| 
				 الامتحان 
 
			
			بدأ المراقب بتوزيع ورقة الأمتحان ؛ قرأ علاء سورة الفاتحة مثلما كان  يفعل أخاه ؛ أصبح قريباً جداً من تحقيق حلمه الذى طالما سعى إلى تحقيقه ؛  حلمه بأن يصبح طالب فى كلية الطب مثل أخاه الذى كان يمثل له كل شئ .فقد كان أخاه المثل الأعلى و الأب الحنون و الصديق الوفى بالنسبة له ؛  طالباً متفوقاً فى كلية الطب يشيد به كل من يعرفه ؛ كان من أوائل  المتواجدين فى المستشفيات الميدانية بميدان التحرير لمعالجة المصابين ؛ و  فى أحدى هجمات الشرطة لأخلاء الميدان من المتظاهرين و أطلاق الأعيرة  النارية  ؛ أخترقت أحدى هذه الطلقات صدره ليسقط قتيلاً فى الحال .
 تذكر أخاه و أيضاً حلمه بأن يصبح مثل أخاه الذى كان بالنسبة له كل شئ ؛  بدأ علاء فى الأجابة عن الأسئلة ؛ و كان السؤال الأول الأجبارى هو التعبير ”  أكتب برقية تهنئة للمجلس العسكرى الذى حمى الثورة و المصريين ؛ وحث الناس  على المشاركة فى الأحتفال بالذكرى الأولى لثورة الخامس و العشرين من يناير ”  .
 قرأ هذا السؤال و بدأت الدموع تفيض من عيناه ؛ فتذكر أخاه و حلمه بأن  يصبح مثله ؛ و أن يجب عليه أن يشكر من قتل أخاه ؛ بدأ يتحدى نفسه و بدأ  يمسك القلم و يداه ترتعشان ؛ و كتب أول كلماته و التى مسحتها دموعه ؛ حاول  أن يكتب و هو يشعر بأنه يرتكب جريمة فى حق أخاه .
 و بعد محاولات كثيرة بدأ و الدموع تملأ عيناه فى كتابة البرقيات كالآتى :
 ” فى البداية أحب أن أشكر المجلس العسكرى على حبس الثوار ؛ و تعرية  البنات ؛ و قتل شباب مصر ؛ أحب أن أشكره على حماية مبارك و نظامه ؛ و ليس  حماية الشعب المصرى ؛ أحب أن أشكره على نسيانه بأن هؤلاء الشباب الذى قتلهم  و حبسهم هم من أتوا به إلى الحكم ؛ و ليس مبارك و نظامه الذى يحميه ” .
 ” و أحب أن أوجه الشكر أيضاً إلى من سيحتفل بهذا اليوم ؛ أحب أن أشكر من  سيغنى و يحتفل فى اليوم الأربعين لوفاة أخى الذى لم يكن لى فى الدنيا سواه  ؛ أحب أن أشكرهم على أنهم سيحتفلوا بأن الثورة الذى ضحى من أجلها خيرة  شباب مصر  لم تحقق أى من أهدافها حتى الآن ؛ فلتحتفلوا بدماء أبنائكم و  أخواتكم التى لم تبرد ؛ و سأبكى أنا وحدى على أخى الذى لم يكن لى فى الدنيا  سواه ” .
 ” و فى النهاية أحب أن أشكر واضع الأمتحان الذى لم يراعى مشاعر تلاميذه ؛  و لم يراعى أن من الممكن أن يكون أحدهم قد فقد أعز الناس إليه ؛ أو فقد  عيناه بسبب من يريدونى أن أشكرهم الآن ؛ أشكره على أن قام بدوره كمعلم  لتلاميذه ؛ و أشكره على أنه لم يراعى تلاميذه أو مستقبلهم . “
 أنتهى علاء من كتابة هذه البرقيات ؛ و كانت دموعه قد ملأت ورقة الأمتحان ؛ حزناً على أخيه ؛ و حزناً على ما جاءه فى الأمتحان .
 
			
			
			
			
				  |