى الميول السياسية عندنا هذا الموضوع متعدد الحلقات والنقاش مفتوح صوت الحق |
#2
|
||||
|
||||
![]() كل المقالات قابلة للنقاش والحوار عبد الرحيم علي يكتب: الطريق إلى 25 يناير 1 الوثيقة الملعونة حلقات يكتبها :عبد الرحيم علي وثائق «كيفونيم» التي نشرت في فبراير 1982م في الدورية التي تصدر باللغة العبرية في القدس، تحت عنوان «إستراتيجية إسرائيل خلال الثمانينيات».. كتبها «يورام بيك»، احتوت هذه الوثائق على الخطة الكاملة لتفكيك وتقسيم العالم العربى إلى دويلات صغيرة وتحمل تفاصيل المشروع الصهيو-أمريكى لتفتيت العالم الإسلامي. لا يمكن أن نبدأ حديثا عن ٢٥ يناير وما حدث في مصر- وعدد من الدول العربية بعد ذلك- دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث في المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التي رسمت خرائط ما عرف بـ«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب يعلنون صراحة عن رغبتها في مزيد من التفتيت للأمة العربية في ضوء اعتبارين، الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذي يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر ١٩٧٣ والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التي ظهرت بوضوح أثناء الحرب، والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا في موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذي مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات. منذ تلك اللحظة عملت أمريكا على هاتين الإشكاليتين من خلال التعاطى مع الجيوش العربية، سواء بمنطق التدخل المباشر والزج بها في معارك داخلية، مثلما حدث في العراق وسوريا، أو بشكل غير مباشر مثلما حدث في مصر وتونس وليبيا، وسواء أكان ذلك للقضاء على الجيوش أو للسيطرة على النفط، خاصة مع اصطحاب الغزو الأمريكى والغربى لشركات النفط والطاقة أينما حلّ، فتاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية عديدة بدأت أفكارًا، وتحولت إلى اتفاقات ووثائق، تلزمنا وتحكمنا حتى الآن. والدليل على ذلك ما حدث في ٢٩ يناير ٢٠٠٣، وتحديدا قبيل أقل من شهرين من الغزو الأمريكى للعراق، حين أكد وزير الدفاع الأمريكى، مهندس الحرب على الإرهاب، دونالد رامسفيلد، أمام مكتب الميزانية في البيت الأبيض أن تكلفة الحرب في العراق تبلغ نحو ٥٠ مليار دولار، وستتحمل دول أخرى جزءًا من نفقات هذه الحرب مرسومة الخطوات، بعد تخليص العراق من قبضة نظام صدام حسين، وامتلاك كل مفاتيح الثروات النفطية التي تقف فوقها بغداد. فلدى العراق احتياطات مؤكدة تبلغ ١١٥ بليون برميل بترول، وهو ما يبلغ خمسة أمثال الاحتياطي الموجود في الولايات المتحدة، وتبلغ قيمة النفط العراقى وفقًا لأسعار السوق ٣٠ تريليون دولار، وللمقارنة فإن التكلفة المفترضة لغزو العراق نحو تريليون دولار، أما إطلاق مشروع إعادة إعمار العراق ضمن أكبر مشروع خصخصة تشهده البشرية وذهاب معظم الصفقات والعقود للشركات الأمريكية، فقد دفع بمنظمة الشفافية الدولية، منظمة غير حكومية ترصد الفساد في العالم، إلى إصدار تقرير جاء فيه: إن العراق مرشح لأن يصبح فضيحة الفساد الكبرى في التاريخ بفضل المشروع الذي ترأسه وولفويتز)، وبالتالى ليس من المستبعد أبدًا أن تتحول الأفكار التي وردت في الوثائق الغربية إلى أمر واقع، ولو بعد حين مع إصرار العدوان الأمريكى على تفتيت الوطن العربى ومخاطر التقسيم التي تخدم ذات التصور الصهيونى عن المنطقة. وعلاقة أمريكا بالشرق الأوسط، يطلق عليها البعض نظرية «عنق اليابسة»، حيث ظهر هذا المفهوم في الاهتمامات الغربية لأول مرة في عدد سبتمبر عام ١٩٠٢ من مجلة «ناشيونال ريفيو» البريطانية للضابط البحرى الأمريكى «ميهن»، وكان المقال تلخيصًا لكتابه الصادر منذ عدة سنوات بعنوان «القوة البحرية والولايات المتحدة»، الذي ركز فيه على الصلة بين وضع الدول العظمى وبين السيطرة على طرق التجارة الدولية، عن طريق الأساطيل الضخمة، ويرى الضابط الأمريكى أنه للحفاظ على طرق الاتصال بين الشرق والغرب يجب على «القوة العظمى» السيطرة على عنق الأراضى التي تربط آسيا، وأفريقيا، وهى تركيا وفارس ومصر والحوض الشرقى للبحر المتوسط، وفى رأيه أن الدولة التي ستنجح في السيطرة على الشرق الأوسط: بقناته وسواحله، ومحطات الفحم (البترول فيما بعد) ستفوز بالسباق من أجل الشرق الأقصى الأبعد والأكثر ربحًا، ومن ثم فسوف تسيطر على العالم أجمع. وبالنظر إلى ما حدث فعلًا في العقود التالية، فإن الولايات المتحدة هي التي ورثت بريطانيا في السيطرة على عنق اليابسة بسواحله، ومحطاته البترولية، وهكذا جاءت الجغرافيا لتدفع بأمريكا نحو أرض الإسلام والمسلمين، في حين كان التاريخ يبعدها عنهم نفسيًا وثقافيًا، وكان المشروع الصهيونى هو المرشح لمشروع الدمج التاريخى والجغرافى ضمن مفهوم إستراتيجي جديد للشرق الأوسط في السياسة الأمريكية. كانت الحرب العالمية الأولى هي أول حدث كبير يجذب السياسة الأمريكية إلى الشرق الأوسط من الباب الواسع، فقد تدخلت الولايات المتحدة في هذه الحرب في أطوارها الأخيرة بالسلاح والرجال، ومن ثم كان لابد أن تشارك في ترتيب أوضاع عالم ما بعد الحرب في مؤتمر فرساى، ومن خلال عصبة الأمم رغم عدم تصديق الكونجرس على الانضمام إلى عضويتها. وعد بلفور كان نصيب الدول العربية في ترتيبات ما بعد الحرب، حيث شاركت واشنطن في تأييد إقراره في فرساى عام ١٩١٤، ووافقت على تضمينه صكا ينص على انتداب بريطانيا على فلسطين، وكان الرئيس الأمريكى، وودرو ويلسون، قد وافق سرًا ليس فقط على وعد بلفور، ولكن انتداب بريطانيا على كل من العراق وشرق الأردن، وسوريا ولبنان. أما مصر فقد تلقت صدمتها الخاصة عندما أعلن ويلسون أن مبدأ حق تقرير المصير، الذي كان أيقونة مبادئه الأربعة عشر لترتيب أوضاع عالم ما بعد الحرب، لا ينطبق عليها، ولم يكن ذلك إرضاءً للحليف البريطانى فحسب، ولكنه كان أيضًا قلة اكتراث منه بالعرب، وإدراكًا منه لحاجة بريطانيا العظمى، ومن ورائها القوى الغربية، للسيطرة على عنق اليابسة، والأهم من ذلك كله في الحقيقة، كان وفاء بنذر قطعه ويلسون على نفسه بإعادة الأرض المقدسة، كما كان يصفها، في إشارة إلى فلسطين، إلى شعبها المختار من الله، ولم يكن ذلك التزاما شخصيا وفقط، ولكن أيضًا تعبيرًا عن «توق» النخبة السياسية، والثقافية، والدينية الأمريكية، وكذلك الرأى العام لإزالة «وصمة» امتلاك العرب وحكمهم لفلسطين والقدس. إلى جانب هذين المسارين للوجود الأمريكى الوافد إلى الشرق الأوسط، شق مساران آخران مجريهما، الأول هو تصفية الاستعمار التقليدى ووراثة نفوذه، والثانى هو السيطرة التدريجية على منابع النفط المكتشف حديثًا أيضًا، لتصب جميع هذه المسارات فيما بعد في مسار أضخم وأكثر صخبًا، وهو مقاومة الانتشار الشيوعى، وهذه هي المحطة التي استضافت أول وأطول لقاء بين الإسلام السياسي والولايات المتحدة الأمريكية. لكن مع بداية عقد التسعينيات من القرن العشرين، نشأ النظام العالمى الجديد- أحادى القطبية- بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية استنادًا لما تحقق لها من قدرات متفردة في جميع المجالات، خاصة القدرة العسكرية، واستنادًا أيضًا إلى تفكك المعسكر الآخر ممثلا في الاتحاد السوفيتى، وقد كانت حرب الخليج الثانية هي الإعلان الأول لإستراتيجية هذا النظام في التعامل مع الأزمات الدولية من خلال تحالف دولى تقوده الولايات المتحدة في مواجهة دولة «مارقة» من أجل إجبارها على مسايرة هذا النظام، ثم تطور لكى تتولى هي بقدراتها الذاتية وبمشاركة محدودة من حلفائها تنفيذ أهدافها الإستراتيجية، خاصة في مجال الحرب ضد الإرهاب التي اشتعلت مع بداية الألفية الثالثة، واستهدفت مناطق عديدة من الشرق الأوسط كأهداف مباشرة طبَّقت عليها أمريكا استراتيجيتها الجديدة في الضربات الاستباقية وباستخدام نظم تسليح وقيادة وسيطرة غير مسبوقة على مستوى العالم استهدف النظام العالمى الجديد منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة ودارت على أرضه وحوله العديد من الحروب والأزمات ومحاولات الاستقطاب، والتي لم تدرها أمريكا بمفردها ولكن بمشاركة كاملة، أو محدودة، من حلف شمال الأطلنطى، الذي يعد الذراع الطولى للنظام العالمى الجديد، والذي حرصت الولايات المتحدة على بقائه برغم ما حدث لحلف وارسو من تفكيك بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، بل إن هذا الحلف تطور من مجرد آلية عسكرية للدفاع عن أوروبا في مواجهة الاتحاد السوفيتى القديم لأن يصبح إدارة سياسية عسكرية لمواجهة الأزمات في العالم لصالح الغرب، وحرصت الولايات المتحدة على بقائه حتى تحبط النوايا الأوروبية الهادفة إلى تشكيل قوة عسكرية أوروبية مستقلة قد تصبح مناوئة وفى وقت ما للولايات المتحدة نفسها، وأجبرت الدول الأوروبية على استمرار ودعم الحلف باعتباره الخيار الوحيد، ومن خلال هذا الدعم حققت الولايات المتحدة أهدافها، بل واستفادت من قدرات الدول الأوروبية في تحقيق تلك الأهداف وتحمل التكاليف نيابة عنها مشــــروع برنـــارد لويــس خلال عام ١٩٨٠ والحرب العراقية الإيرانية مستعرة صدرت تصريحات من مستشار الأمن القومى الأمريكى «بري***كى» أكد فيها أن المعضلة التي ستعانى منها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الآن هي كيفية تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو، وعقب إطلاق هذا التصريح- وبتكليف من البنتاجون- بدأ المستشرق البريطانى اليهودى «برنارد لويس» عام ١٩٨١ بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كل على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقى.. وغيرها، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحى من مضمون تصريح «بري***كى» مستشار الأمن القومى انطلق برنارد لويس في مشروعه من أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضرهم، وإذا تُركوا سوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقود المجتمعات، لذا، فإن الحل المناسب والمتاح هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم وتطبيقاتها الاجتماعية، مستفيدين في ذلك من التجربتين البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة، وذلك لتجنب الأخطاء، وشدد برنارد لويس على ضرورة إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية على أن تكون المهمة المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ولذلك يجب تضييق الخناق على تلك الشعوب ومحاصرتها واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها قبل أن يتم غزوها بواسطة كل من أمريكا وأوروبا وتدمير حضارتها، وأشار أيضا إلى أن الكيان الصهيونى يمثل الخطوط الأمامية الدفاعية للحضارة الغربية، وهو يقف بالمرصاد أمام الحقد الإسلامى نحو الغرب الأوروبي والأمريكى ولقد كانت الدولة الإيرانية بصورتها الحالية هي محور المشروع الغربى لتأصيل الطائفية، فضلًا عن الأحلام التوسعية القديمة، والتي وجهت سياسات الدولة الفارسية منذ نشأتها وحتى الآن، وأحقادها المتوارثة تجاه كل ما هو إسلامى سنى، فمن أراضيها انطلقت كل دعاوى الفتنة والطائفية التي مازالت تستعر حتى الآن، فاضطلعت القوى الاستعمارية الغربية إلى دعم المعارضة الإيرانية خلال حكم دولة الشاه لتمكين حكم الملالى، وذلك لاستثمار الخلاف السنى الشيعى في دفع المشروع الغربى نحو الأمام ويكفى لمعرفة مدى تصميم «لويس» على هدفه، انتقاده الدائم محاولات الحل السلمى للصراع العربى الصهيونى، وانتقاده الانسحاب الإسرائيلى من جنوب لبنان، واصفًا هذا الانسحاب بأنه عمل متسرِّع ولا مبرر له، فالكيان الصهيونى يمثل الخطوط الأمامية للحضارة الغربية. وعندما دعت أمريكا عام ٢٠٠٧م إلى مؤتمر «أنابوليس» للسلام، كتب لويس في صحيفة (وول ستريت) يقول: «يجب ألا ننظر إلى هذا المؤتمر ونتائجه إلا باعتباره مجرد تكتيك مؤقت، غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الإيرانى، وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضًا، كما فعلت أمريكا مع الهنود الحمر من قبل». وفى عام ١٩٨٣ وافق الكونجرس الأمريكى بالإجماع في جلسة سرية على المشروع وتم تقنينه واعتماده وإدراجه في ملفات السياسة الأمريكية الإستراتيجية في السنوات المقبلة، وتم وضع آلياته وخطط تنفيذه، واكتملت تلك التحركات في أعقاب انتهاء الحرب الباردة وتفكيك الكتلة الشرقية في مطلع التسعينيات. لقد قسم هذا العالم إلى ١٩ دولة، كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتي تعادى كل منها