|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
الحمد لله المشرِّع لعباده طريق الوصول إليه، الواضِع في شَرعِه أنواعًا مِن وسائل القرْب لدَيه، والصلاة والسلام على أفضل العابِدين، وأعلم عالِم بطرُق مُناجاة إلاه العالَمين أحمده كلما نُطق بحمده وقيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المنزَّه عن ما عنه قيل، وأصلي على نبيه محمد النبي النبيل، وعلى أبي بكر الصديق ،وعلى عمر ابن الخطاب وعلى عثمان ذوالنورين وعلى عليٍّ أبا الحسن والحسين
عبادالله : فإن من المتفق عليه بين أهل العلم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام قد أوتي جوامع الكلم ومما قالهً: ( اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن (وتقوى الله في كل حال وزمان ومكان هي اتخاذ وقاية بين الشخص وبين عذاب الله تعالى بفعل طاعة الله على نورمن الله رجاء ثواب الله وترك معصية الله على نور من الله خوف عقاب الله، فلا يراه الله حيث نهاه ولا يفقده حيث أمره وغايتها أن يدع مالا بأس به خشية مما به بأس. أيها المسلمون : العيد اسم لما يعود إما بعود السنة أو بعود الأسبوع ونحو ذلك، والعيد يجمع أموراً منها: أنه يوم عائد كيوم الفطر ويوم الجمعة، وهو محل لاجتماع المسلمين فيه، وتقع فيه أعمال جليلة من العبادات أو العادات، فهذا يسمى عيد، وعندنا في هذا اليوم عيدان، اجتمع لنا نحن المسلمين: عيد الأضحى وعيد الجمعة، واجتماع العيدين يا عباد الله فيه خير عظيم، فهذا عيد الأضحى يفرح به المؤمنون؛ بذبح ضحاياهم بعد إدراك يوم عرفة . وهذا الاجتماع، له في نفس المؤمن وقع كبير، يوم عظيم وهو يوم الجمعة ويوم الأضحى، فماذا يكون في نفسك يا عبد الله وأنت ترى اجتماع هذين العيدين، وقد حضرت الجمعة، وكنت في رغبة النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: (وإنا مجمعون) فقد بين للناس لما اجتمع عيد الفطر وعيد الجمعة في عهده في سنة من السنوات: أن من حضر العيد أجزأه؛ لأنه شهد أحد المشهدين، فأغنى عن المشهد الآخر في الوجوب ثم بين عليه الصلاة والسلام الأفضل فقال: (وإنا مجمعون) وذلك أن الاجتماع في الجمعة فيه فضل كبير، فإن بركة الجمعة وأجر صلاة الجمعة، وحضور خطبة الجمعة باق مع كون هذا اليوم يوم عيد، فهنيئاً لمن حضر العيدين في هذا اليوم، وأقبل على طاعة الله تعالى، فازداد أجراً، وازداد خيراً، وازداد ثواباً. بالأمس كان يوم عرفة، وهوأفضل الأيام وأبركها، خير يوم طلعت فيه الشمس أوغربت، وقد ورد أن صيامه لغير الحاج يكفر ذنوب سنتين وأنه ما رئي إبليس في يوم هو أصغر و لا أحقر، ولا أغيظ من عشية يوم عرفة ( وما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة،وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟ وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن رجلا من اليهود قال : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا. قال : أي آية؟ قال: ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا) قال عمررضي الله عنه : قد عرفنا ذلك اليوم الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة. ويقول سبحانه { وشاهد ومشهود } فالشاهد هو يوم الجمعة والمشهود هو يوم عرفة على قول أكثر المفسرين فكم من دعوات رفعت بالأمس من صعيد عرفات حتى بلغت عنان السماء؟ وكم من دعوات رفعت ليلة البارحة من مزدلفة حيث وقف الحجاج في المشعر الحرام؟ وكم من دعوات سترفع غدا وبعد غد من منى ومن الجمرات، ومن جوار الكعبة، ومن الصفا والمروة؟ دعوات مباركات ممن تعرفونهم، ودعوات أخرى أكثر منها ممن لا تعرفونهم، قد رفعت إلى الله تعالى بلغات مختلفة، جأر بها أصحابها يدعون للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، فتدخلون أنتم وآلكم في تلك الدعوات الكثيرة وأنتم في بيوتكم.. فمن منكم يحصي ما وصله من دعوة صالحة بظهر الغيب من أخ له مسلم لم يره ولم يعرفه، ومن غير ***ه ولا ينطق بلسانه... فما أعظمها من أخوة في الدين حين علقها الله تعالى بأعظم وصف وأحسنه وأجله ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ فاحمدوا الله الذي هداكم للإيمان، واشكروه إذ سخر لكم ملايين البشر يستغفرون لكم في أقدس البقاع وأفضل الأيام... واليوم يعيش المسلمون عيد الأضحى يوم التضحية والفِداء، يوم الفرَح والصَّفاء، يوم المكافأة من ربِّ السماء للنبيَّيْن الكريمَيْن إبراهيم وإسماعيل صاحبي الفضل والعَطاء، أراد الأعداءُ بإبراهيم سوءًا، لكنَّ الله