ليس غريبا علي جماعة مثل الإخوان المسلمين أن تشق الصف الوطني وتغير مواقفها السياسية تبعا لمصلحتها الحزبية الصرفة فهذه الجماعة البراجماتية منذ تأسيسها وهي تنهج هذا النهج مع جميع القوي السياسية ، ويأتي ذلك علي خلاف المعلن من أهداف الجماعة وسياستها فإن كان المعلن أنه جماعة دعوية تسعي للارتقاء بالمجتمع سلوكيا إلا أنها بممارستها كانت دائما تؤصل الكذب والخداع والنفاق والجمع بين المتناقضات في سبيل الوصول لمآربها ، وليس أدل علي ذلك من اتفاق الجماعة مع حزب الوفد وتحالفها معه ، ثم اتفاقها مع الملك فاروق في ذات الوقت عندما كان الصراع علي أشده بين الوفد والملك وهذا ليس سعيا لتقريب وجهات النظر ولكنه كان سعيا للابتزاز السياسي والاستفادة من الصراع لجلب مصالح حزبية للجماعة ولكن سرعان ما انكشفت الجماعة وفقدت ثقة الجانبين ، بل وأصبحت العدو الأول لهما وانتهي الأمر بالصدام والدخول في دائرة العنف ومقتل النقراشي ، والخازندار وغيرهما ، وانتهي الأمربمقتل حسن البنا الذي قالوا بأن الملك والإنجليز واليهود وقوي الاستعمار الإمبريالية هي التي قتلته دون أن يقدموا دليلا واحدا علي ذلك ، في حين أن هناك دلائل قوية تشير إلي قيام أفراد التتنظيم الخاص بقتله بعد الصدام بينهم بعدما تفرقت المصالح داخل الحزب الذي أطلق علي نفسه مصطلح الجماعة ليدخل السياسية ممتطيا الدين حتي ينفذ للناس من عواطفهم وليس من عقولهم ،وبعد قيام الجيش بالانقلاب العسكري علي الملك فاروق كان الجيش يحتاج إلي تأييد شعبي يضفي الشرعية عليه فلم يجد وسيلة تحقق له ذلك سوي الإخوان بما لها من شعبية في الشارع وكانت هذه فرصة عظيمة للإخوان كي يحققوا مشروعهم الإصلاحي إن كان هناك مشروعا أساسا ولكنهم تحالفوا مع المجلس ظنا منهم أنه لا يفهم في العمل السياسي وأنهم قادمون للحكم لا محالة فسال لعابهم علي السلطة وساعدوا المجلس علي حل الأحزاب السياسية ثم انقلب عليهم بعد أن وجدهم لايريدون المشاركة في الحكم بل يريدون الاستحواذ عليه وهذا يتعارض مع رغبة المجلس العسكري ( أقصد من سموا أنفسهم بالضباط الأحرار) ، وانتهي الأمر بالصدام بعد أن قامت الجماعة بفصل بعد أفرادها الذين شاركوا في الحكومة علي غير رغبتها بعد رفض المجلس لشروطها ، وكان علي رأس هؤلاء الشيخ ( محمد حسن الباقوري) وانتهي الأمر بحل الجماعة وإجراء المحاكمات العسكرية والتصفيات لقيادات الجماعة واستمر الوضع إلي عهد السادات ، الذي دعمهم في البداية حتي يستطيع القضاء علي المد الشيوعي واستخدمهم أسوأ استخدام ثم انقلب عليهم وانتهي الأمر بالدخول في دوامة العنف والزج بهم في السجون ثم مقتل السادات ، وفي عهد حسني مبارك لم يختلف الأمر كثيرا بيد أنه أخذ شكلا أكثر تنظيما واتفاقا علي قواعد اللعبة إلي أن قامت ثورة الخامس والعشرين من يناير فتلكأت الجماعة في إعلان تأييدها ثم بعدما تكشفت الأمور واتضح لهم أنها ثورة شعبية بالفعل قفزوا مسرعين إلي قطار الثورة وتصدروا المشهد وبعد تنحي (حسني مبارك) كانوا أول من ترك موقعه وهبطوا إلي الأرض لجمع الغنائم وتحالفوا مع المجلس العسكري ضد باقي القوي الوطنية ، لأنه أقنعهم أنه غير راغب في السلطة فأرادوا أن يستخدموا المجلس العسكري في القضاء علي باقي القوي الوطنية حتي ينفردوا بالسلطة ولم يفطنوا أن المجلس يستخدمهم للهدف ذاته ولم يتعلم الإخوان من تاريخهم شيئا وتعاموا عاما رآه الجميع واضحا جليا ولكن أطماعهم أعمتهم عن رؤية الحقيقة الجلية ، لذا فليس مستغربا أن ينقلب الإخوان علي المجلس العسكري ويصطدموا ببعضعهم البعض بعد أن تكشفت نوايا كل طرف للطرف الآخر فليس مستغربا إذن أن ينقلب الإخوان علي الاستفتاء الذي دفعوا الناس إليه دفعا مستغلين ضعف الوعي لدي شريحة كبيرة من المجتمع (بالسم الذي وضعته لجنة الإخوان والمجلس العسكري في الخديعة الدستورية) ، وليس غريبا أيضا أن نجد منهم من يصف المادة 28بأنها لعينة ، وليس مستغربا أيضا أن يكون لهم مرشحين للرئاسة أحدهما أساسي والآخر احتياطي ثم ينقلب الحتياطي أساسيا ،أي أنهم يحاولون أن يأتوا لنا برئيس له أكثر من رئيس ، ولم لا يصبح ( آية الله محمد بديع) مرشدا لجميع المصريين وليس للجماعة فقط علي أن يكون خيرت الشاطر صدرا أعظم للخليفة المنتظر، وليس مستغربا أيضا أن تتخلص الجماعة من كل صوت عاقل واع وسطي ، ينادي بالإسلام دينا وعقيدة وروحا سمحا بين الجميع وليس مطية لتحقيق المآرب السياسية لذا ، فالجماعة التي انقلبت علي مرشدها( حسن البنا،وحسن الهضيبي) ليس مستغربا أيضا أن تنقلب علي مؤسسها الثاني عبد المنعم أبو الفتوح لأن طرحه الوسطي وفهمه العميق للإسلام وفصله بين العمل الدعوي والأداء الحزبي لا يعجبهم , ودائما كان الصوت المتشدد هو المسيطر علي جمهور الجماعة الذي يغيب عنه الكثير من أسرارها ، لذا نجد أن ( عبد الرحمن السندي وعبد الفتاح إسماعيل ، ثم خيرت الشاطر ومحمد بديع) هم أصحاب الكلمة المسموعة والصوت العالي دائما
وأخيرا ( إذا لم تستح فاصنع ما شئت)