الأخرى، وعليه فإن كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقى والاجتماعى في الداخل، إلى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض هذه الدول. أوضحت ذلك وثائق «كيفونيم» التي نشرت في فبراير ١٩٨٢م في الدورية التي تصدر باللغة العبرية في القدس، تحت عنوان «إستراتيجية إسرائيل خلال الثمانينيات»، كتبها «يورام بيك»، احتوت هذه الوثائق على الخطة الكاملة لتفكيك وتقسيم العالم العربى إلى دويلات صغيرة ويحمل تفاصيل المشروع الصهيو-أمريكى لتفتيت العالم الإسلامى: دول شمال أفريقيا بتفتيت (ليبيا والجزائر والمغرب) بهدف إقامة دولة البربر على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان، ودويلة البوليساريو، والمتبقى من دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا وتقسيم مصر إلى (٤) دول (دولة النوبة، ودولة مسيحية في غرب البلاد، ودولة إسلامية في الوسط، ودولة خاضعة للنفوذ الصهيونى، وتشمل شبه جزيرة سيناء حتى نهر النيل). شبه الجزيرة العربية والخليج إلغاء دول الخليج بالكامل ومحو وجودها الدستورى، بحيث تتضمن منطقة شبة الجزيرة العربية والخليج (٣) دويلات فقط، وهى دولة الإحساء الشيعية وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين وأجزاء من المملكة العربية السعودية. دولة نجد السنية وتشمل جزءًا من المملكة العربية السعودية الحالية وأجزاء من اليمن. دولة الحجاز السنية وتشمل جزءًا من المملكة العربية السعودية وأجزاء من اليمن. العراق تفتيت العراق على أسس عرقية ودينية ومذهبية، دولة شيعية بالجنوب حول البصرة، دولة سنية في العراق حول بغداد، دولة كردية في الشمال والشمال الشرقى حول الموصل بكردستان تقوم على أجزاء من الأراضى العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية سابقًا. سوريا تم وضع خطة لتقسيمها إلى أقاليم متميزة عرقيًا ودينيًا ومذهبيًا (دولة علوية شيعية على امتداد الشاطئ، ودولة سنية في منطقة حلب، ودولة سنية حول دمشق، ودولة الدروز في الجولان ولبنان «الأراضى الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضى اللبنانية»)، وهذا ما يتم تنفيذه على الأرض بتحطيم الجيش السورى، وإنهاكه في حرب طويلة برعاية الجماعات والحركات المتطرفة مثل «داعش» و«جبهة النصرة لبنان واعتمد في تقسيمها إلى (٨) دويلات متميزة عرقيًا ومذهبيًا ودينيًا (دويلة سنية في الشمال عاصمتها طرابلس، ودويلة مارونية في الشمال عاصمتها جونيه، ودويلة سهل البقاع العلوية عاصمتها بعلبك خاضعة للنفوذ السورى شرق لبنان، ودويلة في بيروت تحت الوصاية الدولية، وكانتون فلسطينى حول صيدا وحتى نهر الليطانى، وكانتون كتائبى في الجنوب وتشمل المسيحيين والشيعة، ودويلة درزية في الأجزاء من الأراضى اللبنانية والسورية والفلسطينية، وكانتون مسيحى تحت النفوذ الإسرائيلي). الأردن تصفية الدولة وإلغاء كيانها الدستورى ونقل سلطتها للفلسطينيين. فلسطين (هدم مقوماتها وإبادة شعبها في طريق تكوين إسرائيل الكبرى). إيران وباكستان وأفغانستان يتم تقسيمها إلى (١٠) كيانات عرقية ضعيفة وهى كردستان، وأذربيجان وتركستان، عرب ستان إيران ستان وما بقى من إيران بعد التقسيم بلونستان، بخونستان، أفغانستان ما بقى منها بعد التقسيم، باكستان ما بقى منها بعد التقسيم، كشمير). تركيا انتزاع أجزاء منها وضمها إلى الدولة الكردية المزمع إقامتها بأجزاء من دولة العراق الحالية. آخر تعديل بواسطة صوت الحق ، 12-01-2016 الساعة 05:31 PM |
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]()
__________________
![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() الطريق إلى يناير.. مشروع الشرق الأوسط الكبير "2 لا يمكن أن نبدأ حديثا عن 25 يناير وما حدث فى مصر وعدد من الدول العربية بعد ذلك دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث فى المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التى رسمت خرائط ما عرف بـ«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب تعلن صراحة عن رغبتها فى مزيد من التفتيت للأمة العربية فى ضوء اعتبارين، الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذى يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التى ظهرت بوضوح أثناء الحرب، والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا فى موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذى مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات. بعد برنارد لويس جاء روبرت رايت ليقوم بتطوير مخطط برنارد لويس، ذلك المخطط الذى قام بنشره فى صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «كيف يمكن لخمس دول أن تصبح ١٤ دولة؟»، استند رايت فى مخططه إلى قراءة الشكل الظاهرى للصراع فى العراق وسوريا، حيث يُقدَّم الصراع بصفته طائفيًّا إثنيًّا له جذوره التاريخية، ويسير ضمن صيرورة تاريخية تفرض نفسها لـ«تصحيح أخطاء وقعت فى الماضى»، حسبما ادَّعى سابقًا برنارد لويس، وروّج له على امتداد عشرات السنين. فقد تم تقسيم سوريا التى تعانى حربًا أهلية مدمرة إلى ثلاث دويلات: الأولى علوية، والثانية كردستانية، والثالثة سُنية، فيما تظهر الخارطة تقسيم السعودية إلى خمس دويلات، هى السعودية الشمالية، والشرقية، والغربية، والجنوبية، فضلا عن الدولة الوهابية، أما اليمن، فقد تم تقسيمه إلى دولتين، وليبيا إلى ثلاث دويلات، وذلك بسبب النزاعات القبلية، ولم تشر الخارطة إلى لبنان والسودان وهى دول تتصدر قائمة الدول المتنازعة على أسس طائفية وعرقية ودينية وسياسية وقبلية. الشرق الأوسط الجديد فى هذا السياق، يخطئ مَن يظن أن فكرة مشروع النظام الشرق أوسطى حديثة، بل هى قديمة، وترجع إلى بدايات القرن العشرين، ولقد بذل الغرب، ممثَّلًا بصورة خاصة فى الدول الثلاث «أمريكا وبريطانيا وفرنسا»، جهودًا حثيثة لإشاعة مصطلح الشرق الأوسط، وتوضيح حدوده، ورسم مستقبله، وكانت الجيوش العربية، والنفط وإسرائيل، مثَّلث الاهتمام بهذه المنطقة الحيوية من العالم. يتفق معظم المؤرخين على أن مصطلح «الشرق الأوسط» ظهر أول ما ظهر فى كتابات المؤرخ العسكرى الأميركى ألفريد ثاييت ماهان فى مقال نشره فى أيلول ١٩٢٠، حيث أطلقه على المنطقة الواقعة بين الهند والجزيرة العربية، واستخدمه بعده فالنتين جيرول مراسل جريدة «التايمز» اللندنية فى طهران. بعد شيوع وانتشار استخدام مصطلح الشرق الأوسط فإن مصطلح الشرق الأدنى الأكثر شيوعًا آنذاك، الذى كان يقصد به الدولة العثمانية وممتلكاتها فى آسيا بدأ يتلاشى، وخلال الحرب العالمية الأولى «١٩١٤- ١٩١٨» ازداد استخدام مصطلح الشرق الأوسط من قِبل العسكريين والاستراتيجيين البريطانيين، كما تركز هذا المصطلح فى وثائق التسويات الدولية التى أعقبت تلك الحرب، خصوصا تلك التى عُقدت فى سيفر وسان ريمو وباريس بين عامى ١٩١٩ و١٩٢٠ وبموجبها تم اقتسام المشرق العربى وثرواته النفطية بين بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية. وبصرف النظر عن التسمية، فإن مصطلحَى الشرق الأدنى والشرق الأوسط يعكسان وجهة نظر غربية ترى أن أوروبا، هى مركز العالم، وأن الأقاليم الأخرى تتجمع حوله، فى مقابل إدراك الغرب منذ زمن بعيد، أن الموقع الجغرافى الذى يتمتع به العالم العربى، ووفرة إمكاناته الاقتصادية الهائلة وثرواته النفطية ووزنه ووجود الإسلام فيه كطاقة روحية، يشكل خطرًا على مصالحه ويحد من أطماعه، لذلك بذل جهودًا كبيرة لتحجيم العالم العربى واحتواء أقطاره وإبقاء عناصر التجزئة فيه والعمل على تفتيته وجعله هدفًا مستمرًا لمخططاته ساعده على ذلك انهيار الاتحاد السوفييتى، وانتهاء الحرب الباردة وتشتيت القوى العربية واحتلال العراق، فتم تقديم مشروع الشرق الأوسط الجديد لأول مرة من قبل (التجمع من أجل السلام) وهى هيئة غير حكومية تشكلت فى القدس سنة ١٩٦٨، بهدف تشجيع المبادرات الرامية لإزالة أسباب الصراع العربى الإسرائيلى وتضم الهيئة كتابًا ومفكرين ومثقفين وصحفيين، ويقول بيريز إنه طرح المشروع سنة ١٩٨٥ وسماه مشروع «مارشال الشرق الأوسط». ويعد مؤتمر مدريد الذى عقد سنة ١٩٩١ بمثابة عملية انطلاق لترسيم «خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط»، حيث طرحت فكرة السوق الشرق أوسطية بمبادرة إسرائيلية وأمريكية مع الجماعة الأوروبية والبنك الدولى، ويعد شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق من أشهر الداعين لهذه الفكرة، فقد ركز عليها فى خطابه الذى ألقاه فى المؤتمر السنوى لحزبه «حزب العمل» فى سبتمبر ١٩٩١ وتحدث عن التكامل بين ثلاثة عناصر متوفرة فى الشرق الأوسط وهى: وفرة موارد المياه التركية، وسعة السوق الاستهلاكية المصرية ومقدرة التكنولوجيا الإسرائيلية، وخلص إلى أن اتحاد هذه العوامل الثلاثة مموَّلة بفوائض نفط الخليج العربى، تستطيع أن تحقق لإسرائيل ما تريد، ويجعلها جزءًا من المشروع الاقتصادى الشرق أوسطى الجديد، فيتعزز عندئذ أمنها ويتحقق رخاؤها، ثم عاد فوسَّع الفكرة من خلال كتابه «الشرق الأوسط الجديد». وتقوم أعمدة المشروع على استغلال الاهتراء السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى البلاد العربية لإحداث أكبر قدر من الفوضى الدينية والمذهبية والعرقية بهدف تسهيل وشرعنة إعادة تشكيل المنطقة العربية بجغرافيات وهويات جديدة، وتستهدف فكرة المشروع ثلاثة اهتمامات رئيسية: - الوصول النهائى إلى قبول إسرائيل كمركب عضوى ثقافى واقتصادى وسياسى كامل الحقوق فى الجغرافيا والمستقبل العربى. - إضعاف الكيانات العربية الكبيرة نسبيًّا وتجزئتها بحيث تحتاج كل واحدة منها على حدة إلى الحماية الأمريكية والإسرائيلية. - استغلال الحقائق المروعة فى تقارير التنمية العربية عن وضع المرأة وحقوق الأقليات وغياب حريات الرأى والعبادة وضعف مخرجات التنمية لإحداث الفوضى قبل إعادة التركيب. فالشرق الأوسط إذن ، وحسب تعبير مارتن آندك مستشار الأمن القومى الأسبق، أحد منظِّرى السياسة الأمريكية هو «فى حالة توازن دقيق بين مستقبلين بديلين الأول يتمثل فى سيطرة المتطرفين المرتدين عباءة الإسلام أو القومية على المنطقة، والثانى مستقبل تحقق فيه إسرائيل وجيرانها العرب مصالحة تاريخية تمهد للتعايش السلمى والتنمية الاقتصادية من أجل تأمين التدفق الحر لنفط الشرق الأوسط .. وإذا كانت فكرة النظام الشرق أوسطى الجديد وفق مفهوم «آندك» تعنى إعادة هيكلة هذه المنطقة على بِنًى جديدة أو مفهوم بيريز الذى يقصد به إقامة «نظام التفاعلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية يرتكز على اعتبارات الجغرافى والتعاون المشترك على مختلف الأصعدة «فإنها تهدف فى الوقت نفسه إلى مواجهة مشروع العرب الحضارى المستقل، وإضعاف المرتكزات السياسية والاجتماعية والثقافية للنظام العربى، وذلك من خلال إلغاء المقاطعة لإسرائيل وتدعيم قدراتها السياسية والعسكرية وفتح الأبواب أمام نموذج الغرب الرأسمالى بأفكاره وقيمه وإعادة ترتيب التوازنات الإقليمية فى المنطقة وبما يضمن دمج إسرائيل فيها وإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى وإقامة علاقات «عربية - إسرائيلية» فى إطار مشروعات شرق أوسطية مشتركة. ففى مقال لمجلة القوات المسلحة الأمريكية، تم الحديث بوضوح وتفصيل كبير عن خطط التقسيم، بل إنها ألحقت بمقالها خريطة للدويلات الجديدة التى سوف تظهر فى العالم العربى، التى أشارت إلى أنه يجب على الغرب أن يدُرك بأن العراق وسوريا ولبنان وباقى الدول العربية مخلوقات اصطناعية، وأن القومية العربية هى الخطر الحقيقى على الغرب، والحل يكمنُ فى إقامة دويلات جديدة طائفية وعشائرية. وأضافت المجلة: إن إسرائيل لا يمكنها العيش مع جيرانها ولهذا جاء الفصل بينها وبين جيرانها العرب، وهو ما يتوافق مع المشاريع الصهيونية، فشيمون بيريز حددّ فى كتابه «الشرق الأوسط الجديد» خريطة الشرق الأوسط بأنها تمتد من حدود مصر الغربية حتى حدود باكستان الشرقية ومن تركيا وجمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية شمالًا حتى المحيط الهندى وشمال السودان جنوبًا، وهى منطقة تجمع دولًا عربية وإسلامية وليس فيها خارج هاتين الدائرتين «العروبة والإسلام» سوى إسرائيل، ولا ننسى هنا مقولة بيريز المشهورة «لقد جرَّب العرب قيادة مصر للمنطقة لمدة نصف قرن، فليجربوا قيادة إسرائيل إذن». ويعرض التقرير المنشور فى المجلة خرائط لمنطقة الشرق الأوسط بشكلها الحالى، وخرائط للشكل الذى يتم العمل على تحقيقه، ويعتمد التقرير فى تسويغ هذا المخطط على عدد من الحجج ومنها أن الحدود