وقفات مع كتاب الله

[zizo2_2]

وهاهي حكاية قارون تتلى قرآنا حتى يرث الله الأرض ومن عليها, وتشمل الآية من 76 إلى 82 من سورة القصص ونصها { إن قارون كان من قوم موسي فبغي عليهم وآتيناه من الكنوز ماإن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة } وكان تأثير هذه الثروة الطائلة على قارون أنه امتلأ غرورا, وسعي للفساد فى الأرض, ولم يحسن كما أحسن الله إليه, على الرغم من نصيحة قومه له.



وكان رده على هذه النصيحة مانسمعه هذه الأيام من تباهي أصحاب الثروات بعبقرياتهم وذكائهم, وحسن تدبيرهم, وهي الصفات التي جلبت لهم الأموال بحسب زعمهم, ولنسمه هذا الجواب المألوف في كل زمان ومكان { قال إنما أوتيته على علم عندى } ولم يكتفِ بالقول, بل أتبعه باستعراض للتباهي والتفاخر والإستفزاز { فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ماأوتي قارون إنه لذو حظ عظيم } .



ومن الطبيعى أن يتأثر أصحاب النفوس المريضة والمنافقون بهذا الإستعراض البرَّاق, وأن يزداد المؤمنون بالله الساعون لثواب الآخرة إيمانا وثباتا, { ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولايلقاها إلا الصابرون } .



وتجئ النهاية درسا وعظة لضعاف النفوس في كل عصر, وهي نهاية تتكرر من عهد قارون وحتى أوناسيس, وسائر المغرورين المغترين بالدنيا الذين يخرجون من هذه الحياة وأيديهم خالية مما جمعوه, أو ينتهى بهم الحال إلى الإفلاس, وياليت اللاهثين وراء الأموال يرددون ماردده معاصرو قارون : { فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وماكان من المنتصرين , وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منَّ الله علينا لخسف بنا ويكأنه لايفلح الكافرون }.



فاملأ قلبك بالإيمان, وأخرج مطامع الكسب والثراء والإستعلاء والغرور من فؤادك, ولتكن ممن لايريدون علوا فى الأرض ولافسادا, لتكون العاقبة لك فى الدنيا والآخرة مع المتقين, إن شاء الله.