#6
|
||||
|
||||
![]()
الدولة الإسلامية وحقوق الإنسان
![]() الدولة الإسلامية وحقوق الإنسان فهم يرون حكم الشريعة الإسلامية يتعارض مع حقوق الإنسان في عدة مجالات: 1. منها: مجال الحرية الدِّينية، التي تفرض على من دخل في الإسلام: ألا يخرج منه، وإلا كانت عقوبته القتل على جريمة الرِّدَّة عن الإسلام. 2. ومنها: مجال حقوق المرأة، التي يجعلها الإسلام -فيما زعموا- في مرتبة دون مرتبة الرجال، ومن ذلك: أنها لا تتزوج إلا بإذن وليها، وأنها إذا تزوجت كان الرجل قواما عليها، وكان الطلاق بيده، وإذا ورثت كان نصيبها كما قال القرآن: ![]() ![]() 3. ومنها: مجال حقوق الشواذ والعراة وال*****ين، التي تتعارض مع أحكام الشريعة في تحريم الزواج المثلي، وتحريم اللواط والسحاق، وتحريم الزنى، والتبرج والخلاعة. 4. ومنها: مجال حقوق الأقليات الدِّينية، وقد أفردناها بالحديث. عناية الإسلام بحقوق الإنسان: ويهمنا أن نبين في هذا المقام أنه لا يوجد دين كالإسلام عُني بالإنسان، وقرَّر أن الله كرمه: ![]() ![]() كما عُني الإسلام بحقوق الإنسان التي جعلها في معظم الأحيان فرائض وواجبات، إذ الحق يجوز للإنسان أن يتنازل عنه، أما الفرض والواجب اللازم، فلا يجوز فيه ذلك. وبخاصة حقوق الضعفاء لدى الأقوياء: حقوق الفرد لدى المجتمع ... حقوق الشعوب لدى الحُكَّام ... حقوق الفقراء لدى الأغنياء ... حقوق الأُجَرَاء لدى المُلاَّك ... حقوق العمال لدى أرباب العمل ... حقوق النساء لدى الرجال ... حقوق الأطفال لدى الآباء والأمهات ... حتى حقوق الحيوان لدى الإنسان! ونوَّع هذه الحقوق بين مادي وعقلي، وفردي وجماعي، وآني ومستقبلي، وجعل من ضمير كل إنسان حارسا على حقوقه، يطالب بها، ويدافع عنها، ويتعاون مع غيره في الذود عنها. ويهاجر من الأرض التي تضيع فيها، ولا يجد له وليا ولا نصيرا. ولقد كتب الكثيرون في موضوع حقوق الإنسان، وأُلِّفت فيه كتب[1]، وقُدمت فيه أو في بعضه رسائل جامعية للماجستير والدكتوراه، وأُشبع بحثا ودراسة. ولكني أكتفي هنا بخلاصة ذكرتها في كتابي (الثقافة العربية والإسلامية بين الأصالة والمعاصرة)[2]. وهذه الخلاصة مقتبسة من كتاب الأستاذ الدكتور محمد فتحي عثمان بعنوان (حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والفكر القانوني الغربي). وهي خلاصة علمية موثَّقة بالأدلة الشرعية والتاريخية المستقاة من مصادرها الأصيلة. (وفيها بيَّن أن تقرير حقوق الإنسان في الإسلام، استوعب الاتجاهات الوضعية كلها قديما وحديثا وتفوَّق عليها، مؤكدا ما يلي: 1. أن تقرير حقوق الإنسان في الإسلام قد شمل الحقوق الشخصية الذاتية والفكرية والسياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، وأكَّد الحريات العامة المتنوعة والمساواة. 2. وقد شمل تقرير حقوق الإنسان في الإسلام: الرجال والنساء اللائي هن "شقائق الرجال"[3]، كما ورد في الحديث، والأطفال وهم (الذرية الضعاف) الذين تمتعوا بالرعاية الشرعية من جانب كل المؤسسات القائمة في المجتمع الإسلامي: الأسرة والجماعة والدولة. 