الحالية هى حدود رسمتها كل من بريطانيا وفرنسا بشكل عشوائى، ثم إن قوس الحدود الأكثر تشابكًا وفوضوية فى العالم يكمن فى إفريقيا والشرق الأوسط، وأن هذه الحدود تعمل على إثارة الحروب فى ولذلك يجب تغييرها وإعادة رسمها لإعطاء الأقليات المذهبية أو القومية والإثنية حقوقها المسلوبة، فضلًا عن أن الحدود المرسومة للدول ليست ثابتة على الإطلاق والعديد من الحدود من الكونغو إلى القوقاز مرورًا بكوسوفو تتغير الآن، ومن هنا، فإنه لا يجب التجاوب مع الحجة القائلة إن هذه الحدود لهذه الدول لا يجب تغييرها، لأنها تعبّر عن واقع موجود منذ آلاف السنين، وأن المحافظة عليها تتطلب تحمل ضريبة المشكلات التى تحصل فيها، كما أن حدود الشرق الأوسط تسببّ خللًا وظيفيًّا داخل الدولة نفسها، وبين الدول بعضها البعض، خصوصا من خلال الممارسات ضد الأقليات القومية والدينية والإثنية، أو بسبب التطرف الدينى أو القومى والمذهبى، ولذلك يجب إنهاء هذا الأمر. الشرق الأوسط الكبير البداية كانت مع قيام اللجنة الأمريكية للأمن القومى، وهى لجنة استشارية فيدرالية تُعرف باسم لجنة «هارت رودمان»، بوضع تقرير كبير فى فبراير ٢٠٠١ بعنوان «البيئة الأمنية الكونية الجديدة فى الربع الأول من القرن الحادى والعشرين»، وقد تضمن التقرير عددًا من الدراسات والأبحاث عن المناطق المختلفة فى العالم ومن بينها ما يسميه التقرير الوثيقة «الشرق الأوسط الكبير». هذا التقرير يُعرّف منطقة الشرق الأوسط الكبير بأنها «تلك المنطقة التى تضم كلا من العالم العربى، إسرائيل، تركيا، آسيا الوسطى، القوقاز، ومنطقة شبه القارة الهندية»، وتمثل هذه المنطقة، كما جاء فى التقرير «أكبر مستودع للطاقة فى العالم»، كما أنها «ساحة نزاع بين عدة قوى طموحة تسعى لفرض الهيمنة على المنطقة»، «وللولايات المتحدة حلفاء فاعلون فى هذه المنطقة، كما أن لها مصالح ذات أهمية، إلى جانب ذلك فإن المنطقة تشهد تطورًا واسع النطاق لأسلحة الدمار الشامل، ولم يكن من قبيل الصدفة، أن شهدت هذه المنطقة حربًا كبيرة للولايات المتحدة وذلك فى سنة ١٩٩١، فضلًا عن أنها المنطقة الوحيدة فى الع الم التى تتجه الولايات المتحدة إليها لتوسيع نطاق انتشارها العسكرى وذلك منذ نهاية الحرب الباردة». وأكد واضعو التقرير أن منطقة الشرق الأوسط الكبير، منطقة شديدة الأهمية، ومصدر متاعب فى الوقت نفسه، خصوصا أن نظم الحكم فى المنطقة، باستثناء من إسرائيل والهند وتركيا، هى نظم استبدادية، وتفتقر المنطقة إلى نظم ديمقراطية مؤسسية، بالإضافة إلى ذلك فإن هذه المنطقة تعد موطنًا للاتجاهات الإسلامية المتطرفة سياسيا، والتى إن لم تكن تشكل مصدرًا للتهديد لمجتمعاتها وجيرانها فهى على الأقل مصدر مهم للقلق وعدم الاستقرار. وكانت صحيفة «واشنطن بوست» أول من أفصح عن هذه المبادرة الأمريكية الجديدة حين ذكرت فى ٩ فبراير ٢٠٠٤ أن إدارة الرئيس الأمريكى جورج بوش تعمل على صياغة مبادرة طموحة لتعزيز ونشر الديمقراطية فى (الشرق الأوسط الكبير) وذلك بإعادة تكييف وتعديل نموذج اُسْتُعْمِلَ من قبل فى الضغط من أجل نشر الحريات فى الاتحاد السوفييتى وأوروبا الشرقية. وقد بدأ بالفعل كبار المسئولين فى البيت الأبيض ووزارة الخارجية محادثات مع حلفاء أوروبيين رئيسيين حول رسم مخطط شامل لعرضه على مؤتمرات القمة التى عقدت فى ٢٠٠٤ لكل من مجموعة الدول الثمانى الكبرى، ومنظمة حلف شمال الأطلسى والاتحاد الأوروبى. وفى ٢٨ فبراير ٢٠٠٤ جدد الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش خلال اجتماعه مع المستشار الألمانى السابق جيرهارد شرودر فى البيت الأبيض دعوته لدول الشرق الأوسط لإجراء إصلاحات سياسية، واعتبر بوش أن فترة ما بعد إسقاط طالبان فى أفغانستان نموذج للتغيير السياسى، وأعرب عن اعتقاده بإمكانية تكرار التجربة فى دول أخرى بإقامة مؤسسات ديمقراطية، وقال بوش إن هذه التجربة تشكل ميراثًا يجب العمل من خلالها لتغيير ما سماه عادات ال*** والخوف والإحباط التى غرست بذور الإرهاب وأدت إلى نموه فى الشرق الأوسط، على حد زعمه.. وأنه من الضرورى إقامة المؤسسات الديمقراطية التى تستجيب لتطلعات الشعوب. ويعتبر مشروع الشرق الأوسط الكبير أن المنطقة تقف على مفترق طرق، وأن المطلوب هو السير فى طريق الإصلاح الذى استجاب له عدد من الزعماء، وأن بلدان مجموعة الثمانى الصناعية أيدت هذا الخيار، منوهًا بـالشراكة الأورومتوسطية، ومبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، وجهود إعادة الإعمار المتعددة الأطراف فى أفغانستان والعراق. قبلها قدمت مؤسسة «راند» فى العاشر من يوليو ٢٠٠٢ تقريرًا وضعه لوران مورافيتش المحلل الاستراتيجى فيها، إلى هيئة السياسة الدفاعية فى وزارة الدفاع الأمريكية، ويتكون التقرير من أربع وعشرين نقطة، خصصت لدراسة الوضع فى المنطقة العربية، ويخلص التقرير إلى اقتراح ما يصفه بأنه «الاستراتيجية الكبرى للشرق الأوسط». يرسم التقرير صورة للأوضاع فى العالم العربى تدل بما لا يدع مجالًا للشك على أن الولايات المتحدة الأمريكية عازمة على إجراء تغييرات جوهرية فى هذه البلدان ويظهر التقرير صعوبة إجراء التغييرات ويقدم «صورة قاتمة جدًّا بل هى موصدة الأبواب على أى نوع من التغيير ليس فقط الآن ولكن أيضا فى المستقبل، إذا لم تتولَّ الولايات المتحدة الأمريكية بنفسها، ومن خلال أساليب وطرق مختلفة، مسئولية العمل على إحداث هذا التغيير». ومن أهم الاستراتيجيات التى كُلف بها هذا الحلف ملف الشرق الأوسط وقد كان اجتماع قادة الحلف فى إسطنبول عام ٢٠٠٤، تاريخيًّا حيث تحددت فيه مهام الحلف فى الشرق الأوسط استنادًا إلى أن ما يجرى فيه ويؤثر على الأمن الأوروبى بشكل مباشر واتخذت العديد من القرارات المهمة فى هذه القمة التى أطلق عليها «قمة من أجل الشرق الأوسط» منها: اعتماد حدود الشرق الأوسط الأوسع والذى لا يقتصر على المفهوم السابق المحدد إبان الحرب العالمية الثانية ولكن امتد ليشمل جميع الدول الإسلامية أو التى بها أغلبية إسلامية لتبدأ من جنوب شرق آسيا حتى أواسط إفريقيا وتضم جميع الدول العربية وإيران فى نطاقها وفى هذا المجال اتخذت العديد من القرارات شملت خمسة محاور رئيسية هى: القرارات الملعونة - تبنِّى مشروع الشرق الأوسط الموسع وإشراف الحلف على الشق الأمنى للمبادرة - تشكيل قوة الردع السريع كآلية عسكرية يستخدمها الحلف فى تنفيذ المهام الطارئة خصوصا خارج حدود الحلف. - تطوير الحوار الأطلنطى المتوسط ليصبح شراكة من أجل السلام. -دعم قوات حفظ السلام التابعة للحلف فى أفغانستان لكى يمكنها من توسيع مجال عملها فى أفغانستان. - تدريب قوات الأمن والقوات المسلحة فى بعض دول الشرق الأوسط التى تطلب ذلك. والحقيقة أنه على امتداد جهود الحلف فى السنوات السابقة فإنه لم يخرج عن الأهداف الأمريكية والاستراتيجيات المخططة للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط التى تعتبر قلب العالم والسيطرة عليها تمثل هدفًا استراتيجيًّا، انطلاقًا من نظرية جون سبيكمان فى «الجيوبوليتكس» أن من يسيطر على قلب العالم يمكنه السيطرة على دوائر العالم المختلفة. ولتنفيذ ذلك اتخذت دوائر صنع القرار الأمريكى على عاتقها اتباع طريقين: الأول، استخدام القوة العسكرية والغزو والاحتلال كما حدث فى أفغانستان والعراق وهى وسيلة تضمن إسقاط النظم المارقة بالقوة المسلحة وتولية نظم مروَّضة ومبرمجة وفق ما تراه واشنطن. أما الطريق الثانى، وهو التهديد بالتغيير على غرار ما حدث فى السنوات الثلاث الماضية. ونرى أن الطريق الأول قد نجح فى إحداث التغيير وفق النهج الأمريكى ولكن يظل مرتبطًا واقعيًّا باستمرار الاحتلال العسكرى أو استخدام القوة، وفشل الطريق الثانى لأن النظام الرسمى العربى لم يتخلَّ مطلقًا عن ورقة الشارع العربى بغض النظر عن اتفاقه أو اختلافه مع ما تريده الجماهير الرافضة للسياسات الأمريكية والتى تراها السبب الحقيقى وراء زلزال سبتمبر الذى عصف بأركان القوة الأمريكية الاقتصادية والعسكرية متمثلة فى برجى مركز التجارة العالمى ومقر وزارة الدفاع «البنتاجون». وعليه ارتأت الإدارة الأمريكية أن أفضل وسيلة هى الضرب على وتر الإصلاح الشامل السياسى والاقتصادى والاجتماعى فى مجتمعات يعتقد الأمريكيون أنها فى حالة ظمأ ديمقراطى ولكن الإصلاح فى الدول العربية بعينها، فقط، قد يحافظ على الهوية المرتبطة بهم وهى «العروبة والإسلام» التى تعتبر العامل الذى يثير القلق دائما لهم، ولذلك كان من الضرورى توسيع دائرة التغيير بضم دول غير عربية وغير إسلامية للخروج من المأزق القومى بالحديث عن تطوير لشكل إقليمى جديد يضم الدول العربية الاثنتين والعشرين بالإضافة إلى ثلاث دول أخرى كل منها لها خصوصية فى حال اندماجها فى الشرق الأوسط الكبير. الدولة الأولى تركيا باعتبارها النموذج المسلم ديانةً والعلمانى سياسةً، ثم إسرائيل باعتبارها نموذجًا غير مسلم يعبر عن لسان حال السياسة الأمريكية وتعد الحليف الاستراتيجى لواشنطن بالمنطقة، وبالتالى، فإن وجودها داخل منظومة الشرق الأوسط الكبير سيقطع الطريق على أى محاولات عربية لتعريب وأسلمة هذه المنظومة، خصوصا أن العرب هم المقصودون من التغيير وليست تركيا أو إسرائيل، أما الدولة الثالثة فهى إيران التى تمثل الصداع الدائم لأى إدارة أمريكية منذ عام ١٩٧٩ فى المنطقة. وقد عملت على الترويج للمشروع من خلال طرح أفكار ذات جاذبية مثل التنمية الشاملة والرفاهة الاقتصادية وتوفير فرص عمل للعاطلين وتطبيق الديمقراطية والتحرر والانعتاق من حالات القهر والقمع السياسى وتشجيع منظمات المجتمع المدنى غير الحكومية على التمرد بشكل أو بآخر على النظم السياسية القائمة تحت دعاوى الحرية وفق المنظور الأمريكى، ومن خلال رصد اعتمادات مالية طائلة من ميزانية البيت الأبيض لدعم أنشطة هذه المنظمات التى يفترض فى هذه الحالة أنها لن تعارض أى توجهات أمريكية وحشدت الإدارة الأمريكية أبواق دعايتها.
آخر تعديل بواسطة صوت الحق ، 14-01-2016 الساعة 09:16 PM |
#5
|
|||
|
|||
![]()
طوينا كل هذه الأمور-- ولم يبق سوى الزحف على جثث أوهام مروجيها والثبات على أرض البناء
شكرا جزيلا على الموضوع |
#6
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
وهل اعداء انفسهم والوطن نسو هذا وباذن الله سوف نظل متماسكين الىيوم الدين وبعونه سوف تظل مصر فى قلوب كل المصريين تحميها بالغالى والنفيس يا مصر يا هبه النيل شكرا على المرور والمتابعة |
#7
|
||||
|
||||
![]() هذه اسرار تذاع لاول مرة وسوف نعود لها
حتى يكون الموضوع بتسلسل لكن هناك بعض الأصوات التى نادت بالخروج فى التظاهرات؟ - الدولة المصرية قوية، وفى إطار ما تحقق من أمن، واستقرار حتى الآن بالمنطقة علينا ألا نخاف من «اللى أصواتهم عالية فى وسائل الإعلام»، الذين يستغلونها لنشر الأكاذيب، والأقاويل. وكيف تُقيّم حجم التهديدات التى تستهدف الدولة المصرية؟ - يتم ذلك وفقاً لـ«تقدير موقف». وكيف يتم ذلك؟ - لإعداد تقدير الموقف تستخدم منهجاً علمياً منظماً لترى حجم التهديد الذى يستهدفك، والسبيل الأمثل لكيفية مواجهته عبر «تسلسل معين»، فأنت تنظر إلى من العدو الذى يستهدفك، وقواته، وطبيعتها، ومكان العدو، وتكتيكاته المختلفة التى يستخدمها، وأساليب هجومه من جانب، ثم تنظر إلى ذاتك فترى قواتك، وإمكانياتك مقارنة به، وكيفية مقاومته سواء عبر عمل أجهزة الاستخبارات الخاصة بك أو قواتك المسلحة، أو عناصر الشرطة المدنية أو المجتمع المدنى بمختلف أشكاله، وذلك يتحدد وفق عدة معايير ثم تنظر للقوات المعاونة لك سواء على المستوى الداخلى أو الخارجى للقضاء على التهديد الذى يستهدفك، والدول التى ستقف بجوارك، والدول التى ستقف على مستوى الحياد، والدول التى ستقف ضدك، وتعارضك، وكذلك تنظر لـ«مسرح العمليات» المنتظر إجراء المواجهة فيه، وكافة الظروف حتى الظروف الجوية، فحين تُعد «تقدير موقف»، فأنت تدرس كافة الجوانب المحتملة فى المواجهة لتخرج بنتائج موجزة تؤهل لاتخاذ قرار يدعم أمنك القومى فى إطار معرفتك بالمبادئ الاستراتيجية، وعوامل، ومعايير أمنك القومى. آخر تعديل بواسطة صوت الحق ، 15-01-2016 الساعة 11:13 AM |
#8
|
|||
|
|||
![]()
روى العميد عادل العمدة، الحاكم العسكرى لمحافظة الجيزة وقت ثورة 25 يناير والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا حالياً، شهادته عن الثورة للمرة الأولى تزامناً مع مرور ذكراها الخامسة، مؤكداً أن كافة الفعاليات التى شهدت أعمال *** وتخريب كان هناك عناصر لأجهزة استخبارات أجنبية تحركها على الأرض، مشيراً إلى القبض على كثير من عناصرهم فى الميادين وقت الثورة.
