انهيار إمبراطورية مردوخ بعد فضيحة بريطانيا

[جهاد2000]

انهيار إمبراطورية مردوخ بعد فضيحة بريطانيا

الخميس 27 شعبان 1432 الموافق 28 يوليو 2011




هشام الهلالي

بدو أن ربيع الثورات العربيَّة بدأ يلقي بظلاله على الأحداث العالميَّة، وبدا واضحًا أن الخوف من اللوبي الصهيوني سيتلاشى في المستقبل القريب، فبعد فضيحة "كاميرون – مردوخ" أصبح كل شيء على المحك، فالفضيحة التي هزَّت أرجاء المملكة المتحدة والعالم أظهرت بوضوح وبما لا يدع مجالا للشك أن التوغل الصهيوني الإعلامي كان مسيطرًا على مجريات الأمور السياسيَّة في بريطانيا العظمى، مثلما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكيَّة.

بداية الأزمة

بداية الأزمة تكمن في ضلوع الصحفيين في جريدة 'نيوز أوف ذا وورلد' التابعة لـ 'مجموعة نيوز إنترناشيونال'، المملوكة للإمبراطور الصهيوني مردوخ بالتنصت على أربعة آلاف شخص وحتى من العائلة المالكة منذ العام 2000.
ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني واجه يومًا صعبًا وهو يواجه سيلًا من الأسئلة من قبل النواب البريطانيين، خصوصًا من المعارضة التي انتقدته بشدة لاحتفاظه لبعض الوقت بمدير الاتصالات إندي كولسون الذي كان سابقًا رئيسًا لتحرير الصحيفة الأسبوعيَّة الشعبية التي أغلقتها مجموعة مردوخ والمشتبه بأنها مارست التنصت على نطاق واسع بدءًا من عام 2000، وتم توقيف إندي كولسون الذي ترك الصحيفة في 2007 مؤخرًا لدوره المفترض في عمليات التنصت قبل أن يفرج عنه بشروط، واضطرَّ للاستقالة من منصبه كمدير للاتصال في رئاسة الوزراء بسبب الفضيحة في يناير الماضي من العام 2011.
وقد طلب النواب من كاميرون إعطاء توضيحات حول علاقاته مع مجموعة “نيوز كورب” التي التقى قادتها 26 مرة خلال خمسة عشر شهرًا، والتي دعمت حملته الانتخابيَّة، وكان مردوخ (80 عامًا) صاحب هذه الإمبراطورية الإعلاميَّة شديد الوضوح بشأن علاقاته المميزة مع أسياد داونينج ستريت أثناء جلسة الاستماع إلى أقواله الثلاثاء الماضي في البرلمان البريطاني؛ حيث أكَّد أنه قام غالبًا بزيارة مقر رئاسة الوزراء “بمروره من الباب الخلفي”.
في التحقيقات الأوليَّة مع صحفيي هذه المطبوعة، ظهر أن مسألة التنصت على هواتف رجال السياسة والمشاهير والمواطنين عمل روتيني طبيعي، كان يُمارَس بشكلٍ اعتيادي دون أي إحساس بالذنب، وهو عمل شائع يعرف به الجميع دون أن يحاول أحد من كبار رجال الصحيفة أن يوقفَه، باعتبار أن القرصنة الهاتفيَّة ضروريَّة للوصول إلى القصص الصحفية المثيرة التي اعتاشت عليها هذه الصحيفة التي كانت تدفع الرشى لرجال الشرطة للسكوت عن هذه القرصنة من ناحية، ولإمدادها بالمادة الخام حول عدد من القضايا والجرائم وملفاتها بشكل حصري.
ودلالة على مكانة هذه الصحيفة وتأثيرها، لا بد من الإشارة إلى أن جملة من الفضائح المتصلة بالقرصنة الهاتفيَّة بدأت إثارتها منذ العام 2002، وتَمَّ التحقيق ببعض الوقائع عام 2005، حيث تم إغلاق الملف من دون أن يصدر رأي اتهام للمجموعة أو للصحيفة، وهو ما جعل هذه القضية المثارة هذه الأيام تسترجع السلوك المتواطئ منذ حوالي عقد من الزمن بين الصحفيين ورجال الشرطة، الأمر الذي أدى إلى إعادة فتح الملفات السابقة من ناحية، والتأكيد على أن هذا السلوك المريب ما هو إلا عمل اعتيادي من وجهة نظر الصحيفة، بمعزل عن أخلاق المهنة الصحافية وبمعزل عن القوانين التي تحفظ خصوصيَّة المواطن.
وبعد مثول مردوخ ونجله أمام لجنة التحقيق البريطانيَّة بعد قرار 'مجموعة نيوز إنترناشيونال' وقف صدور صحيفة 'نيوز أوف ذا وورلد'، التي تصدر كل أحد، وهي أكبر الصحف البريطانية توزيعًا على الإطلاق، وتطبع 8ر2 مليون نسخة أسبوعيًّا، وهي إشارة ضمنيَّة على مكانة الصحافة الورقيَّة رغم شيوع وتقدم الصحافة الإلكترونيَّة، وقد غادر قطب الإعلام الأمريكي بريطانيا منذ أيام حيث أمضى أحد عشر يومًا، وقال: إن مجموعته ستخرج من الفضيحة أقوى، لكنه أشار إلى أن “إعادة بناء الثقة ستحتاج إلى وقت”.

