اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 07-06-2015, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي فتح أزمير ذريعة لهدم الإسلام والشرع

فتح أزمير ذريعة لهدم الإسلام والشرع (1)






أ. د. مصطفى حلمي


فتح أزمير ذريعة لهدم الإسلام والشرع (1)



النص المحقق من كتاب: "النكير على منكري النعمة من الدين والخلافة والأمة"




فكان حقًّا لهم بمثوبة هذا الفتح أن أخرجوا الخلافة عن الحكومة وخرَجوا عن الدِّين، ولم يُنكرْه عليهم أهل الإسلام، وزادوا على ذلك أن حاوَلوا إلغاء المحاكم الشرعية - وإن وقع منهم إحجام ما في ذلك فيَستمهلونه إن أمهلهم الله، ولقد كفى في الدلالة على خبث نيتهم مجرد محاولتهم - وهي المحاكم التي كان الاتحاديون اكتفوا بنزع رابطتها من المشيخة الإسلامية ونقلها إلى الوزارة العدلية، ولم يتجاسَروا على إلغائها بالكلية، فتجاسر عليه إخوانهم الكماليُّون[1]؛ لأنهم فاتِحو إزمير، وكأنهم مأذون لهم من طرف المسلمين عامة بمثوبة ذلك الفتح أن يهدموا قواعد الدين التي كانت هذه الدولة الإسلامية موضوعة ومبنيَّة عليها حتى تنسلخ عن كونها دولة إسلامية، وضمائرهم مطوية مِن قديمٍ على المُروق مِن الدين، فوجدوا فرصة الجرأة عليه بين أعيُن المسلمين وظهرانيهم في خلال التصفيقات والتهاني التي نالوها منهم بذلك الفتح، فإن لم يكن القصد هو المروق بحكومتهم عن الدين فاسألوهم ماذا قصدوه مِن تخلية الخلافة عن السلطة والتفريق بينهما عقب ما حصل لهم من بطَر الظفر بفتح أزمير، وأي حاجة ساقتْهم إليه؟



واحتمال كون السبب الذي ألجأهم إلى ذلك التفريق استراقةُ السلطة من آل عثمان إلى مصطفى كمال[2]، وعدم اجترائهم على استراقة السلطة والخلافة معًا ليس بشيء؛ لأن ******هما معًا كان أهون مِن التفريق بينهما؛ لأن فيه استهانة بآل عثمان فقط، وفي تجريد الخلافة عن السلطة استهانة بالدِّين بواسطة الاستهانة بالخلافة وإلغائها عن العمل كما سنوضِّحه، واستهانة بآل عثمان أيضًا، مع أنه قد تبيَّن أنهم لا يَجتنبون الاستهانة بهم بما لا مزيد عليه، وقد احتاجوا إليها في نزع السلطة عنهم، ومَن استُهين به للسلطة كيف لا يُستهان به للخلافة، وهل هذا إلا استهانة بالخلافة؟



وقول مَن عارضَني بمقالته في جريدة "اللواء المصري" نصرة للكماليين: "إن في هذا المنطق تضليلاً للعقول والأفهام؛ أيُّ علاقة بين فصل إحدى السلطتين عن الأخرى وبين الانصراف عن الدين الإسلامي؟! وهل إذا أخذت الأمة سلطة الحكم في يدها؛ حرصًا على مصلحة البلاد وقطعًا لدابر النكايات والدسائس التي طالَما كان مقام الخلافة محوطًا بها، واستئصالاً لشأفة شيخ الإسلام السابق وزمرتِه حتى لا يستعملوا نفوذهم الديني على الخليفة لتحقيق مآربَ وأغراضٍ لا تتَّفق مع الإسلام في شيء، ولا هي في مصلحة البلاد".



مِن لغوِ الكلام، يمر بمنطقي الذي هو صخرة الوادي إذا ما زوحِمت، ولا يُحرِّكه عن موقعه في نفوس أولي الألباب؛ لأني أبحث في تجريد الخلافة من السلطة، وأوجِّه إنكاري على هذا التجريد والتفريق، فإن كان مقام الخلافة محوطًا بدسائس شيخ الإسلام[3] السابق فالواجب في قطع تلك الدسائس تبديل شخص هذا الشيخ وحده أو تبديل الخليفة، وهذه غاية لا يتخطَّى إلى ورائها بتبديل قاعدة الخلافة التي أُسِّست في الشرع مقترنة بالحكومة والسلطة، ولو كان ذلك التبديل حرصًا على مصلحة البلاد، وإلا كان كالقول بتبديل دين الإسلام حرصًا على مصلحة البلاد. وهل غفل الشرع - عندما أسَّس بُنيان الخلافة على الحكومة والسلطة - عن مصالح بلاد المسلمين، ثم انتبه الكماليون لما غفَل عنه الشرع؟ إن هذا هو الضلال المبين، وكأني بذا الضلال أصل كل خِلاف وقع بيننا وبين الاتحاديِّين والكماليين، ثم إنه هل كانت الإحاطة بالدسائس مقصورة على مقام الخلافة، مع كون مقام السلطة مأمون الثقة في ذلك حتى التزم إلغاء الخلافة لاستئصال تلك الدسائس دون السلطة؟





[1] يشير هنا إلى كل مِن "الاتحاديين" و "الكماليِّين"، والاتحاديون هم أعضاء "جمعية الاتحاد والترقي"، والكماليون هم أتباع مصطفى كمال أتاتورك، ثم اجتمع الفريقان على أمر واحد مستندين إلى قوة الجيش، وقد اتبعت جمعية "الاتحاد والترقي" منذ عام 1909م فرض سياسة "التتريك" ولو بالقوة الغاشمة، وأحذت تتحدى الكرامة العربية في أعزِّ ما لديها مِن دين ولغة، فهيأت هذه السياسة التربة الصالحة لبذور الحركة الانفصالية كي تنمو وتترعرع، وهذا ما يعرف بـ "الاتحاد الطوراني".