أضاف الحاكم العسكرى لـ«الجيزة» وقت «25 يناير»، فى حوار لـ«الوطن»، أن عناصر تيار الإسلام السياسى والممولين من الخارج هم من استهدفوا «النشطاء الطيبين»، وحاولوا إلصاق تلك التهمة بالشرطة المدنية، والقوات المسلحة، مردفاً أن الأجهزة الأمنية لو أرادت *** عناصر الإخوان لفعلت أثناء هروبهم إلى خارج البلاد «وماكنش حد هيشوفنا بنعمل إيه»، إلا أن ما يحكمنا جميعاً فى الوطن هو القانون |
#9
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
وشكرا على المرور الطيب تقبل التحية والاحترام والتقدير |
#10
|
||||
|
||||
![]() جزيل شكرى وتقديرى لحضرتك أستاذى الفاضل على هذا الموضوع القيم اسمح لى فقط أن اشارك فى موضوعك بحوار أجرته صحيفة الوطن الخميس 14-01-2016 مع اللواء أركان حرب أحمد يوسف عبدالنبى، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة أثناء ثورة 25 يناير اللواء أحمد يوسف عبدالنبى: «25 يناير» ثورة حقيقية.. وحرام نظلم الملايين التى خرجت للميادين بسبب 300 شخص لهم أجندات خارجية ![]() فتح اللواء أركان حرب أحمد يوسف عبدالنبى، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم للبلاد عقب تنحى نظام مبارك، الذى عُرف وقتها بـ«المجلس العسكرى»، وقائد قوات حرس الحدود وقت ثورة «25 يناير»، «صندوقه الأسود» عن الثورة، ومجرياتها، ليكشف فى حوار خاص لـ«الوطن»، أسراراً وكواليس جديدة شهدتها البلاد فى لحظة مصيرية تمكنت القوات المسلحة فيها من العبور بالبلاد إلى بر الأمان بعد حالة من انهيار أجهزة، ومؤسسات الدولة، وإلى نص الحوار: ■ بحكم كونك فى موقع يتيح لك الاطلاع على مجريات الأمور وقت أحداث «25 يناير».. كيف تراها؟ - شهدت الساحة الإعلامية والرأى العام الكثير من اللغط، والكثيرون تحدثوا عن «25 يناير» بشكل سيئ، سواء صحفيون أو إعلاميون أو نخب، ما أدى للفرقة الموجودة عليها حالياً، فأنا ضابط فى القوات المسلحة، وعانيت من هتاف البعض بـ«يسقط يسقط حكم العسكر»، وغيرها، إلا أن رأيى الشخصى أنها ثورة حقيقية، فـ«حرام نظلم ملايين المصريين اللى خرجوا للميادين عشان 200 أو 300 فرد ليهم أجندات بها». ■ لكن الثورة شهدت نوعاً من المؤامرة على الدولة من قبل بعض العناصر! - جميع الثورات الشعبية التى قامت فى جميع أنحاء العالم لا يمكن أن تخلو من المؤامرات، والإخفاقات، كما أن الثورات تعتبر مناخاً مناسباً لأجهزة الاستخبارات فى جميع أنحاء العالم لتعمل بكل أريحية، لكن «محدش يقدر يقول أو ينكر أن ملايين من جموع الشعب المصرى ميعرفوش سين أو صاد من أصحاب الأجندات ونزلوا لوجود مطالب لديهم، فأحداث 2011 هى ثورة حقيقية». ■ ولماذا تصفها إذن بأنها «ثورة»؟ - لأن المواطنين خرجوا لوجود مطالب لهم يريدون أن يحققوها بعيداً عن الشخص الذى يحققها، فهم أرادوا وظائف لأبنائهم، وأن «الشرطة تخف إيديها شوية لأنها كانت تغوّلت»، والطبقة المثقفة كانت تريد تعليماً جيداً لأولادهم، ومطالب العدالة الاجتماعية، وأن يشعر المواطن المصرى أن لهم كرامة، فـ«منقدرش نقول إن الـ200 أو الـ300 أو الألف الوحشين اللى كانوا فى الثورة خلوها ثورة وحشة، لكنها ثورة شعب». ■ بحكم كونك أحد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت الثورة.. كيف كانت رؤيتكم للجيش، وتصرفه خلالها؟ - الجيش المصرى لم يكن ليستطيع أن يتصرف غير ما قام به، لأنه «جيش وطنى»، فالمهام الموجودة للقوات المسلحة تقول إن الجيش يحمى «الشرعية الدستورية»، وهى فى ذلك الوقت ممثلة فى نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وبالتالى كان من المفترض أن تنحاز القوات المسلحة لهذا النظام، ولكننا لسنا فى جزر منعزلة عن الشعب، فنحن منهم، والسلطة الحقيقية فى تلك اللحظة كانت للشعب وحده الذى خرج منه الملايين ليمثلوا «السلطة الحقيقية». ■ وصف بعض المؤيدين للرئيس الأسبق مبارك هذا التصرف بالتحايل على دور القوات المسلحة المنصوص عليه فى الدستور، فما ردك؟ - لم نتحايل على دورنا المنصوص عليه دستورياً، فنحن نفذنا المهمة، ولكن وفقاً للواقع الموجود على الأرض، فالملايين الموجودة بالشارع التى تنادى بإسقاط هذا النظام مثلت الشرعية، ومن ثم كان علينا التحرك لتأمينها. ■ قبل 25 يناير 2011.. كيف كانت نظرة القيادة العسكرية للبلاد لإمكانية نزول المواطنين فى تظاهرات، وما كان تصوركم للتعامل معها حال نشوبها؟ - كنا كقيادات مثقفة نقرأ، ونتابع الأحداث، ونرى مدى السخط الموجود لدى الشعب المصرى، فموضوع التوريث شكل أزمة داخل نفوس معظم المواطنين، وكذلك «الغصة» من الشرطة، وغيرهما، فكنا مستشعرين نبض الشارع؛ فأنا ضابط، وتتعامل معى الجهات المختلفة باحترام بحكم وظيفتى، لكن هناك أبنائى، وزوجتى، وأقاربى، وجيرانى يتحركون ويرون، ويحكون لنا، ولكن كل هذا كقيادات لم نكن نتكلم فيه أو نتعامل معه داخل الجيش. ■ لماذا؟ - كان دائماً المشير محمد حسين طنطاوى، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربى الأسبق، يقول لنا: «محدش فيكم يلعب سياسة، ولا قيادات، ولا عسكرى، ولا ضابط، ولا صف ضابط، فأنا الوحيد اللى مسموح ليَّا ألعب سياسة لأنى وزير، وده منصب سياسى فى الأساس، لكن لازم تفهموا، وتقروا، وتتثقفوا عشان تعرفوا اللى بيحصل فى البلد، والدنيا ماشية إزاى»، ومع توجيهات السيد الوزير كان ممنوعاً علينا أن يكون لنا توجهات سياسية أو دينية أو حزبية، وهذا هو مبدأ متعارف عليه داخل القوات المسلحة المصرية، لذا فإن جيشنا «حجر فولاذى» يصعب تفكيكه أو تفتيته على غرار جيوش أخرى فى المنطقة أمام المؤامرات. ■ فى أول اجتماعات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقت الثورة قال البعض إنكم تجهزون للتحرك ضد المتظاهرين، وآخرون ضد النظام، فهل كنتم مجتمعين لـ«تقدير الموقف» أم ماذا؟ - نحن كقيادات القوات المسلحة معتادون على إجراء «تقدير الموقف» سواء فى عملية صغيرة أو كبيرة، فالقيادة العامة للقوات المسلحة فى هذا التوقيت كانت تعمل على تقدير الموقف بدقة شديدة، حتى تأكدنا أن هذه الملايين لن تقبل إلا تلبية مطالبها، واستشعرنا ذلك، وقلنا إننا حينما سنحميهم سيكون ذلك للسلطة الحقيقية فى الدولة، وهى الشعب. ■ وهل الرئيس الأسبق حسنى مبارك أُجبر على التنحى من منصبه كما ذكر البعض؟ - الحقيقة أنه رجل عسكرى، وقدّر الموقف، واستجاب للمواطنين، واتخذ قراره، وهذا يُحسب له رغم أن التوقيت تأخر، وكذلك أنه نقل السلطة لـ«المجلس العسكرى»، فلو ذهبت السلطة لأى طرف آخر لم تكن الأمور بالبلاد تصل لما هى عليه حالياً، وكان الموقف سيتغير تماماً عما حدث، حتى لو أن ما حدث كان عليه بعض الملاحظات. ■ هناك انطباع لدى جموع المواطنين وفقاً لما يتم تداوله إعلامياً أن ما حدث فى «28 يناير»، واقتحام السجون كان بسبب «كسر الحدود» من قبل «حماس»، وكنت قائداً لقوات حرس الحدود حينها، فما حقيقة هذا الأمر؟ - لا بد أن تتخيلوا الموقف كاملاً أولاً، فأنا كنت فى هذا التوقيت فى «رفح» فى قلب الحدث، فالوضع كان غير متصور، أولاً على مستوى القاهرة كان هناك اختفاء تام للأمن، فلم تكن هناك جهات أمنية فى أى مكان، فتخيل الوضع إذن فى رفح، والشيخ زويد والعريش، فلم يكن هناك شىء قائم يمثل وزارة الداخلية، فكل شىء أُحرق، فالمنطقة لها طبيعة خاصة، فالسلاح موجود، والشرطة كانت تتعامل مع مخالفات من سلاح، ومخدرات وخلافه، ومن ثم فإن هناك حالة ثأر بين الشرطة، والخارجين على القانون، وحدث انكسار لـ«الشرطة»، فحتى الأكشاك فى الكمائن أحرقت. أما عن قوات حرس الحدود، فنحن معنيون بحماية الحدود المصرية من أى اعتداء، ولدينا نقاط مراقبة على الحدود تجاه الطرف الآخر، وهى على عدة نقاط بعمق من 2 إلى 3 كيلومترات، وما خلف تلك القوات كانت بيئة غير آمنة تماماً فى كل ما تتخيله، وكان السلاح مع كل فرد خلفنا، فالنقطة الجوهرية أن قوات حرس الحدود موجودة باستمرار، وكانت هناك حالة من التآلف أو التآخى مع القبائل الموجودة، وبالتالى لم يتم التعدى على جندى واحد من قوات حرس الحدود، فهناك حالة تواصل، واحترام لأن اللى بيقرب من السلك أو السور ذهاباً أو إياباً نتعامل معاه، أما المنطقة من رفح حتى العريش فتتعامل باقى الأجهزة الأمنية معها. ■ لكن ما حقيقة دخول عناصر من «حماس» فى هذا الوقت؟ - كانت هناك أنفاق موجودة، وحتى الآن تكتشف القوات المسلحة أنفاقاً، وتدمرها، وهذه الأنفاق كانت موجودة فى هذا التوقيت، وكان يغض النظر عن البعض منها لتخفيف الحصار عن أهالى غزة، وهذا لا يعنى أن نترك نفقاً بعد اكتشافه، ولكن كانت تُردم أو تُسد، ولكن العربات الموجودة على فتحات الأنفاق يتم القبض عليها، وتحويلها إلى الجهات الأمنية سواء نحن أو المنطقة الموجودة خلفنا من الشرطة، ولم نكن نقوم بأكثر من ذلك، ومن كنا نقبض عليه تتم معاملته باحترام لأنه مهرب، ولا يتم ضربه أو نزيد عليه جرائم على جريمته، وكان هناك نوع من العدل، لذا كنا نحظى باحترام الجميع. العناصر التى خرجت من حماس ثم دخلت إلى سيناء ثم توجهت إلى السجون، وعاونها الكثير من «شبكة»، كانوا يريدون أخذ «الناس بتوعها فى السجون»، والتحقيقات لا تزال سارية بهذا الأمر، لكن 60 أو 100 فرد لا يستطيعون اقتحام السجون، وحدهم، ولكن كانت هناك خطة كاملة من عناصر، فهم دخلوا وخرجوا من الأنفاق ونفذوا مخططهم بمساعدة أتباعهم. ■ ذلك يعنى أن عدد من عبروا من الأنفاق من «حماس» قرابة الـ«100 فرد»؟ - نعم، فهم أكثر قليلاً أو أقل قليلاً من هذا الرقم. ■ لكن ذلك يلقى بالمسئولية على قوات حرس الحدود التى كنت قائداً لها فى هذا الوقت؟ - لا تتهموا قوات حرس الحدود بما ليس فيها، فالأنفاق يصل عمقها داخل أراضينا إلى أكثر من 5 و6 كيلومترات بأعماق تصل إلى 50 متراً، ونحن مسئولون عن شريحة لا تتعدى من 2 إلى 3 كيلومترات، وما يظهر من أنفاق نتعامل معها، أما الشريحة التى تعقبنا فمسئول عنها أجهزة أمنية أخرى من «شرطة وخلافه»، وهذه المنطقة كانت مفرغة من عناصر الشرطة، والأجهزة الأمنية فى ذلك الوقت. ■ ذلك يعنى أنكم كنتم محاصرين بين تلك العناصر، والأطراف الموجودة على الناحية الأخرى من الحدود؟ - بالضبط، لولا أننا كنا عادلين كان سيختلف الأمر، فـ«العدل حمانا»، فكان لنا تواصل مع القبائل الموجودة، وليس قوات حرس الحدود فقط، ولكن كل أجهزة القوات المسلحة، فتلك القبائل لها أيادٍ بيضاء معنا سواء فى 1967 أو فى 1973، وهذا لا يقلل من شرف، وجهد السواد الأعظم من القبائل تجاه وطنهم وهناك الحسن والردىء فى كل مجتمع. ■ الصورة النمطية التى توجد هى أن عناصر «حماس» اخترقت الحدود، وعبرت.. هل بالفعل اخترق البعض منهم الحدود؟ - لا، هذا الأمر غير دقيق، فحينما ستجد قوات معها أجهزة ومعدات تكشف القادمين للحدود حتى نحو 5 كيلو، فـ«إيه اللى يجبرك إنك تقتحم الحدود وانت عندك الأنفاق؟». ■ لكن هذا حدث فى النزوح من الجانب الآخر تجاه حدودنا؟ - كان عشرات الآلاف يأتون، ويضعون النساء أمامهم، ويكسرون جزءاً من السور الحدودى ليعبروا، لكن أن فرداً يقتحم الحدود فهو أمر غير مقبول، لكنهم خرجوا من فتحات أنفاق «فى ضهر حرس الحدود». ■ وفى ظل الظروف التى عانيت منها.. هل طلبت دعماً من «القيادة العامة» فى هذا التوقيت على الحدود الشرقية؟ - فى هذا التوقيت، طلبت بعض الدعم لأن قوات حرس الحدود كانت لها مهام محددة، وتسليحها عليه بعض القيود بسبب اتفاقية السلام، وطلبت وحدات قتالية لتدعمنى، وجاءت لتأمين المدن على الحدود، وما خلف قوات حرس الحدود، فنحن قمنا بدورين، دور القوات المسلحة لتأمين الحدود، ودور القوات الشرطية بـ«قدر المتاح». ■ ننتقل للحديث عن الثورة بوجهها العام.. كان يهتف البعض بسقوط حكم الجيش وأحداث أخرى، فما كان شعوركم فى هذا التوقيت؟ - كنا نقوم بدورنا لحماية الوطن، وقمنا بجهود جبارة لذلك، فلا يمكن لأى قوات عسكرية التدرب لهذا الحدث، وفرض سيناريوهات له، فكانت تلك الهتافات تضايقنا، إلا أننا رفضنا الاستسلام لهذا الشعور، وقمنا بواجبنا تجاه الوطن. ■ وهل كان ذلك موقع تقدير منكم؟ - هناك جملة شهيرة لن أنساها للمشير طنطاوى، قالها لنا بعدما الأمور بدأت تأخذ شكل الاستقرار، وهى: «أنا نفسى أوقف أبطال القوات المسلحة كلها من أحدث جندى حتى أقدم قائد، وأسلم على كل واحد، وأحضنه، وأقوله متشكر على اللى انت عملته لبلدك»، فتلك الجملة تشرح لك أن القائد العام للقوات المسلحة كان غير متوقع لهذا القدر من الأحداث، ودقة، وكفاءة تعامل قواته مع الأحداث، فالتعامل كان يتم بـ«اللامركزية»، فالضابط الصغير يحدث القائد المباشر له ليشرح له الوضع، وقراره ليرد: «تصدق»، وفى المبادئ العسكرية الأمر لا يحسم هكذا، فتكون هناك خطط، ومتغيرات القرار موجودة، وغيرها. ■ حينما كان يحدث عمل تخريبى كنا نقول إن «الطرف الثالث» من يقف خلفه، فهل يمكن أن تفصح من هو هذا الطرف حالياً؟ - «الطرف الثالث» كان مصطلحاً يتم استخدامه، فهناك خارجون عن القانون، وعناصر مخابرات أجنبية، وأصحاب أجندات، فالأدلة لم تكن واضحة لتقول إن من قام بهذا العمل من جهاز استخبارات معادٍ أم عناصر إخوانية لتأجيج الشباب. ■ ولماذا صمتنا على وجود عناصر استخباراتية فى وقت الثورة؟ - جميع أجهزة المخابرات «مابتصدق تلاقى مناخ زى ده وتشتغل»، فلو حدث ما حدث لدينا فى أى دولة ستنشط جميع أجهزة المخابرات أيضاً، فهذا نظام عمل أجهزة أمنية لتقدم تقاريرها لدولها، وتستغل الموقف لصالح مصالح دولها. ■ تداولت وسائل الإعلام أنباء عن وجود الفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وقت اندلاع الثورة فى الولايات المتحدة، وفسر ذلك البعض بأنه تنسيق معها بشأن الثورة، فما ردك؟ - الفريق عنان كان مخططاً لتلك الزيارة قبلها بأشهر، فهذا توقيت ثابت وفقاً للتعاون مع الجانب العسكرى، فرئيس الأركان لا يتحرك ببساطة مثلما يتصور البعض، ولكنها كانت زيارة بروتوكولية بعد جهود لجان مشتركة. ■ كان الرئيس عبدالفتاح السيسى فى وقت الثورة عضواً بـ«الأعلى للقوات المسلحة» باعتباره مديراً للمخابرات الحربية والاستطلاع، فهل تتذكر موقفاً له فى الصورة؟ - يصمت قليلاً ليرد: بعد تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد البلاد، كان هناك مؤتمر شهرى يعقد فى مقر الأمانة العامة للقوات المسلحة يحضره كبار القادة، وكان يتم فيه التعليق على الأحداث من خلال أجهزة معينة، وحينها عرض الرئيس السيسى تقريراً عن الوضع، وقال: «كل الدولة وأجهزتها بتصب عندى، وبتقولى اتصرف»، وتلك الجملة تحمل معنى أنه لم يكن هناك جهاز حتى ولو خاص بالمعلومات قائم، إلا القوات المسلحة، فكانت هناك حالة انهيار كبيرة بالدولة المصرية. ولا يخفى على أحد أن إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع لم تكن معنية بهذه الأمور، لكن القوات المسلحة كانت تسعى للحفاظ على الوطن، واستقراره بكامل أجهزتها، وتخصصاتها المختلفة. |
#11
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
على هذه الاضافة القيمة وسوف ياتى حينها لاننى مجع كل ما يكتب عن هذا الموضوع فى ملف وورد وهذا الموضوع مفتوح للجميع بالاضافة والمناقشة والمشاركة فيه حتى نصل الى فهم كامل لما يدور حولنا تقبل التحية والاحترام والتقدير |
#12
|
||||
|
||||
![]()
عبدالرحيم علي يكتب: الطريق إلى 25 يناير..