انتعاش الديمقراطيين

من المتوقع أن تمتد تأثيراتها إلى الولايات المتحدة، فقد بدأت الصحافة القريبة من الحزب الديمقراطي والمنافسة لإمبراطورية مردوخ الإعلاميَّة بالدعوة إلى أن يحقق مكتب التحقيق الفيدرالي 'إف بي آي' في أعمال هذه الإمبراطورية والبحث عن إمكانية وجود قرصنة هاتفيَّة من قِبل مؤسساتها الإعلاميَّة في الولايات المتحدة وارتكابها لأعمال مخالفة للقانون أشارت إليها صحيفة 'الغارديان' البريطانيَّة، خاصة وأن إمبراطورية مردوخ تنطلق من الولايات المتحدة، إذ إن رئاسة مجموعته مركزها في نيويورك، حيث تتشعب مؤسساتها الإعلاميَّة وخاصة شبكة 'فوكس' وصحيفة 'نيويورك بوست' و27 قناة تلفزيونية محلية وشركة 'فوكس' للقرن العشرين لإنتاج أفلام هوليوود.
فإمبراطورية مردوخ تحظى بدعم كبير من قبل الحزب الجمهوري، خاصة أن الإمبراطور كان قد أسَّس جزءًا كبيرًا من استثماراته الإعلاميَّة في عهد الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، وحصل على الجنسية الأمريكيَّة خلال إدارته، ما مكَّنَه من شراء العديد من شركات التلفزيون والصحف والمجلات التي نافست كبريات المؤسسات الإعلاميَّة الأمريكيَّة، ويرى البعض أن آثار هذه الفضيحة قد تصبّ لصالح الحزب الديمقراطي وإدارة أوباما، فيما لو أظهرت التحقيقات الأولية خروج إمبراطوريَّة مردوخ على القانون في الولايات المتحدة، نظرًا لكون مؤسساته، ذات الصبغة اليمينيَّة، والتي تميل في الغالب لصالح الحزب الجمهوري والرؤساء الجمهوريين، ستعزِّز من فرص الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة.
وفي النهاية فالواضح أن الأيام ستكشف لنا مزيدًا من الأسرار، فالأمير السعودي وليد بن طلال شريك في إمبراطورية مردوخ، وأن الفضائيَّة التي ستنطلق من القاهرة قريبًا، 'ستتعاون' مع قناة 'فوكس' الإخباريَّة التي يملكها الإمبراطور مردوخ، إلا أن الأمير بن طلال سارع ليطالب بسرعة التحقيق، وطالب كل المتورطين والمشبوهين في هذه القضية بالاستقالة، إلا أن الواضح أن اللوبي الصهيوني في بريطانيا فقد الكثير بعد هذه الفضيحة، وربما يكون لهذه الفضيحة أثر كبير على اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وعلى شركات ومجموعات مردوخ الصهيونيَّة.
المصدر
http://www.islamtoday.net/albasheer/...-14-153942.htm