3. كما شمل تقرير حقوق الإنسان في الإسلام: المسلمين وغير المسلمين في داخل دولة الإسلام وخارجها، لأن (البر) في الإسلام إنساني وعالمي: ![]() ![]() 4. وحقوق الإنسان الشاملة في الإسلام هي في ضمان الفرد والجماعة والدولة على السواء، لأن (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) هو واجب هؤلاء جميعا: ![]() ![]() 5. ومما يتجلى فيه تفوُّق حكم الله على وضع البشر بالنسبة لتقرير حقوق الإنسان وحرياته العامة: أن تقرير الحقوق في الإسلام يستند إلى (عقيدة الإيمان)، وهي في عمقها وشمولها ودوامها لا تقارن بفكرة (القانون الطبيعي) أو (العدالة) أو (العقد الاجتماعي) أو (المذهب الفردي) ... إلخ. فـ(الله) مصدر تقرير الحقوق في دين الإسلام، حقيقة ثابتة، لا مجرد افتراض غامض، والعقيدة في الله ترتكز إلى أصولها في الفكر والنفس، ولها آثارها الواسعة الشاملة المستمرة في سلوك الفرد والجماعة والدولة. 6. إن استناد تقرير الحق إلى الله عز وجل وشريعته يؤدي إلى اقتران الحق بالواجب، واقتران حق الفرد بحق الجماعة، واقتران الحقوق الفكرية والسياسية بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية. فكل ما هو حق للفرد هو واجب على غيره: سواء أكان الغير فردا آخر أم الجماعة أم الدولة، وهكذا لا مجال في المجتمع الإسلامي للأنانية والفردية، ففي الحديث: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"[4]، "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"[5]، والقرآن يعبِّر في جلاء أن الأخوة ثمرة الإيمان الصحيح: ![]() ![]() 7. بل إن تقرير حقوق الإنسان من قِبَل خالق الإنسان عز وجل قد جعل إحقاق الحق واجبًا على صاحب الحق نفسه، كما هو واجب على الذي عليه الحق، فعلى صاحب الحق أن يطالب به ويحرص عليه، ويناضل لأجله إن كان المانع مماطلاً أو باغيًا أو غاصبًا. ففي الحديث: "مَن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومَن قُتل دون عرضه فهو شهيد، ومَن قُتل دون ماله فهو شهيد"[6]، والمؤمنون أفرادا وجماعة ودولة في أي مكان مأمورون بمظاهرة صاحب الحق في طلبه والنضال لأجله: ![]() ![]() وهكذا تكون الهجرة أو (الالتجاء) بالاصطلاح القانوني المعاصر واجبا على المضطهد وليست حقًا فحسب. كما أن من واجبه النضال والجهاد حيثما كان. 8. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في شريعة الإسلام يعني إحقاق الحق ومقاومة البغي، وهو التزام فذٌّ يفرضه الإسلام على الفرد والجماعة والدولة، وهو واجب ديني شرعي يرتكز إلى العقيدة، ويتغلغل إلى أعماق ضمير المؤمن، وهو مقرون بالإيمان نفسه في عدد من آيات القرآن. 9. وإن الإسلام ليرتضي في مجال الاجتهاد والسياسة الشرعية كل ما يتوصَّل إليه التفكير والتجربة من إجراءات محكمة مخلصة ناجعة، لضمان حقوق الإنسان ومنع المساس بها والاعتداء عليها. وفي حدود ما ورد من نصوص القرآن والسنة وما وقع في تاريخ الإسلام، يمكن القول بوجود الضمانات التالية: أ. واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المُلقَى على عاتق الفرد والجماعة والدولة في الإسلام، والذي يعني حراسة هؤلاء جميعا للحق في مختلف صوره ومدافعتهم للبغي في مختلف صوره. ومن الوسائل التي عرفها تاريخ الإسلام في هذا الصدد وظيفة المُحتَسب بالنسبة للحكومة، ودعوى الحسبة بالنسبة للأفراد، ويمكن إدخال مراقبة رعاية حقوق الإنسان في نطاق كليهما. ب. كذلك من اختصاص والي المظالم -وهو اختصاص القاضي قبل ذلك وعندما لا يوجد مثل هذا المنصب- النظر في تعدي الولاة على الرعية وأخذهم بالعسف في السيرة. فهذا من لوازم النظر في المظالم التي لا تقف على ظلامة متظلم، فيكون لسيرة الولاة متصفحًا، وعن أحوالهم مستكشفًا، ليقويهم إن أنصفوا، ويكفُّهم إن عسفوا، ويستبدل بهم إن لم ينصفوا. ج. ولا مانع أن يقوم قضاء داخل الدولة الإسلامية على أعلى مستوى لحماية حقوق