|
#1
|
||||
|
||||
![]() حق الله على العباد الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وشرفنا بالانتساب إلى ملة خير الأنام، وفضلنا وميزنا على الأمم السابقة بالميزات العظام، وجعلنا شهداء الله على جميع الإنس والجان، وصلّى الله وسلم على محمد خاتم الرسل الكرام، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، حتى تكتمل العدتان، وتنقضي النفختانفإن مقتضيات ومستوجبات كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله" كثيرة جداً، منها ما يتعلق بحقوق الخالق العظيم، والرب الكريم، والإله الذي ليس له شبيه ولا مثيل ولا قسيم، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً؛ ومنها ما يتعلق بحقوق الرسول المصطفى، والحبيب المجتبى، شافع الخلق يوم يقوم الناس حفاة عراة، ويعتذر عن ذلك أولو العزم من الرسل الأنبياء، صلّى الله وسلم عليه ما غاب نجم وظهر ضياء؛ ومنها ما يتعلق بالعبد المسلم، الذي تحمَّل الأمانة بعد أن أبت وأشفقت من حملها الجبال، والأرض، والسماء؛ ومنها ما يتعلق بالعبد الكافر، إذ جميع الخلق من ملة خير الورى، فمن آمن به واتبع هداه أحلَّه دار الكرامة، ومن كفر به وعصى أمره أكبَّه الله على منخريه في دار الحسرة والندامة، وذلك أن الإسلام دين الحق والعدل، يقوم على مبدأ الحقوق والواجبات، فكما تدين تدان . وسنشير في هذه العجالة إلى أهم تلك الحقوق والمقتضيات، مستعينين على ذلك برب الأرض والسموات . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 27-12-2009 الساعة 10:16 PM |
#2
|
||||
|
||||
![]() أولاً: حقوق الرب عز وجل على عباده
من حق ربنا على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به ولا معه شيئاً غيره من مخلوقاته، لا ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، ولا ولياً مكرماً، ولا جاناً، لا صالحاً ولا متمرداً . قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"1، وقال: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة"2، وقد صح3 عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يا معاذ بن جبل؛ قلت: لبيك رسول الله وسعديك؛ قال: هل تدري ما حق الله على العباد؟ قلت: الله ورسوله أعلم؛ قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً؛ ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل؛ قلت: لبيك رسول الله وسعديك؛ قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: الله ورسوله أعلم؛ قال: أن لا يعذبهم". ومقتضى هذه العبادة ما يأتي: 1. الإيمان والتصديق بأنه هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المدبر، المتصرف في هذا الكون، لا رب سواه، ولا إله غيره. 2. أن يؤمن ويصدق ويقر أنه هو الإله الوحيد الذي يستحق العبادة، وكل ما عداه باطل، ألا كل شيء ما خلا الله باطل. 3. يفرده بكل أنواع العبادات، فلا يدعو ولا يستغيث بغير الله، ولا يذبح ولا ينذر ولا يحلف إلا لله وبالله، ولا يخاف ولا يرجو إلا الله، ولا يتحاكم إلا لشرع الله. 4. أن يؤمن بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العلا التي سمى ووصف بها نفسه، أوسماه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف، ولا تأويل، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل. 5. أن يحب الله عز وجل أكثر من ماله، وأهله، وولده، ونفسه: "والذين آمنوا أشد حباً لله".4 6. أن ينصح لله عز وجل بالتزام أوامره واجتناب نواهيه، وهذا معنى النصيحة لله عز وجل التي حقيقتها نصح أنفسنا. 7. أن يعمل لإعلاء كلمة الله. 8. أن يدفع عن هذا الدين. 9. أن يرد الشبه التي تثار نحو القرآن والإسلام. 10. أن يتفكـر ويتدبـر في مخلـوقـات الله عـز وجـل، فقد مدح الله المؤمنين بذلك: "ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار"5، لأن ذلك يزيد في الإيمان، ويعمق الحب في القلوب لربنا الرحمن. 11. يوالي من يواليه، ويعادي من يعاديه. |