لذلك ينبغي التمييز بين فترة حكم "العثمانيين" وبين فترة حكم هؤلاء "الاتحاديين"؛ حيث كانوا أعداء للشعبين التركي والعربي معًا كما سيوضِّح ذلك الشيخ مصطفى صبري في كتابه، وكانت الحقيقة البارزة في تكوين هذه الجمعية أنها "غير تركية" و"غير إسلامية"؛ فمنذ تأسيسها لم يظهر بين زعمائها وقادتها عضو واحد من أصل تركي صافٍ؛ فأنور باشا مثلاً هو ابن رجل بولندي مرتدٍّ، وكان "جاويد" من الطائفة اليهودية المعروفة بـ"دونمة"، و"كراسو" مِن اليهود الإسبان القاطنين في مدينة سالونيكا، وكان طلعت باشا مِن أصل غجَريٍّ اعتنق الإسلام دينًا، أما أحمد رضا - أحد زعمائها في تلك الفترة - فكان نصفه شركسيًّا والنصف الآخر مجريًّا، إلى جانب كونه من أتباع مدرسة "كونت" الفلسفية؛ ينظر كتاب الدكتور يوسف القرضاوي: الحلول المستوردة، (ص: 152)، نقلاً من "ستون وتسون".




[2] وقد ظهر الآن، لكل باحث محقِّق مُنصف، أن مصطفى كمال قام بتمثيلية محبوكة الأطراف لذر الرماد في العيون؛ حتى تمكن من الانفراد بالسلطة أخيرًا، فكشر عن أنيابه - كما يذكر مؤلف كتاب "الذئب الأغبر" - ومِن ثَمَّ أصبح التقييم النهائي لانتصاراته العسكرية في الخارج وإجراءاته في الداخل، وأنها لم تكن في حقيقتها سوى تمرُّده وتنكُّره للإسلام والأمة، وحمل لواء الطورانية، ومحاولته جعل ***ًا أوربيًّا، حدث كل هذا وسط موجة من التزييف الكامل للحقائق، واضطهاد لكل معارض على طريقة "هولاكو" و"جنكيز خان" و"هتلر" وكل جبابرة التاريخ.

وانقضت "المِحنة الكمالية"، ولتزيح الستار عن بداية المآسي الإسلامية؛ حيث ظلت تتكرر بالتقليد والمحاكاة بصورة أو بأخرى في بلاد العالم الإسلامي، وأخذت الأمة - على يد بعض المنتمين لها - تقضي على نفسها بالتجارب الفاشلة تلو التجارب، ولكن جاء الشيخ مصطفى صبري بكتابه هذا ليَلفتنا إلى أنه من المستحيل قلب حقائق الفطرة الإنسانية، أو تغيير حقائق التاريخ، أو تزييف البديهيات المقرَّرة، "وقد ينتصر هذا الزيف الفكري لحقبة قد تطول وقد تقصر، لكن النهاية المحتومة هي أن تنهزم الترهات، وتَخلد الحقائق الأصلية التي لا تتأثر بسيف رجل قوي، أو مزاعم مُفكِّر منحرف، أو افتئات فلسفة عرجاء"؛ من كتاب د. نجيب الكيلاني: "الطريق إلى اتحاد إسلامي"، مكتب النور، طرابلس، ليبيا: 1381هـ - 1962م.




[3] يعني نفسه، ويعبِّر هذا الرأي عن أقوى الحجج في وجه الطاعنين في شخص كلٍّ مِن الخليفة وشيخ الإسلام مصطفى صبري، فلو أُخلِصت النوايا لقام مصطفى كمال بالتخلص منهما وحدهما دون المساس بالخلافة، ولكن أعماله تفضَح أغراضه؛ إذ استهدف نظام الخلافة كله كإطار لوحدة المسلمين وتجسد لتاريخ أمتهم، وبما يمثله من تميزها برسالة نيطت بها وحدها - أي: حمل خلافة النبوة.

ولمن يتشكك في أهمية هذا النظام للمسلمين ندعوه ليقرأ معنا إحدى وثائق لورنس السرية؛ حيث يقرِّر فيها ما يلي: "مهما تمخَّضت عنه هذه الحرب - العالمية الأولى - فيجب أن تكون نتيجتها القضاء نهائيًّا وإلى الأبد على السيادة الدينيَّة للسلطان التركي"، وإذا سألنا: لم؟ فسنجد الإجابة في تقرير مسؤولَين إنجليزيَّين يقولان فيه بالحرف الواحد: "من حق بريطانيا أن تنظر بعين الاهتمام إلى سقوط الإمبراطورية العثمانية الذي كان يعني دعوة خطرة بالنسبة إليها - أي: بريطانيا - خصوصًا وأن هذه الإمبراطورية كانت عبارة عن وحدة دينية متماسِكة، يَحكمها السلطان كخليفة للمسلمين، وزعيم لمسلمي العالم"، وهذا هو هدف الغرب كله الذي احتفل يوم إعلان إلغاء الخلافة!

وينظر "لورنس العرب" لزهدي الفاتح (ص: 71، 72).

















رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 12:09 PM.