اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > رمضان كريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #10  
قديم 13-09-2007, 05:39 PM
الصورة الرمزية MohammeD el_SadaT
MohammeD el_SadaT MohammeD el_SadaT غير متواجد حالياً
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
العمر: 36
المشاركات: 8,089
معدل تقييم المستوى: 0
MohammeD el_SadaT is an unknown quantity at this point
افتراضي

رمضانيات (( 10 ))
حدث في رمضان 5/أسلام بني ثقيف - الجزء الثاني - : انصرف رسول الله من الطائف و قد يئس من خير (( ثقيف )) و توجه نحو مكة مهموما بعد ان لقى يوما لم يلق ما هو اشد منه , فقد روي عن عائشة رضولن الله عليها أنها قالت لرسول الله صلي الله عليه و سلم : هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد ؟؟؟
فقال عليه الصلاة و السلام : لقيت من قومي ما كان أشد , و كان أشد ما لقيت منهم يوم (( ثقيف )) أذ عرضت نفسي علي (( عبد ياليل )) فلم يجيبني الي ما أردت , فأنطلقت علي وجهي و أنا مغموم فلم أستفق الا و أنا بقرن الثعالب بين مكه و الطائف فرفعت رأسي فأذا أنا بسحابة قد أظلتني فتظرت فأذا فيها (( جبريل )) و ناداني و قال " ان الله قد سمع قول قومك لك , و ما ردوا عليك و قد بعث اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم " فناداني ملك الجبال , فسلم علي و قال " يا محمد أنا ملك الجبال , و قد بعثني ربي أليك لتأمرني بما شئت , فأن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين لفعلت " فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله و حده لا يشرك به شيئا "

ظلت (( ثقيف )) علي كفرها زمنا طويل , فقد هاجر الرسول الي يثرب و لقى فيها من النصرة ما لم يلقه في الطائف , و دحر الشرك في يثرب , و فتح الله عليه الفتح المبين يوم مكة , و أسلم من قبائل العرب خلق كثيرا , غير ان ثقيف لم تسلم و انما ظلت عاكفه علي (( لاتها )) تعبدها من دون الله , و يوم حنين كان لثقيف في جيش الشرك قوة مذكورة , و قد خاضت مع المسلمين معركة ضارية دامية , فاستحر القتال في بني (( مالك )) من ثقيف , حتى قتل منهم سبعون و كان فيهم أثنين من كبار سادتهم , ثم أرتدت ثقيف الي الطائف و أعتصمت بها.

يمم الرسول صلوات الله عليه وجهه بعد حنين نحو الطائف بجيش من أصحابه , فحاصرها حصارا شديدا و رماها بالمنجنيق , فكانت المره الأولى في الأسلام يرمى فيها بالمنجنيق , لكن المدينة الحصينة صمدت أمام هجمات المسلمين .

دام حصار الرسول للطائف نحو عشرين يوما , ثم رجع عنها بعد أن أستشهد تحت أسوارها نفر من صحابته , و فيما كان الرسول صلي الله عليه و سلم منصرفا عن الطائف , لحق به سيد من سادات ثقيف و هو عروة بن مسعود الثقفي فأعلن أسلامه , و سأل الرسول ان يعود الي قومه ليدعوهم الي الأسلام , فقال الرسول صلوات الله عليه : أنهم قاتلوك أن رجعت أليهم
فقال : يا رسول الله أني أحب اليهم من أبصارهم

فرجع الزعيم الثقفي الي قومه و هو واثق في مكانته لديهم , بيد انهم لم يكبروه فيما جائهم به , و صدق ما قاله الرسول الكريم له فقد قامت عليه ثقيف لتورده قتيلا , و بينما هو يلفظ أنفاسه الأخيرة طلب ان يدفن خارج المدينة عند أسوارها مع شهداء المسلمون من المهاجرون و الأنصار و حسن أولئك رفيقا.

ثم أن ثقيف أخذت بعد ذلك تثوب الي رشدها و تراجع نفسها , رأت المسلمين في صدق أيمانهم و خلوص نيتهم و دقة نظامهم , فأكبروهم و عز عليهم ان يتمادوا في حربهم و النكاية لهم , و وجدوا الاسلام تنتشر كلمته و تعلو رايته و أنهم لا قبل لهم بمقاومته , فشرح الله صدرهم للأسلام , و أثلج صدر نبيه بأن أستجابت دعوته و خرج من بني ثقيف من يؤمن بالله وحده لا شريك له.