#3
|
||||
|
||||
![]() ثانياً: حق الرسول صلى الله عليه وسلم
حقوق رسولنا علينا كثيرة جداً، كيف لا؟ وقد أخرجنا الله به من الضلالة، وبصرنا به بعد العماية، ودلنا به إلى طريق الهداية، فجزاه الله عنا خير ما يجزي نبياً عن أمته، ووفقنا للقيام بأداء بعض حقه، إذ لا طاقة لنا بالقيام بكل حقه، ولا بإسداء شكره، والله يجزي بالقليل كثيراً؛ من تلك الحقوق: 1. الإيمان به والتصديق بأنه عبد الله، ورسوله، وصفيه، وخليله، أرسله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً . 2. أن لا يعبد الله عز وجل إلا وفق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3. أن يطيعه في كل ما أمر به وينتهي عن كل ما عنه نهى وزجر، فقد أمر الله بطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه في حوالي ثلاث وثلاثين آية، وقرن محبته بطاعة رسوله، فقال: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله"6، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما: "ثلاثة لا تقبل إلا بثلاثة"، وذكر منها: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول"، فقال: "من أطاع الله ولم يطع الرسول لا يقبل الله طاعته"، أوكما قال؛ بل لقد أمر بطاعته من غير قيد ولا شرط، فقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"7، وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فلا يحتاج ما صح عنه أن يعرض على القرآن كما يزعم ويدعي بعض المتفلتين، الذين يردون ما لا تهواه نفوسهم من سنة خير الأنام. 4. أن يؤمن ويعتقد أنه خاتم الرسل أجمعين وأنه سيد ولد آدم، فلا نبي بعده، ولا مخلوق فوقه. 5. أن يؤمن ويصدق أن شريعته خاتمة للشرائع، وكتابه مهيمن وناسخ لجميع الكتب، ودينه خاتم للأديان. 6. أن يؤمن ويعتقد أنه لا يسع أحد كائناً من كان الخروج على شريعته، والاستغناء عن طريقته. 7. أن يحبه أكثر من ماله، وولده، وأهله، ونفسه التي بين جنبيه، فحبه صلى الله عليه وسلم له أصل وكمال، وأن يتأسى في ذلك بصحابته الكرام، وأتباعه العظام، حيث وصف عروة بن مسعود الثقفي قبل إسلامه عندما جاء مفاوضاً عن قريش في صلح الحديبية طرفاً من ذلك لكفار قريش عندما رجع إليهم قائلاً: "دخلت على الملوك: كسرى، وقيصر، والنجاشي، فلم أر أحداً يعظمه أصحابه مثل ما يعظم أصحاب محمد محمداً، كان إذا أمرهم ابتدروا أمـره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون8 على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون له النظر تعظيماً له"9. 8. أن يعتقد أنه معصوم من الزلل والخطأ ومن الناس . 9. أن يحب سنته ويعمل على نشرها بين الناس . 10. أن يحب آله وصحبه وآل بيته، وأن لا يؤذيه فيهم، فمن انتقص أحداً منهم فقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توعد الله من آذى رسوله بقوله: "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً"10، فالحذر الحذر أخي المسلم أن تتعرض لأحد من أصحاب رسول الله فيبعدك الله من رحمته التي وسعت كل شيء، لا السابقين ولا اللاحقين منهم، فكلاً وعد الله الحسنى. 11. أن لا يرد شيئاً من سنته الصحيحة، ولا يؤولها تأويلاً غير مستساغ، فيكون من الظالمين لأنفسهم المعتدين على دين الله . 12. أن يتحاكم إلى شرعه ولا يرضى بغيره بديلاً . 13. أن لا يقدم قول أحد كائناً من كان على قوله وحكمه . 14. أن لا يغلو فيه ويرفعه من درجة العبودية إلى درجة الربوبية أو الألوهية. |
#4
|
||||
|
||||