مشروع ترويض النُّظم "3" ![]() حلقات يكتبها :عبد الرحيم علي لا يمكن أن نبدأ حديثا عن 25 يناير وما حدث في مصر وعدد من الدول العربية بعد ذلك دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث في المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التي رسمت خرائط ما عرف بـ"الربيع العربى"، فأمريكا ودول الغرب تعلن صراحة عن رغبتها في مزيد من التفتيت للأمة العربية في ضوء اعتبارين، الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذي يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التي ظهرت بوضوح أثناء الحرب، والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا في موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذي مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات. عملية صناعة "الفوضى الخلّاقة" داخل الدول العربية بسلاح "الإسلاميين" تحققت في العراق بعد تدمير جيش عربي قوي وإشعال حرب أهلية "رايس" بشَّرت بولادة "شرق أوسط جديد" ووصفت العدوان على لبنان بـ"آلام المخاض" تعطُّش "الإخوان" للحكم جعلهم مستعدين للموافقة على جميع التنازلات السياسية لصالح الغرب يهدف مشروع ترويض الأمم إلى وضع الدول العربية بالذات تحت وصاية الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بالمعنى الفعلى لنظام الوصاية "De facto"، وإن لم يكن بالمعنى القانونى الدقيق "De juri"، وتتمثّل هذه الوصاية في التخطيط الدقيق لمعالم التغيير الذي تريد الولايات المتحدة الأمريكية تحقيقه في بنية المجتمعات العربية في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة، ولا تقتصر المسألة على التخطيط فقط، ولكنها تتعدى ذلك إلى الإشراف الدقيق على التنفيذ، من خلال الإدارة الأمريكية والأوروبية مباشرة. وبصرف النظر عن فشل هذا المشروع، فهناك أهمية لتعقب أصول النزعة الأمريكية للتدخل في شئون الدول، ويمكن فهم هذا من خلال أحد المراجع العميقة في الموضوع للدكتور "نوثروب" أستاذ الفلسفة والقانون في جامعة "ييل Yale"، بعنوان "ترويض الأمم: دراسة في الأسس الثقافية للسياسة الدولية"، الذي نشرته دار "ماكميلان" عام 1954، وهذا الكتاب من أعمق ما يمكن في التحليل الثقافى للعلاقات الدولية، ويتضمن نقدًا جَسورًا لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في آسيا وأفريقيا، في فرض هيمنتها ولجوئها إلى سلاح المساعدات الاقتصادية لإخضاع الدول النامية. وكلمة "الترويض" في العنوان لها أكثر من دلالة، ذلك أن الكلمة في معناها الأصلى تنصرف إلى ترويض الوحوش ونزع سلوكها العدوانى وإخضاعها حتى تصبح ألعوبة في يد المروِّض، أما في العلاقات الدولية، فترويض الأمم يعنى ببساطة أن المروِّض -وهو هنا "الدولة العظمى القادرة"- سيتجه إلى الشعوب الهمجية أو البربرية، لو استخدمنا لغة الأنثروبولوجيا الاستعمارية في القرن التاسع عشر، أو الدول المارقة Rogue Countries بلغة الخطاب الأمريكى الرسمى الآن، لكى يفرض عليها الالتزام بالنظام وفق القيم التي تؤمن بها كأنها قيم عالمية وليست قيمًا إمبريالية. وإذا كان عنوان "ترويض الأمم" تعبيرًا دبلوماسيًّا عن نزعة الهيمنة الأمريكية، فإن مرجعًا آخر كان أكثر صراحة في التعبير عنها، فوضع عنوانًا هو "تأديب الأمم"، وله عنوان فرعى هو "ثورة الحقيقة في تغيير الثقافات"، وألّف الكتاب دارو ميللر، وستانت بوترلى، ومما يلفت النظر بشدة، أن الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس جورج بوش الابن تحاشت استخدام هذه المفاهيم التي تكشف عن فجاجة التدخل الأمريكى وعدم مشروعيته، ولذلك لجأت إلى مصطلح ذائع في علم السياسة، وهو بناء الأمم "nation building"، لتشير إلى سياسات التدخل الأمريكى في أفغانستان والعراق. الواقع أنه مَن يراقب التدخل المباشر لحلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية في الصراع الدموى الذي دار بين نظام العقيد معمر القذافى المتهاوى وقوى المعارضة، يجد أن أنسب عنوان لهذه المرحلة ليس "ترويض الأمم" ولكن "تأديب النظم"، ويمكن لنا أن نعبر عن دهشتنا البالغة لأن الرأى العام العربى لم يستنكر بالقدر الكافى تدخل حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية في الصراع الليبى بين المعارضة والنظام الاستبدادى لمعمر القذافى، فكان لا بد من إدانة هذا التدخل، انطلاقًا من مبدأ رفض التدخل الأجنبى في الشئون الداخلية العربية، حتى ولو كان ذلك لنصرة المعارضة ضد نظام استبدادى، لأن معنى ذلك إضفاء الشرعية العربية على نزعة التدخل الدولى في شئون الدول، وفى مقدمتها الدول العربية، والتي ينبغى على قوى المعارضة فيها أن تعتمد على نفسها لا***اع النظم السلطوية من جذورها. في شهر سبتمبر عام 2002، أعلنت "كونداليزا رايس"، مستشارة الأمن القومى الأمريكى آنذاك، أن الولايات المتحدة تريد تحرير العالم الإسلامى، ونشر الأسلوب الديمقراطى في ربوعه أولًا، وتريد ثانيا تغيير الأنظمة السياسية العربية، وفى السابع من أغسطس 2003 عادت كونداليزا رايس مرة أخرى لتتحدث عن المشروع الأمريكى الخاص بالتغيير في الشرق الأوسط وذلك عبر مقال لها في صحيفة "واشنطن بوست" بعنوان "تأملات في التحول المنتظر بالشرق الأوسط" جاء فيه أن الولايات المتحدة سبق لها أن تعهدت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل، بتحويل أوروبا في المدى البعيد وقد التزمت بذلك مع الأوروبيين بالديمقراطية والازدهار، "وهو ما تمكنّا من تحقيقهما اليوم، والآن يتعين على الولايات المتحدة وأصدقائها وحلفائها العمل من أجل تحقيق تحول في المدى البعيد في جزء آخر من العالم وهو الشرق الأوسط". وعادت "رايس" لتبشر بولادة "شرق أوسط جديد"، سينمو ليحقق "حلًا سحريًّا" لعلاج أزمات المنطقة المزمنة، حيث وصفت العدوان على لبنان بأنه "آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد"، ووضحت عبارتها بالآتى: "حان الوقت لوجود شرق أوسط جديد.. حان وقت القول لمن لا يريدون شرق أوسط جديدا إن الغلبة لنا". ثم تعترف رايس بأن مسيرة تحول الشرق الأوسط لن تكون سهلة، وستأخذ وقتًا من جانب الولايات المتحدة وأوروبا، ووفقا لتصريحات كبار المسئولين الأمريكيين، فإن إدارة الرئيس الأمريكى بوش دعت في يونيو 2004 الحكومات العربية وحكومات دول جنوب آسيا لتبنى إصلاحات سياسية كبرى ومنها إقامة نظم للمحاسبة فيما يتصل بانتهاكات حقوق الإنسان وبالذات ما يتصل منها بحقوق المرأة وكذلك العمل على طرح بعض الإصلاحات الاقتصادية. وفى إبريل عام 2005 وفى إجابتها عن سؤال وُجه لها، عن الفوضى التي يمكن أن يولّدها التدخل الأمريكى في "الشرق الأوسط"، قدمت رايس الفرضية التي تقوم عليها نظريتها، وهى: "أن الوضع الحالى ليس مستقرًّا، وأن الفوضى التي تنتجها عملية التحول الديمقراطى في البداية، هي فوضى خلاقة، ربما تنتج في النهاية، وضعًا أفضل من الذي تعيشه حاليًّا". وفى حديثه عن الفوضى الخلاقة حدد "توماس بارنيت"، أحد أهم المحاضرين الرئيسيين في وزارة الدفاع، منطقة "الشرق الأوسط"؛ للبدء بتطبيق الإستراتيجية الجديدة بها، ورأى أن الدبلوماسية لا تعمل في منطقة، لا تكمن مصادر التهديد الأمنية فيها في علاقات الدول البينية، بل هي في داخل دول المنطقة -ذاتها- ثم وصل بارنيت إلى مرحلة الفوضى الخلاقة، إذ تصور شكلًا معينًا لحدوثها، من نوع الانهيار الكبير، أو التفكك الإقليمى. وينظر "بارنيت" إلى التدخل المباشر من قوى خارجية باعتباره العامل المساعد الأعظم من أجل حدوث الفوضى الخلاقة، إذ يقول: "إن الشىء الوحيد الذي سيغير المناخ الشرير، ويفتح الباب لفيضان التغيير، هو أن تتدخل قوة خارجية لتفتح باب التغيير، ونحن الدولة الوحيدة، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي يمكنها ذلك"، ثم يحسم حدود هذه النظرية، بالقول: "إن هدف هذه الإستراتيجية، هو انكماش الثقب، وليس مجرد احتوائه". هذه الفكرة، أكدها "جار هارت"، الخبير في الإستراتيجية والأمن القومى، عندما كتب في كتابه "القوة الرابعة" أنه "يجب على نشر الديمقراطية أن يأخذ في الحسبان هذا العصر الثورى، وأن يأخذ في الحسبان أن الحقيقة الواقعة الثورية السياسية الجديدة، هي سيادة الأمة الدولة"، أي أن مفهوم (الأمة - الدولة)، يجب أن يطغى على مفهوم (الدولة - الأمة)(1). استندت الإستراتيجية الغربية في تحقيق هدفها إلى مرحلتين: المرحلة الأولـــى: تكشَّفت -كما تذهب إليها نظرية الفوضى الخلاقة- في العراق، حيث حقق الأمريكان هدفًا مزدوجًا؛ فقد دمروا جيشًا عربيًّا قويًّا وأشعلوا حربًا أهلية، ودقوا نزاعًا بين السنة والشيعة كان له تأثير سيئ على امتداد المنطقة، كما تدخل الغرب لتقسيم السودان إلى نصفين، وخلقوا دولة جديدة في الجنوب في حالة عداء ومواجهة مع العرب والمسلمين في الشمال، وفى ليبيا، ودمر الناتو جيشًا عربيًّا آخر، حتى إن الأسلحة الغربية غذَّت الخصومة بين الميليشيات المتصارعة التي تقاسمت ما تبقى من الدولة الليبية. المرحلــة الثانيــة: جاءت مع التمويل الغربى للحركات الثورية التي تتكون من ناشطى الإنترنت والمنظمات غير الحكومية وناشطى حقوق الإنسان، الذين ساهموا في تفريخ الفتنة في الوطن العربى، ومع تشظى الأنظمة العربية وسقوطها، جاءت القوى الغربية لتضخيم حالة الاضطراب، وهذه المرحلة تتضمن عددًا من الإجراءات، أهمها: الخروج في تظاهر جماعى، واستفزاز الأمن من قبل عناصر مندسة أو من قبل مخترقين من جهاز الأمن نفسه، سقوط الأمن في انهيار مفاجئ، شيوع الفوضى، هجوم جماعى من الخارجين عن القانون لترويع الآمنين بشكل متزامن في طول البلاد وعرضها، والانقضاض على بقايا من جهاز الأمن وسحقه بشكل متزامن ومترابط، والدعوة لاستمرار التظاهر لتغييب المتظاهرين عما يحدث في الواقع، والدفع ببعض الرموز التي يتعلق بها المتظاهرون لحثه على الاستمرار، واللعب بعقول المتظاهرين وتضخيم دورهم لكى يدفعهم هذا لتوهم أنهم يحصلون على مكاسب، وشغل الجهات القادرة على إحداث التوازن مثل الجيش بقضايا فرعية لشغله عن مهمته الأساسية التي هي الدفاع عن الوطن ضد التهديدات الخارجية، ومحاولة زعزعة النظام والجبهة الداخلية، وإفساد أي محاولات للتهدئة لكى يبقى الوضع كما هو عليه لكى تسقط الدولة في انقسامات مما يؤدى إلى ثورة عارمة(2). من هنا، قرر الغرب وأمريكا الابتعاد عن "القوة الخشنة Hard Power" والاتجاه إلى "القوة الناعمة Soft Power" التي ستمكنها من تنفيذ المخططات بالكامل دون أي خسائر بالأرواح والأموال من جانبها لذلك فقد عمدت إلى تغيير الأنظمة عبر تحريك الشارع العربى من خلال وكلائها والمتدربين على التنظيم السياسي والجماهيرى لديها وكيفية التأثير في الرأى العام وإعداد الدورات والتدريبات خارج بلدانهم للشباب المتطوع من خلال منظمات المجتمع المدنى مثل "معهد انشتاين" لمؤسسه جين شارب Gene Sharp، الذي قام بدور كبير في هذا المجال، من خلال إعداد مجموعة من القيادات الشابة حول أساليب التأثير غير العنيف "كفاح اللا***" كما يطلق عليه، إضافة إلى التدريب على الوسائل التقنية الحديثة في وسائل الاتصال الجماهيرى من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وأكاديمية التغيير برعاية قطرية. لكن الأهم هو ما جاء في مقال المخرج "رواريد أرو" المنشور بإحدى الصحف العربية والذي تحدث فيه عن دور الخبير الأمريكى في الثورات السلمية "جين شارب Gene Sharp" الذي لعبت كتاباته وأفكاره وبخاصة كتابه "من الديكتاتورية إلى الديمقراطية" دورًا مؤثرًا وخطيرًا في تفجير الثورات في العالم، من صربيا مرورًا بأوكرانيا وتايلاند وصولًا إلى إندونيسيا، والذي يعتبر واجهة لجهاز الاستخبارات الأمريكية، تساند هذه التحركات الإعلام المسخَّر والمستأجَر لهذا الغرض لتغطية الأحداث وتقديم الدعم الإعلامي الكامل لهذه التحركات من خلال الفبركة الإعلامية وشهود العيان مدفوعى الثمن(3). وبهذا المفهوم، فإن "الفوضى الخلاقة" استمرت (كأداة) وليست هدفًا، وعندما تتعثر "الفوضى الخلاقة" سياسيا، وهى في بدايتها متعثرة، كما حدث في مصر وأنقذ الجيش المصرى الوطن، فإنها تقرر استخدام وسلوك سبل أخرى بعد التعثر؛ منها: الأعمال العسكرية المباشرة، والأعمال العسكرية غير المباشرة، والضغوط السياسية والاقتصادية، واستخدام (الإعلام) كديكتاتور أكبر يجمل وحشيته، ويعيث فسادًا في العقول ويضع "التشابك والفوضى والتفكيك" كحالة عقلية وفكرية ونفسية أمام الشعوب، ودعم وتزعم معظم حركات المجتمع المدنى من وراء ستار(4). قبل أكثر من ثلاثين عامًا تقريبًا وفى ذروة الحرب الأفغانية الروسية تسرب تقرير استخباراتى أمريكى يقول إن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في التيارات الإسلامية بديلًا محتملًا للحكومات في المنطقة العربية، اليوم وبعد أكثر من عقد من الزمن في محاولة تنفيذ مصطلح الفوضى الخلاقة يجد العرب أنفسهم أمام أزمات فكرية وسياسية وثقافية ساهم فيها الربيع العربى كما يسميه العرب ونظرية الشرق الأوسط الجديد كما يسميه الغرب، ولعل السؤال المهم: كيف استطاع الغرب تمرير هذه الفكرة الاستعمارية مستغلًا جمودًا سياسيًّا وأوضاعًا اقتصادية ساهم هو أساسًا في صعودها؟ في الحقيقة، فإن الواقع السياسي للعالم العربى مقارنة بالغرب يعتبر محفزًا رئيسيًّا للشعوب للمغامرة، تحت أي نظرية يمكن أن تساهم في إحداث التغيير في تلك الدول، ولأن الوعى الفكرى والثقافى عملية شبه مفقودة في عالمنا العربى فإنه أصبح من السهل إيهام الشعوب العربية بأن شكلًا ديمقراطيًّا يشبه الغرب يمكن أن يقوم في المنطقة العربية بمجرد إحداث الفوضى وتغيير القيادات السياسية. ولذلك، فإن نقص الوعى السياسي هو الذي جعل منظمة الإخوان المسلمين تحتل المركز الأول في الاختيارات التي وضعها الغرب لتنفيذ نظرية الشرق الأوسط ولعل الأسباب لذلك كثيرة ومنها: أن تعطش تنظيم الإخوان للحكم يجعل منه مستعدًا للموافقة على جميع التنازلات السياسية وهذا ما حدث فعلًا، فعلى سبيل المثال قامت الجماعة وقبل أن تصل للحكم بعشر سنوات تقريبًا ومن خلال مرشدها في ذلك الوقت مهدى عاكف الذي صرح لوكالة "أسوشيتد برس" بأن الجماعة ملتزمة باتفاقية السلام مع إسرائيل في حال وصولها للحكم (5). إن جماعة الإخوان المسلمين الخيار الأنسب لتحقيق الفوضى الخلاقة بالنسبة للغرب تكشف ضعفًا فكريًّا ساهمت فيه السياسة العربية والتي تعتقد أن تديّن الشعوب الجاهلة هو المسار الوحيد للسيطرة عليها، وهذا خطأ إستراتيجي يصعب الخلاص منه اليوم(6)، كما أنها، على مستوى التنظيم، تأخذ شكل شبكة، وهى منظمة دولية(7) تطرح نفسها بأنها ذات توجه إسلامى، مما يجعلها أداة مناسبة لتنفيذ ذلك المخطط، وفقًا لارتباطاتها السابقة بالإنجليز وغيرهم في تجارب عديدة، ووفقًا لاستعدادهم لتقديم أية تنازلات مطروحة في سبيل ذلك. إن الإخوان المسلمين جماعة تعتمد على هامش كبير من المراوغة والمرونة والتحول، وهى في تنظيمها تشبه نمط الجمعيات الماسونية السرية، فهى أبدت تعاونًا وعلاقات بالمخابرات البريطانية والأمريكية منذ عام 1928، وحسب ستيفن دوريل، مؤلف كتاب "إم آى 6: داخل العالم الخفى للاستخبارات السرية لصاحبة الجلالة"، فإن المخابرات البريطانية نجحت في تأسيس اتصالات وثيقة مع الإخوان المسلمين بعيدًا في الماضى منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين. وبعد الحرب العالمية الثانية حلّت محلها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية CIA دون أن يعنى ذلك بأى شكل تقليص الاتصالات مع البريطانيين، على العكس تمامًا، إذ إن صلات الإخوان مع "سى آى إيه" و"إم آى 6" تعززت عندما وصل جمال عبد الناصر للسلطة عام 1954. وقد استخدمت أمريكا الإسلاميين والإخوان في تحقيق أهدافها في محاربة الاتحاد السوفييتى في أفغانستان في الثمانينيات، وحاربوا روسيا المعاصرة في الشيشان وداغستان، وفى عام 2011 لعب الإخوان المسلمون دورًا فعالًا في القفز على الثورة في مصر وإسقاط معمر القذافى في ليبيا، ثم تعميق الأزمة السورية(8). ولكن لكل ذلك قاعدة قام عليها، فبعد عام 1991، تراجع الإخوان المسلمون إلى الخلفية، وأتصور أن متغيرًا مهمًّا حدث في نفس اللحظة فكّ كثيرًا من الإشكاليات التي كانت تطرحها مسألة السماح للإسلاميين المعتدلين بالمشاركة السياسية وما تثيره من احتمال وصولهم للسلطة في حال حدوث أي انتخابات حرة نزيهة في العالم العربى، وكان المتغير قد فرضه نجاح تجارب إسلامية كانت معتدلة ومقبولة غربيًّا، وعلى رأسها التجربة التركية، وبدرجة أقل التجربة المغربية. هوامش (1) د. سعد بن عبدالقادر القويعى، سياسة الفوضى الخلاقة.. والشرق الأوسط الجديد!، جريدة "الجزيرة". http://www.al-jazirah.com/2013/20130106/ar4.htm (2) مركز الشرق العربى، قسم الترجمة، الإيكونومست، نظريات المؤامرة: المؤامرة الغربية لقهر العرب، السبت 13 محرم 1435. (3) وثيقة إستراتيجية إسرائيلية للثمانينيات. (4) فائز البراز، الفوضى الخلاقة والمجتمعات الدولية، مجلة الطيعة، 27/11/2006، موقع (ديمقراطية شعبية). (5) وهذا ما شرحتْه لاحقًا الرسالة الشهيرة للرئيس محمد مرسي في 19 يوليو 2012م والتي وجهها إلى السيد شيمون بيريز رئيس دولة إسرائيل وعنونها بقوله (عزيزى وصديقى العظيم). (6) د. على بن حمد الخشيبان، نظرية الفوضى الخلاقة.. لماذا اختارت الإخوان المسلمين لتنفيذها؟ جريدة "الرياض". http://www.alriyadh.com/918706 (7) تضمّ في صفوفها حماس في فلسطين، وحزب جبهة العمل الإسلامى الأردنى وغيرهما، ولديها فروع في سوريا والعراق ولبنان والسودان وحتى في دول وسط أسيوية مثل كازاخستان وأوزبكستان. وتمثل مناصبها القيادية ثلاثين بلدًا حول العالم… وهى تعتبر منظمة إرهابية في روسيا والعديد من الدول الأخرى. (8") إيغور إيغاتشنكو، د. إبراهيم علوش (ترجمة)، الصراع المميت في أرض الفراعنة، شبكة البصرة". (تمت ترجمة هذه المادة من موقع "الثقافة الاستراتيجية" الروسى الذي يصدر بالروسية والصربية والإنجليزية، ورابط المادة الأصلية في نهاية الترجمة). Igor Ignatchenko، The Mortal Combat in the Land of Pharaohs، 20/6/2012. http://www.strategic-culture.org/new...-pharaohs.html ![]() |
#13
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
أعانك الله أستاذنا الفاضل
تسجيل متابعة لهذا الموضوعك القيم جزاك الله خيرا وبارك الله فيك |
#14
|
||||
|
||||
![]() الصاعدون فوق رُكام الفوض الإخوان في فراش الأمريكان لتدمير المنطقة العربية لا يمكن أن نبدأ حديثا عن 25 يناير وما حدث في مصر وعدد من الدول العربية بعد ذلك دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث في المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التي رسمت خرائط ما عرف بـ«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب تعلن صراحة عن رغبتها في مزيد من التفتيت للأمة العربية في ضوء اعتبارين، الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذي يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التي ظهرت بوضوح أثناء الحرب، والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا في موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذي مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات ولم يختلف الحال كثيرًا في المغرب التي سار فيها الحزب الإسلامى العدالة والتنمية أيضًا على نفس المنوال، وبدا في موقعه من صفوف المعارضة أنه ليست لديه أي مشكلة بنيوية تجاه الغرب والأمريكان بصفة خاصة، ولم يتردد في التواصل مع المؤسسات الأمريكية المختلفة، وعلى رأسها سفيرها في الرباط الذي لا يرى الحزب حرجًا في استقباله ولقائه علنًا . وإذا أضفنا لهذين النموذجين الإسلاميين المقبولين -في السلطة والمعارضة- نموذج الحزب الإسلامى العراقى الذي كان الحركة السنية الوحيدة التي قبلت بالمشاركة في مجلس الحكم الانتقالى الذي أسسه ورأسه بول بريمر ممثلًا عن سلطة الاحتلال الأمريكى، أمكن لنا أن نؤكد وجود مبررات قوية لأمريكا تدفعها لتغيير موقفها من الإسلاميين، بما يسمح لأن تجيب عن السؤال: هل تقبل أو تسمح بوصول الإسلاميين إلى السلطة في مصر والعالم العربى؟ لتقول: ولم لا؟ إن مأزق الأنظمة العربية أنها فقدت أهميتها لدى الأمريكان، ولم تعد فزاعة الإسلاميين التي كانت ترفعها ذات أهمية، ولم يعد هناك جدوى من تخويف الأمريكان بالنموذج الجزائرى أو من شرور الإسلاميين الذين ربما صاروا الحل الأمثل والرهان الذي يوشك أن يلعب عليه الأمريكان في المنطقة، وهو ما يمكن أن يبينه أي متابع لتقارير جهات بحثية مؤثرة في رؤية الإدارة الأمريكية، مثل مؤسسة راند أو كريسس جروب فهى تكاد تشير صراحة إلى أهمية النظر بعين الاعتبار إلى مشاركة الإسلاميين في اللعبة السياسية. وإذا كانت العقبة في ذلك هي موقف الإسلاميين من إسرائيل، فإننا هنا نميز بين موقفين للإسلاميين : الأول خاص بالحركات الإسلامية في البلاد البعيدة نسبيًا عن المشكلة مثل تركيا والمغرب، وسنلاحظ أن إسلاميى هذه البلاد ليست لديهم حساسية كبيرة تجاه المشكلة الإسرائيلية بما يضر بالسياسات الأمريكية أو يهددها، فهى لم تبنِ شعبيتها في الشارع السياسي على العداء لإسرائيل ولم تربط مشروعها -يومًا ما- بالقضاء على إسرائيل، وأقصى ما كانت تفعله هو التجاوب مع مشاعر الشارع السياسي والتعبير عنها. ويمكن فهم هذا في ضوء الموقف الذي وقفته حكومة الإسلاميين الأتراك من إسرائيل، باستدعاء رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للسفير التركى في «تل أبيب»، احتجاجًا على تصعيد إسرائيل لعمليات تصفية ناشطى الانتفاضة. برجماتية الإسلاميين الأتراك لم تتركنا طويلًا للتعجب، فقد وضح بما لا يدع مجالا للشك أن الموقف التركى ما هو إلا ورقة لم تكلفهم شيئًا في مقابل فوز مرشحهم، أكمل الدين إحسان أوغلو، بمنصب رئيس منظمة المؤتمر الإسلامى، فقد اكتسح الرجل انتخابات المنظمة التي أجريت بعد استدعاء أردوغان للسفير الإسرائيلى بيومين فقط، وهو ما تكرر لاحقًا في رسالة الرئيس المعزول مرسي في خطابه لشيمون بيريز عزيزى وصديقى العظيم فما هي إلا مجرد عناوين تختبئ خلفها أقنعة زائفة أما الثانى، فهو موقف الإسلاميين في مصر وليبيا وغيرهما، فهو موقف يعتمد على إظهار العداء مع ممارسة عكس ذلك، من أجل الحصول على دعم شعبى واتخاذ صورة المدافع والمناضل عن حقوق الشعوب، من أجل اكتساب قاعدة جماهيرية، وفى سبيل الوصول للحكم، وهى ورقة يعرف الأمريكان جيدًا، كيف يلعبون بها العودة لخيار الإخوان بدءًا من عام ٢٠٠٤، بدأ المحافظون الجدد في إدارة بوش الابن، استعادة حماستهم لتشكيل خريطة الشرق الأوسط الكبير والتفكير الجاد في الاستعانة بالإخوان مجددًا، وهكذا حافظ تغيير الرئيس الأمريكى القابع في البيت الأبيض (من بوش إلى أوباما) على هدف واحد، وهو بناء الشرق الأوسط الكبير وهذا ليس مفاجئًا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أعضاء فريق السياسة الخارجية لـ بوش الابن المسئولين عن سياسة التقارب مع الإخوان يمسكون بمناصب مهمة في إدارة أوباما ولهذا، قررت إدارة باراك أوباما أن الإخوان هم الذين يجب أن يحكموا في كل البلدان العربية بعد سقوط حكامها، ففى الواقع يفيد وجود الإخوان الراديكاليين مصالح واشنطن في جعل منطقة الشرق الأوسط أكثر حيوية، فنظام الحكم العسكري المصرى الذي ترأسه حسنى مبارك لا يفيد لتحقيق مثل ذلك الغرض فقد بات «لينًا»، وكفّ عن أن يكون قوة إقليمية ضاربة رئيسية . التحولات الدولية عقب الحرب العالمية الثانية، وانتقال السيادة والزعامة للولايات المتحدة الأمريكية التي ورثت السيادة على دول النفوذ الإنجليزى، ومن بينها مصر وفلسطين والأردن ودول الخليج العربى، ظهرت ملامح الصراع العربى الإسرائيلى، وتكشفت بمرور الوقت محاولات دفع مصر إبان فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر، فيما عرف آنذاك بخطة «اصطياد الديك الرومى»، إلى معارك وبطولات وهمية، مما دفع القوات المسلحة المصرية إلى التورط في المستنقع اليمنى، وإفشال مشروع الوحدة مع سوريا، وكان من نتائجه نكسة عام ١٩٦٧، وازدياد الضغط الأمريكى على كل من الأردن وفلسطين وباقى دول الخليج العربي، مع بوادر الظهور الأولى للثروات العربية، وارتباطًا بذلك، استمرت السياسات الغربية في زرع بذور الفتنة والخلاف بين مصر وباقى دول المنطقة إبان عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، فضلًا عن تدخلها السافر في شئون تلك الدول، من خلال بث بذور الفتنة لإثارة النزاعات الطائفية والدينية والانفصالية بدول المنطقة وفى إطار ذلك المخطط «الصهيوأمريكى» انطلقت القوى الاستعمارية الجديدة لتنفيذ مخططاتها من خلال الضغط على الحكومات العربية والإسلامية واستقطابها في آن واحد وتشجيعها سرا على ممارسة الأنشطة الديكتاتورية، وقمع الحركات الإسلامية، فضلًا عن استقطابهم للعناصر الشبابية من تلك الدول من خلال أعمال استخباراتية، بعضها معلن كشبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، وبعضها غير معلن من خلال تجنيد العملاء من تلك الدول، في إطار معلن هو تعليم الأجيال والشباب ثقافة نشر الديمقراطية بدول المنطقة كما استمرت السياسات الغربية تجاه تفتيت عضد الدول العربية والإسلامية من خلال التخويف المستمر من النشاطات الإيرانية والمد الشيعى في الدول السنية، دونما اتخاذ أي إجراءات دولية ضد إيران، على الرغم من التصريحات الساخنة الإيرانية والأمريكية والإسرائيلية المتبادلة بينهما منذ أكثر من (١٥) عامًا . وكان من أبرز ملامح النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار الاتحاد السوفييتى، تعاظم الدور الأمريكى الغربى في العالم أجمع، وبصفة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط، وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفييتى ودول الكتلة الشرقية في مطلع التسعينيات. قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه الميزانيات التي كانت مخصصة لتفكيك الاتحاد السوفييتى إلى تمويل المنظمات والمؤسسات العلمانية بمنطقة الشرق الأوسط، في إطار محاصرة التيار الإسلامى المتنامى من خلال نشر ثقافة منظمات المجتمع المدنى ومراكز حقوق الإنسان، من خلال تعظيم الأدوار الحقوقية والقانونية للأمم المتحدة بالتواطؤ مع النظام الأمريكى . قصور دور المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) وخضوعها للنفوذ الأمريكى والغربى تصاعدت الأدوار الغربية بشكل عام، وبصفة خاصة الدور الألمانى في ظل تولى الحزب المسيحى مقاليد الحكم بدولة ألمانيا (وهو ما يفسر التقارب الأمريكى الألمانى خلال السنوات الأخيرة ووجود عدد كبير من منظمات المجتمع المدنى الألمانية في مصر كمنظمة فريد رتش ناومن، ومنظمة فريد رتش أبر قيام الولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أطرافها في المنطقة والمتمثلة في (قطر - إيران - إسرائيل) والمؤسسات والعناصر الموالية لها . وتخفيفًا للأعباء التي وضعت على كاهل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تم تفعيل آليات مختلفة لمواجهة التحديات في الشرق الأوسط، خاصة بعد التطورات الطبيعية في النظام العالمى الجديد الذي يتجه حاليًا إلى التعددية، ويلغى