اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2015, 11:37 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي التكثيف والتركيز في القصة القرآنية

التكثيف والتركيز في القصة القرآنية
محمد محمد الشحات
نقرأ في كتاب ربنا قصصا ومشاهد تحكي قصة الإنسان في الحياة؛ فحياة الإنسان قصة صراع وتدافع بين مقومات الفطرة النقية وبين الملوثات الدخيلة على الفطرة السليمة، والنموذج الواضح في هذا الإطار هو الصراع بين أهل الحق وأهل الباطل، والشخصية البارزة في هذا الجانب هو النبي أوالرسول المبعوث من قبل العناية الإلهية لتطهير الأرض من ملوثاتها، فكانت القصة القرآنية المثال الواضح لذلك.
وللقصة القرآنية سمات واضحة المعالم، ومن ذلك التكثيف والتركيز واختفاء تفاصيل الإنشاء.
ما التكثيف؟
القصة القصيرة هي الفن الأدبي الشديد التكثيف والتركيز والموضوعية؛ فاللفظة في القصة تحمل شحنات دلالية عالية الدقة وكاتب القصة يختار لفظة لا تحتمل التعدد في الدلالة، أو المفهوم فالقصة تعالج موضوعًا واحدًا، أو فكرة أو موقفًا محددًا أو جزئية من جزئيات الحياة لشخصية ما.
لذا يتلقي القارئ أثرها ككل وفي الحال وبسرعة لذا كان التكثيف عنصرًا ضروريًا ومقومًا من مقوماتها الإيجابية الخاصة بها.
والتكثيف في القصة يناسب روح العصر السريعة أحداثه والمتلاحقة مشاهده، والقارئ للقصة صار يتمتع بها لقصرها وموضوعية الحدث فيها.
ومن هنا كان من الضروري أن تختفي تفاصيل الإنشاء حرصًا على تأكيد مبدأ الوحدة أولًا، ومبدأ التكثيف ثانيًا ولكي يتم ضبط الأحكام الفنية لابد أن تختفي تلك التفصيلات التي تناسب العمل الروائي الذي يتسم بالطول والزيادة في السرد وكثرة الدلالات.
والقرآن الكريم استخدم في عرضه لقصصه، ومشاهده لغة الرمز والتكثيف والتركيز.
والقرآن الكريم يعرض القصة بطرق متعددة فمنها ما تأتي على حلقات، وفي سور متعددة كما هو الحال في قصة سيدنا موسى عليه السلام، وهذا شكل من الأشكال، وشكل آخر هو أن تعرض في حلقة واحدة كما هو الحال مع لقمان، وابنه وأصحاب الكهف.
وهناك نوع آخر تتعدد فيه الشخصيات مثل قصة سيدنا يوسف عليه السلام وسيدنا موسى عليه السلام، وهناك نوع آخر تقل فيه الشخصيات وتتلاشى التفصيلات من باب إحكام الصياغة والضبط مثل قصة سيدنا عيسى عليه السلام.
ونوع آخر من القصص القرآني يتم فيه الحدث بشخص واحد، قال تعالى: {..وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى...} فهذا مشهدٌ البطل فيه شخصٌ واحد.
ومن السمات المميزة للقصص القرآني وجود الفجوات بين المشاهد والأحداث، وهذا دليل على اختفاء التفصيلات والفجوات، وهذه تترك مساحة للعقل البشري أن يتصور ويتخيل الجزئيات التي بين السطور وتعطيه فرصًا لأن يعيش الأحداث.
والقرآن الكريم يعطي عطاء لا ينفد لذا تتعدد التفسيرات، وكلها في الميدان تقترب من الصواب، ولا تحيد عنه، المهم أن القرآن صار مدرسة عطاء وتربية وتهذيب وتعليم.
والقصة القرآنية فيها مجموعة من الرسائل والشحنات المعنوية والوجدانية التي تمثل دفعة إلى الأمام في سبيل البناء مع الاستفادة من رصيد السابقين من الأنبياء والمرسلين في صراعهم الطويل.
والقصة الفنية تعتمد على مشهد واحد في حياة الشخصية لأنه لو تعددت المشاهد لكان هناك تناقض بين التعدد والتركيز..
الخاتمة في القصة
إن الخاتمة في القصة قد تكون مفتوحة، أو مقفولة فالمفتوحة هي التي يترك فيها المؤلف الحرية للقارئ، أن يختم بها القصة من وجهة نظره، أما المقفولة فهي التي ينهي فيها المؤلف الحدث وفق رؤيته، وأعتقد أن الخاتمة المفتوحة مهمة لتنمية المشاعر الوجدانية والتواصل بين المؤلف والقارئ.
والقصة القرآنية قد تبدو لأول وهلة أن فيها إسهابًا وإطنابًا ولكن بالتأمل والتركيز في النظرة نجدها تعتمد على التكثيف والموضوعية والبعد عن المترادفات، ولنا في قصة أصحاب الكهف المثل والنموذج فقد سكت القرآن عن مجموعة من التفصيلات الخاصة بطبيعة حياتهم وآبائهم وبلدهم وطبيعة المجتمع والظروف المحيطة، كل ذلك سكت عنه القرآن وهذا من الدقة البلاغية والفنية العالية وعليها قام البناء الفني للقصة الحديثة.
باحث لغوي
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:03 PM.