طلاب المعاهد الأزهرية من منازلهم

[مستر خالد غباشى]

طلاب المعاهد الأزهرية من منازلهم
التلاميذ هربوا إلي الدروس الخصوصية
عمر عبدالجواد
طلبة الشهادة الثانوية بالأزهر لا يحضر أحد منهم والسبب متفرق دمه بين الأساتذة والطلاب. فبينما يؤكد المدرسون أن أولياء الأمور هم السبب حيث يحرصون علي دعم ابنائهم في الاجازة الصيفية بالدروس الخصوصية ويؤكدون أن المراجعة في المنزل أفضل.
يشيرون إلي أن الظاهرة لا تقتصر علي انقطاع طلبة العلمي في الشهادة الثانوية بل الأدبي أيضاً ولم تنج منها المعاهد النموذجية. التي يفترض انها مثال للالتزام بل كانت هي أصل المشكلة.
الطلاب في المقابل رفضوا آراء المدرسين وأكدوا أن مراكز الدروس الخصوصية جعلتهم يستغنون عن تضييع أوقاتهم في الحضور. وبعضهم قال لو كل طالب سأل سؤالاً في الحصة فلن نستفيد شيئاً وتصبح الدروس الخصوصية أفضل حيث يمكن تحقيق الاستيعاب الكامل.
"عقول تتفتح" قامت بجولة علي عدد من المعاهد التقت فيها بالطلاب الذين يحضرون والهاربين أمام أبواب المعهد وكانت المفاجأة ان وجدنا الشيخ سليمان خيري رئيس منطقة القاهرة يقوم بالمرور علي عدد من المعاهد النموذجية التي أكد أن المشكلة تستفحل فيها.
بعض الفصول بمعهد طلعت السيد النموذجي بمدينة نصر كانت خالية من الطلاب تماماً إلا من طالب واحد فقط والصورة لا تكذب ولا تتجمل حيث جلس في الصف الثالث الثانوي أدبي طالب واحد فقط هو اسامة محمد عبدالقادر الذي حضر مادة التوحيد مؤكداً أن اصدقاءه لا يحضرون وانه علي هذه الحالة أياماً عديدة وعندما سألهم عن سبب رفضهم الحضور أكدوا أنهم يكتفون بالذهاب إلي مراكز الدروس الخصوصية حيث تتحقق لهم الفائدة أكثر من حضورهم بالمعهد. وأن ازدحام الفصل بكثافة 28 طالباً سوف تؤثر علي مدي استيعابهم.
أما مدرس المادة الذي جلس في موقف لا يحسد عليه مع الطالب فقط وهو أحمد محمد عبدالسلام فإنه أكد أن الطالب الذي يحضر أهلاً وسهلاً به. أما الذي يتخلف عن الحضور فلن نذهب إلي بيته حتي ندعوه لمصلحته. وكل ماعلينا كهيئة تدريس هو الحضور في المواعيد المحددة بالدقيقة وتحضير الدرس واثبات الحضور وشرح الحصة. والاجابة عن الاسئلة وأي تقصير من المدرس يمكن لإدارة المعهد محاسبة المدرس عليه.
الحال لم يختلف كثيراً في فصول العلمي حيث كانت الفصول شبه خالية سوي من 4 طلاب أو 6 علي الأكثر والغريب أن عدداً كبيراً من هؤلاء الطلبة يحضرون في مركز للدروس الخصوصية خارج المعهد وبالقرب منه وكانوا مرشدين لنا في الوصول إلي المعهد وعندما سألناهم عن سبب تهربهم من المعهد قالوا ماهي الفائدة التي تعود علينا من وراء الحضور.. المدرسون في الداخل يجبروننا علي الدروس وبدلاً من هذا نأخذها عند مدرسين مشاهير يجيدون التخمين في اسئلة الامتحان.
محمد عمران مدرس فيزياء جلس يشرح في فصل الثانوي علمي ولم يحضر سوي 6 طلاب فقط مؤكداً أن حال الطلاب لا يمكن تفسيره حيث ان الشرح متميز ولا يوجد أي قصور ونبذل أقصي طاقتنا لفهم الأسباب والعوامل التي تشغلهم محاولين الاجابة عنها لكنه في الوقت ذاته لا يحضرون وهذا شأن إدارة المعهد مع أولياء الأمور دورنا يقف عند الحضور والشرح والتوضيح فقط.