![]() ثالثاً: حق العبد المسلم الحقوق التي ينالها العبد المسلم بنطقه للشهادتين، ودخوله في الدين، كثيرة هي الأخرى وعظيمة، نشير إلى أهمها وأخطرها:1. من حق العباد على ربهم إذا عبدوه ولم يشركوا معه غيره أن يدخلهم الجنة ويعيذهم من النار، كما ورد في حديث معاذ السابق، وهذه بشرى لا تدانيها بشرى، ونعمة لا تساويها نعمة، وفوز ليس بعده خسران: "فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز"11، إي وربي فقد فاز، ونجح، وطاب. فالمؤمن الموحِّد مصيره إلى الجنة مهما ارتكب من الذنوب والآثام، فقد يطهر بالنار، وقد تسبق عليه رحمة الحنَّان المنَّان فتحول بينه وبينها، حيث لا يخلد في النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان. 2. مما توجبه هذه الكلمة لقائلها المؤمن بها الذي يصدق قولَه عملُه الاستفادة من شفاعة سيد الأبرار، حيث يحرم من ذلك الملحدون والكفار. 3. كذلك من مقتضياتها أنها تعصم دم قائلها وعرضه وماله في هذه الحياة الدنيا، إلا بحق الإسلام، وحسابه على الله. 4. يتمتع بكل حقوق المسلم على إخوانه المسلمين، وهي كثيرة جداً، عدَّ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث واحد ستة حقوق، فقد صحَّ عنه أنه قال: "حق المسلم على المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعـاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه"، وهي وغيرها واجبات كفائية، وقد تتعين على بعض المسلمين لبعض. 5. إحسان الظن بالمسلمين عموماً، والعلماء وطلاب العلم الشرعي على وجه الخصوص. 6. موالاة المسلمين بحسب تمسكهم بالسنة . 7. عدم تكفير أحد منهم بكل ذنب يرتكبه . 8. لا يحكم على أحد منهم مات بجنة ولا نار إلا لمن شهد لهم الرسول صلى الله عليه وسلم . 9. السعي لإصلاحهم في دينهم ودنياهم ، والتعاون معهم على البر والتقوى . |
#5
|
||||
|
||||
![]() رابعاً: حق العبد الكافر
مما تقتضيه كلمة التوحيد على أتباعها كذلك للكفار بأصنافهم المختلفة، محاربين كانوا، أم معاهدين، أم ذميين، ما يأتي: 1. دعوتهم للإسلام ومجادلتهم بالحسنى: "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم"12. 2. دعوتهم للدخول في الإسلام والصبر على ذلك. 3. إزالة الشبه التي افتراها أعداء الإسلام على الإسلام ورسول الإسلام وعلى المسلمين. 4. تطبيق شرع الله على الذميين الذين يعيشون بين ظهراني المسلمين. 5. رفع راية جهاد الطلب لمجاهدة من يحول بين الخلق وبين الدخول في الإسلام. 6. عدم المساس بكنائسهم ودور عبادتهم القائمة، وعدم تمكينهم من إنشاء كنائس ومعابد جديدة ، أوإظهار شعائرهم في أعيادهم ونحوها. 7. الإحسان إلى الضعفاء والفقراء منهم: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرُّوهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"13. 8. عدم سبِّ آلهتهم أو إشهار تفضيل نبينا على أنبيائهم: "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبـوا الله عَـدْواً بغير علم"14. 9. عدم إقرارهم على باطلهم بالتشبه بهم، وتعلم رطاناتهم، والعيش بين ظهرانيهم. 10. الالتزام بالأحكام الشرعية والآداب السنية في التعامل معهم، حتى لا نكون فتنة لهم بصدهم عن الإسلام لعدم التزامنا بتعاليمه. مقتضيات "لا إله إلا الله" كثيرة، وحقوقها عظيمة، ومكانتها سامية رفيعة، ولكن نكتفي بهذا القدر. اللهم اجعلنا من أهل "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وأعنا للعمل بمقتضاها، والسير على فحواها، واجعلها آخر كلامنا من الدنيا، وانفعنا بها في الأخرى، ونعوذ بك اللهم من فهم المرجئة المحدثين والقدماء لها، ونبرأ إليك من اختزالهم لمقتضياتها التي عليها قوام الأرض والسمـوات، وصلاح الآخـرة والأولى، والصلاة والسـلام على من أنزلت عليه: "فاعلم أنه لا إله إلا الله"، "ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء"، وعلى آله وصحبه وعنا معهم يا من لا يخيب رجاء ولا يظلم أحداً، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ومن اتبع الهدى. |