لطَمَهم وأبعَدَهم، وجعَلَهم من الأسفَلِين، كما يجعَلُ كلَّ أعداء الدِّين إلى يوم الدِّين؛ ﴿ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ﴾ إبراهيم عليه السلام فله شأنٌ آخَر﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ يريد فقط الصالحين لإصلاح الأرض وبِناء التوحيد ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ ودعاء المخلصين مسموعٌ ومُجابٌ في التوِّ واللحظة ﴿ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حليم} ويُمتَحن إبراهيم عليه السلام ليُمنَح، ويُختَبر؛ ليَعلُو، ويُبتَلى؛ ليَسمُو لقد بلغ بره بأبيه مبلغا عظيما، كان يدعو أباه آزر إلى الجنة ويدعوه أبوه إلى النار، يدعو أباه إلى عبادة الله وحده، وهو يدعوه إلى عبادة الأصنام، يغضب أبوه ويهدده ويتوعده كما قال تعالى ![]() والحياة دين وقضاء والجزاء من *** العمل فلقد رزق الله إبراهيم عليه السلام إسماعيل عليه السلام فبلغ من البر لأبيه ما لم يبلغ أحد في طاعة الوالد كما ذكر الله عز وجل ذالك في كتابه المبين فقال تعالى(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ) قال ابن كثير رحمه الله: قوله تعالى: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) بمعنى شب وارتجل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل ( قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} ورؤيا الأنبياء وحي وإنما أعلم ابنه إسماعيل بذلك ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى ( قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) أي امض لما أمرك الله من ذبحي { سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله، وصدق صلوات الله وسلامه عليه فيما وعد(فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) فلما تشهدا وذكر الله تعالى إبراهيمُ على الذبح والولدُ شهادة الموت، وقيل أسلما يعني استسلما وانقادا، إبراهيم امتثل أمر الله وإسماعيل طاعة لله تعالى وأبيه ومعنى تله للجبين أي صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه قال ابن عباس وغيره: وتله للجبين أكبه على وجهه وقيل وتله للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض فقال له: يا أبتي إنه ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره فاخلعه حتى تكفنني فيه فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه (وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)فالتفت إبراهيم فإذا بكبش أقرن أعين قال تعالى : (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)وقوله تعالى : (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا) أي قد حصل المقصود من رؤياك بإضجاعك لولدك للذبح، وذكر الصدي وغيره أنه أمرَّ السكين على رقبته فلم تقطع شيئا بل حال بينها وبينه صفحة من نحاس ونودي إبراهيم عليه السلام (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)أي هكذا نصرف عمن أطاعنا المكاره والشدائد ونجعل لهم من أمرهم فرجا ومخرجا (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ) أي الاختبار الواضح حيث أُمر بذبح ولده فسارع إلى ذلك مستسلما لأمر الله منقادا لطاعته ولهذا قال تعالى : (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) امتحانٌ ما أشدَّه!ختِبارٌ ما أصعَبَه ابتِلاءٌ ما أعظَمَه ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ لكنَّ إبراهيم عليه السلام اجتازَه بتَوفِيق الله له مع مَنازِل الإخلاص وبعون الله له مع مَقامات اليقين فكان الفِداء من السَّماء في يوم الفِداء ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ ليَعلُو ذِكرُ آل إبراهيم في العالَمين ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ﴾ عباد الله : افرحوا بنعمة الله عليكم بهذا العيد الكبير، وصلوا فيه أرحامكم، وبروا والديكم، وأدخلوا السرور على أهلكم وأولادكم، وكلوا من ضحاياكم وتصدقوا وأهدوا، وكونوا عباد الله إخوانا، جاء هذا العيد.. ليذكر المتخاصمين.. الذين اجتهدوا في الطاعات.. والذين اشتروا الأضحيات.. وتكبدوا النفقات.. جاء هذا العيد ليقول لهم استيقظوا.. قد تذهب العبادات.. وقد ترفض القربات.. وقد تمحى الحسنات.. ولا تعرض الأعمال الصالحات.. بسبب التنافر والخصومات.. فيكفيك يا من عفوت وصالحت أن أجرك على الله.. فكم ستنال من أجور وخيرات.. وكم سترزق من درجات في أعلا الجنات.. فرحم الله مؤمنا.. أعاد مياه المودة إلى مجاريها.. ويا سعد من عفا وصفح.. وغفر وأصلح.. فما أجمل أن نرى البيوت وقد فتحت أبوابها في هذا العيد السعيد.. وما أبهج النفوس وهي ترى الأيادي تتصافح والقلوب تتسامح إنها بهجة العيد. وفرحة العيد.. وتآلف القلوب في اليوم السعيد جاء هذا العيد.. ليذكرنا بقول خالقنا.. جل جلاله.. ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ سلامة الصدر من الغل والحقد والحسد والضغائن والرذائل قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ ولا يكون صلاح ذات البين إلا بسلامة الصدر من تلك الآفات. لذا فإن دين الإسلام قد حرص حرصاً شديداً على أن تكون الأمة أمةً واحدة في قلبها وقالبها. تسودها عواطف الحب المشترك والود الشائع والتعاون على البر والتقوى، والتناصح البناء الذي يثمر إصلاح الأخطاء مع صفاء القلوب وتآلفها دون فرقة وغل وحسد ووقيعة وكيد وبغي. وقد جاءت الآيات القرآنية والآثار النبوية منسجمة متناسقة متضافرة لتحقيق ذلك المقصد الشرعي الكبير. فمن تلك الآيات قول الله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) فالأخوة الإيمانية تعلو على كل خلاف مهما اشتدت وطأته واضطرمت شدته وبلغ حد الاشتباك المسلح. أما الأحاديث فمنها قوله ![]() صاحبها خير الناس وأفضلهم فإن النبي قد سئل أي الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب صدوق اللسان)) قالوا: فما مخموم القلب؟ قال : ((هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد)) فبدأ بالتقوى التي تثمر صفاء القلوب وسلامتها من الآفات والرذائل. ومن فضائل سلامة الصدر أنها من موجبات الجنة فعن أنس بن مالك قال: كنا جلوساً مع رسول الله فقال: ((يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال، فلما كان اليوم الثاني قال النبي مقالته الأولى. فطلع ذلك الرجل، وكذلك في اليوم الثالث. فلما قام النبي تبع عبد الله بن عمرو بن العاص ذلك الرجل فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً؟ فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي؟ فقال: نعم. قال أنس ( راوي الحديث ): وكان عبدالله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبدالله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: ياعبدالله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله يقول لك ثلاث مرات: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت ثلاث مرات. فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به. فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ذلك قال: ما هو إلا مارأيت. قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبدالله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق)) من وسائل سلامة الصدر إفشاء السلام فاليهود كانوا يحيّون بعضهم إشارةً بالأصابع والنصارى كانوا يشيرون بأكفّهم أما المسلمون فقد أبدلهم الله تعالى عن هذا كلّه بخير تحيّة وأفضل سلام " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته( وهذه التحيّة المتميّزة في ألفاظها مأخوذة من اسم الله " السلام " كما في الحديث الصحيح العميقة في مدلولاتها بما تحمله من معاني الرحمة والمودّة العظيمة في تأثيرها فأثرها واضحٌ في توثيق العلاقات وصفاء القلوب هي خير بديل عن تحايا أهل الجاهليّة فلا عجب إذاً أن يحسدنا اليهود عليها كما ثبت في حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين وروي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يا أيها الناس ، أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلُّوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " ونهى عن تركها واعتبر ذلك دليلاً على بخل صاحبها فقال : ) أبخل الناس من بخل بالسلام( وجعلها علامة المصالحة وعود الود فقال( لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا ، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام( وبالنظر لسيرة النبي صلى الله عليه وسلم نجد أنه كان من أكثر الناس إفشاءً للسلام دون أن يفرّق بين صغيرٍ وكبير ، وصديقٍ وغريب ، فها هو عليه الصلاة والسلام يمرّ على قومٍ لا يعرفهم ولا تربطه بهم علاقة في مكانٍ يُقال له " الروحاء " فيبتدرهم بالسلام وأشار إلى فضل ذلك عندما سئل : أي الإسلام خير فقال أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف وكان يمرّ على الجماعة من الغلمان فيسلّم عليهم وكم هو عجيبٌ عبادالله كم هوغريبٌ ومدهشٌ أن