اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > إبداعات ونقاشات هادفة

إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ...

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-12-2009, 07:41 PM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 17
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي الغرباء

الغرباء
لملمته دروبها الحزينة في صمتها وظلامها..
جثم على رئتيه هواؤها المشبع بالقهر..
وفوق ترابها الأسير، تردّدت خطواته الرتيبة التي بدت كأنّها تحرّك أشلاء وليس جسدا ينبض بالحياة.
لم يعد يحلم منذ أن جاء الغرباء..
أنفاسهم العطنة تفسد المذاق البكر للحياة، وأحذيتهم الثقيلة لا تفرّق بين الحصى والبراعم وأحلام الصغار.
في كلّ بيت منهم جرح، ما بين القتل والإهانة والاعتقال.
وها هم أولئك يجرجرون صديق عمره، مكبلا بالقيود ويلقونه في شاحنتهم وينطلقون إلى المجهول.
وهو يعرفه: لم يكن أكثر من فنان يحلم.
أنّى له إذن أن يدبر عمليات المقاومة ضدّهم كما يزعمون؟
ولكنّهم لا يحتاجون إلى دليل.. وشاية أيّ حقير تكفي!
لو أنّ صديقه فعلا قد تغلب على رهافة حسّه وانتمى للمقاومة، لما اندهش!
***
لم يعد يحلم منذ أن جاء الغرباء..
لأنّه ببساطة: لم يعد ينام!
جلس في عتمة الليل مسندا ظهره إلى الحائط المواجه للباب، ويده تلوذ بمسدسه الصغير.
كلّ ليلة كان ينتظرهم.. كان يعرف أنّهم سيأتون.
ليس بيته أوّل أو آخر بيت يدنسونه، وهو لا يمكن أن يسمح لهم بهذا.
هذا آخر مكان يمكن لهم أن يطأوه وهو على قيد الحياة.
نهض ليتأكّد من أنّ صغيره قد غفا في حضن أمّه.
ثمّ عاد ليجلس في مواجهة الباب.
***
انتفض فجأة في ذعر عندما شعر بتلك اليد على كتفه..
ولكنّ زوجته ربتت على كتفه وسألته بإشفاق:
- ألا يجب عليك أن تريح جسدك المنهك؟
شعر بالغضب من نفسه.. يبدو أنّ سِنَة قد أخذته فغفا لحظة.
رفع لها عينين حمراوين خجلتين، وأراد أن يقول شيئا.
ولكن شيئا ما اضطرب في ذهنه فجأة ومادت به الأرض.
أغمض عينيه وهزّ رأسه بعنف ثمّ فتحهما.
كابوس هو حتما.
كان ذلك العلج ينتزع صغيره المذعور من حضن أمّه، وآخر يتقدّم نحوها.
انتفض نحوهما.. فقط ليكتشف أنّ وغدين يشلان حركته تماما، وأنّ يديه مقيدتان خلف ظهره.
خفق قلبه بسرعة والذهول يكتنف عقله.
كابوس هو؟.. أليس كذلك؟
عدّة ليالٍ لم ينم.. لعلّه سقط في النوم رغما عنه، وتجسدت مخاوفه في صورة هذا الكابوس.
صرخت زوجته صرخة مذعورة، فانفجرت كلّ أفكاره، وتهاوت عن مشهد ذلك العلج وهو يعتدي على عِرضه.
هزّ رأسه غير مصدّق.
هذا كابوس.. كابوس.. كابوس.
ردّدها لنفسه مرارا دون جدوى.
سنوات من الذكريات تداعت في ذهنه في ثانية واحدة.. كلّها أكّدت له أنّهم يقتلون أجمل ما فيه.
هنا صرخ صرخة مريعة، وتملّص من العلجين اللذين يكبلانه بقوّة لم يتوقعاها.
واندفع رغم قيوده لينقذ عرضه.
ولكنّ ذلك العلج الذي كان يمسك صغيره تركه واعترض طريقه.
صدّم العِلج بقوّة، فدفعه للخلف ليصطدم بالحائط.. ولكنّ زميليه انقضا عليه من الخلف وشلا حركته مجدّدا.
لم يستسلم.. زأر في جنون وحاول التملص منهما.
ولكنّ ضربة بسلاح أحدهما على رأسه أنهت كلّ شيء!
***
لم يمت.
حتّى الموت ضنّوا به عليه!
أفاق ليجد نفسه ملقى على أرض بيته المدنس، وبقعة من الدماء متجمدة على رأسه.
وتناهى إلى مسامعه صوت عَبرات تسيل على خدّ امرأته.. أحرقت كالنار قلبه.
ولكنه لم يلتفت.
لم يعرف ماذا يمكن أن يحدث لو التقت عيناه بعينيها في تلك اللحظة.
لم يكن يريد أن يرى فيهما رجولته التي انكسرت.
ولم يعرف كيف غادر بيته.
ولا كيف عادت تلملمه دروب بلدته الثكلى في صمتها وظلامها.
جثم على رئتيه هواؤها المشبع بالقهر..