************

مجالس رمضان
10/ في أداب الصيام الواجبة : الحمدُ لله الَّذِي أرْشَدَ الخلقَ إلى أكْملِ الاداب، وفتَحَ لهم من خزائنِ رحمتِهِ وجودِهِ كُلَّ باب، أنَار بصائرَ المؤمنينَ فأدركوا الحقائقَ وطلبُوا الثَّواب، وأعْمَى بصائرَ المُعْرِضين عن طاعتِهِ فصار بينهم وبين نوره حجاب، هدى أولئك بفضله ورحمته وأضلَّ الآخرين بعدله وحكمته، إن في ذلك لذِكْرى لأولى الألبَاب، وأشْهدُ أنْ لا إِله إِلاَّ الله وحده لا شريكَ له، له الملكُ الْعَزيزُ الوَهَّاب، وأشْهدُ أنَّ محمداً عبده ورسولهُ المبعوثُ بأجَلِّ العباداتِ وأَكمَلِ الآداب، صلَّى الله عليه وعلى جميع الالِ والأصْحَاب، وعلى التابعين لَهم بإحْسَانٍ إلى يومَ المَآب، وسلَّم تسليماً.

إخواني: اعْلَمُوا أنَّ للصيام آداباً كثيرةً لا يتمُّ إِلاّ بها ولا يكْمُلُ إِلاَّ بالقيامِ بها وهي على قِسمَين: آدابٌ واجبةٌ لا بُدَّ للصائم من مُراعاتِها والمحافظةِ عليها، وآداب مستحبةٌ ينبغي أن يُراعيها ويحافظَ عليها.

فمنَ الآداب الواجبةِ أنْ يقومَ الصائمُ بما أوجبَ الله عليه من العباداتِ القوْليَّةِ والفعليَّةِ ومن أهمِّها الصلاةُ المفروضةُ التي هي آكدُ أركانِ الإِسلامِ بعد الشهادَتَين، فتجبُ مراعاتُها بالمحافظةِ عليها والقيامِ بأرْكانِها وواجباتِها وشروطِها، فيؤديها في وقْتِها مع الجماعةِ في المساجِدِ، فإنَّ ذَلِكَ من التَّقْوى التي مِنْ أجْلها شُرعَ الصيامُ وفُرِضَ على الأمة، وإضاعةُ الصلاة مُنافٍ للتَّقْوى وموجبٌ للعقوبةِ. قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ الصَّلَـوةَ وَاتَّبَعُواْ الشَّهَوَتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً الشَّهَوَتِ فَسَوْفَ يَلْقُونَ غَيّاً * إِلاَّ مَن تَابَ وَءَامَنَ وَعَمِلَ صَـلِحاً فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } [مريم: 59، 60].

ومِنَ الصائمين مَنْ يتهاونُ بصلاة الجماعةِ مع وُجوبها عليه. وقد أمَرَ الله بها في كتابه فقال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَوةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ } (يعني: أتُّموا صلاتَهم) فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ } [النساء: 102].

فأمر الله بالصلاةِ مع الجماعةِ في حالِ القتالِ والخوفِ. ففي حالِ الطُّمَأنينةِ والأمنِ أوْلَى. وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه: «أنَّ رجُلاً أعْمَى قال: يا رسولَ الله ليس لي قائدٌ يقودنُي إلى المسجدِ. فرخَّصَ له. فلمَّا ولَّى دعاه وقال هلْ تسمعُ النِّداء بالصلاةِ؟ قال نَعَمْ قال فأَجِبْ»، رواه مسلم. فلم يُرخِّص له النبيُ صلى الله عليه وسلّم في تركِ الجماعةِ مع أنه رجلٌ أعمى وليس له قائد، وتاركُ الجماعةِ مع إضاعتِهِ الواجبَ قَدْ حَرَم نفْسَه خيراً كثيراً من مُضاعفةِ الحسنات، فإن صلاة الجماعة مضاعفة كما في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «صلاةُ الجماعة تفضل على صلاةِ الْفذِّ بسبْعٍ وعشرين درجةً». وفوَّتَ المصالِحَ الاجتِماعيَّة التي تحصل للمسلمين باجتماعِهم على الصلاةِ من غرْسِ المَحَبَّةِ والأُلفةِ وتعليمِ الجاهلِ ومساعدةِ المحتاجِ وغير ذلك.