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]() وقول الله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ، وقوله : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطغوت) الآية ، وقوله : ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسنا) الآية ، وقوله : ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا) الآية ، وقوله : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا) الآيات. قال ابن مسعود رضي الله عنه : من أراد أن ينظر إلى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمة فليقرأ قوله تعالى : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) – إلى قوله – ( وأن هذا صراطي مستقيماً..) الآية. وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي: ( يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ ) ، فقلت: الله ورسوله أعلم. قال: ( حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا ) ، فقلت: يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال: ( لا تبشرهم فيتكلوا ) . أخرجاه في الصحيحين. |
#8
|
||||
|
||||
![]()
بسم الله الرحمن الرحيم
إنه من الخيرأن نجد فى هذا الزمان من يرشدنا ويعلمنا العقيدة الصحيحة ويعرفنا مالنا وما علينا من الحقوق تجاه ربنا وتجاه اخواننا المسلمين والكفرة فجزاك الله خيرا ياأستاذ محمد رافع ونفع الله بك الأمة وأنتظر منك المزيد من هذه الموضوعات القوية النفعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته |
#9
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اكرمك الله وبارك فيك ورضى عنك اخى الكريم اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا سبحانك لك الحمد |
#10
|
||||
|
||||
![]() وقول الله تعالى : ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) الآية.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل). أخرجاه. ولهما في حديث عتبان: ( فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) . وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( قال موسى: يا رب، علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به. قال: يا موسى: قل لا إله إلا الله. قال: يا رب كل عبادك يقولون هذا. قال: يا موسى، لو أن السموات السبع وعامرهن غيري، والأرضين السبع في كفة، ولا إله الله في كفة، مالت بهن لا إله الله) . رواه ابن حبان، والحاكم وصححه . وللترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قال الله تعالى : يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) . |
#11
|
||||
|
||||
![]() في الصحيح عن أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فأرسل رسولاً أن لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر أو قلادة إلا قطعت. وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أحمد وأبو داود ، وعن عبد الله بن عكيم مرفوعاً : ( من تعلق شيئاً وكل إليه ) رواه أحمد والترمذي.
التمائم : شيء يعلق على الأولاد من العين، لكن إذا كـان المعلـق من القرآن، فرخص فيه بعض السلف، وبعضهم لم يرخص فيه، ويجعله من المنهي عنه، منهم ابن مسعود رضي الله عنه. والرقى : هي التي تسمى العزائم، وخص منه الدليل ما خلا من الشرك، فقد رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين والحمة. والتولة : شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى امرأته. وروى أحمد عن رويفع قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا رويفع! لعل الحياة تطول بك، فأخبر الناس أن من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمداً بريء منه ). وعن سعيد بن جبير رضي الله عنه، قال: ( من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة) رواه وكيع ، وله عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون التمائم كلها، من القرآن وغير القرآن. |
#12
|
||||
|
||||
![]() إن مدار أمرنا على العبودية الخالصة لله رب العالمين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ( يا معاذ بن جبل: قلت: لبيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حق الله على عباده؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على عباده أن يعبدون ولا يشركوا به شيئا).