فكرة الأحادية، ومن هذه التطورات : عودة العافية لروسيا الاتحادية بعد معاناة سنوات التفكيك، ومحاولاتها احتلال موقع الاتحاد السوفييتى القديم، واستعادة قوتها وارتباطاتها بالعديد من الدول في مناطق إستراتيجية على مستوى العالم، منها الشرق الأوسط، وربما تكون مساندة روسيا للنظام السورى في مواجهة قوى المعارضة في هذا البلد الذي يمثل منطقة مهمة في الشرق الأوسط، هذا إلى جانب مساندة روسيا للبرنامج النووى الإيرانى، والوقوف سياسيًا ضد توجهات الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على المنطقة، كذلك فإن معارضة روسيا لتدخل حلف شمال الأطلنطى إبان الثورة الليبية دليل على عدم ترك أمور المنطقة للغرب، بل إن سياسة روسيا الحالية هي إحداث توازن عسكري، لإيقاف التغلغل الأمريكى في العالم. صعود القوى الناشئة بفاعليتها على مستوى العالم ومحاولاتها الوجود في مناطق إستراتيجية مهمة خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وأهم هذه القوى الصين التي تحقق أكبر مستوى تنمية على مستوى العالم، كما تتجه إلى تحديث قدراتها العسكرية من خلال تكنولوجيا متقدمة في نفس الوقت، ومن خلال القوة الناعمة تمكنت من ربط المصالح الصينية مع قطاعات واسعة في أفريقيا وآسيا، من خلال الاستثمارات الاقتصادية الكبيرة، وفى هذا المجال أيضًا تأتى الهند والبرازيل وتركيا وغيرها كقوى ناشئة تحاول توسيع مجالات نفوذها في العالم، وبما يتطلب رسم سياسات جديدة للنظام العالمى الجديد، بدأته الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل بالتوجه باستراتيجيتها العسكرية نحو بناء قدرات متفوقة في جنوب شرق آسيا والمحيط الهندى، على أن تعتمد في استمرار السيطرة على الشرق الأوسط من خلال حلف شمال الأطلنطى كقوة سياسية عسكرية يلعب فيها الاتحاد الأوروبي دورًا رئيسيًا، كذلك على إسرائيل كقوة ردع تنفذ تعليمات الولايات المتحدة الأمريكية، والمحاربة بالوكالة عنها . إذن، كل الشواهد تدل على أن منطقة الشرق الأوسط ستعود إلى ما كانت عليه إبان مرحلة الحرب الباردة تلعب فيها الاستقطابات دورًا رئيسيًا، ويبحث كل طرف قديم أو جديد على مصالحه الذاتية التي تحقق له استراتيجياته، وأهم إستراتيجيات الولايات المتحدة في المنطقة هي: أمن إسرائيل، تدفق البترول، أمن قناة السويس وارتباط القوى الرئيسية في المنطقة بها. في المقابل، فما يعنى وروسيا الاتحادية في المنطقة هو الوجود بالقدر الذي يؤثر على مصالح الولايات المتحدة، وترنو إلى أن تعود العلاقات القديمة على نمط الاتحاد السوفييتى القديم، بما يجعل مصر مفتاحًا لوجودها في شرق المتوسط، بينما الصين كقوة صاعدة تهدف إلى المنافسة الحقيقية والانتشار في عالم يسوده صراع القوى، وهى تعلم أن أفريقيا هي قارة المستقبل بإمكانياتها والطفرات التي تسود شعوب القارة، وبما يحقق للصين مستقبلًا زاهرًا في تحقيق مصالحها في القارة، واقتسام المصالح مع القوى الأخرى، أما الدول الأوروبية -دول الاستعمار القديم- فهى تسعى بدورها لتثبيت أقدامها في المنطقة فرادى أو من خلال المؤسسة الجامعة، وهى الاتحاد الأوروبي . حرب الشرق الأوسط هنا يأتى السؤال المهم، أين نحن سائرون؟ والإجابة يضعها المفكر الأمريكى «والتر هيبمان»، أمام أعيننا، حين يقول: «إن الدولة تكون آمنة عندما لا تتنازل عن حقوقها من أجل تفادى الصراع، بل إنها يجب أن تلوح بالحرب عندما تتفاوض من أجل تحقيق مصالحها»، وهذا هو مختصر ما يجب أن تسير عليه إستراتيجيات دول المنطقة إذا أرادت لنفسها تأكيد مكانها ومكانتها على خريطة العالم، وربما تكون ثورات الربيع العربى وما أفرزته من قيم ومتغيرات حادة عاملًا رئيسيًا يقود السياسات إلى أن تجد لنفسها المكان المناسب، حيث إن دول الشرق الأوسط لها تاريخها وحضارتها وتعتبر الحضارة المصرية والبابلية والأشورية والفينيقية التي ظهرت على أرض هذه المنطقة هي أقدم الحضارات التي علمت العالم، ويجب أن تعود مرة أخرى لكى تكون المنطقة منطقة إشعاع حضارى مرة أخرى، بما تمتلكه من إمكانيات كبيرة، وهو ما يتطلب بناء القوة الذاتية لكل دولة من دول المنطقة، مع إيجاد صيغة لتجمع إقليمى حاشد، يضم هذه الدول التي تعد مساحتها أكبر من مساحة أوروبا نفسها، في نفس السياق، فإن بناء القوة يحتاج إلى إستراتيجيات مدروسة تخالف تمامًا ما تسير عليه المنطقة حاليًا، خاصة في المجالين الاقتصادى والاجتماعى، بحيث تكون التنمية وامتلاك التكنولوجيا وبناء الاقتصاديات القوية هي الوازع الرئيسى في إستراتيجيات الشرق الأوسط وحتى تقاوم كل ما يقال عن إستراتيجيات الغرب في تفتيت دول هذه المنطقة أو تغيير أيديولوجيتها، لذا، فإن مصر لا بد أن تسارع في العمل لاستعادة قدراتها، حيث إنها القائد الفعلي لمنطقة الشرق الأوسط في نظام جديد مشرف على الأبواب، وهو نظام متعدد القوى، ولو اختلفت قدراتها، ولكنه سوق له استراتيجياته وآلياته التي يجب أن نكون مستعدين لها من الآن . على الجانب الآخر، بات واضحًا أن جزءًا من النخبة السياسية للولايات المتحدة يسعى لدفع «الشرق الأوسط» للسقوط في حرب واسعة النطاق طويلة الأمد في زمن الأزمة الاقتصادية العالمية والهدف هو حل مشكلاتها الخاصة، وتحويل اهتمام الرأى العام في الغرب بعيدًا عن مشكلة انخفاض مستوى المعيشة ونوعية الحياة، لأنه بات من المستحيل المحافظة على «مجتمع الاستهلاك» بحالته السابقة بعد الآن. إن حربًا طويلة الأمد في الشرق الأوسط يمكن أن تعطى دفعة لازدهار الصناعة العسكرية للولايات المتحدة، وعندها يمكن لشركات الأسلحة الأمريكية التي تمارس تقليديًا تأثيرًا كبيرًا على واشنطن، أن تبيع الأسلحة للمتحاربين، وبدورها يمكن لحكومة الولايات المتحدة أن تصبح وسيطًا في محادثات السلام التي تقوى مواقفها في المنطقة. وبذلك، فإن مجيء الإخوان للسلطة في مصر سيؤدى إلى قلبها ضد روسيا والصين والقوقاز الشمالى، وما وراء القوقاز، وآسيا الوسطى، ومقاطعة شينجيانغ (اليوغور) الصينية المستقلة سوف تصبح كلها أهدافًا للإسلاميين الراديكاليين. إن إضعاف الصين هو الأولوية الأولى للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في المستقبل القريب، وأى وسائل يمكن تبنيها لتحقيق الهدف، ولسوف تركز الجهود الأساسية على مد وجود الولايات المتحدة إلى منطقة آسيا- المحيط الهادى، ولهذا ستقوم الولايات المتحدة بالانسحاب تدريجيًا من الشرق الأوسط لكن الدوائر الحاكمة في الولايات المتحدة لا تريد أن تتركه وحده، خوفًا من أن تقوم الصين التي تكثف جهودها لتعزيز نفوذها في المنطقة من ملء الفراغ بسرعة، وإذا كان هدف الولايات المتحدة الأمريكية هو ملء فراغ النفوذ السياسي على المستوى الإقليمى، فليست ثمة أداة أفضل من الإخوان لتنفيذ مُخططات الولايات المتحدة لخلق شرق أوسط كبير |
#15
|
||||
|
||||
![]() الطريق إلى 25 يناير 5 الجماعات الإرهابية في خندق واشنطن لعبة الدوحة بين الإسلاميين والأمريكان لا يمكن أن نبدأ حديثا عن 25 يناير وما حدث في مصر وعدد من الدول العربية بعد ذلك دون أن نتطرق إلى الحديث عن الأجندة الغربية تجاه الشرق الأوسط، والحديث هنا ليس حديثًا ثانويًا يمكن تجاهله أو تناوله بمعزل عما حدث ويحدث في المنطقة منذ سنوات، خاصة تلك التحولات والأحداث التي رسمت خرائط ما عرف بـ«الربيع العربى»، فأمريكا ودول الغرب تعلن صراحة عن رغبتها في مزيد من التفتيت للأمة العربية في ضوء اعتبارين: الأول: يتعلق بإدراكها لقدرات الجيوش العربية وقوتها، ومدى الخطر الذي يحيط بإسرائيل منذ حرب أكتوبر 1973 والموقف العربى الموحد إبانها.. خاصة قوة الجيش المصرى التي ظهرت بوضوح أثناء الحرب. والثانى: هو قيام الدول العربية بتوظيف سلاح النفط للضغط على أمريكا في موقفها تجاه إسرائيل، الأمر الذي مثل دافعًا مهمًا للسيطرة على تلك الثروات. بدأت الإدارة الأمريكية في طرح التساؤل الخاص حول أنجح الطرق لمحاربة المتطرفين، خاصة بعد أن قاموا بغزو أراضيها في سبتمبر ٢٠٠١، وهنا يمكن القول بأن هناك مجموعة من العناصر مهدت الطريق أمام قبول أمريكا التحاور مع الإسلاميين المعتدلين، أولها: أن هناك رموزًا في الإدارة الأمريكية، كانوا مقتنعين بأن تحقيق الحركات الإسلامية لنجاحات متفاوتة في المنطقة العربية، أثبت أنها من أقوى الجماعات المعارضة في أوطانها، وبالتالى فإن نشر الديمقراطية قد ينتج عنه وصول الإسلاميين إلى الحكم.. خلقت هذه القناعة تناقضًا واضحًا لدى الإدارة الأمريكية بين الحفاظ على أمن المواطن الأمريكى من ناحية، والحفاظ على الأمن النفطى الذي يتطلب وجود الأنظمة الحالية، فضلا عن أمن إسرائيل الذي يستلزم معه عدم وصول الإسلاميين للحكم من ناحية أخرى. الإجابة عن هذا التساؤل قادت إلى ظهور أطروحات جديدة، مفادها أن هناك أصواتًا إسلامية يمكن التعامل معها، وازداد نفوذ أصحاب هذه الأطروحات في دوائر السياسة الأمريكية، خاصة أنها استندت في أطروحاتها على المعادلة الثانية التي تشجع الولايات المتحدة على التحاور مع الإسلاميين، ومنها تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وسمعة الإخوان التي استطاعوا الترويج لها عبر عقود من الزمن باعتبارهم جماعة سلمية تنبذ العنف (وهو ما لم يكن صحيحًا في مجمله). ومن هنا كان الترتيب للقاءات تمت في لبنان بين مؤسسة أمريكية مستقلة تعمل في مجال حل النزاعات وترتبط بعلاقات مباشرة بدوائر صنع القرار الأمريكي، وقياديين بارزين من حزب الله وحركة حماس منهم القيادى البارز موسى أبو مرزوق(١). في هذا السياق لم يخف المحلل الإسرائيلى «ناتان جوتمان» في تعليقه بصحيفة «هاآرتس» يوم ٤ مايو ٢٠٠٥ على «المنتدى الثانى للحوار الإسلامى الأمريكي» الذي عقد بالدوحة إعجابه بما يعتبره تحولًا نوعيًا واضحًا في ترتيب الأولويات في الحوار بين النخب الإسلامية والأمريكية، حيث تجنب المشاركون الحديث عن الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، وتركز الحوار على قضايا الإصلاح والديمقراطية، ويذكر الكاتب الإسرائيلى في مقاله أن المنتدى الأول الذي عُقد قبل عامين تحدث فيه المشاركون المسلمون بغضب عن أمريكا، معتبرين أنه لا يمكن أن يحدث تقدم في العلاقات مع أمريكا قبل أن تحل المشكلة الفلسطينية. وفى تعليقه على إعلان مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية «سكوت كيرنباتر»، أن بلاده لا تخشى صعود الإسلاميين للسلطة، أشار «جوتمان» إلى أن الأمريكيين يدركون أن الاستعانة بالإسلاميين المعتدلين لمواجهة «المتطرفين» يحتاج إلى بناء مجتمع مدني، وجهاز قضاء وإعلام وطبقة وسطى وقوات أمن مركزية تقف في وجه المتطرفين، وهذا يعنى أن الطريق طويل أمام هذا المشروع لكى يحقق نتائج (٢).كما أكد على أن نظرة العالم العربى للولايات المتحدة قد تغيرت، بالرغم من حرب العراق، واستمرار الصراع الفلسطينى الإسرائيلي، زاعمًا أن مؤتمر الدوحة الثالث كان المؤتمر الذي شُطبت فيه قضية الصراع العربى الإسرائيلي، والحرب العراقية من طليعة الأعمال لتحل محلها قضية الديمقراطية والإصلاحات في العالم العربي، بما فيها احتمالات وصول أنظمة إسلامية للحكم. ويشير «جوتمان» إلى طبيعة هذا التغير في كل من الموقفين العربى والأمريكي، والذي وضح في هذا المؤتمر من خلال بعض الملاحظات، أهمها: أولًا: هذه هي المرة الثالثة التي يقوم فيها مركز سابان بعقد مؤتمر في العاصمة القطرية الدوحة، حيث يلتقى في إطاره قادة ومفكرون مسلمون وأمريكيون في محاولة منهم لرأب الصدع وكسر الهوة التي نجمت عن عمليات الحادى عشر من سبتمبر بين الدولة الأعظم والعالم الإسلامي (٣). ثانيًا: يعود «جوتمان» إلى المؤتمرين الأول والثانى للمنتدى الأمريكى الإسلامى العالمي، حيث يشير إلى أنهما قد عقدا في ذروة الانتفاضة الفلسطينية، وتميز وقتها بخطابات غاضبة من المشاركين المسلمين ضد نظرائهم الأمريكيين بسبب دعم الولايات المتحدة للجانب الإسرائيلي، مُشيرًا إلى الرأى الذي أصدره المشاركون المسلمون بأنه «لا يمكن التقدم في بناء وتشييد العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الإسلامى قبل حل المشكلة الفلسطينية». أما المنتدى الثالث فكانت أعماله تدور حول قضية الديمقراطية والإصلاحات في العالم العربي، بما فيها احتمالات وصول أنظمة إسلامية للحكم، في حين لم تكن القضية الفلسطينية أو الوضع في العراق على أولوية جدول المؤتمر، وهذا يتوافق مع ما كتبه محرر صحيفة «ديلى ستار» اللبنانية «رامى خوري» من أن مركز الثقل في الجدل الجماهيرى الدائر بين العالم العربى والإسلامى والأمريكيين آخذًا في التغير بصورة تدريجية (٤). مؤسسة راند لعبت مؤسسة «راند»، وهى من أهم مؤسسات البحوث السياسية والاستراتيجية في الولايات المتحدة، دورًا رئيسيًا في التفاهم الإخوانى الأمريكي، وكانت من أهم المراكز البحثية التي ساهمت في حدوث التقارب بين الجانبين - إن لم تكن الأهم على الإطلاق - لأنها مؤسسة تتبع القوات الجوية الأمريكية، وقد أسست لغرض توفير الخلفية المعرفية الإستراتيجية لدور القوات الجوية في أنحاء العالم، ثم تطورت لتصبح مؤسسة مستقلة مع روابط وثيقة بسلاح الطيران، وما يسمى بالمجمع الصناعى العسكري (الذي يشكل دور المحرك في قاطرة السياسة الخارجية والداخلية الأمريكية). أصدرت مؤسسة «راند» في ٢٠٠٥ دراسة شاملة حول «بناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي» شارك فيها أربعة باحثين في مقدمتهم شارلى بينارد وأنجل رابسا ولويل شوارتز وبيتر سكيل. وتنطلق الدراسة من فرضية أساسية مفادها أن الصراع مع العالم الإسلامى هو بالأساس «صراع أفكار» وأن التحدى الرئيسى الذي يواجه الغرب يكمن فيما إذا كان العالم الإسلامى سوف