وبتركِ الجماعةِ يَعرِّضُ نفْسَه للعقوبةِ ومشابهةِ المنافقينَ، ففي الصحيحين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أثْقلُ الصَلَوَاتِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجر، ولو يَعْلَمون ما فيهما لأتَوهُما ولوْ حَبْواً. ولقد هممْت أنْ آمُرَ بالصلاةِ فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلِّي بالناس، ثم أنطلق معي برِجالٍ معهم حِزَمٌ من حطبٍ إلى قوم لا يشهدون الصلاةَ فأحرق عليهم بيوتَهم بالنارِ». وفي صحيح مسلم عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: من سَرَّه أنْ يَلْقى الله غداً مسلماً فلْيحافظْ على هؤلاء الصلواتِ، حيث يُنادَى بهن فإنَّ الله شَرَعَ لنبيكم سُنَنَ الْهُدى وإنهنَّ مِنْ سُننِ الهُدى، قال: ولقد رأيتنا وما يتخلَّفُ عنها إلاَّ منافقٌ معلوم النفاقِ. ولقد كَان الرجُلُ يُؤتْى به يُهادَى بين الرجلين حتى يقامَ في الصفَّ. ومن الصائمين مَنْ يتجاوزُ بالأمر فينامُ عن الصلاةِ في وقتِها. وهذا منْ أعظمِ المنكرات وأشدِّ الإِضاعَةِ للصلواتِ حتى قال كثيرٌ من العلماءِ: إن مَنْ أخَّرَ الصلاةَ عن وقتِها بدونِ عذْرٍ شرعيٍّ لَمْ تقبلْ وإن صلى مئة مرَّةٍ لقول النبي صلى الله عليه وسلّم: «مَنْ عمِل عملاً ليس عليه أمْرُنا فهو رَدُّ»، رواه مسلم. والصلاةُ بعد وقتِها ليس عليها أمرُ النبي صلى الله عليه وسلّم فتكونُ مردودةً غيرَ مقبولةٍ.

ومن الآداب الواجبةِ: أن يجتِنبَ الصائمُ جميعَ ما حَرَّمَ الله ورسولُه مِنَ الأقوال والأفَعالِ، فيجتنبَ الكذبَ وهو الإِخبار بخلاف الواقع، وأعظمُه الكذبُ على الله ورسولِه كأنْ يَنْسُبَ إلى الله أو إلى رسولِهِ تحليَلَ حرامٍ أوْ تحريمَ حلالٍ بلا علم. قال الله تعالى: {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلَـلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَـعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النحل: 116، 117]، وفي الصحيحين وغيرهما من حديثِ أبي هريرة وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ متعمِّداً فليتبوَّأ مقْعَدَه من النار». وحذَّر النبي صلى الله عليه وسلّم من الْكَذِب فقال: «إيَّاكُم والكذبَ فإنَّ الكَذبَ يَهْدِيْ إلى الفُجُورِ وإنَّ الفجورَ يهدِي إلى النار ولا يزالُ الرجلُ يكذِب ويتحرَّى الكذبَ حتى يُكتَب عند الله كَذَّاباً»، متفق عليه.

ويجتنبُ الغِيْبَةَ، وهي ذكْركَ أخَاك بما يَكْرهُ في غَيْبتِهِ، سواءٌ ذكرتَه بما يَكرَه في خِلْقَتهِ كالأعْرَجِ والأعورِ والأعمى على سبيلِ الْعيْبِ والذَّم، أو بما يَكرهُ في خُلُقِه كالأحْمَق والسفيهِ والفاسِقِ ونحوه. وسواءٌ كان فيه ما تقُولُ أمْ لم يكُنْ، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سُئل عن الغِيْبةِ فقال: «هي ذكْرُك أخاك بما يكْره، قيل: أفَرأيتَ إنْ كان في أخِي ما أقول؟ قال: إنْ كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتَه وإنْ لم يكن فيه ما تقول فقد بَهَتَّهُ»، رواه مسلم. ولقد نهى الله عن الغِيبةِ في القرآن وشبَّهها بأبشعِ صورةٍ؛ شبَّهها بالرَّجُل يأكلُ لحمَ أخيه ميتاً، فقال تعالى: {وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ } [الحجرات: 12]. وأخْبرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم أنَّه مَرَّ لَيْلَةَ المعراجِ بقومٍ لهم أظْفارٌ من نُحاسٍ يخمشون بها وجوهَهم وصدورَهُمْ فقال: «مَنْ هؤلاء يا جبريلُ؟ قالَ: هؤلاءِ الذينَ يأكلونَ لحومَ الناسِ ويَقعونَ في أعْراضِهِم»، رواه أبو داود.

ويجتنبُ النَّمِيْمَةَ وهي نقْلُ كلامِ شخصٍ في شخصٍ إليهِ ليُفْسدَ بَينهما، وهي من كبائِر الذنوبِ. قال فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم: «لا يدخلُ الجَنَّةَ نَمَّام»، متفق عليه. وفي الصحيحين من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم مرَّ بقَبْرَين فقال: «إنَّهما ليُعَذَّبانِ وما يُعذَّبان في كبير (أي في أمرٍ شاقٍّ عليهما)، أمَّا أحَدُهما فكان لا يسْتنْزهُ من البولِ، وأمَّا الآخرُ فكانَ يَمْشِي بالنَّميمة». والنميمةُ فَسَادٌ للفَرْدِ والمجتَمَع وتفريقٌ بينَ المسلمين، وإلقاءٌ للعداوةِ بينهم {وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ * هَمَّازٍ مَّشَّآءِ بِنَمِيمٍ } [القلم: 10، 11] فمن نمَّ إليكَ نمّ فيك فاحذره.

