|
المواضيع و المعلومات العامة قسم يختص بعرض المقالات والمعلومات المتنوعة في شتّى المجالات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() المقالة التالية من مجلة المختار الأمريكية عدد مارس 2001
نادوا دكتور كارسون أمه لم تكن تقرأ ، لكنها عرفت أن الكتب ستأخذه في أنحاء العالم في عام 1963 كنت في الصف الخامس الإبتدائي و كانت درجاتي بائسة . الأمر أنني لم أعي كفاية لأبالي بالدرجات الدراسية. رحل والدي عن البيت منذ زمن بعيد . و كنت أقيم ، أنا و أخي الأكبر كيرتس مع والدتي في بيت متداعي في حي فقير بمدينة ديترويت الأمريكية. كنا فقراء ، لكن أمي وفرت لنا الطعام لأنها كانت تعمل في ثلاث وظائف مختلفة بتنظيف البيوت . لكنني و أخي كنا صغارا و لم نعي شقاءها لتوفير احتياجاتنا الضرورية. كانت حياتنا عبارة عن العودة من المدرسة للعب كرة القدم أو السلة ثم مشاهدة التلفزيون في منزلنا. لم يلزمنا دليل لبرامج التلفاز لأنني و أخي كنا نحفظها عن ظهر قلب لكثرة ما شاهدناها لساعات متواصلة. ذات يوم ، غيرت أمي حياتنا للأبد حين أغلقت التلفاز . دفعها لذلك درجاتي المدرسية السيئة. رغم أن أمي لم تكمل تعليمها لأبعد من الصف الثالث الإبتدائي إلا أنها كانت نبيهة و ذات فهم عميق كما أنها لاحظت شيئا هاما في البيوت التي كانت تنظفها في الضواحي الأكثر غنى و هو الكتب. لذلك أغلقت أمي التلفاز و أخبرتنا أن ابنيها سينجحان في الحياة. ثم أمرتنا أن يقرأ كل منا كتابين كل أسبوع و أن نكتب تقريرا عن الكتب التي قرأناها. تضايقنا و تذمرنا كثيرا و اشتكينا أننا لا نملك كتبا. لكنها أشارت للمكتبة العامة و قادتنا إلى هناك. في المكتبة اخترت كتابا عن حيوان القندس الذي يبني سدودا في المجاري المائية. كان الكتاب ممتعا فشعرت أنني صرت جزءا من عالمه. التلفاز لم يمنحني هذا الإحساس من قبل. كلمات الكتاب أخذتني من مكاني إلى نهر بارد أتابع حيوانات تبني بيتها و رسمت صورا لذلك كله في مخيلتي و التلفاز لا يفعل ذلك. بعد قليل صرت أتطلع للذهاب للمكتبة العامة و قراءة الكتب المختلفة. اكتشفت عالم الدينوصورات و الفرق بين الزواحف و الثدييات . كما اكتشفت أنني أحب القراءة و أنني اكتسب معلومات كثيرة من الكلمة المقروءة أكثر مما اكتسبه من الصور و الأصوات في التلفاز. انتقلت من الحيوانات إلى النباتات . و بعدها طالعت كتب الجيولوجيا عن الصخور. ثم ملأت صندوقا بالصخور المختلفة و كنت أقارنها بما عرفته من الكتاب كي أتعرف على أسمائها و أنواعها. بين دفتي كل كتاب عالم فريد شغلني و ملأني علما و فهما . هذا ما لاحظه أساتذني بالمدرسة و امتدحوني لأجله. بعد زمن ، لانت أمي لنا و أذنت بمشاهدة التلفاز لساعات قليلة كل أسبوع ، حينها أيضا أدركنا أن أمنا كانت أمية و لم يكن بوسعها قراءة تلك التقارير التي كتبناها عن الكتب. بعد زمن أكملت أمي تعليمها و حصلت على شهادة الثانوية العامة. أخي كرتيس صار مهندسًا. أما أنا فأرأس قسم جراحة الأعصاب للأطفال في مستشفى جون هوبكنز في بالتيمور بالولايات المتحدة. بعض الأحيان لا أصدق رحلة حياتي حين أستعرضها في عقلي ، من طالب خائب و غير مبالي إلى طالب يحظى بمنحة دراسية من جامعة يال الأمريكية لتفوقه في الثانوية العامة ، إلى جامعة ميشيغين لدراسة الطب إلى هذا المنصب الذي جعلني أسافر في أنحاء العالم كي أحاضر و أجري العلمليات الحرجة. لكنني أعرف متى بدأت تلك الرحلة ، إنه اليوم الذي أغلقت فيه أمي التلفاز و قادتنا إلى المكتبة العامة. |
العلامات المرجعية |
|
|