![]() وانظر إلى ثمن هذه العبادة لما استدرك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا معاذ بن جبل: قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك: قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوه؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق العباد على الله أن لا يعذبهم) . هكذا تبدأ تربية المسلم، بخوف العذاب واستحضار هذا الخوف كلما قرأ القرآن، فقد جعل الله تعالى وجل القلوب صفة إيمانية فقال: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) حتى تقشعر الجلود من بعد، كما قال الله تعالى: (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ)، ثم يكون انهمار دموع العين، فإنهم (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ). وتتساقط دمعات أخريات إذا يوبخ أحدهم نفسه ويحثها أن: ويحك يا نفس احرصــي على ارتياد المخلـص وطاوعــي، واخلصـي واستمعـي النصح وعي واعتبري بمـن مضـــى من القـرون وانقضـى واخشي مفاجـأ القضــا وحاذري أن تخدعــي ويظل وجلا حتى يستوقفه الرجاء،ويتذكر أن رحمة الله سبقت غضبه، فتتعادل حالته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة: لم ييأس من الجنة. ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب: لم يأمن من النار) . ويأخذ يرجو لنفسه الخير إذا رأى نعمة الله عليه في الإسلام، وأنه أحسن حالا من الكافر وأولى بأن لا يطرقه اليأس، ثم ينتبه إلى نقصان حاله عن كمال الإيمان، فيظل لا يجزم لنفسه بالأمن. |
#13
|
||||
|
||||
![]() حق الله على عباده
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.وبعد فإن حق الخالق العظيم والرب الكريم على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به ولا معه شياً غيره من مخلوقاته، لا ملكاً مقرباً، ولا نبياً مرسلاً، ولا ولياً مكرما، ولا جاناً، لا صالحاً ولا متمرداً. قال تعالى:"وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"[1] وقال: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة)[2]، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( يا معاذ ابن جبل! قلت: لبيك رسول الله وسعديك؛ قال: هل تدري ما حق الله على العباد؟ قلت الله ورسوله أعلم؛ قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً؛ ثم سار ساعة، ثم قال: يا معاذ بن جبل! قلت: لبيك رسول الله وسعديك؛ قال: هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قلت: والله ورسوله أعلم؛ قال: ألاّ يعذبهم)).[3] ومقتضى هذه العبادة ما يأتي: 1. الإيمان والتصديق بأنه هو الخالق، الرازق، المحيي، المميت، المدبر، المتصرف في هذا الكون، لا ربّ سواه، ولا إله غيره. 2. أن يؤمن ويصدق ويقر أنه هو الإله الوحيد الذي يستحق العبادة، وكل ما عداه باطل، ألا كل شئ ما خلا الله باطل. 3. ويفرده بكل أنواع العبادات، فلا يدعو إلا ّالله، ولا يستغيث بغير الله، ولا يذبح ولا ينذر ولا يحلف إلا ّلله وبالله، ولا يخاف ولا يرجو إلا ّالله، ولا يتحاكم إلاّ لشرع الله. 4. أن يؤمن بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العلا التي سمى ووصف بها نفسه أو سماه ووصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف، ولا تأويل، ولا تعطيل، ولا تشبيه، ولا تمثيل. 5. أن يحب الله عز وجل أكثر من ماله، وأهله، وولده، ونفسه :(والذين آمنوا أشد ّحباً لله)[4]. 6. أن ينصح لله عز وجل بالتزام أوامره واجتناب نواهيه، وهذا معنى النصيحة لله عز وجل التي حقيقتها نصح أنفسنا. 7. أن يعمل لإعلاء كلمة الله. 8. أن يدفع عن دين الله ـ "إن الدين عند الله الإسلام"ـ. 9. أن يرد ّالشبه التي تثار حول القرآن والإسلام. 10. أن يتفكر ويتدبر في مخلوقات الله عز وجل، فقد مدح الله المؤمنين بذلك: (ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار)[5]، لأن ذلك يزيد في الإيمان، ويعمق الحب في القلوب لربنا الرحمن. 11. أن يوالي أولياء الله، ويعادي أعداء الله. وصلى الله و سلم وبارك على نبينا محمد. |