الإنسان: ![]() ![]() د. ومن الإجراءات المعروفة في شريعة الإسلام وتاريخه (التحكيم) لمحاولة الإصلاح بين طرفي النزاع، سواء أكان ذلك على المستوى الداخلي أو العالمي. والنص صريح في مجال الأسرة، ولا مانع من تعديته إلى الجماعة داخل الدولة والجماعة الإنسانية الدولية، يقول تعالى: ![]() ![]() ه. والإسلام يشرع الجهاد لحماية حقوق الإنسان، ومنع استضعافه، والبغي على ذاته وحقوقه: ![]() ![]() و. وحق الهجرة الالتجاء مكفول للفرد، للفرار بنفسه وعقيدته وفكره من الاضطهاد، وكل ما يمكن أن يستحدث من وسائل لحماية الحق وكفالة العدل ومقاومة البغي، فإن الإسلام يرتضيها ويحتويها[7]. هذه هي حقوق الإنسان في الإسلام، واضحة بيِّنة موثَّقة من أصوله ومصادره. ولكن الذي نؤكده هنا: أن الإسلام يمتاز عن الفكر الغربي بما قرَّره من التوازن بين الحقوق والواجبات. فالإنسان في حضارة الغرب يركض أبدا وراء ما هو له، ولا يهتم كثيرًا بما هو عليه. والإنسان في الإسلام مشدود إلى ما يجب عليه أولاً، الإنسان في نظر الغرب مُطالِب سائل، وفي نظر الإسلام مُطالَب مسؤول. وفرق كبير بين الموقفين، فرق بين مَن يقول: ماذا لي؟ ومَن يقول: ماذا عليَّ؟ فالأول يدور حول حاجته، والآخر يدور حول قيمة أخلاقية. ومن خلال أداء الواجبات تُرعى الحقوق؛ إذ ما من حق لفرد أو جماعة إلا كان واجبا على غيره. فحقوق المحكومين إنما هي واجبات على الحُكَّام، وحقوق المستأجرين إنما هي واجبات على المالكين، وحقوق الأولاد إنما هي واجبات على الوالدين وهكذا اهـ. وأما ما قيل من أن هناك بعض القضايا والأحكام الإسلامية تتعارض مع حقوق الإنسان، فسنرد عليها واحدة واحدة: 1. الحرية الدِّينية: أما مجال الحرية الدِّينية، فالواقع أن من المبادئ الأساسية في الإسلام، التي لا يختلف عليها اثنان: أنه {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ![]() بل لا يُتصور أن يقبل الإسلام إيمان امرئ مكره، لأن شرط الإيمان أن يكون عن اختيار حر، واقتناع ذاتي، ولهذا رفض القرآن إيمان فرعون عند الغرق، ورفض إيمان الأمم حين ينزل بها بأس الله وعقوبته: ![]() ![]() فحرية الاعتقاد مكفولة للجميع: ![]() ![]() ![]() ![]() أما الكلام عن حرية الارتداد عن الدِّين، فهذا الذي يحتاج إلى بيان. فالإسلام لا يريد أن يتخذ الناس الدِّين ملعبة، يدخله اليوم ويخرج منه غدا. أو كما قالت طائفة من اليهود في عهد النبوة: ![]() ![]() وهو هنا لا يحجر على تفكير الإنسان، إذا اختار غير الإسلام، ولكنه يحجر عليه الدعوة لتكفير غيره، وإشاعة الفتنة في صفوف الأمة. ومن حق كل نظام: أن يضع من التشريعات ما يحميه، ويوفر له الحياة والبقاء والانتشار. والرِّدَّة إذا انتشرت وأمست جماعية: فإنها تهدد المجتمع كله بالخطر، ولا بد أن تقاوم، كما قاومها سيدنا أبو بكر والصحابة معه. ولو تركوا هذه الرِّدَّة وقادتها من المتنبئين الكذابين أمثال: مُسيلِمة وسَجَاح والأسود وغيرهم، لاجتُثَّ الإسلام من أصله. وقد رأينا في عصرنا ماذا فعلت الرِّدَّة بجماعة من العسكريين الأفغان، أرسلوا في بعثة إلى روسيا، فاعتنقوا الشيوعية التي هي ضد الإسلام، وضد الأديان بصفة عامة، ثم جاءوا، فقاموا بانقلاب، واستولوا على الحكم، وأرادوا فرض النظام الشيوعي على المجتمع الأفغاني المسلم، فرفضهم المجتمع، وقاومهم بما في يديه من أسلحة قديمة ضعيفة، فاستعانت الطائفة المرتدة على قومهم بالسوفييت، يضربونهم بالطائرات من فوق، وبالدبابات من تحت، وقتلوا