الطالب مصطفي محمود قال إن الطلاب الذين لا يحضرون من زملائه يبررون ذلك بأن الفائدة لا تتحقق لهم وأن الوقت في المنزل أكثر فائدة والغياب لا يشكل أدني أهمية نظراً لامكانية العودة للمعهد رغم أنف الجميع والقانون حتي لو تم فصلهم فكثير من زملائهم فصلوا السنوات الماضية ولم يمنعهم أحد من دخول الامتحان وبالتالي يجدون الحضور غير مفيد ولا ضار في الوقت ذاته.
اتفق معه خالد محمد فوزي 3 علمي في كون الدروس افضل كثيراً وغياب زملائه مبرر بأن المقررات بالنسبة لهم انتهت ويسهرون حتي الفجر في المذاكرة وينامون للظهر وبالتالي يصعب حضورهم والبعض قد يحضر لكن لأجل الذهاب للمراكز الخاصة. ويقولون إن الفصل مزدحم ولو سأل كل طالب سؤالاً فسوف تنتهي الحصة دون أي تقدم ملموس. والبعض يحضر في أول العام الدراسي وبعد مرور شهر يتغيبون.
قال محمد حسين 3 علمي: توجد مشكلة يعاني منها الجميع من طلبة العلمي وهي تخصيص وقت للمواد الشرعية يساوي تماماً المخصص للمواد الثقافية مع انهم يعتمدون في دراستهم علي الثقافي باعتبار التخصص فيما بعد وبالتالي يعتبر الطلاب أن حضورهم سوف يستهلك وقتهم في مواد نظرية يسهل تجميع مادتها عكس المواد العلمية التي تستغرق في فهمها وقتاً طويلاً وبالتالي يجب علي إدارة المعاهد أن تدرك تلك الاشكالية التي سببت أزمة ابتعاد الطلاب عن الحضور.
أوضح الطالب عمر عبدالعزيز انه يجب مراجعة الأمور التي تتعلق بالمناهج وتوزيع الحصص ومناقشة الطلاب بوضوح حول المسائل التي تخصهم بعيداً عن التنظير الذي يمارسه المتخصصون وهم بعيدون عن العملية التعليمية.
عبدالحفيظ حسن 3 علمي قال: الحضور لا يمكن اعتباره مشكلة علي الاطلاق فالطالب المنتظم سوف يعمل علي ترتيب وقته بين المعهد والمواظبة علي الحضورفيه وبين الدروس الخصوصية أو المذاكرة في المنزل وكل مبررات الزملاء الذين لا يحضرون غير مقبولة علي الاطلاق.. محمد ابراهيم قطب وساري اسماعيل طالبان في فصل لا يحضر فيه أحد بصفة دائمة سواهما يرفضان الغياب لأية أسباب ويؤكدان خسارة زملائهم للمواظبة فالمعهد به تطور خاصة بعد المتابعة المستمرة من المنطقة وهناك بعض المسائل التي لا يتأخر الأساتذة في شرحها وهناك مراجعة مستمرة في الشهور الأولي خلاف المراجعة النهائية آخر العام.
طلبة الثانوية بالمعاهد العامة تركوا الفصول وهربوا منها وجلسوا خارج المعهد يدخنون السجائر وقالوا انهم لا يعنيهم غياب أو حضور ورفضوا الحديث معنا زاعمين بأنه لو وردت اسماؤهم فسوف يتخذ شيخ المعهد ذلك وثيقة لادانتهم والتنكيل بهم وعبر بعضهم قائلاً: خليهم نايمين في العسل وطلب منا البعض أن نترك المشاكل الفارغة ونجلس ندخن معهم ونعمل أحلي دماغ حسب تعبير البعض.
واجهنا شيخ معهد البرموني الذي يفرز تلك النوعية من الطلاب الذي أكد انه قارب علي الاصابة بالجنون بسبب تصرفات التلاميذ حيث يرفضون الحضور ويذهبون للدروس الخصوصية والغريب أن ذات المدرسين الذين يشرحون في المعهد هم أنفسهم أصحاب الدروس الخصوصية.
