|
استراحـة المنتـدى منتدى يختص بتبادل الترحيب والتهنئة والتعزية بين الأعضاء |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشكر والثناء الصادق !! يحافظ على الود وما الذي يلجم أفواهنا أو أقلامنا أن تشكر صحفياً أو كاتباً على حبه للفضيلة , ودفاعه عنها ؟الثناء الصادق المعتدل مما يشعر الإنسان بقيمته , ويهزه إلى المكارم هزاً , فيقوده إلى الصفح , والعفو , و إحسان الظن , والبذل . كما أنه دليل على كرم سجية المُثْنِي , وعلى بعده عن الأثرة والشح ؛ فهو من قبيل الكلمة الطيبة , و الكلمة الطيبة صدقة . كما أن له ارتباطاً بخلق كريم ألا وهو الاعتراف للمحسن , وعدم غمطه حقه , ولا ريب أن هذه المعاني من أعظم ما يرتقي بالمشاعر , وينهض بالهمم , ويحفظ للناس أقدارهم , وينأى بهم عن السفاسف و المحقرات بل إن كرام الناس إذا مدحوا أبت لهم هممهم أن يكونوا دون ما مدحوا به . بل إن الثناء الصادق مما تنشرح له صدور العظماء , ويشعرهم بصواب ما هم عليه , ويقودهم إلى مزيد من الخير و الإحسان , ويسد عليهم باب الكسل الذي يواجههم به المخذِّلون , و المبالغون في النقد . ولهذا سلكت هداية القرآن الكريم هذا المهيع , فكم هي الآيات التي ورد فيها الثناء من الرب الكريم جل وعلا على بعض عباده الصالحين ؟ إنها كثيرة جداً , منها قوله تعالى في الثناء على نوح عليه السلام : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) الإسراء : 17 . وقوله تعالى في حق إبراهيم عليه السلام : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ) هود : 75 . وقوله في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “4″) القلم . أما السنة النبوية فحافلة بهذا المقام ؛ ولو ألقيت نظرة في دواوينها , وفي كتب المناقب منها على وجه الخصوص لرأيت عجباً , وإليك هذين المثالين فحسب : جاء في صحيح البخاري عن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال , أو بسبي فقسمه , فأعطى رجالاً وترك رجالاً , فبلغه أن الذين ترك عتبوا ؛ فحمد الله , ثم أثنى عليه ثم قال : ( أما بعد , فوالله إني لأعطي الرجل , وأدع الرجل , والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي , ولكن أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهم من الجزع و الهلع , وأَكِل أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغني و الخير , منهم عمرو بن تغلب ) فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم . فانظر إلى هذا الثناء , وانظر إلى أثره في نفس عمرو بن تغلب رضي الله عن حتى استغنى أن يطلب مالاً ؛ فكانت هذه الكلمة أحب إليه من حمر النعم , وهي أَنْفَسُ ما تملكه العرب . وجاء في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمنيت أن أرى رؤيا ؛ فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكنت غلاماً شاباً , وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني , فذهبا بي إلى النار , فإذا هي مطوية كطي البئر , وإذا لها قرنان , وإذا فيها أناس قد عرفتهم ؛ فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار , قال : فَلَقِيَنا ملك آخر , فقال لي لم تُرَعْ . فقصصتها على حفصة , فقصَّتْها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي من الليل ) . فكان عبدالله بَعْدُ لا ينام الليل إلا قليلاً . فهذه أمثلة يسيرة من السنة , و المقام لا يحتمل الإطالة في ذلك , وإنما هي إشارات يتبين من خلالها أن الثناء الصادق سنة متبعة , وأن له آثاره الحميدة . ولهذا تتابع السلف الصالح على هذا الخلق النبيل , فلو نظرنا في سير أكابرهم لرأينا ذلك واضحاً ؛ فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول : ( كان معاذ بن جبل أمة قانتاً لله حنيفاً , ولم يكن من المشركين ) تشبيهاً له بإبراهيم الخليل عليه السلام _. فهذا الثناء من ابن مسعود رضي الله عنه دليل على إنصافه , وزكاء نفسه ؛ فمع أنه من أكابر علماء الصحابة , ومع أنه أسبق إسلاماً وأكبر سناً من معاذ , إلا أنه لم يجد في نفسه عضاضة من الثناء عليه , وإنزاله منزلته اللائقة به . وهكذا كان شأن الصحابة رضي الله عنهم وبمثل هذا الخلق النبيل سادوا , وارتفعوا , فكانوا خير أمة أخرجت للناس , وكانوا أكثرهم اتفاقاً ووئاماً , وأقلَّهم خلافاً وتفرقاً . وهكذا درج من جاء بعد الصحابة على هذا المنوال ؛ فهذا الإمام أحمد رحمة الله يقول : ( أتدري مَن الإمامُ ؟ الإمام سفيان الثوري , لا يتقدمه أحد في قلبي ) . وقال : ( قال لي ابن عيينة : لن ترى بعينك مثل سفيان ) . وهذا سفيان الثوري رحمة الله يقول : ( كان إبراهيم بن أدهم يشبه إبراهيم الخليل , ولو كان في الصحابة لكان رجلاً فاضلاً ) . ويقول أيضاً في ابن المبارك رحمة الله : ( إني لأشتهي أن أكون من عمري كلِّه أن أكون سنة مثل ابن المبارك ؛ فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام ) . وقال علي بن زيد : حدثني عبدالرحمن بن أبي جميل قال : ( كنا حول ابن المبارك بمكة , فقلنا له : يا عالم الشرق حدثنا ـ وسفيان قريب منا يسمع ـ فقال : ويْحَكُم ! عالم المشرق و المغرب وما بينهم ) . فها هم أفاضل السلف يشهد بعضهم لبعض , ويُثني بعضهم على بعض دونما تحرج أو غضاضة ؛ فماذا كان النتيجة ؟ لقد رفعهم الله جميعاً ؛ وربما كان إعجابنا بالشاهد المادح أعظم من إعجابنا بالمشهود له الممدوح ؛ لأن شهادته لِقِرْنِهِ تدل على ساحة طاهرة , ونفس زكية . وهذا مما يرقى بالذوق , ويسمو بالهمم , ويرتقي بالمشاعر , ويقضي على روح التشاحن و البغضاء . قيل لأعرابي : ( من أكرم الناس عِشرة ؟ قال : من إذا قرب منح , وإذا بعد مَدَح , وإن ضويق فسح , فمن ظفر به فقد أفلح ونجح ) . من ما ينبغي التنبيه عليه مراعاة الفرق بين المديح المنضبط المعتدل الصادق , وبين الإطراء الكاذب الممقوت ؛ كمن يقول في ممدوحه : ما شــــئت لا ما شــــاءت الأقــــدار فــــاحكم فأنـــــت الواحــــــد القهـــــــار وكحال من يقول لما حصل زلزال في مصر في أحد السلاطين : ما زُلْزِلت مصر من كيد يراد بها لكنها رقصت من عدله طربا وكذلك ينبغي مراعاة التوازن في المديح ؛ لأن من الناس من يزيده المديح إقبالاً وجداً ، وفضلاً ونبلاً ، ومنهم من يبعث فيه المديح غروراً ، وطيشاً ، وتيهاً ، وعتواً ، ونفوراً . وهذا راجع إلى حكمة الإنسان , ومعرفة طبائع النفوس ، وربما كان الفصل بينهما رهينَ كلمة مدح مقدرة أو مبالغ فيها . وبناءً على ما مضى كله ؛ فلماذا لا نأخذ بهذه الطريقة الحكيمة النبيلة ؟ لماذا لا نأخذ بها إذا وقفنا أمام الناس لنعظهم ؛ فنبدأ بالثناء عليهم ثناءً متزناً ؛ كي نهيئ نفوسهم لقبول ما نقول ؛ إذ لا شيء يهز أعطافهم كالثناء عليهم خصوصاً إذا كان من غريب ؟ وما الذي يضيرنا إذا رأينا إنساناً محافظاً على الصلاة , أو براً بوالديه , أو واصلاً لأرحامه , أو متودداً لجيرانه أن نذكره بعظم هذا العمل , وأن نشكره عليه , ونوصيه بالاستمرار على ذلك ؟ وما الذي يمنعنا إذا رأينا من أحد طلابنا جداً و نشاطاً و أدباً أن نشعره بالرضا و الفرح , و الدعاء ؟ وما الذي يمنعنا إذا رأينا معلماً مخلصاً في عمله , حريصاً على طلابه أن نَشُدَّ على يده , أن نشكره على إخلاصه و حرصه ؟ بدلا من تخذيله , وإشعاره بأنه إنسان ساذَج يقوم بأكثر مما طلب منه . وما الذي يضيرنا إذا رأينا خطيباً مصقعاً يهز أعواد المنابر , ويحترم عقول المخاطبين , ويحرص على تحرير خطبه , وإلقائها في أثواب ملائمة أن نشكر له صنيعه , ونشعره باستفادتنا منه , وتقديرنا له ؟ وما الذي يضيرنا إذا رأينا أو سمعنا عن طبيب حاذق يتمتع بخلق فاضل , وصبر على مراجعيه , وحرص على سلامتهم و عافيتهم أن نبدي له إعجابنا و شكرنا و دعاءنا ؟ ولماذا لا نزجي الشكر والثناء لمسؤول أصدر قراراً فيه نفع للمسلمين , أو فيه فتح لباب خير , أو إغلاق لباب شر ؟ ولماذا لا نعتاد تقديم الثناء , و الشكر لمن أسدى إلينا معروفاً ولو قَلَّ ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من صنع إليكم معروفاً فكافؤوه فإن لم تجدوا ما تكافؤونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( من صُنع إليه معروفٌ , فقال لفاعله : جزاك الله خيراً فقد أبلغ في الثناء ) . يقول سفيان الثوري رحمه الله : ( إني لأريد شرب الماء , فيسبقني الرجل إلى الشربة , فيسقينيها ؛ فكأنما دقَّ ضلعاً من أضلاعي لا أقدر على مكافأة لفعله ) .وقال أبو هاشم الحراني : ( من طباع الكريم وسجاياه رعاية اللقاءة الواحدة , وشكر الكلمة الحسنة الطيبة , و المكافأة بجزيل الفائدة ) . وبالجملة فباب الثناء و الشكر باب واسع لمن أحسن الدخول فيه , ومسلك جميل للتعبير عن المشاعر , والحفاظ على روح الود , والنهوض بالهمم . وإن الذي يُلحظ في أحوال بعضنا أنه لا يحفل بهذا المسلك الرشيد , مع أنه سهل ميسور , محمود العواقب , كثير العوائد . بل إننا مستعدون للنقد , و المجادلة , و الرد أكثر من إستعدادنا للشكر و الثناء الصادق مع أن الثناء الصادق مقتضى العدلِ , بل و الإحسانِ . والعاقل لا يعدم خصلة خير ينفذ من خلالها إلى قلب من يريد هدايته , أو كسبه , أو تقليل شره , أو زيادة خيره . بل إن المبادرة بالنقد , و النظر إلى زاوية الخلل ـ إبتداءً ـ قد يكون سبباً لرد الحق , و ذريعة للتمادي في الباطل ؛ فلو أنك بادرت شخصاً بالنقد و الثلب لربما أراك أو أسمعك من سوئه ما لم يكن في حسبانك و لسان حاله يُنشد : ………………………….. أنا الغريق فما خوفي من البلل
__________________
اطلبوا العلم، فإن عجزتم فأحبوا أهله، فإن لم تحبوهم فلاتبغضوهم هيا بنا نتعلم الديمقراطية ![]() <!-- Facebook Badge START --><!-- Facebook Badge END -->
آخر تعديل بواسطة محمد حسن ضبعون ، 06-03-2012 الساعة 06:13 AM |
العلامات المرجعية |
|
|