حاكم البلاد

[أحمد علي]

كان حاكم البلاد ينظر من شرفات قصره علي المظاهرات الكبيرة التي تحيط بقصر الحكم وحرس القصر يحاول ابعادها بصعوبة ، وأثناء مشاهدة الحاكم لذلك رجعت الذاكرة به عدة سنوات وتذكر أن نفس هذا الشعب كان يهتف بحياته ، فماذا حدث للشعب ، هكذا سأل حاكم البلاد نفسه : هل أنا الذي تغيرت أم الشعب هو الذي تغير ، وتذكر الحاكم بدايات حكمه للبلاد عندما كان الشعب يحبه ويهتف بحياته وكان يقوم بمشروعات وانجازات تخدم الشعب ، ثم بعد أن تقدم به العمر وأصبحت صحته علي غير مايرام نصحت زوجة الحاكم زوجها بأن يفوض أبنهما في بعض شئون الحكم لكي يخفف عنه الأعباء ، ثم مالبثت زوجة الحاكم أن نصحته بأن يعد أبنهما لحكم البلاد من بعده وفي بداية الأمر رفض الحاكم هذا الموضوع ثم مالبث رجال ) بطانة ( القصر أن زينوا للحاكم بأن يقبل بهذا الأمر وبعد الحاح كبير قبل حاكم البلاد هذا الأمر ، وتذكر الحاكم أنه أهمل البلاد وشئون العباد وترك معظم أمور الحكم لأبنه الذي أحاط نفسه ببعض رجال الأعمال الفاسدين بالتعاون مع رجال القصر الذي لم ينقلوا لحاكم البلاد الصورة كاملة عن أحوال البلاد ، فعم الفساد في البلاد وأنتشر الظلم والقهر وسوء المعاملة من رجال الشرطة لأفراد الشعب ، وزاد الفقر والأمراض بين أفراد الشعب وكثرت المشكلات كالبطالة وهجرة الشباب بحثا عن الأرزاق وغرقهم في مياه البحر، وارتفاع سن الزواج وقلة شقق الأسكان ، واحتكار بعض رجال الأعمال لبعض الصناعات ، وغلاء الأسعار وقلة المرتبات وسوء الأوضاع الأقتصادية للبلاد ، وكذلك تزوير الأنتخابات ، وتذكر حاكم البلاد أنه أضاع الفرصة تلو الأخري للأصلاح في البلاد ، ثم أفاق حاكم البلاد من ذكرياته علي صوت قائد الجيش يقول له أن عليه أن يتخلي عن الحكم الان وفورا قبل أن تقتحم جموع الشعب الثائرة قصر الحكم ويحدث مالا يحمد عقباه ، ورضخ الحاكم لذلك وهو مرغم ، ثم صعد إلي طائرته مع أسرته ، وهو يبكي علي ضياع تاريخه ويلوم أسرته علي التسبب في ذلك ، ويلوم نفسه علي انعزاله عن شعبه واستهانته بهم ) تمت (