|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]()
الموازنة والإعتدال أمر ليس بالهين؛ ورغم ذلك تجدهم في روح ديننا الحنيف ورسالة نبينا –صلى الله عليه و سلم-؛ رسالة الوسطية والسماحة والتوازن الموافق للفطرة السليمة، ولقد كان كان هدي النبي –صلى الله عليه و سلم- دومًا الإعتدال في كل الأمور.
يقول الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [القصص:77]؛ ويقول الحق جلّ في علاه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة:143]. خلق الله تعالى الإنسان من روحٍ وجسدٍ، وديننا دين الاعتدال والتوازن، فلا غلو فيه ولا تغالي، ولا إفراط فيه ولا تفريط، فقد وازن الإسلام بين جانب الروح والمادة في الإنسان، فأعطى للبدن حقه، وللروح حقها، كما أن الإسلام هو دين دنيا وآخرة؛ والله عزّ وجل أنكر على الذين يحرمون الطيبات مُعتقدين أن ذلك من الورع، قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[ الأعراف:32] وقال تعالى: {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِب الْمُعْتَدِينَ}[المائدة:87]. عندما نتدبر في هدي النبي –صلى الله عليه و سلم- نجد أن الإعتدال سمته صلوات ربي عليه وسلامه، ورسالته كانت دومًا تحمل في طياتها الموازنة الحقيقية بين متطلبات الروح والجسد، ومن أمثلة ذلك من هدية –صلى الله عليه وسلم- كثير من القصص الدالة على هذا الأمر. عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا - أي رأوها قليلةً بالنسبة لما ينبغي لهم - فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا؛ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ؛ وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا. فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: «أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» (رواه البخاري ومسلم). وعن أبي جحيفة وهب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء؛ فرأى أم الدرداء متبذلة فقال: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا. فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً، فقال له: كل فإني صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل. فأكل فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال له: نم؛ فنام. ثم ذهب يقوم فقال له: نم؛ فلما كان من آخر الليل قال سلمان: قم الآن. فصليا جميعاً، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه؛ فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: «صدق سلمان» (رواه البخاري). ونهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من يبالغ في العبادة على حساب جسده وبيته وأهله وضيفه، فعن عبدالله بن عمرو قال: دخل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَلا تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا؛ وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قَالَ: فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «فَصُمْ مِنْ كُلِّ جُمُعَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قَالَ: فَشَدَّدْتُ، فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، قَالَ: «صُمْ صَوْمَ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ ، وَلَا تَزِدْ عَلَيْهِ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا كَانَ صِيَامُ دَاوُدَ ؟ قَالَ: «كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا» (رواه البخاري). وهكذا نجد أن الإسلام يراعي متطلبات الحياة، وها هو عبدالله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- يقول في كل مرة: فشددت فشدد علي، وما ذاك إلا لأن الإسلام دين الوسط والسهولة، ليس فيه تنطع ولا تغليب لجانب على الآخر. وكان من دعاء النبي –صلى الله عليه و سلم-: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه يقول: «اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ» (رواه مسلم). ومما سبق نجد سمات الموازنة بين متطلبات الروح والجسد في هدي النبي –صلى الله عليه وسلم- تتلخص فيما يلي:
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|