مصر و قانون المتوالية الفكرية
قانون المتوالية الفكرية:
حين تطالع الكتب المعنية بتأريخ الأفكار والمذاهب والمقالات الفلسفية المنقولة عن سائر الأمم فإنك كثيراً ما تصيبك الدهشة من غرابة بعض الأفكار والمقالات في صورتها النهائية وتناقضها مع بدهياتٍ ظاهرة, فيأخذك التساؤل: كيف وصل أصحابها إلى مثل هذه القناعة الغريبة؟! وكيف غابت عنهم الأمور الواضحة؟!
الواقع أن كثيراً من الأفكار والمقالات الممجوجة في صورتها النهائية, أو المتناقضة مع أبجديات الوحي والعقلانية إنما بدأت بالتزام "مبدأ نظري" معين دون الاستكشاف المسبق لكافة آثاره النهائية ولوازمه ومؤداه, وفي ثنايا سجالات الفرقاء ينجرف صاحب المقالة إلى الالتزام التدريجي لمقتضيات هذا المبدأ بهدف الاحتفاظ بعنصر الاطراد وعدم التناقض, فيتجارى به ذلك حتى يصل إلى مستشنعات ما ظن أنه سيصل إليها يوماً ما, وهو ما يمكن تسميته قانون "المتوالية الفكرية".
وقد كان الإمام ابن تيمية كثيراً ما يشير إلى هذه الظاهرة العلمية لتطور الأفكار في ثنايا مناقشاته للمقالات الفلسفية كما يعبر مثلاً بدقة بالغة فيقول:
(فاحتاجوا أن يطردوا أصول أقوالهم التي احتجوا بها لتسلم عن النقص والفساد, فوقعوا في أنواع من رد معاني الأخبار الإلهية وتكذيب الأحاديث النبوية) درء التعارض (7/106)
من بحث غير منشور
للدكتور ابراهيم السـكران
|