وفوق ترابها الأسير، تردّدت خطواته الرتيبة التي بدت كأنّها تحرّك أشلاءً وليس جسدا ينبض بالحياة.
لم يعد يحلم منذ أن جاء الغرباء.. ببساطة: لأنّه كان يعيش كابوسا مزعجا بلا انتهاء.
كان عقله يحترق..
قلبه يحترق..
كِيانه يحترق..
أحس أنّه لو لم يُخرج هذه الطاقة كلّها سينفجر.
ولهذا انطلق يعدو فجأة.
انطلق بسرعة محمومة، قفزت بدرجات قلبه إلى الذروة.
وكلّ ما كان في ذهنه ساعتها، صورة حِصان بريّ يمزّق قيوده وينطلق كالرياح.
انطلق يعدو ويعدو..
يعرقله هواؤها اللزج ولكنّه يعدو..
يجثم عليه القهر والقيد فيعدو..
تبتلعه غُصص الظلام، ويضلّله الليل إلا إنّه ظلّ يعدو..
لم ينتبه إلى أنّه يتجه إلى منطقة محظورة..
أوّ أنّه انتبه ولم يبالِ..
ومنذ متى كانت هناك مناطق محظورة عليه في بلده؟
ومن أعطى للغرباء الحقّ أن يحدّدوا ما هو مسموح وما هو محظور؟
ازداد غضبه، فازدادت سرعته.
تجنّح الحصان في ذهنه ليحلّق في سمائه الأبيّة، حول المآذن الشامخة.
إنّه حرّ..
لم يكن يوما عبدا لهم.. ولن يكون.
سُحقا لهم وسَحقا.
***
فجأة اختلّ توازنه..
شيء ما عرقله، فسقط في عنف وتدحرج أرضا..
زأر الغضب في أعماقه، ونهض يهدر.
ولكن رجلين ملثمين كبلا حركته وكمّما فمه وجذباه قسرا إلى بيت قريب.
وبينما يلهث في غضب نظر إليهما.
شيء ما في نظرة أعينهما هبط بردا وسلاما عليه.
تبادل معهما النظرات لحظات في صمت.. ثمّ مدّ أحدهم إليه يده بمدفع رشاش، قائلا:
- لعلك كنت تبحث عن هذا!
***
عرف أخيرا من هو وأين تقف دوريته..
ذلك الحقير الذي ذبح عرضه.
وجد أربعتهم معا.. عند ذلك الحاجز الذي يمزّق أرضه الحرّة، يدخنون ويتبادلون نكاتا بذيئة وضحكات ماجنة.
كان يقترب، فأشاروا له بالتوقّف، وهم يشهرون أسلحتهم في تحفز.
لم يبد على أحدهم أنّه تذكّره، فلا ريب أنّ الجميع لديهم بلا ملامح!
توقّف وهو يرفع يديه عاليا، ليقترب منه ذلك الذي ذبح عرضه.
لم يكن يحلم بأكثر من هذا.
في سرعة البرق لوى معصمه لينتزع خنجرا أخفاه في كمّه، وبضربة واحدة كان يغمده في عنق ذلك العلج.
لم يكن متوحشا.. ولكنّه أقسم في نفسه إنّه لم يرَ في حياته أبدع من جحوظ عيني هذا الدنيء وهو يحدقّ فيه في ذهول ويجاهد لارتشاف الهواء.
وصرخ الجنود في ذعر وصوّبوا أسلحتهم نحوه.
ولكنّه لم يأبه بهم.. بل حرّك خنجره فجأة بعنف ليبتر ذلك الرأس عن منبته، ليسقط متدحرجا على أرض تكرهه.
هنا أفاق الجنود من ذهولهم، وهتف واحد منهم:
-أطلقوا النار.
ولكنّ النار انطلقت عليهم من كلّ صوب، فحصدت اثنين منهم، بينما احتمى الثالث خلف الساتر.
ومع دويّ الرصاصات، تصاعدت صفارات الإنذار وسمع هدير مركبات تقترب، وجنود يهرولون إلى الموقع.
ولكنّه بدلا من أن يهرب، قفز صوبهم.
استقبلته رصاصاتهم، فلم ترهبه، ولم يشعر لها بألم في ذراعه ولا في ساقه ولا في صدره.
كان فاقد الإحساس إلا بكرامته..
وبذلك الحزام حول وسطه.
وفي قفزة أخيرة سقط خلف الساتر، فصرخ العلج الرابع في هلع، وهو يجده أمام وجهه.
وفي قسوة نظر في عينيه وهو يجمجم:
- إلى الجحيم.
ودوّى انفجار عنيف، ليجتث كلّ العلوج من فوق أرضه الطاهرة.
***
نظرت للرأس المبتور في احتقار، ثمّ بصقت عليه وألقته ليتدحرج بعيدا.
ولجمت دموعها بقوّة فولاذيّة.. فليس في يوم كهذا تسكب الدموع.
إنّها اليوم عروس بطل.. عروس شهيد.
مات ليعيد لها شرفها السليب.
امتلأ قلبها بصورته، ورفّت بسمة حزينة على شفتيها.
كان أجمل شيء في حياتها.. وسيظل.
اتجهت إلى صوانها وأخرجت كوفيته، وأشارت لصغيرها فاقترب منها..
لفّتها حول عنقه باعتزاز.
لم يمت البطل بعد.. ما دام هناك بطل من صلبه ينتظر دوره ليخضب بدمائه أرضه الحرّة.. أرض آبائه وأجداده.
إنْ هذه إلا بداية.
مجرّد بداية.
واحتضنت بطلها في قوّة.
***
محمد حمدي غانم
29/1/2004

