إن الدولة المدنية ضد الدولة الدينية ، فهي - الدولة المدنية - التي لا يتدخل الدين في تشريعاتها ، ولا تقوم على أساس ديني ، وذلك - فيما يزعمون - لحماية الأقليات في كل الدول ، أي إننا من أجل حفظ حريات الأقليات غير المسلمة نعطل شرع رب العالمين ؛ لأن في ذلك - زعموا - ظلماً لغير المسلمين .... ولم يتوقف الأمر عند ذلك ، بل بدأت النخب العلمانية والليبرالية تشنع على مجرد فكرة تطبيق شريعة الرحمن ، وتعتبر ذلك من التطرف والرجعية ، بل والإرهاب ، ولذلك تراهم يجرمون قيام حزب على أساس ديني !!!! فعلى أي اساس ينبغي أن تقوم الأحزاب ؟!!! تقوم على أساس علماني لا ديني ، لا يقحم الدين في السياسة والاقتصاد والحرب والسلم والتجارة وغير ذلك . والسؤال هنا : ماذا نفعل بأحكام الله وأحكام رسوله - صلى الله عليه وسلم - التي شرعت كثيرا من الأحكام في السياسة والاقتصاد والبيع والشراء والجهاد وغير ذلك ؟ هل هي حق أم باطل ؟ فإن قالوا : هي حق . قلنا : إن كانت حقاً فهي خير للناس كافة ، وإن قالوا : ليست بحق ، فقد كفروا وخرجوا من الإسلام ، وإن قالوا : غير مناسبة للعصر ، كفروا باتفاق أهل العلم . نقول للنخب الليبرالية التي تزعم أنها ما زالت على الإسلام ، وأن الليبرالية لا تتعارض مع الإسلام - نقول لهم : هل تقرؤون القرآن كما يقرأه المسلمون ؟ وتتدبرونه وتدمع عيونكم لقراءته ؟ فإن قالوا : نعم قلنا لهم : فما موقفكم من كل آية تقرر حكماً شرعيا في السلم والحرب والبيع والشراء والكفر والإيمان والحرام والحلال ؟ هل تتقبلونها بإذعان لأنها من رب العالمين الحكيم الخبير الرحيم ؟ أم تشعرون باستياء لأن هذه الأحكام لا تتناسب وروح القرن الحادي والعشرين ؟ فإن قلتم نتقبلها ونستسلم لها ونعلم أنها الحق ، قلنا لكم فما هذه الحرب الشعواء على الشريعة الإسلامية ؟ وما هذه الحرب الضروس على العلماء الداعين لشرع محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ولماذا لا تتركون فرصة إلا وتكيلون السب والشتم والتجهيل لحملة العلم وحراس الشريعة ؟ فإما أن يكون القرآن حقاً ؛ فهو واجب التنفيذ في حياتنا ، وإما أن يكون باطلا من وجهة نظركم . وسؤال يا معشر المستنيرين والمثقفين والمتحررين ممن ينتمون للإسلام ويرفعون شعار الليبرالية : ما موقفكم وأنتم تقرؤون قول الله تعالى " وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك " وقوله تعالى " إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله " وقوله تعالى " ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون " فبالله عليكم أنى تصرفون عن فهم هذه الآيات ؟ وكيف تردون عليها ؟ وددنا لو اطلعنا على قلوبكم وأنتم تتلون هذه الآيات لنرى ماذا يعتمل فيها ؟