ويجتنبُ الْغِشَّ في جميع المعاملاتِ من بيعٍ وإجارةٍ وصناعةٍ ورهنٍ وغيرها، وفي جميع المناصحاتِ والمشوراتِ فإنَّ الغشَّ من كبائِر الذنوبِ، وقد تبرأ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من فاعِلِه فقال صلى الله عليه وسلّم: «من غَشَّنَا فليس مِنَّا». وفي لفظٍ: «من غش فليس مِني»، رواه مسلم. والغشُّ خديعةٌ وضياعٌ للأمانةِ وفقْدٌ للثِّقَةِ بين الناسِ، وكلُّ كَسبٍ من الغشِّ فإنَّه كسبٌ خبيثٌ حرامٌ لا يزيدُ صاحبَه إلاَّ بُعْدَاً من الله.

ويجتنبُ المَعازِفَ وهي آلاتُ اللَّهْوِ بجميعِ أنواعِها كالْعُودِ والرَّبابةِ والقَانونِ والْكَمنجَةِ والبيانو والْكَمانِ وغيرها فإنَّ هذه حَرَام. وتزدادُ تحريماً وإثماً إذا اقترنت بالْغنَاءِ بأصواتٍ جميلةٍ وأغانٍ مثيرةٍ قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } [لقمان: 6]. وقد صَحَّ عن ابن مسعودٍ أنَّه سُئِلَ عن هذِه الآية فقال: والله الذي لا إِلهَ غيرُه هو الغناء. وصح أيضاً عن ابن عباسٍ وابن عمرَ وذكره ابن كثيرٍ عن جابرٍ وعكرمةَ وسعيدِ بن جُبيْرٍ ومجاهِدٍ وقال الْحَسنُ: نزلتْ هذه الاية في الغناءِ والمزامير. وقد حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من المَعازفِ وقَرَنَها بالزِّنَا فقال صلى الله عليه وسلّم: «ليكونَنَّ من أمَّتي أقْوَامٌ يستحِلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخمْر والمعازفَ»، رواه البخاري. فالْحِرُ الفَرْجُ والمراد به الزِنا ومعنى يستحلون أي يفعلَونَها فعْلَ المستحِلِّ لها بدونِ مبالاةٍ، وقد وقعَ هذَا في زمِننا فكان مِن الناسِ من يستعملُ هذه المعازفَ أوْ يَسْتَمِعُها كأنَّها شَيْءٌ حلالٌ، وهذا مما نجحَ فيه أعداء الإِسلام بكيدهم للمسلمين حتى صدوهم عن ذكر الله ومهامِّ دينهم ودنياهُم، وأصْبَحَ كثيرٌ منهم يستمعون إلى ذلك أكْثر مما يستمعونَ إلى قراءةِ القرآنِ والأحاديثِ وكلام أهْلِ العلم المُتضمِّنِ لبيانِ أحْكامِ الشريعةِ وحِكَمِها. فاحذورا أيها المسلَمونَ نواقضَ الصومِ ونواقِصَهُ، وصُونُوه عن قول الزُّورِ والعملِ به. قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «من لم يَدَعْ قولَ الزور والعملَ به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أنْ يَدَع طعامَهَ وشرابَه». وقال جابرٌ رضي الله عنه: إذا صمتَ فليصمْ سمعُك وبصرُك ولسانُك عن الكذب والمحارِمِ، ودَع عنك أذَى الجارِ، وليكن عليك وقارٌ وسَكِينةٌ، ولا يكن يومُ صومِك ويومُ فِطْرِك سواءً.

اللَّهُمَّ احفظْ علينا دينَنَا. وكفَّ جوارحَنا عما يُغْضبُك. واغفرْ لنا ولِوالِدينا ولجميع المسلمينَ برحمتِكَ يا أرْحَمَ الراحمينَ. وصلَّى الله وسلَّم على نَبِيَّنَا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

*********

رمضانيات (( 11 ))
حدث في رمضان 6/ وقعة عمورية - الجزء الأول - : في سنه مائتين و ثلاث و عشرين للهجرة , و في شهر رمضان المبارك , أقتحم المعتصم بن الرشيد حصون (( عمورية )) في مائه و خمسين ألفا من جنوده , و فتح المدينه التي عزت علي الفاتحين منذ عهد الأسكندر المقدوني الي يومه .......

فكانت وقعة (( عمورية )) غرة في جبين الدهر , و درة في تاريخ الأسلام , و تاجا زان مفرق المعاصم , و لعمورية و للخليفة الذي زلزل أركانها و قوض بنيانها قصة مثيرة سداها الأيمان و لحمتها النخوة.