أضاف انه سوف يمارس الاجراءات المتاحة له بالانذارات والفصل لكن نحتاج لتدخل الإدارة العليا في المعاهد بإعطائنا صلاحيات منعهم من دخول الامتحان بصفة مطلقة حتي يكونوا عبرة لمن يفكر في الهروب.
أما شيخ معهد طلعت السيد الشيخ علي أحمد خليل فأوضح انه مارس الاجراءات المعتادة بالانذارات والتهديد بالفصل لكن ماذا يفعل مع أن أولياء أمور الطلاب من اساتذة الأزهر ومشايخه وطلب منهم الحضور أكثر من مرة لمناقشة مشكلات ابنائهم غير انهم لم يبالوا بالحضور لأمر يخص مستقبل أولادهم ولم نجد حلاً سوي عقد ندوة لجميع أولياء الأمور المشاركين في عضوية مجلس الآباء وغيرهم للتأكد من وصول الانذارات إليهم من عدمه للوقوف علي حل لتلك المشاكل التي لا تنتهي وللأسف فإنهم من اساتذة جامعة الأزهر وقد عمل كل مايمكن حتي يتم جذب الطلاب للحضور سواء من انشطة رياضية أو مسابقات ثقافية وندوات ورحلات إلي أسوان والإسكندرية لزيارة المعالم الثقافية والتاريخية ولكن يبدو أن هذا كله دون فائدة حيث أكد الطلاب معني واحداً وهو عدم وجود رقابة عليهم ولكن لن نتجاوز هذه المرة حيث نفعِّل سلطاتنا علي الطلاب المتجاوزين.
عرضنا تلك الأوضاع المتردية علي الشيخ سليمان خيري رئيس منطقة القاهرة الأزهرية الذي أكد أن هذا أصبح ظاهرة في عدد من المعاهد سواء العامة أو النموذجية وانه يتابع ذلك بنفسه ويفاجئ ادارات المعاهد ويعاقب النائمين في العسل حيث يجب الا نحمل الطالب المسئولية كاملة فلو فعل كل معهد وإدارته الجزاءات والفصل وكان بكل دور موجه يتابع سير العمل والغياب والحضور لما وصل الحال إلي تلك الكارثة.
قال: اكتشفت المصيبة اثناء جولة المرور علي المعاهد بالصدفة حيث دخلت في أحد الفصول فوجدت طالبين فقط فظننت انهما هاربين من فصلهما وتبين لي أن الطالبين هما الوحيدان الموجودان بالفصل فثارت ثورتي وسوف نوقع عقوبات علي شيوخ المعاهد الذين لا يستحقون إدارة شئون طلاب الأزهر. فالإدارة إذا كانت ناجحة فسوف تنجح كافة العوامل التابعة لها.
أكد أن الطالب المفصول لن يدخل الامتحان حتي لو وصل الأمر إلي القضاء ونحن نتصرف في حدود القانون الذي يعطينا تلك الصلاحيات وتم التنبيه علي إدارات المعاهد بإرسال دعوات لأولياء الأمور في ندوة يتم تنظيمها داخل المعهد وسوف أحضرها لنناقش أسباب عزوف الطلاب عن الحضور وما إذا كان هناك عيوب في شرح الأساتذة أو غير ذلك من الأسباب حتي تكون جزاءاتنا مناسبة. وقد اطلعنا فضيلة الإمام الأكبر د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر علي المشكلة والحلول حتي يكون الجزاء الموقع منا حاصلاً علي تأييد فضيلته.
وقال الشيخ سليمان ان الطلاب يسهرون طوال الليل وينامون كما روي بعضهم ويتكاسلون عن الحضور. وبعضهم يأتي وبدلاً من دخول المعهد يذهب للدروس الخصوصية والمراكز وسوف نناقش ذلك مع الطلاب أيضاً لمعاقبة المقصرين سواء مدرسين أم شيوخ معهد. الجزاءات حاضرة ولن نتهاون.