في فترة الخلفاء الراشدين كان يجوز للرعية " الصحابة " الاعتراض علي قرارات الخليفة الراعي " الحاكم " .. فمثلا نجد عمر بن الخطاب يعترض علي حروب الردة في عهد الخليفة أبي بكر الصديق .. ثم نجد الصحابة يعترضون علي واقعة قتل مالك بن نويرة ... وهو ما يؤكدا أنهم كانوا يتعاملون مع الخليفة أبي بكر باعتباره ممثلا للسلطة السياسية فقط وليس باعتباره ممثلا لأي سلطات دينية ..!
ومن ثم فإن الاختلاف مع الحاكم في الرأي لم يكن يمثل خروجا علي الدين أو مخالفة له .. وهذا مما يعني علمانية الحكم الإسلامي في تلك الفترة ..!
أما فيما بعد الخلفاء الراشدين وبداية عصر من خلفاء بني أمية... بدأ تمييز الحكام ومحاولة إضفاء رداء ديني علي تصرفاتهم وتصويرهم باعتبارهم امتدادا للنبي عليه السلام.. وقد ظهر ذلك جليا في استخدام ألقاب مثل خليفة الله، وأمين الله... وقد تنامت ظاهرة الخلط بين السلطة السياسية والفكر الديني في الدولة العباسية خاصة فيما يعرف بمحنة "خلق القرآن" عندما تبني الخلفاء فكرة معينة تقول إن القرآن مخلوق ومن يعارضها يتعرض للتعذيب والتصفية مثلما حدث مع الإمام احمد بن حنبل... كما ظهر ذلك الخلط أيضا عندما تبني أمراء المماليك في مصر والشام أراء تخالف الفقيه الشهير ابن تيمية وحبسوه عدة مرات عقابا لذلك الخلاف. والأمثلة في هذا المجال كثيرة كثيرة ..!!
والغريب أن البعض يصر إصرارا لا رجعة فيه أن الحكم في الدول الإسلامية التي عقبت فترة حكم الخلفاء الراشدين كان حكم إسلاميا .. والأغرب أن بعضهم يود الرجوع إلي تلك الفترات .. أملا في التقدم .. مما يتنافي مع أبسط قواعد المنطق : التقدم للأمام لا يكون بالرجوع للخلف ..!!
" حليم "