يتنافس الناس في كل زمانٍ ومكان على الأموال والأملاك والمناصب وزينة الدنيا الفانية ؛ في حين أن الشرع والعقل والواقع يفرض ويوجب عليهم أن يكون تنافسهم وتسابقهم إلى ما عند الله من الأجر والثواب والخير قال تعالى :{ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } أنه قال " ما من مسلمين يتلاقيان فيتصافحان إلا تحاتت عنهما ذنوبهما كما يتحات عن الشجرة ورقها ( أيها الكرام ، إليكم هذه البُشرى العظيمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول:"ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غُفر لهما قبل أن يتفرقا) فيا إخوة الإسلام ، هل هناك أكرم من أن يلتقي المسلم مع أخيه المسلم فيمد كلٌ منهما يده ليُصافح الآخر ، ويُسلم عليه ، ويبتسم في وجهه ، ويطمئن على أحواله ؛ فتكون النتيجة أن تتساقط عنهما الذنوب والخطايا ، ويغفر الله تعالى لهما قبل أن يتفرقا كرماً منه جل في علاه . أخي في الله : ما هنالك أحد من الناس لا يغلط ولكن الأخر هو الذي يتفضل على هذا المسيء فيكتم غيظه ويتصف بصغات من يسابق إلى الجنات {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } ولما أيس الشيطان أن يعبده المصلون في جزيرة العرب كما قال صلى الله عليه وآله وسلم ![]() رضي أن يحرش فيما بينهم سعى في إفساد قلوبهم وفي إفساد ذات بينهم ، ارتضى بهذا الأمر واجب علينا أن نصفي هذه القلوب وأن نسقلها بطاعة الله عز وجل نزكيها بما زكاها الله عز وجل به وبما زكاها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالأعمال الصالحة أن نصفح عن من أساء إلينا ألا ننتصر لهذه الأنفس أن نزري بهذه الأنفس ونقول لها : إذا كان هذا قد أخطأ عليك بخطأ واحد فقد نكوك أخطئناً كثيرا على الناس بشعور أو بدون شعور لذا وجب التغافر بين المسلمين والتصافح والتسامح وخصوصاً بين الأرحام والأقارب فإن ذلك من أعظم الأمور ومن عظم الأشياء التي أمر الله عز وجل بوصلها { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (23) )) واجب علينا المحافظة على هذه القلوب والمحافظة على سلامة الصدور لأن سلامة الصدور فيها التحام للمجتمعات كلها ، ماذا تصنع بمجتمع يعيش أشد منه عيشة وأخطر وأخبث ربما مما تعيشه الحيوانات الكاسرة في الغابات بل أن هذه الحيوانات في قلوبها شيء من الرحمة على أقاربها وعلى أسرتها لنتسامح ونصفي القلوب وننقيها من الامراض التي تفتك بها فتجعلها مريضه سقيمة من البغض والحقد والحسد والكراهية وغيرها من الامور فتعيش حياتها في هم وغم تتأكل في داخلها حتى لا تقوى على العيش بينما الواجب أنه ينبغي أن لا تحمل في داخلها الا الخير والحب للجميع عندما تبتعد عما يدنسها أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ![]() ![]() الخطبة الثانية : ![]() ![]() الحمد لله الكبير المتعال؛ دلَّ خلقُه على عظمته وكبريائه، وبرهن عطاؤه وإمهالُه على حلمه وعفوه ورحمته { ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ البَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ} نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم؛ فهو الجواد الكريم، الغني عن العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش العظيم، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله؛ خير من صلى وصام وحج وذكر الله تعالى، أخبرت عنه زوجه عائشة رضي الله عنها فقالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللَّهَ على كُلِ أَحْيَانِهِ) صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وعظموا حرماته، والتزموا شريعته، ولا تتعدوا حدوده {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} يا عباد الله أكثروا من ذكر الله تعالى وأبشروا بالجنة . ويا من تُكثرون القيل والقال أشغلوا ألسنتكم بالتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد . ويا من غفلتم أوقاتاً طويلةً عن ذكر الله لا تلهكم الدنيا والشيطان عن ما بشّركم به الحبيب المصطفى من الأجر العظيم والخير الكثير إن التكبير هو تعظيم الربّ تبارك وتعالى وإجلاله، واعتقاد أنّه لا شيء أكبرُ ولا أعظمُ منه، فيصغر دون جلاله كلُّ كبير، ويتضاءل أمام جلاله كل جليل؛ فهو الذي خضعت له الرقاب، ولانت له الشداد، ودانت له الخلائق، وذلَّت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كلَّ شيء، وتواضعت لجلاله وكبريائه وعظمته وعلوّه وقدرته الموجودات، واستكانت بين يديه وتحت حكمه وقهره كل المخلوقات. يتأكد في هذه الأيام المباركة التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبات, والتكبير المطلق في كل وقت إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر للحجاج وغيرهم .