|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
المشروع العلماني = صفر
سمير العركى 19 أكتوبر 2012 06:49 PM ![]() إذا كان البعض يشن هجومه على د. محمد مرسى انطلاقًا من نظرته لمشروع النهضة على أنه وهم كبير فإن الأمانة التاريخية تقتضى من الجميع أن يعترف بأن المشروع العلماني الذى تسلط على مصر منذ أكثر من قرن من الزمان ما هو إلا صفر كبير لم يستطع أن يحقق آمال الجماهير فى النهضة والتنمية بل كان سببًا رئيسًا فى حالة التخلف التى أصابتنا وأصابت عموم البلدان الإسلامية والعربية، إذ إن المشروع العلماني فى جوهره وحقيقته يتصادم مع البنية الفكرية والثقافية للمجتمع ولم يكن هناك من سبيل لفرضه إلا عبر إجراءات استثنائية قمعية أدت إلى توقف حركة الاجتهاد والإبداع داخل مجتمعاتنا وشيوع حالة من الخوف زادت من عزلة المواطن وانزوائه بعيدًا عن الدولة ومتاعبها ولكن بالرغم من ذلك لم يتمكن المشروع العلماني من اختراق المجتمع إلا فى بعض مناطقه الرخوة حيث الطبقات المخملية المرتبطة بالمشروع التغريبي بكل كينونتها، أما قلب المجتمع وقواه النابضة فقد ظل عصيًا على عملية "العلمنة" وظل مرتبطًا بدينه وعقيدته خاصة بعد نشأة الحركة الإسلامية والتي جاءت من قلب الطبقة المتوسطة المتعلمة حيث انطلقت من الجامعات المصرية الحديثة آنذاك. الاستعصاء المجتمعي على عملية العلمنة أدى إلى لجوء السلطات الحاكمة إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات السلطوية التى استهدفت التدخل في خصوصيات المواطن فرأينا تدخلاً فوقيًا من أجل منع "الحجاب" والحد من انتشاره سواء بصورة فجة وصريحة ( تركيا وتونس كمثالين) أو بصورة مستترة ( مصر نموذجًا)، كما رأينا محاولات متكررة لتأميم الدين لصالح الدولة ونشأة ما يعرف بـ"الإسلام الرسمي" والذي تمت إحالته بعد ذلك إلى منطقة الهامش وإقصائه كمرجعية لمجمل الأوضاع الاجتماعية والثقافية والفكرية الرسمية، وظل الرهان على المجتمع كمجال للتدافع الشديد بين القوى العلمانية المدعومة من الأنظمة السلطوية الحاكمة وبين قوى التيار الإسلامي التي حاولت الاحتماء بالمجتمع وعمقه الحضاري والعقدي من أجل استنهاض الهمم فى مواجهة الهجمات العلمانية المتتالية، فرغم أن الدولة تكفلت على مدار عقود مضت بإبعاد الإسلاميين عن الساحة إما بالسجن أو القتل أو المنع من ممارسة النشاط العام وأخلت المجال تمامًا للقوى العلمانية وأعطتها مفاتيح تشكيل الرأي العام من ثقافة وإعلام وتعليم.. إلخ إلا أنه هذه النخب العلمانية فشلت فى إحداث اختراق علماني حقيقي فى المجتمع، وهذا ما يجب أن يلتفت إليه الإسلاميون اليوم ويعوه جيدًا أن مجال مواجهة العلمانية الفعلي هو المجال المجتمعي قبل أن يكون المجال القانوني. كما أن الفشل العلماني امتد إلى المجال السياسي بحيث أخفقت النخب العلمانية فى تحقيق آمال الجماهير العريضة ففشل حزب الوفد – الذي قاد النضال المصري قبل 52 – فى تحقيق الهدف الذى أنشأ من أجله وهو الاستقلال التام وجلاء القوات البريطانية وتحقيق العدالة الاجتماعية بل أصابته جرثومة الانشقاقات الحزبية فتعرض للتشظي والانشطار فكانت ثورة يوليو 52 والتي وضعت عليها الجماهير آمالاً كبيرة فى تحقيق أحلامها وأمنياتها فحققت الثورة إنجازات لا تنكر فى مجالات العدالة الاجتماعية والتعليم ومحاولة تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي، ولكنها أخفقت إخفاقًا مريرًا فى تحقيق الحريات فوأدت التجربة الليبرالية وأسست لدولة الخوف وأهدرت كرامة المواطن المصرى وارتكبت كوارث تستوجب المحاسبة مثل الانصياع لفصل السودان عن مصر والتفريط فى بناء الجيش المصرى بناءً حقيقًا والدخول بالوطن فى مغامرات كلفتنا هزيمتين هما الأقسى فى تاريخنا المعاصر فى 56 و67 بل إن الأخيرة تعتبر بمثابة التأسيس الثانى والحقيقى لدولة إسرائيل. وكان عهد مبارك بمثابة الخاتمة السوء لشرعية يوليو التى أسست لحكم العسكر ووصلت الدولة المصرية إلى ما وصلت إليه الآن من تدهور وتخلف فى جميع المجالات بصورة لا تليق بالدولة المصرية ولا بمكانتها. مما سبق يتضح لنا أن العلمانية كمنهج فى الحكم وإدارة شؤون المجتمع فشلت فشلاً ذريعاً فى إحداث نهضة حقيقية تنقل مصر بإمكانياتها الهائلة إلى مصاف الدول المتقدمة بل وأدخلت المجتمع بأسره فى متاهات ومسارات لا تتفق مع ثقافته ولا عقيدته ولا تشبع رغباته الروحية والمادية. والعجيب أن نرى اليوم هذا التصارع الهائل من أجل استنساخ الفشل العلماني مرة أخرى فرغم أن المؤمن لايلدغ من جحر مرتين إلا أن البعض يصر على لدغنا من ذات الجحر مرات ومرات مهما كلفنا هذا من أعمارنا ومقدراتنا. هذا الفشل العلمانى يجب أن يواجه اليوم من الإسلاميين ببناء مشروع نهضوي حقيقي يستلهم آراء آباء النهضة الأوائل ويتناغم مع واقعنا وهذا حديث آخر لعله يكون قريبًا بإذن الله. http://www.almesryoon.com/permalink/38736.html
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|