علمتنى الحياة .......ثلاثة.......

رونالدينهوو · #1 19-07-2008, 03:29 PM

كل منا يمكنه أن يقسم حياته إلي ثلاثة أقسام.. الأول: الماضي.. والثاني: الحاضر.. والثالث: المستقبل.. فلا يوجد إنسان منا لديه أكثر أو أقل من الثلاثة.
فتلك الثلاثية تحكمنا جميعاً.. وتتحكم فينا.. وأحياناً ما تسيطر تماماً علينا.. وأحيانا أخري ما نسيطر عليها.. لكن للأسف غالباً ما تقل نسبة سيطرتنا عليها عن نسبة تأثرنا بسيطرتها علينا.
فمن منا لا يؤثر فيه ماضيه ولا يتأثر به.. ولاحظوا أننا فيما يتعلق بالماضي نتأثر ولا نؤثر لأنه مات ولن يعود.. ومن منا لم يتأثر أو يؤثر في حاضره.. فمن الممكن أن نغير واقعنا ومن الجائز أيضا أن يتغير هذا الواقع ويؤثر فينا.. أما بالنسبة للمستقبل فنحن لا نملك أن نتأثر أو نؤثر فيه لأنه لايزال في علم الغيب.. وليس بيدنا سوي أن نحلم به أو نخطط قليلاً أو كثيراً له. لكن أحلامنا وتخطيطاتنا ليس بالضرورة أن تتحقق.. فالمستقبل دائماً بيد الله وحده وليس بيدنا.
وفي تقديري أن الأفضل لنا أن نهمش ماضينا وكذلك مستقبلنا ولو قليلاً.. وأن نعيش ونستمتع بحاضرنا لأنه الأفيد والأجدي لنا ولإنسانيتنا.. وعلينا أن ندرك تماماً أن واقعنا الذي نعيشه اليوم سينضم غداً إلي الماضي ولذلك فليتنا نحسن التعامل مع أنفسنا ومع الغير في الحاضر حتي يكون لنا ماضي إيجابي وليس سلبياً.
وفي ظني أيضا أنه من الحماقة أن نستسلم لذكريات ماضينا المؤلمة.. فالعاقل لايسمح لشيء مات أن يؤثر فيه أو عليه في واقع حي يعيشه بالفعل.. كما أن العاقل هو الذي ينجح في استخلاص دروس من ذلك الماضي.. فلا يكرر ذات الأخطاء ولا ينزلق لنفس الهفوات.. لأنه إذا عاد لنفس الأخطاء فعليه أن يتوقع لنفسه الشقاء في أيامه الحاضرة والقادمة.. فضمير المرء منا أقسي علي النفس من أقص عقوبة تفرضها القوانين الوضعية وضميرنا ربما يغفو أو ينام قليلاً لكنه لا يموت إلا بموتنا.
وإذا كنت أقترح عليكم أن تتعلموا وتستفيدوا من دروس الماضي بمرارتها وحلوها.. فإنني في ذات الوقت أرجوكم ألا تجلدوا أنفسكم بآلام وجروح ذلك الماضي وعليكم أن تتحصنوا بأقوي المتاريس حتي لا تهفو نفوسكم إلي الانزلاق في جحيمه الذي يؤلمكم.. فانسوه وتناسوه.. ودربوا أنفسكم علي طرد فكرة سلبيات الماضي من ذاكرتكم حتي تنعموا وتسعدوا بحاضركم.
أما بالنسبة للمستقبل فليتكم تعملون بقول المصطفي عليه الصلاة والسلام "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً.. واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً" فأعملوا واستمتعوا بحاضركم في دنياكم.. وخططوا جيداًً لمستقبل أيامكم بما يتناسب أو يلبي طموحاتكم.. هذا بشرط أن تكون إمكاناتكم وقدراتكم ومهاراتكم قادرة علي ترجمة مخططاتكم المستقبلية إلي آليات تنفيذية لتحقيقها.. فعليكم الاجتهاد.. وليس عليكم النجاح أو انجاز ما تخططون له..لأن كل شيء في حياة الإنسان المستقبلية بيد خالقه المولي العلي القدير.
فالمعادلة الثلاثية بداخلنا الماضي.. والحاضر.. والمستقبل.. يمكن أن ترفع من شأننا ويمكن أن تنحط بنا إلي جحيم الفشل.. فمن يعش أسير الماضي.. ميت كماضيه.. ومن يتوهم في خياله انجازات بمستقبله لا تتناسب مع امكاناته أحمق.. ومن يعيش ويستمتع بنفسه وبحياته وبأحبائه وبمظهره وبأهله وبصحبته وعمله وبماله.. إنما هو الأسعد والأهنأ.
أظنكن.. وأظنكم جميعاً.. تتمنون السعادة وتنشدونها فعيشوا وافرحوا.. فالحياة أقصر من أن نقصرها بأنفسنا.