#14
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() ![]() |
#15
|
||||
|
||||
![]() حقوق الله على العباد لله سبحانه على عبده أمرأم رهبه،وقضاء يقضيه عليه،ونعمة ينعم بها عليه فلاينفك من هذه الثلاثة. والقضاء نوعان: اما مصائب واما معائب. وله عليه عبودية في هذه المراتب كلها، فأحب الخلق اليه من عرف عبوديته في هذه المراتب ووفاها حقها،فهذا أقرب الخلق اليه. وأبعدهم منه من جهل عبوديته في هذه المراتب فعطلها علما وعملا. فعبوديته في الأمر امتثاله اخلاصا واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي النهي اجتنابه خوفا منه واجلالا ومحبة،وعبوديته في قضاء المصائب والصبرعليها ثم الرضا بها وهو أعلى منه،ثم الشكرعليها وهوأعلى من الرضا،وهذا انما يتأتى منه اذا تمكن حبه من قلبه وعلم حسن اختياره له وبره ولطفه به واحسانه اليه بالمصيبة وانكره منها والتبرأ والوقوف في مقام الاعتذار والانكسار،عالما بأنه لايرفعها الاهو،ولايقيه شرها سواه،وأنها ان استمرت أبعدته من قربه،وطردته من بابه،فيراه امنا لضرالذي لايكشفه غيره،حتى انه ليراها أعظم من ضرالبدن. فهوعائذ برضاه من سخطه،وبعفوه من عقوبته،وبه منه مستجير،وملتجىء منه اليه،يعلم أنه اذا تخلى عنه وخلى بينه وبين نفسه فعنده أمثالها وشرمنها،وأنه لاسبيل له الى الاقلاع والتوبة الا بتوفيقه واعانته،وأن ذلك بيده سبحانه لابيد العبد،فهوأعجز وأضعف وأقل من أن يوفق نفسه أ،يرضى بمرضاة سيده بدون اذنه ومشيئته واعانته،فهوملتجىء اليه، متضرع ذليل مسكين،ملق نفسه بين يديه،طريح ببابه،مستخذله،أذل شيء وأكسره له، وأفقره وأحوجه اليه،وأرغبه فيه،وأحبه له،بدنه متصرف في أشغاله،وقلبه ساجد بين يديه، يعلم يقينا أنه لاخيرفيه ولاله ولابه ولامنه،وأن الخيركله لله وفي يديه وبه ومنه،فهو ولي نعمته،ومبتدئه بها من غيراستحقاق،ومجريها عليه معتمقته اليه باعراضه وغفلته ومعصيته،فحظه سبحانه الحمد والشكر والثناء ،وحظ العبد الذم والنقص والعيب،قد استأثر بالمحامد والمدح والثناء، وولى العبد الملامة والنقائص والعيوب، فالحمد كله له والخير كله في يديه، والفضل كله له والثناء كله له والمنة كلها له،فمنه الاحسان،ومن العبد الاساءة، ومنه التودد الى العبد بنعمه، ومن العبد التبغض اليه بمعاصيه، ومنه النصح لعبده،ومن العبد الغش له في معاملته. وأما عبودية النعم فمعرفتها والاعتراف بها أولا،ثم العياذ به أن يقع في قلبه نسبتها واضافتها الى سواه. وان كان سببا من الأسباب فهومسببه ومقيمه، فالنعمة منه وحده بكل وجه اعتبار، ثم الثناء بها عليه ومحبته عليها وشكره بأن يستعملها في طاعته. ومن لطائف التعبد بالنعم أن يستكثر قليلها عليه،ويستقل كثير شكره عليها، ويعلم أنها وصلت اليه من سيده من غير ثمن بذله فيها، ولا وسيلة منه توسل بها اليه،ولااستحقاق منه لها،وأنها في الحقيقة لله لا للعبد، فلا تزيده النعم الا انكسار اوذلال وتواضعا ومحبة للمنعم. وكلما جدد له نعمة أحدث لها عبودية ومحبة وخضوعا وذلا، كلما أحدث له قبضا أحدث له رضى، وكلما أحدث ذنبا أحدث له توبة وانكساراواعتذارا. فهذا هوالعبدالكيّس والعاجز بمعزل عن ذلك،وبالله التوفيق |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|