تبدأ هذه القصة يوم أرسل (( بابك الخرمي )) أحد عتاة (( الفرس )) الخارجين علي الأسلام كتابا الي (( تيوفيل )) ملك الروم يقول فيه : " لقد قاومت المسلمين عشرين عاما و قضيت علي خمسين و مائتي ألف من خيرة جنودهم , و هزمت سبعة من كبار قوادهم , و أستنفذت الالاف المؤلفه من كريم أموالهم , و حلت دونهم و دون ان يطأوا شعاب منطقتي الواقعة في أعالي بلاد (( فارس )) , و أن المعتصم العباسي أراد أن يثأر لنفسه , و لأخيه المأمون من قبله , فبعث لحربي سائر عسكره و أنفذ الي قتالي خاصة رجاله حتى كان في جملة من جندهم خياطه الذي يخيط ثيابه , و طباخه الذي يطهو طعامه , فأن شئت أن تثأر لدينك و قومك من المسلمين و خليفتهم فأغتنم هذه الفرصة التي لا تعوض و حذار أن تفلت منك فتندم , حيث لا ينفع الندم "

أستيقن (( تيوفيل )) من صحة ما أخبره به (( بابك الخرمي )) و عرف أن خليفة المسلمين قد عزم على ان يقضي علي حركة (( بابك )) مهما كان الثمن غاليا , فلم يشأ (( تيوفيل )) أن يفوت هذه الفرصة علي نفسه و علي قومه و عزم علي أن يثأر من خلفاء المسلمين الذين أجبروهم أكثر من مرة علي دفع الجزية عن يد و هم صاغرون .......

فأعد (( تيوفيل )) لأمر عدته , و أتخذ له أهبته و توجه الي مدينة (( زبطرة )) مسقط رأس المعتصم بمائة و سبعين ألفا من جنوده و نزل علي المدينة المنكوبة نزول المنون , فهدم حصونها و أستباح أرضها و أسر المدافعين عنها و سبى نساءها و ذراريها , و لم يشف ذلك كله غيظ صدره حتى مثل بأسراه شر مثلة , فأقتلع عيونهم و قطع أنوفهم و أذانهم و طاف بهم في أنحاء بلاده.

و بينما كانت حركة (( بابك )) قد لفظت أنفاسها الأخيرة تحت وطأة جيوش المعتصم الجرارة و وقع (( بابك )) أسيرا في أيدي جنود المسلمين البواسل , و كان الخليفة المعتصم يخرج للقاء جيشه الظافر , و يخلع علي قائده المنتصر وشاحين من الجوهر و يصله هو و أفراد عسكره بعشرين ألف ألف درهم , و بينما كانت الأفراح تبلغ ذروتها في سائر بلاد المسلمين و كان الجند يطوفون عليها برأس (( بابك الخرمي )) و ردت علي المعتصم أخبار نكبة (( زبطرة )) , و نقل أليه أن امرأة مسلمة من العفيفات المحصنات قد وقعت في يد الروم , فلما هموا بسبيها نادت :
وامعتصماه ...... وامعتصماه

فهز النداء نخوته , و أثار رجولته و هب عن سريره و هو يقول : لبيك ..... لبيك


لقد نهض المعتصم لتوه و لبس درعه و تقلد سلاحه و حمل حقيبة وضع فيها زاده و ركب حصانه و صاح بالنفير و هو علي أبواب قصره , و أقسم ألا يعود أليه ألا شهيدا محمولا علي الأعناق أو ظافرا منتقما للمدينة الغالية المنكوبة و المرأة المسلمة المغصوبة , ثم غادر قصر الخلافة لساعته و أقام عشر ليال في (( دار العامه )) في (( بغداد )) ليعد العده و يرسم الخطة و يعبئ الجيش , و لما تجهز جهازا لم يسبق لخليفة من خلفاء المسلمين أن تجهز مثله , أحضر قاضي (( بغداد )) عبد الرحمن بن أسحاق , و أحضر معه ثلاثمائة رجل من أهل العدالة , فأشهدهم علي وصيته و قسمة تركته , فجعل ثلث ماله لله , و الباقي لأزواجة و أولاده و مواليه , و لم يأخذ من ثروته كلها سوى ثمن كفنه .......

أسرع المعتصم الي لقاء عدو الله و عدوه بجيش لجب فيه كما يقول المؤرخون ثمانون ألف جواد أبلق , و ثمانون ألف جواد أدهم , و ما شاء الله من المنجنيقات و العدد و أله الحرب , و ذلك بالأضافة الي ما يحتاجه الجند , و جعل وجهته (( عمورية )) , ذلك لأنها كانت روح النصرانية , و الطريق المؤدية الي (( القسطنطينية )) و المدينة التي أرادها الفاتحون منذ عهد الأسكندر الي يوم المعتصم , فعزت عليهم و ردتهم مقهورين , و ما ذلك ألا لأنها كانت ذات حصون مشيدة و بروج ممردة , و هي الي ذلك مدينة الأسرة الحاكمة و مسقط رأس (( تيوفيل )) أمبراطور الروم.