ولاينقطع التكبير المطلق في أيام التشريق وأيام التشريق من الأعياد، بل هي متصلة بعيدالنحر، وقد جاء في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) والأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته, وذلك من تمام شكر النعمة وقد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبات والشكر له, فمن استعان بنعم الله على معاصيه فقد كفر نعمة الله وبدلها كفراً وهو جدير أن يسلبها وهي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ![]() أيها الإخوة:مما سبق تبين ما للتكبير من فضل عظيم وأن الله تعالى قد أنعم به على هذه الأمة المباركة فلا يحسن بالمسلمين أن يفرطوا أويُشْغلوا عنه وهو نعمة من الله تعالى هُدوا إليها ويتأكد ذلك في المواسم العظيمة كالأعياد وصلوا وسلموا على نبي الله فقد قال الرب الرحيم { إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } اللهم صل وسلم عليه وارض عن صحابته وآل بيته وزوجاته وعنا معهم يارب العالمين اللهم يا من لا يُسأل غيره ولا يُرتجى سواه ، ويا من لا يَردُ من دعاه ، وفقنا إلى خير الدعاء ، وجميل القول ، وصالح العمل ، وأهدنا وسدّدنا ، وأعطنا ولا تحرمنا . اللهم أغفر لنا وارحمنا ولآبائنا وأمهاتنا وأبنائنا وبناتنا وإخواننا وأخواتنا وأزواجنا وزوجاتنا وأحيائنا وأمواتنا اللهم اجعلنا مبشرين لا مُنفّرين وارزقنا البشرى في الدنيا والدين ووفقنا اللهم للإكثار من ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك .اللهم يا عظيم العفو يا واسع المغفرة يا قريب الرحمة يا ذا الجلال والإكرام هب لنا العافية في الدنيا والعفو في الآخرة .اللهم يا حي يا قيوم فرِّغنا لما خلقتنا له ، ولا تُشغلنا بما تكفلت لنا به ، واجعلنا ممن يؤمن بلقائك ، ويرضى بقضائك ، ويقنع بعطائك ، ويفوز برضوانك يا رب العالمين . اللهم يا من يعلم حوائج السائلين ، ويعلم ما في صدور الصامتين ، يا قاضي الحاجات ، ويا مجيب الدعوات ، هب لنا من واسع فضلك ما سألنا ، وحقق بكريم عطائك رجاءنا فيما تمنينا . اللهم أحفظ علينا نعمة الأمن والإيمان ، ولا تُبدل أمننا خوفاً ورُعبا ، ومتعنا اللهم بأسماعنا ، وأبصارنا ، وقوتنا ، أبداً ما أبقيتنا . اللهم أدم الأمن والاستقرار في بلادنا وسائر بلاد المسلمين، واحفظ الحجاج والمعتمرين، وأدر دوائر السوء على من أرادهم بسوء يا رب العالمين اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، وتؤتي المال من تشاء ، وتنزعه ممن تشاء ، وتؤتي الجاه من تشاء ، وتنزعه ممن تشاء ، اللهم يا من تُعز من تشاء ، وتُذل من تشاء ، أعزنا بالإسلام ، وارفعنا بالإيمان ، ولا تضعنا بالكفر والفسوق والعصيان. اللهم فرج كرب إخواننا في بلاد الشام وأظهر أمرهم وانتصر لهم اللهم اربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم، وقو عزائمهم وانصرهم على من بغى عليهم اللهم أسقط النظام البعثي النصيري وشتت شمل الباطنيين واليهود والنصارى وانصر المسلمين عليهم يا قوي يا عزيز اللهم أعد الأمن والاستقرارإلى جميع بلاد المسلمين واحقن دماءهم وأطفئ نيران الفتنة وافضح مسعريها يا رب العالمين اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب الدعوات اللهم افتح لدعائنا باب القبول والإجابة وارحمنا وارحم أمواتنا واغفر لنا ولوالدينا الأحياء منهم والأموات وارحمهم كماربونا صغارا واغفر اللهم لمن له حقٌ علينا اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا اللهم كفر عنا سيئاتنا وتقبل عملنا اللهم إنا نسألك أن تثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن تهيأ لنا من أمرنا رشدا، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم ارزقنا التوبة النصوح ولا تردنا على أعقابنا اللهم لا تردنا إلى العصيان بعد أن ذقنا حلاوة الإيمان، واجعل هذه الحلاوة وحب الطاعة مستمرة في قلوبنا إلى يوم أن نلقاك.أعاده الله علينا وعليكم وعلى المسلمين باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال. { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون } فاذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ، واستغفروه يغفر لكم ، وأقم الصلاة ....
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|