أسماء علم التوحيد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) ( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ، أما بعد ..
فسوف نبد اليوم بإذن الله تعالى سلسلة جديدة ، موضوعها يدور حول تقسيمات التوحيد عند أهل السنة والجماعة وتقسيمات التوحيد عند المخالفين لهم ، وذلك لأن كثيرا من المسلمين صنفوا التوحيد تصنيفا ما أنزل الله به من سلطان ، وهذه التصنيفات تصنيفات عقلية ، مبنية على آراء كلامية ، أو أصول فلسفية ، أو مواجيد ذوقية ، تعبر عن شطحات الصوفية ، ومناقضة في أغلبها للنصوص القرآنية والنبوية .
وكثير من الأسئلة التي تتردد على أذهان طلاب العلم ، وتتطلب الإيضاح والفهم ، مثل الحديث عن أنواع التوحيد ؟ هل هي نوعان أو ثلاثة ؟ وهل كانت أنواع التوحيد معروفة في عصر السلف وفي زمن خير القرون ؟ وكيف ظهرت هذه الأنواع ؟ وما هي الأسماء التي ورد بها كل نوع في تراث السلف ؟ وما هي العلة التي دعتهم لهذه التصنيفات ؟ وما الفرق بينها وبين تقسيم الطوائف الأخرى للتوحيد ؟ وما الذي يكفي المسلم من القواعد المختصرة المفيدة ، التي تحافظ على عقيدته في كل نوع من أنواع التوحيد ؟ وكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها على الأذهان ، تفتقر عند أغلب المسلمين إلى الإجابة والبيان ، ومن هنا سنبدأ سويا مستعنين بالله في بيان هذا الموضوع ، لأن التوحيد هو أول واجب على السالكين في مدارج الإيمان ، وثمرة التوحيد الإخلاص والمتابعة التي توجب القبول والغفران ، وهذه هي الغاية التي خلق من أجلها الإنسان ، وقد قال الله عز وجل في القرآن : ( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ ) ، فمعرفة المؤمنين لربهم يمثل أساس عقيدتهم ، ومفتاح سعادتهم ، وباعث الخشية في عبادتهم .
واليوم نبدأ بإذن الله في ذكر المقصود بالتوحيد ، ما المقصود بالتوحيد ؟ المتوحد في اللغة هو المنفرد بوصفه المباين لغيره ، يعنى له صفة لا يشاركه فيها أحد ، فالله عز وجل متفرد بالرحمة العامة والخاصة فهو الرحمن الرحيم ، ومتفرد بالملك والعزة والجبروت وله الكبرياء ، وهو الخالق الباريء المصور ، وهو الغفار القهار الوهاب ، وهو الرزاق الفتاح العليم وهو السميع البصير وهو الحكيم العدل ، وهو اللطيف الخبير الحليم العظيم ، وهو العلى الكبير وهو الحق المجيد وهو الغني القوي ، الولي الحميد ، والمحيي المميت ، وهو الحي القيوم ، وهو الواحد الأحد الفرد الصمد ، وهو الأول الآخر والظاهر والباطن .
والمقصود بتوحيد المسلمين لربهم أنهم أفردوا الله عن غيره بما ثبت له من أنواع الكمالات في الربوبية والعبودية والأسماء والصفات ، فهو وحده رب العالمين وهو وحده المستحق للعبادة ، وقد أمر الله عباده بترديد هذه الشهادة في كل ركعة من الصلاة : ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ، وهو المتوحد في أسمائه وصفاته كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) ، فهم يؤمنون بأنه سبحانه وتعالى منفرد بالخلق والتدبير وإليه يرجع الأمر والتقدير ، فلا معين له ولا ظهير ، ولا وزير له ولا مشير ، فشهدوا ألا إله إلا الله وأنه لا معبود بحق سواه .
|