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-12-2009, 02:28 AM
الصورة الرمزية noda 2000
noda 2000 noda 2000 غير متواجد حالياً
عضو ممتاز
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
العمر: 32
المشاركات: 253
معدل تقييم المستوى: 16
noda 2000 is on a distinguished road
افتراضي

جميله أوى يا مستر
ثانكس على التوبيك
__________________
لو أنك لا تصادق إلا إنسانا لا عيب فيه...........
لما صادقت نفسك أبدا
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-12-2009, 12:54 PM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 17
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي

noda 2000 :
العفو.. شكرا لتقديرك.

وأهمس في أذنك اكتب بالفصحى أفضل، من هذه العامية الخواجاتية.
تحياتي
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 27-03-2010, 04:55 PM
الصورة الرمزية Egypt for Ever 25
Egypt for Ever 25 Egypt for Ever 25 غير متواجد حالياً
عضو قدوة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 2,537
معدل تقييم المستوى: 18
Egypt for Ever 25 is on a distinguished road
افتراضي

شكرا لحضرتك علي الموضوع المميز

في انتظار المزيد من ابداعات حضرتك المتميزة
__________________

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-03-2010, 12:57 AM
أنت___عمري أنت___عمري غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 120
معدل تقييم المستوى: 16
أنت___عمري is on a distinguished road
افتراضي

يا ربي لكم أسرتني كلماتك وكم جعلتني اشعر بالأسر الكبير الذي نحيا فيه
فمتى ننطلق؟
ومتى نفيق؟
ومتى ننقض على من باتوا يهددون كرامتنا وعرضنا
بارك الله فيك يا أخي
__________________
أحب الشتا واحب امشي تحت حباته
واعشق الليل وياما ناداني سكاته
وبسمع الموال ليله وعينه آهاته
يعني بحب الجمال بكل آياته
ويدوب تكوني جنبي انسى الشتا والليل
وانسى غنا المواويل انتي يا قلب جميل
بيكي الربيع نور واتفتحت ورداته
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29-03-2010, 12:48 AM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 17
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي

الأستاذة f ـ أنت عمري:
شكرا لمتابعتكما..
وأدعو الله أن يغير الأحوال إلى الأفضل.
تحياتي
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 30-03-2010, 02:23 AM
الصورة الرمزية الأستاذة ام فيصل
الأستاذة ام فيصل الأستاذة ام فيصل غير متواجد حالياً
مدير الأقسام العامة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 16,530
معدل تقييم المستوى: 10
الأستاذة ام فيصل is just really nice
افتراضي

هذه صوره من الاف الصور والمذابح والوحشيه وتدنيس الاعراض للارض الطاهره
وطني العراق مهد الحضاره ارض الانبياء منبع العلم والادب والشعر والادباء والشعراء
بجد كلماتك اوجعتني والمني وابكتني
شكرا لقلمك ولضميرك الحي
تقبل تحياتي
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 31-03-2010, 07:19 PM
الصورة الرمزية م. محمد حمدي
م. محمد حمدي م. محمد حمدي غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
العمر: 47
المشاركات: 114
معدل تقييم المستوى: 17
م. محمد حمدي is on a distinguished road
افتراضي

نغم محمد:
أدعو الله أن ينصر المقاومة الباسلة ويحرر العراق الأاسير، وينتقم من أمريكا والخونة والعملاء.
تحياتي
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:40 AM.