|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
فضيلة الشيخ حامد بن عبدالله العلي
دروس وعبـر من هجرة سيّد البشـر صلّى الله عليه وسلّم الحمدلله ...في الهجرة النبوية دروس عظيمة ، يتعذّر إحصاؤها ، وذلك أنها كانت معركة الإسلام التي سبقت معركة بدر العظمى ، إذ كانت بين جيشين ، جيش الكفار من قريش ، وجيش محمد عليه الصلاة والسلام ، وأمّته . ذلك أنَّ الصديق الأكبر رضي الله عنه كان هو كـلُّ أمّة الإسلام ، فهو الذي إذا وُزن بالأمّة رجَح بها كما صح في الحديث ، ولهذا إختاره صلّى الله عليه وسلم للهجرة ، ليكتـمل فيها ، وبهما ، تمثـُّل أوّل معارك الإسلام ، ولهذا قام أبوبكر الصديق رضي الله عنه بكلّ ما تقوم به الأمّة في معركة الهجرة ، فأدى عنها كلَّ واجباتها ، وكان أحقَّ بذلك ، وأهل لذلك، رضي الله عنه ، وأرضاه ، وجزاه عن أمّتنا ما يجزي صدّيق عن أمّته . ألـم تروْا كيـف وصف الله تعالى الهجرة بأنها معركة الإسلام ، التي نصر الله فيها نبيَّه وصاحبه ، فقال الحق سبحانه : ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) . فقد ذكر الله تعالى في هذه الآيات ، جميع مفردات المعركة بين الحقّ والباطل : النصر ، بعد الإخراج ، والمواجهة ، وإنزال السكينة ، والتأييد بالجنود ، ورفع كلمة الله لتكون العليا ، وإسفال كلمة أعدائه لتصير السفلى ، وهذه كلُّها ألفاظ القرآن في وصف معارك الإسلام وفي هذه الآيات يبيّن الله تعالى أنّ الدينَ منصـورٌ لامحالـة ، وأنّ الله تعالى يستعمل في نصـر دينه من يشاء ، حتى لو كان رجـلاً واحداً عن أمّـة ، فالله تعالى على كلِّ شيء قدير ، كما جعل إبراهيم عليه السلام أمة وحده ، ونصر به الإسـلام ، ومن عظيـم فقه السلف قولهم : ( الجماعة هي الحق ولو كنت وحدك ) . والهجرة سنّة النبيين ، كتبها الله على المرسليـن من رب العالمين ، وقـد كان مهاجرهم إلى بيت المقدس ، غير نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، فجعل الله مهاجره إلى طيبة ، ولهذا أسري به ليلة المعراج إلى بيت المقدس ، لتكتمل له الفضائل بالهجرة إليه أيضا ، وليجمع الله له المساجد الثلاثة في حياته ، ويكرم أمَّتـه من بعده بذلك أيضا ، فتصير هذه المساجد المعظَّمة ، وهي أعظـم بقاع الأرض بركةً ، تصير تحت ولاية خير الأمم ، ولهذا فستبقى هذه الأمّة متأخـّره عن الإمامة العظمى للأمم ، حتى تستعيد المسجد الأقصى ، الذي سلبه منها ، كفرة أهل الكتاب من الصليبين ، والصهاينة. وفي الهجـرة عبـرٌ كثيرةٌ جداً : منها أنـَّه لا إيمان مع تقديم أيِّ شيء على العقيدة ، وقد امتحن الله تعالى إيمان المسلمين الأوائل بالهجـرة ، فقدموا عقيدتهم على الأوطان ، والعشيرة ، و المال ، وكلِّ محبوبات الدنيا ، وأهواء النفوس ، فهاجروا إلى الله تعالى ، لينصروا دينه ، وليُعلـوا كلمته ، تاركين كلَّ ما سوى ذلك وراء ظهورهم . فلما فعلوا ذلك ، وعلم الله ما في قلوبهم من تقديم مراده على مراداتهم ، ودينه على جميع أهوائهم ، ملَّكهـم الدنيا بأسرها ، وألقى إليهم بسواريْ كسرى ، وكنوز قيصر ، ونواصي جبابرة الأرض ، على قاعدة : من ترك شيئا لله عوّضه الله خيراً مما ترك ، وكذلك هذه الأمّة إذا تمسـكت بعقيدتها ، وقدّمتها على كلّ ما سواها ، ورفعـت شريعة الله تعالى ، وأعلت كلمتها ، نصرها الله ، ورفعها ، وأعزّها. وأما إذا أخلدت إلى الأرض ، ورضيت لنفسها أن تتقـزَّم بأوهام الشعارات الجاهلية ، من وطنيّة ، وقوميّة ، وحزبيـّه ، وحدود إستعمارية ، فسوف يُسلب منها عـزُّها ، كما هو حالها هذه الأيام ، حتى ترجـع إلى دينها فيرفعها الله به . ومنها أنه لا يحدث تغيير في حياة الأمم ، إلاّ بالبذل ، والتضحيات العظيمة . ومنها أنَّ التوكل على تعالى ، هـو مفتاح النصر ، وتأمــل ما فـي قول الله تعالى : ( لاتحزن إن الله معنا ) من حقيقة التوكل ، الذي ألقى في القلـب السكينة في أصعب الأحوال. ومنها أنه لانجاح لأيِّ مشروع إلاّ بالتخطيط السليم ، واستكمال الأخذ بالأسباب ـ بحسب القدرة ـ وعدم التفريط بأيّ وسيلة من شأنها أن تنجح المشروع ، وقصة الهجرة مليئة بهذا الدرس المهم ، ولهذا لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة تنجح الهجرة إلاّ وأخذ بهـا ، حتى جعل التموين لأسماء رضي الله عنه ـ وفيه أهمية دور المرأة في نهوض الأمة ـ وللاستخبارات : عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنه ، وللتغطية وتعمية العدوّ : عامر بن فهيرة ، ودليل الطريق هو : عبد الله بن أريقط. ومع أنّ الله تعالى قادرٌ على نصر نبيّه صلّى الله عليه وسلم بما شاء ، غير أنّه أمره بأخذ كلِّ التفاصيل الدقيقة لإنجاح مشروع الهجرة بعيـن الإعتبـار ، حتّى إنّه جـاء الصديق ( متقنّعا ) وقال له : أخرج من عندك ، ليبلّغه الأمر بالمسيـر . |
العلامات المرجعية |
|
|