|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
درس
سرت معهن تجاه المكان المخصص للدرس ، خطوات رضا و ثقة حيث يتبدد القلق من ضياع الحقوق ، جلسنا ننتظرها .... تذكرت أياماً كان لي فيها شغف بقراءة كتاب الله. ذاكرتي القوية تعي ما أقرأ ، فأحفظ ما وسعني إلى ذلك سبيل، أنهي اشتغالي بأشغالي لأقرأ و أحفظ . ثم جاء الغول، عصرت الحمى عضلات جسدي و أعصابه و تركت هباءة من قوة و إدراك و وعي، أضغاث أحلام ، لا فهم و لا إدراك ، تسللت رويداً فسلبت بضع أيام كل شهر ثم اشتدت فخطفتها من كل إسبوع. ثم احتلت جسدي و لم تبق ِ مني سوى بضع ساعات من يقظة كل أسبوع. لم أبال ِ بمعظم ما أخذت، فقط روعتني حين سرقت كنزي ، جردتني من الغنى و ألقتني في أرض الفقر ، ما اعتز به من نفسي، أتيه به على أقراني، أقول يكون لك شأن بفضله: عقلي و نباهتي و ذاكرتي، ما ظننت أنني أحسن به ، عكفت على القرآن و الشعر و ما يزعمون أنها كتب لأدباء عظام حشوتها به ، أنظر إليه يتبدد فتملأني الحسرة فتترك أثراً أصعب من المرض ، تمر السنون و تتراكم العقود و أنا في أرض التيه. تتبدل الأيام ،ألمح إشارات في طريق آخر, سلكته .. ينتهي بي إلى طبيبة تعالج بعلاجات غير تقليدية تنقلني من عالم الأموات لعالم الحياة ، يلفظني الحوت فأرتمي بوهن على شاطئ النجاة. استجمع قوتي و استطلع عالم الأحياء و أحن لأيام كنت بها أحفظ ممن حولي، بعض بقايا إرادة تسندني فاتجه للفصل و أعزم أن ألملم بعض جواهري .. أعيدها لصندوقها. لفتت انتباهي فور دخولها ، ملامحها السمراء الهادئة ، جنان ثابت و جلباب واسع أسود ، طرحة بيضاء أبرزت ملامح وجهها الرقيق. تتلو علينا الآية من سورة يوسف فنردد وراءها نسترجع أحكام التجويد و معاني الآيات الكريمة. تشع عينيها نوراً خاصاً ألمحه إذ تلقي الآية. جلسنا نحفظ السورة و نلقيها، يتهامسن فيما بينهن و ينقل الهواء اللطيف همساتهن لأذني. لم تعجبها فعلة يعقوب، كيف فضل يوسف على إخوته ، هو من بذر الشقاق بينهم ! يوسوس خاطر لي أنه لا يملك أمر قلبه. تشع عيناه إذا نظر إلى من يحب. تنضح أعضاؤه بالمودة له و تنطق بها فعاله، لم يكلف الله نفساً إلا ما تطيق. دوري ، سأتلو بعضاً من آيات السورة مما حفظته. _ الله اللطيف الخبير ، جامع الناس ليوم لا ريب فيه ، رب الملك و الملكوت اجمع علي ضالتي اطمئنان قلبي بذكرك و صوتي يلقي كتابك. و ثبّت حفظاً لم يتقنه قلبي. قرأت حزن يعقوب إذ يأخذون ابنه الأثير بعد يوسف "قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً إنه هو العليم الحكيم. و تولى عنهم و قال يا أسفي على يوسف و ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم. قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين. قال إنما أشكو بثي و حزني إلى الله و أعلم من الله ما لا تعلمون" الآيات 83 إلى 86 من السورة تركتني أمضي فتوقفت حيث انتهى الحفظ . قالت : سرحت مع صوتك، أثقلته المشاعر ، أجل ، هو نفس الوجع و نفس الحنين ، و أنين تردد ليل نهار ، و بكاء كاد يذهب ببصري مثله ، و رغبة فيما لا سبيل إليه عند البشر . و تطلع للمولى أن يحضره لي كما جمع يعقوب بابنه. بشر من خير خلق الله ابتلاهم المولى و مايز أقدارهم و رفعهم على العالمين و شاب نشأ في طاعة الله بعيداً عن أبويه لم تفتنه الدنيا فضـّل السجن على كسر حدود الله. تجلدي يا نفس فهذا خبر امتحان بشر كرام ، يخبرك صواب الإجابة عنها ، تعلمي علك تصيبي بعض نجاحهم ، و يؤول حالك إلى ما وصلوا إليه. كيف فقدتهم؟ .. اغتربوا و هم حولي ، لا أذكر كيف بدأت تلك الهوة ثم ازداد تيهنا ، نبحث فلا نرى اجتماعنا... مرضي أعجزهم فتفرقوا و تغيروا مثلي. كلهم مرضوا معي على نحو ما ... بل كنا مرضى قبل هذا البلاء ، فجاء قاسياً كالكي و كان شفاء. رفعت رأسي من المصحف أنتظر أن تصحح لي أخطاء القراءة ، فاجأني ردها: أحبك في الله. ثم استدركت : أحبكن جميعاً و لكنني أخصك بمعزة خاصة. بدأت أنسج من جديد ، خيط شفيف جمع غريبتين ، ألف بين قلبين ، شعور مماثل و متبادل، لا لن أجيب و لو أن ما بي هو ما قالت ، لم ألتفت لتلك المشاعر إذ تحدثت. انشغلت بفتح ملف جديد ببعض تلافيف مخي لأسجّل قصة حب جديدة ، لنخُط لها نهاية سعيدة هذه المرة . تآلف يرضي البر الودود . غشيت اللحظة سكينة ، ليتوقف الإحساس الآن كي أصون اللحظة أمداً أطول . وعدت أن تساعدني في استعادة ما تسرب من عقلي من كتاب الله و فعلت . *************************** اليوم تلوت عليها سورة الإسراء مكتملة ، كانت جزءاً من ملفات ذاكرتي ، استبد بها القلق فألقاها بعيداً ، شددت حيلاً يكاد ينقطع لكثرة الشد شهرين متواليين فاستعدتها . صوتي يفيض ثقة و دفء و نباهة ، لنصف ساعة كنت فصيحة و جميلة ، كل ما تمنيت أن أكونه في عمري المديد ، تجسد لبضع دقائق ! *************************** |
العلامات المرجعية |
|
|