يقف في مواجهة المد الجهادى الأصولي، أم أنه سيقع ضحية للعنف وعدم التسامح. وقد قامت هذه الفرضية على عاملين أساسيين أولهما، أنه على الرغم من ضآلة حجم الإسلاميين الراديكاليين في العالم الإسلامي، إلا أنهم الأكثر نفوذًا وتأثيرًا ووصولًا لكل بقعة يسكنها الإسلام سواء في أوروبا أو أمريكا الشمالية. وثانيهما ضعف التيارات الإسلامية المعتدلة والليبرالية والتي لا توجد لديها شبكات واسعة حول العالم كتلك التي يملكها الأصوليون. وفى نهاية الدراسة يشير الباحثون إلى مجموعة من التوصيات التي يجب على الولايات المتحدة الالتفات إليها ويمكن إيجازها في عدة إجراءات، منها: (٥)، أن تشرع الولايات المتحدة في بناء شبكات من الإسلاميين المعتدلين، وأن يكون ذلك جزءًا من الإستراتيجية الأمريكية الشاملة حول هذا الملف وهو ما يمكن تحقيقه من خلال وجود جهاز مؤسسى يقوم بهذا الجهد، كما أوصت بضرورة اهتمام الإدارة الأمريكية من خلال مبادرة دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط ببناء علاقات مع كل من العلمانيين ورجال الدين المعتدلين والمفكرين والصحفيين والناشطين في مجال المرأة، ووضع برامج محددة في مجالات التعليم الديمقراطي، الإعلام، وجمعيات الدفاع المدنية، وعقد ورش عمل ودورات للمعتدلين والليبراليين والاستماع إلى أفكارهم، وبناء شبكة دولية لربط الليبراليين والمعتدلين الإسلاميين حول العالم ووضع برنامج محدد لتطوير أدواتهم وإمكاناتهم. وقد اعتمدت أوروبا كثيرًا على مثل هذه الدراسات في وضع وصياغة إستراتيجية أوروبية جديدة للحوار مع العالمين العربى والإسلامى وربط الشعوب العربية بأوروبا، تعتمد على فتح قنوات الحوار المباشر مع القوى الإسلامية والمنظمات غير الحكومية، وتركز على مخاطبة أجيال الشباب. ففى أبريل ٢٠٠٥ أعلن السفير د. جونتر مولاك - المفوض الخاص لحوار الحضارات بوزارة الخارجية الألمانية - أن هناك اتفاقًا أوروبيًا على ضرورة إحداث تغيير جذرى في سياسة الحوار المتبعة مع العالم الإسلامى والعربى والهبوط بالحوار إلى مستوى المواطنين، وأهم بنوده تتمثل في إجراءات معينة، منها: - إشراك المنظمات غير الحكومية مع استبعاد المنظمات التي تتبنى اتجاهات وسياسات خارجية. - التركيز على مخاطبة الشباب تحت سن ٢٥ عامًا الذي يشكل نحو ثلثى سكان الدول العربية والإسلامية. - الاهتمام بالإعلام الذي سيلعب دورًا رئيسيًا في عملية إعادة بناء الثقة بين الجانبين، وذلك عن طريق تكثيف الوجود الإعلامي الأوروبي في الشرق الأوسط والأدنى، وتكثيف برامج تدريب الصحفيين والإعلاميين العرب في أوروبا وتنشي ط الحوار الإعلامي. - الاستفادة من عملية برشلونة للمشاركة الأوروبية المتوسطية التي انطلقت عام ١٩٩٥، والتركيز على شبكة الإنترنت كوسيلة للاتصال المباشر بين أوروبا والشباب العربى والمسلم. وبعد انتهاء مؤتمر مغلق في برلين نظمته وزارتا الخارجية الألمانية والبريطانية، قال «مولاك»: إن ألمانيا وأوروبا سوف تهتمان بمخاطبة الأحزاب الإسلامية الجديدة التي تحظى بشعبية في الدول العربية والإسلامية، والتي تسير في طريق العمل السياسي وتنبذ العنف والإرهاب (٦). وقد أقامت «راند» مركزًا دائمًا لها في قطر، كانت مهمته الوحيدة تقريبًا هي الحوار، ثم بناء جسور التفاهم والثقة بين الإدارة الأمريكية ومستشاريها في مجال البحث الإستراتيجي، وبين الإخوان المسلمين في شتى الأنحاء مع تركيز خاص على مصر، وتولت قيادة هذا الجهد السيدة شيريل بينار. وفى يوم ٨ نوفمبر ٢٠١٢ أصدرت «راند» ملخصًا تنفيذيًا لدراسة عنوانها «الإستراتيجية الأمريكية في العالم الإسلامى بعد ١١ سبتمبر»، وتضمن الملخص إحدى عشرة توصية هي على النحو التالى: ١- الترويج لخلق شبكات من الإسلاميين المعتدلين لمكافحة الخطابات الراديكالية. ٢- تخريب الشبكات الإسلامية الراديكالية. ٣- دعم إصلاح المدارس والمساجد. ٤- توسيع الفرص الاقتصادية أمام المعتدلين. ٥- مساندة الإسلام ذى التوجه المدنى (أي الإسلام المعتدل الذي يقبل الحداثة). ٦- تجفيف الموارد المالية للمتطرفين. ٧- الموازنة بين متطلبات الحرب على الإرهاب والحاجة إلى الاستقرار في الدول العربية المعتدلة. ٨- السعى الدؤوب إلى إشراك الإسلاميين في الحياة السياسية لبلادهم وفقًا للقواعد المتعارف عليها، أي الانتخابات، والتعددية. ٩- الارتباط بمسلمى المهجر، وقد استخدمت الدراسة لفظ (الدياسبورا) وهو مصطلح كان يقتصر استخدامه على اليهود الذين يعيشون خارج فلسطين، وترجمته الحرفية هي يهود الشتات، وقالت هذه التوصية نصًا وبالحرف الواحد: «إن جماعات المهجر يمكن أن تكون بوابات إلى شبكات الإسلاميين داخل بلدانها الأصلية، وسوف تكون عاملًا مساعدًا في ترويج ودعم القيم والمصالح الأمريكية». ١٠- إقامة علاقات وثيقة بين العسكريين الأمريكيين والعسكريين في الدول المهمة، واستخدمت التوصية تعبير Military to Military relation وقصد به علاقة لا تمر فقط عبر المؤسسات السياسية في الدول المعنية. ١١- بناء القدرات العسكرية اللازمة. ومن الواضح أن ٩ توصيات من بين هذه التوصيات الإحدى عشرة تتعلق بالإسلاميين، وأنها كلها تدور حول دعم الإسلاميين المعتدلين (وفى قلبهم جماعة الإخوان التي يٌنظر إليها كذلك)، وتهميش وإضعاف المتطرفين. التغيرات الاقليمية شهدت المنطقة العديد من الأحداث والتفاعلات المفاجئة، وعددًا من المحددات التي رسمت ملامح الموقف السياسي والأمنى في المنطقة ككل عكس توازن وصراع القوى في مرحلة شديدة الصعوبة، منها اندلاع أحداث عنف ومظاهرات عارمة بتونس، وما أسفرت عنه من خلع الرئيس التونسى وهروبه إلى المملكة العربية السعودية، وتطور الأحداث بالسودان وانفصال الجنوب واندلاع أحداث عنف على حدود الدولتين ووضع تلك المنطقة داخل بؤرة الاهتمام العالمي، ثم ما تبعه من تزايد حدة التوترات السياسية ببعض الدول من ناشطين سياسيين ضد سياسات الحكومات وظهور بوادر تصعيد بكل من دول (ليبيا - البحرين - اليمن - سوريا - الأردن). بالإضافة لتحركات إقليمية مريبة وتحولات تتمثل في تزايد النشاط الإيرانى الاستخباراتى داخل دول الخليج العربى، وظهور بوادر صراع مذهبى سني - شيعى بين إيران من جانب ودول الخليج العربى بقيادة المملكة العربية السعودية من جانب آخر، فضلًا عن رصد نشاط استخباراتى إيرانى يهدف لتصدير الثورة الإيرانية ونشر الفكر الشيعى بكل من مصر والأراضى الفلسطينية والأردن ولبنان وبعض دول المغرب العربى ودول غرب أفريقيا والساحل الشرقى للسودان في ظل المشروع الإيرانى لإحياء الدول الفارسية، وتعاظم المخاوف لدى الدول الإسلامية السنية من الامتدادات الإيرانية والشيعية بدول المنطقة والتمديدات بكل من سوريا ولبنان وعدد من دول الخليج والدول الأفريقية والعربية وكانت له انعكاسات سياسية واجتماعية بتلك الدول. عامل آخر مهم وهو تصاعد الدور القطرى المحورى في إطار سعيها الدؤوب لتبوؤ مكانة إقليمية ودولية وباستغلال التقارب القطرى الأمريكى الواضح، فضلًا عن رصد وجود تعاون وثيق في عدة مجالات بين دولتى قطر وإسرائيل. تعاظم الدور القطرى خلال السنوات الأخيرة ورصد تعاون قطرى إسرائيلى أمريكى في مختلف المجالات ومحاولة دولة قطر تبوؤ مكانة إقليمية باستغلال تلك العلاقات، وكذا رصد قيام دولة قطر بتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع دولة إيران عام ٢٠١٠. بالإضافة لتصاعد الاضطرابات بالأراضى الفلسطينية وتزايد حالة الانشقاق الفلسطيني - الفلسطينى وعدم قدرة أي من جناحى الخلاف تحقيق تفوق على الآخر يمكنه من توحيد الصف الفلسطينى أمام الرأى العام العالمى والعربى، مما مهد الطريق للدولة الإسرائيلية من تدشين حملة إعلامية ضخمة تشدد على وجود تصعيد عربي - فلسطيني، تجاه الدولة الإسرائيلية بغرض إكساب حملتها التعاطف العالمى اللازم لتحقيق الغطاء على مخططاتها. وما شهده العراق من احتدام الأزمة وتصاعد الصراع المذهبى السنى الشيعى بالأراضى العراقية في ظل الأنشطة الاستخباراتية الإيرانية، والإسرائيلية، والأمريكية، والتركية على أراضيها واستهدافها بالتقسيم. محدد آخر وهو ظهور بوادر للمشروع التركى في حدود الدولة العثمانية القديمة، ومحاولة إيجاد دور تركى قوى بتلك الدول تحقيقًا لتلك الأجندة من خلال العديد من الأنشطة السياسية والاقتصادية والثقافية مع محاولة استقطاب المتعاطفين مع الدور التركى بتلك الدول، وهو ما يفسر الزيارات المستمرة للقيادات التركية للبلاد في أعقاب اندلاع الأحداث. أسلة مشروعة إن ما عٌرف بـ«الربيع العربي» وأحداثه المستمرة حتى الآن، لا يجري، ولا ينفصل، عن مسوغات اجتماعية وسياسية واقتصادية داخليًا وخارجيًا لا تجرى بمعزل عن بعضها البعض بل هناك تأثيرات كل منها على الآخر علاوة على بعض التأثيرات الخارجية الجانبية التي لها دور على مجريات الأحداث، إضافة إلى الصراع العربى الإسرائيلي. وتجدر الإشارة هنا إلى ذلك المسح لاستطلاع الرأى الذي قام به موقع «جوجل»، وتساءل فيه «ما هي برأيك أهم أسباب الربيع العربى وقيام الثورات والانتفاضات الشعبية في بعض الدول العربية؟ وجاءت النتائج على النحو التالى: ١٠.٥٣٪ عدم تطبيق الديمقراطية وتبادل السلطة سلميًا، ١٠.٥٣٪، الظلم والقمع والقهر والاضطهاد من قبل الحكام، ١٥.٧٩٪، الفقر والبطالة والغلاء والركود الاقتصادي، ٥.٢٦٪ طيلة بقاء الرؤساء في الحكم وعدم تحديد فترة الرئاسة، ١٥.٧٩٪ الفساد المالى والإدارى والقضائى في الدولة، ٥.٢٦٪، عدم تطبيق سيادة القوانين على الجميع، ١٠.٥٣٪ إعطاء الشعوب حقوقها التي كفلتها لها القوانين، ١٠.٥٣٪ كراهية الشعوب لحكامها بسبب عمالتهم للغرب، ١٠.٥٣٪ رغبة بعض الأحزاب وقياداتها في السلطة، ٥.٢٦٪ أيادٍ خارجية تسعى لنشر الفوضى والاضطراب فيها. بطبيعة الحال لا تعكس هذه النسب أرقاما دقيقة يمكن أن نقيس في ضوئها الرأى العام العربى تجاه ظاهرة «الربيع»، لكنها يمكن أن تؤخذ بمثابة المؤشر العام الذي يعبر، بشكل أو بآخر عن الاتجاه الرئيسى الذي يحكم الرأى العام العربى في تقييمه لها، ودرجة تفاعله معها، والذي يعتبر أن ما جرى هو حصيلة تفاعل العوامل الداخلية بشكل أساسى، مع أخرى خارجية، ساهمت في إذكاء نيران تلك الأحداث، وتأجيجها. قراءة أولىة لتك النماذج التي تناولت هذه الظاهرة، باحثة عن أسبابها الذاتية والموضوعية، ودوافعها التي تفاعلت مع بعضها البعض على الصعيدين الداخلى والخارجي، تكفى لكى تبرز أمام ناظرى المتابع لتطوراتها، أنها جاءت بفضل عاملين أساسيين متكاملين، ينطلق الأول من عناصر داخلية محضة، أما الثانى فهو خارجى في الأساس، وكانت للمصالح الأجنبية دورها الذي من الخطأ الاستهانة به، في تحريك الدول ذات المصلحة في تشجيع حدوث تغيير في المنطقة العربية، يمكن أن يصب في نهاية الأمر في ترجيح كفة عوامل حماية تلك المصالح (٧). فلقد كانت هناك أسباب موضوعية لذلك، ولكن هناك من مهَّد وأوقد واستغل تلك الأسباب الموضوعية ووجهها لتحقيق أهدافه ومآربه الخبيثة، فلم تكن وحدها هي الأساس، حيث فجأة انطلقت شعوب الشرق الأوسط العربية والإسلامية، أقصد من تونس ومصر والأردن وليبيا واليمن والجزائر والمغرب والبحرين وإيران، وحروب في سوريا وغيرها تلوح في الأفق، وفجأة انهار النظامان في تونس ومصر، وراحت بعض الأنظمة في عدد آخر من الدول المشار إليها تواجه صعوبات في التعامل مع القوى المعارضة لها، وفجأة تحولت الولايات المتحدة والدول الغربية إلى مدافعة عن حريات الشعوب العربية والإسلامية، سواء كانت هذه الشعوب تحكمها نظم حليفة للولايات المتحدة أو نظم معادية لها، وكانت الوصفة واحدةً التي قدمتها الولايات المتحدة وتبعتها أوروبا، بل وتركيا، ومن خلفها أمين عام الأمم المتحدة، كما أن دولًا مثل الصين وروسيا لم ترغب أن تتخلف عن ركب تقديم الوعظ للنظم العربية، وإن كانت الصين وروسيا بلغة مخففة. وفجأة تحولت القوى الإسلامية التي ترفض الديمقراطية وتدعو للنظام الإسلامى إلى دعاة للديمقراطية، وترفض أن تتصدر الحركات الثورية الجديدة في مصر وتونس وغيرهما، وتقبل أن تكون أحد الأطراف وتعلن التزامها بالشراكة مع القوى السياسية الأخرى في المجتمع، سواء علمانية أو يسارية أو ليبرالية، بل إن عالِمًا إسلاميًا بارزًا يخطب في ميدان التحرير بمصر ليعلن في خطبته أنه كان يقول في الماضى أيها المسلمون، والآن يقول أيها المصريون، أي المسلمين والأقباط، وهذا العلامة (يوسف القرضاوي) وأمثاله كانوا، إلى وقت قريب، يدعون على الكفرة والمشركين والنصارى واليهود والمجوس وغيرهم لكى يهلكهم الله ويجعلهم غنيمة للمسلمين. هوامش: (1) إسماعيل مقدسي، حوار إبراهيم غالي، أمريكا تنفتح على الإسلاميين.. ضمان الأمن أولًا، 24 إبريل 2005 (2) نهاد الشيخ خليل، أمريكا والحوار مع الإسلاميين. . إسرائيل حجر عثرة، 15 مايو 2005 (3) الأمر الغريب في منتدى هذا العام ما شهدته الدوحة من لافتات زينت شوارعها تحمل عنوانًا كبيرًا للجهة المنظمة للمؤتمر: مركز سابان في معهد بروكينجز، الذي يحمل اسم المتبرع المركزى والمبادر لإقامة هذا المركز رجل الأعمال الأمريكى الإسرائيلى «حاييم سابان» (4) محمد زيادة، أمريكا والحوار مع الإسلاميين. . إسرائيل مطمئنة، 24 مايو 2005. (5) خليل العناني، دراسة أمريكية حول دعم فكر الإسلام المعتدل، الجمعة 1 فبراير 2008 (6) إستراتيجية أوروبية للحوار مع الإسلاميين، وحدة الاستماع والمتابعة- إسلام أون لاين. نت/ 16-4-2005 السفير جونتر مولاك، المفوض الخاص لحوار الحضارات بوزارة الخارجية الألمانية (7) عبيدلى العبيدلي، الربيع العربى.. الأسباب والدوافع (1)، صحيفة الوطن الإماراتية - العدد 2426 |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|