أرسل المعتصم فرقة كبيرة من جيشة الجرار الي (( أنقرة )) لتنازل (( تيوفيل )) و تشغله عنه و اتجه بباقي عسكره نحو (( عمورية )) , و لما أقترب من المدينة العظيمة قسم عسكره الي ثلاث جيوش , و جعل لكل منها قائد , و خص كل جيش بيوم يقاتل فيه علي التناوب , و لما وصل الجيش الأول دار حول (( عمورية )) دورتين ثم أخذ موقعه عند أسوارها , ثم تلاه الجيش الثاني فدار حولها دورة و أحتل مركزه المحدد له , ثم تلاهما الجيش الثالث و أستقر في المكان المحدد له.

***********

مجالس رمضان
11/في أداب الصيام المستحبة : الحمدُ لله مُبلِّغِ الراجِي فوقَ مأمُولِه، ومُعْطِي السائلِ زيادةً على مسؤولِه، أحمدُه على نيلِ الهُدَى وحصولِه، وأقِرُّ بوحدانيَّتِهِ إقرارَ عارفٍ بالدَّلِيل وأصُوله، وأصلِّي وأسَلِّم على نبينا محمدٍ عبدِه ورسولِه، وعلى صاحبه أبي بكرٍ الملازم له في ترحالِهِ وحُلُولِه، وعلى عُمَر حامِي الإِسْلامِ بعزْمٍ لا يُخَافُ من فُلولِه، وعلى عثمانَ الصابرِ على البلاء حين نزولِه، وعلى عليٍّ بن أبي طالبٍ الذي أرهبَ الأعداءَ بشجاعتِهِ قبل نُضُولِه، وعلى جميع آلِه وأصْحابه الذين حازُوا قصَبَ السَّبْق في فروعِ الدينِ وأصُولِه، ما تَرَدَّد النسيمُ بين جَنوبِه وشمَالِهِ وغرْبِهِ وقُبولِه.

إخواني: هذا المجلسُ في بيانِ القسمِ الثانِي من آداب الصومِ وهي الآدابُ المُسْتحبَّةُ، فمنها:

السُّحُورُ وهو الأكلُ في آخِرِ الليل سُمِّي بذلكَ لأنَّه يقعُ في السَّحَرِ فقد أمَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلّم به فقال: «تَسحَّروا فإن في السحورِ بركةً»، متفق عليه. وفي صحيح مسلم عن عمرو بن العاصِ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «فَصْلُ ما بَيْنَ صيامِنَا وصيامِ أهلِ الكتاِب أكْلةُ السَّحَر». وأثْنَى صلى الله عليه وسلّم على سَحُورِ التَّمرِ فقال: «نِعْمَ سَحُورُ المؤمنِ التمرُ»، رواه أبو داود.[20] وقال صلى الله عليه وسلّم: «السُّحُور كله بركةٌ فلا تَدَعُوْه ولو أن يجرع أحدكم جرعةً من ماءٍ فإن الله وملائكتَه يُصلُّون على المُتسَحِّرِين» رواه أحمد وقال المنذريُّ: إسنادُه قويٌّ.[21]

وَيَنْبَغِي للمتسحر أنْ ينْويَ بِسُحُوره امتثالَ أمر النبي صلى الله عليه وسلّم، والاقْتداءَ بفعلِهِ، ليكونَ سُحُورُه عبادةً، وأنْ ينويَ به التَّقَوِّيَ على الصيام ليكونَ له به أجرٌ. والسُّنَّةُ تأخيرُ السُّحورِ ما لَمْ يخْشَ طلوعَ الْفَجْرِ لأنَّه فعلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلّم، فعن قتادة عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلّم وزَيْدَ بن ثابتٍ تسحَّرَا فلَّما فرغا من سُحُورهما قام نبيُّ الله صلى الله عليه وسلّم إلى الصلاةِ فصلَّى، قُلنا لأنس: كمْ كان بين فراغِهما من سُحُورهما ودخولهما في الصلاةِ؟ قال: قَدْرُ ما يقْرأ الرجلُ خَمسين آيةً، رواه البخاري. وعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ بلاَلاً كان يؤذِّنُ بلَيْل، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم: «كُلُوا واشرَبُوا حتى يُؤذِّنَ ابن أمِّ مكتومٍ فإنَّه لا يؤذنُ حتى يطلُعَ الفجْرَ»، رواه البخاري. وتأخيرُ السُّحور أرفْقُ بالصائِم وأسْلَمُ من النومِ عن صلاةِ الفجرِ. وللصائم أن يأكلَ ويشربَ ولو بَعْد السُّحورِ ونيَّةِ الصيام حتى يَتيقَّنَ طلوعَ الفجر لقوله تعالى: {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة: 183]. ويحكم بطلوعِ الفجرِ إما بمشاهَدَتِهِ في الأُفقِ أو بخَبَرٍ موثوقٍ به بأذانٍ أو غيرِه، فإذا طلع الفجرُ أمْسَكَ وينوي بقلبِه ولا يَتلفَّظ بالنيةِ لأنَّ التلفظ بها بدعةٌ.