منهم نحو مليونين، ولا تزال المأساة الأفغانية قائمة إلى اليوم، من جراء تلك الرِّدَّة وأهلها!! والرِّدَّة ليست مجرد موقف عقلي، إنها تعني: نقل الولاء والانتماء من أمة إلى أمة أخرى مخالفة، فهي -بمعيار الدِّين- لون من الخيانة ونقض العهد، كما أن نقل الولاء من وطن إلى وطن -بمعيار الوطنية- يعتبر من الخيانة العظمى، ولا يقبل أحد أن يُعطَى الفرد حق تغيير ولائه لوطنه، فيصبح مواليًا للدولة المستعمرة، كأن يصبح الجزائري مواليًا لفرنسا المستعمرة، أو الفلسطيني مواليًا لإسرائيل. على أن عقوبة المرتد بالقتل ليست أمرًا متفقًا عليه، فقد جاء عن عمر من الصحابة، وعن النَّخَعِي من التابعين، وعن الثوري من الأئمة: العقوبة بالسَّجن ونحوه. والحوار وطلب التوبة منه دائما[8]. 2. مجال حقوق المرأة: وأما مجال حقوق المرأة، فلا ينكر أحد عَرَف الإسلام من مصادره الأصيلة: أن الإسلام أول من حرَّر المرأة وأنصفها وكرمها: إنسانا وأنثى وبنتا وزوجة وأما وعضوا في المجتمع. وهذا ما قرَّرته آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول القولية، وسنته العملية، وما طبقه الصحابة والخلفاء الراشدون. وحسبنا أن القرآن يسويها بالرجل في الوظائف الدِّينية: ![]() ![]() ويسوي بينهما في الوظائف الاجتماعية والسياسية: ![]() ![]() ويسوي بينهما في أصل الخَلق والتكليف: ![]() ![]() يؤكد هذا الحديث النبوي: "إنما النساء شقائق الرجال"[9]. وقد كانت المرأة تشارك الرجل في عبادة الصلاة في المسجد، ولها صفوفها خلف الرجال، وفي جلسات العلم مشاركة مع الرجال، ومنفردة بالرسول، وفي الحج والعمرة، وفي الغزوات في خدمة الجيش وإسعاف الجرحى، وفي حمل السيف أحيانا إذا اقتضى الحال. وكانت تشير على ولي الأمر بما يأخذ به ولا يهمله، كما فعلت أم سلمة في الحديبية، وترد على ولي الأمر أحيانا ما تراه خطأ، ولو كان فوق المنبر، كما حدث في عهد عمر. وكانت المرأة تعمل محتسبة على السوق، -كالشفاء بنت عبد الله العدوية في عهد عمر- لإيقاف الناس رجالا ونساء عند حدود الشرع في البيع والشراء والتعامل. ووظيفة المحتسب تجمع بين التنبيه والرقابة والتأديب، ولها سلطة التنفيذ. وقد أجاز أبو حنيفة أن تعمل المرأة قاضية في غير الجنايات، وأجاز الطبري والظاهرية: أن تكون قاضية في كل شيء، وأن تتولى الوظائف ما عدا الإمامة العظمى، أي رئاسة الدولة. بل ربما قيل: إن الإمامة العظمى ليست مجرد رئاسة دولة إقليمية، فهذه أشبه بوالي الولاية. أما الإمامة العظمى -أو الخلافة- فهي رئاسة عامة على الأمة الإسلامية كلها! وقد أصدرت فتوى منذ سنين وضحت فيها مشروعية قيام المرأة بالإدلاء بصوتها في الانتخاب، لأنه لا يعدو أن يكون شهادة، والله تعالى يقول: ![]() ![]() ![]() ![]() وكذلك أجزت لها أن ترشح نفسها لمجلس الشورى أو النواب إذا كانت أهلا لذلك، ورددت على دعاوى الغلاة والمتشددين في هذا الأمر[10]. وأما القول بأنه لا يجوز أن تزوج نفسها إلا بإذن وليها، فهذا أمر ليس متفقا عليه، فمذهب أبي حنيفة وأصحابه يجيز لها أن تزوج نفسها بمن هو كفء لها. وظاهر القرآن يؤيد ذلك، حيث نسب النكاح إليها. والأحاديث الواردة في اشتراط الوليّ ليست في الصحيحين، وهي ليست محل اتفاق بين العلماء. وأما جعل الطلاق بيد الرجل، فلحكمة لا تخفى على المنصف، وهو أن الرجل أبصر بالعواقب، وأكثر تحكما من المرأة في عواطفه، ومع هذا وضع الشرع قيودا كثيرة على الطلاق، حتى لا يقع إلا في أضيق نطاق. وبعض الفقهاء