ومن آداب الصيام المستحبةِ تعجيلُ الفُطور إذا تحقق غروبُ الشَّمْسِ بمُشَاهدتِها أو غَلَب على ظنِّه الغروبُ بِخبرٍ موثوقٍ به بأذانٍ أو غيرِه، فعن سَهْلِ بنِ سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «لا يَزالُ الناسُ بخيْرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ»، متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلّم فيما يرْويهِ عن ربِّه عزَّ وجلَّ: «إن أحبَ عبادي إليَّ أعجلُهم فطراً»، رواه أحمد والترمذي[22]. والسنَّة أنْ يفطِرَ على رُطَبٍ، فإن عُدِم فتمْر، فإنْ عُدِم فَمَاء، لقول أنسٍ رضي الله عنه: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يُفطِرُ قبلَ أن يُصَلِّيَ على رُطباتٍ، فإنْ لَمْ تكنْ رطبات فَتَمَرَات، فإن لم تكن تمرات حَسَا حَسَواتٍ من ماءٍ»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي[23]. فإن لم يجد رُطباً ولا تمراً ولا ماءً أفْطَر على ما تَيسَّر من طعام أو شرابٍ حلال. فإنْ لم يجد شَيْئاً نَوى الإِفطار بقلبِه ولا يمص إصْبَعَه أو يجمع ريقَه ويَبلعه كما يفعلُ بعضُ العَوَامِّ.

وينبغي أن يدعُوَ عندفِطرِه بما أحَبَّ، ففي سنن ابن ماجة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلّم أنَّه قال: «إنَّ للصائِمِ عند فطْرِه دعوةً ما تُرَدُّ». قال في الزوائد: إسنادُه صحيح[24]، وروى أبو داودَ عن معاذَ بنِ زهْرَةَ مرسَلاً مرفوعاً: كان إذا أفطر يقولُ: اللَّهُمَّ لك صُمْت وعلى رزقك أفَطَرَتُ[25]. وله من حديث ابنِ عمَر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم كان إذا أفْطَر يقولُ: «ذَهَبَ الظَّمأُ وابْتَلَّتِ العروُقُ وثَبتَ الأجْرُ إنْ شاءَ الله».[26]

ومن آدابِ الصيامِ المستحبةِ كثرةُ القراءةِ والذكرِ والدعاءِ والصلاةِ والصدقة. وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبَّان أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «ثلاثة لا ترد دعوتُهم: الصائمُ حتى يُفْطِر، والإِمامُ العادلُ، ودعوةُ المظلومِ يرْفَعُها الله فوقَ الغمامِ وتُفتَحُ لها أبوابُ السماء ويقولُ الرَّبُّ: وعِزَّتِي وجَلالِي لأنصُرنَّكِ ولو بَعدَ حينٍ»، ورواه أحمد والترمذي.[27] وفي الصحيحين من حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم أجْوَد الناسِ، وكان أجوَدَ ما يكونُ في رمضانَ حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن. فَلَرَسُولَ الله صلى الله عليه وسلّم حينَ يَلقاهُ جبريلُ أجْوَدُ بالْخيرِ من الريحِ المُرسلةِ. وكان جُوْدُه صلى الله عليه وسلّم يَجْمعُ أنْواعَ الجُودِ كُلَّها من بذْلِ الْعِلْمِ والنَّفْسِ والمالِ لله عزَّ وجلَّ في إظهارِ دينِه وهداية عبادِه وإيْصالِ النَّفْعِ إليهم بكَلِّ طريقٍ من تعْليم جاهِلِهِم وقضاءِ حوائِجِهم وإطعام جائِعهم. وكان جودُه يتضاعَفُ في رمضان لِشَرَفِ وَقتِهِ ومضاعَفَةِ أجْرِهِ وإعانَةِ العابدين فيه على عبادتهم والجمع بين الصيام وإطعامِ الطعام وهما مِنْ أسْبابِ دخولِ الجنَّةِ.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قالَ: «مَنْ أصبح منْكُمْ اليومَ صائماً؟ فقال أبو بكر: أنا. قال: فمَنْ تبعَ منكم اليومَ جِنازةً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمَنْ أطعم منكم اليومَ مسكيناً؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمَنْ عادَ منكم اليومَ مريضاً؟ قال أبو بكر: أنا. قال النبي صلى الله عليه وسلّم: مَا اجتمعْنَ في امرأ إلاَّ دَخَلَ الجنَّةَ».