أعطى المرأة حق طلب أن تكون العصمة بيدها، إذا أصرت على ذلك، وقَبِل الرجل، فتكون هي صاحبة الحل والعقد في ذلك. وإذا لم يكن فقد أعطاها الشرع مقابل الطلاق: حق التحكيم عند الخلاف ![]() ![]() وأما قضية القوامة على الأسرة ![]() ![]() ![]() ![]() وأما الميراث وتفاوته بين الرجل والمرأة، فهو مبنيّ على تفاوت الأعباء والتكاليف المالية بين الرجل والمرأة، كما شرحناه في موضعه. على أن ميثاق حقوق الإنسان ينبغي أن يقبل في الجملة، أما في الجزئيات والتفاصيل، فمن الواجب أن نراعي خصوصيات الأمم والأقوام، إذ لا يجوز أن نجبر أمة كبرى (مليار وثلث المليار) على أن تتخلى عن أحكام دينها وشريعتها من أجل الأمم المتحدة!! ولهذا كان للجهات الإسلامية موقف من اتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فقد قبلت أكثرَ بنودها، ورفضت أقلَّها، لأنها لا تتفق مع قواطع الأحكام، وثوابت الشريعة. حقوق العراة والشواذ: بقي ما يقال عن موقف الإسلام المتصلب مما يسمى (حقوق العراة والشواذ) الذي وصفه بعضهم بأنه موقف عدواني من هذه الفئات، حيث حرم عليها أن تشبع شهواتها، كما تريد، ما دام ذلك بالتراضي. ولماذا يمنع الإسلام أن يستمتع الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل كما يشتهيان؟ ولماذا لا يتمتع الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة؟ لماذا لا يتزوج كل منهما الآخر؟ ويكوِّنان أسرة مثلية؟!! وأعتقد أن موقف الإسلام هنا ليس موقفا منفردا، فكل الأديان السماوية -على الأقل- تقف موقف الإسلام، تحرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، كلها تحرم الزنى أي التقاء الرجل بالمرأة لمجرد الشهوة، على غير عقد معلوم مشهود. ومن قرأ أسفار العهد القديم (التوراة) وجد فيها الوصايا العشر المشهورة: (لا تقتل، لا تسرق، لا تزن ...)[11]، فحرم الاعتداء على النفس بالقتل، وعلى الأموال بالسرقة، وعلى الأعراض بالزنى. وكلها تريد أن ترتفع بالإنسان حتى لا يكون عبدا لشهواته، إنما عليه أن يزكي نفسه، حتى ترتقي بالفضائل. وقد جاء في الإنجيل عن المسيح أنه قال لتلاميذه: لقد كان من قبلكم يقولون: لا تزن، وأنا أقول لكم: من نظر إلى امرأة يشتهيها بقلبه فقد زنى[12]! حتى النظرة يعتبرها نوعا من الزنى، وهو يلتقي مع ما جاء به محمد نبي الإسلام: "العينان تزنيان، وزناهما النظر، واليدان تزنيان، وزناهما البطش، والرجلان يزنيان، وزناهما المشي، والفم يزني، وزناه القُبَل، والقلب يهوي ويتمنى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه"[13]. كما حرم (الكتاب المقدس) عند المسيحين عمل قوم لوط، وهو الفاحشة التي ابتكرها هؤلاء، وعبر عنها القرآن بقوله: ![]() ![]() وجاء في القرآن كما جاء في التوراة: أن الله عاقبهم عقوبة شديدة، وأهلكهم ودمر قريتهم عليهم، تطهيرا للأرض من رجسهم. فموقف الإسلام هنا هو موقف اليهودية والمسيحية، وموقف القرآن هو موقف التوراة والإنجيل. ومن هنا لا يجيز الإسلام ما يسمُّونه الزواج المثلي: الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، فهذا في الحقيقة ليس زواجًا، لأن الزواج أو الزوجية لا تكون إلا بين الشيء ومقابله: الذكر والأنثى، الموجب والسالب، لا بين الشيء ومثله، وهو الذي جاء منه قول الله تعالى: ![]() ![]()
__________________
مستر/ عصام الجاويش معلم خبير لغه انجليزيه بمدرسه التل الكبير الثانويه بنات بمحافظه الاسماعيليه |
العلامات المرجعية |
|
|