ومن آداب الصيام المستحبةِ أنْ يَسْتحضِرَ الصائمُ قدْرَ نعْمة الله عليه بالصيام حيثُ وفَّقَه له ويَسَّره عليه حتى أتمَّ يومَه وأكْملَ شَهْره، فإنَّ كثيراً من الناسِ حُرمُوا الصيامَ إمَّا بموتِهِم قبل بلوغِهِ أو بعجْزهم عنه أو بضلالهم وإعْرَاضِهِم عن القيام به، فَلْيَحْمدِ الصائمُ ربَّه على نعمةِ الصيامِ التي هي سببٌ لمغفرةِ الذنوب وتَكْفير السيئاتِ ورفْعةِ الدرجاتِ في دارِ النعيم بجوارِ الربِّ الكريم.

إخواني: تأدبُوا بآداب الصيام، وتَخلَّوا عن أسْباب الغضب والانتقام، وتَحلوا بأوْصاف السَلَف الكرام، فإنَّه لن يُصْلِحَ آخر هذِه الأمة إلاَّ ما أصلَحَ أوَّلها منَ الطاعَة واجتنابِ الآثام.

قال ابن رجبٍ رحمه الله: الصائمون على طَبقَتَين: إحدَاهما: من ترك طعامَه وشرابَه وشهوتَه لله تعالى يرجو عنده عِوَضَ ذَلِكَ في الجنَّة،فهذا قد تاجَرَ مع الله وعَامله والله لا يضيعُ أجرَ منْ أحسنَ عملاً ولا يخيبُ معه من عامله، بل يربحُ أعظمَ الربح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم لرجل: «إنك لن تدع شيئاً اتقاء الله إلا آتاك الله خيراً منه» أخرجه الإِمام أحمد.[28]

فهذا الصائم يُعطى في الجنةِ ما شاء من طعام وشرابٍ ونساءٍ. قال الله تعالى: {كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيئَاً بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى الاَْيَّامِ الْخَالِيَةِ } [الحاقة: 24]. قال مُجاهدٌ وغيرُه: نَزَلتْ في الصائمين. وفي حديثِ عبدالرحمَن بنِ سَمُرةَ الَّذي رآه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم في منامِه قال: «ورَأيتُ رجلاً من أمَّتِي يلْهثُ عَطَشاً كُلَّمَا دنا من حَوضٍ مُنِعَ وطُرِدَ فجاءه صيامُ رمضان فسقاهُ وأرواه»، خرجه الطبراني.[29]

يا قوم ألا خاطبٌ في هذا الشهرِ إلى الرحمن؟ ألا راغب فيما أعدَّ الله للطائِعين في الْجنَان؟

مَنْ يُرِدْ مُلْكَ الْجِنَانِ فلْيَدعْ عنه التواني

ولْيَقْم في ظُلمةِ الليلِ إلى نورِ القُرآنِ

ولْيَصِلْ صوماًبصومٍ إن هذا العَيشَ فَانِ

إنَّما العيشُ جِوارُ الله في دارِ الأمانِ

الطَّبَقَةُ الثانيةُ مِنَ الصائِمين: منْ يصومُ في الدنيا عما سِوى الله فَيَحْفَظُ الرأسَ وما حَوى والْبطْنَ وما وَعَى ويَذْكُر الموتَ والْبِلى ويريد الاخِرةَ فَيتركُ زينةَ الدنيا، فهذا عيدُ فِطرهِ يوم لقاءِ ربِّه وَفَرَحته برُؤْيتِهِ.

من صام بأمر الله عن شهواته في الدنيا أدركها غداً في الجنة، ومن صام عما سوى الله فعيده يوم لقائه: {مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [العنكبوت: 5].

يا مَعْشَر التائبين صومُوا اليومَ عن شهواتِ الْهَوى لِتُدْرِكوا عيدَ الفطرِ يوم اللِّقاء.

اللَّهُمَّ جَمِّل بواطِنَنَا بالإِخلاصِ لك، وحَسِّنْ أعمالَنا باتِّباع رسولِكَ والتأدُّب بآدابه، اللَّهُمَّ أيْقِظْنا من الغَفَلات، ونجِّنا من الدَّركات، وكفِّر عنَّا الذنوبَ والسَيِّئات، واغْفِرْ لَنَا ولوالِدِينا ولجميع المسلمين الأحياءِ منهم والأموات، برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ وعلى آلِهِ وأصحابِه أجمعينَ.
__________________

Always remember two things
Don’t' take any decision when you are Angry
Don’t' make any promises when you are Happy
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:44 PM.