حماقة إسرائيل.. بداية نهايتها

[جهاد2000]

حماقة إسرائيل.. بداية نهايتها

السبت 20 رمضان 1432 الموافق 20 أغسطس 2011

د. محمد مورو

أنْ تقوم القوات الإسرائيلية بإطلاق النيران على جنودٍ مصريين في سيناء، وقتل خمسة منهم وجرح 5 آخرين سواء كان ذلك بواسطة طائرات مروحية صهيونية، أو من خلال استهدافهم بواسطة قنّاصة إسرائيليين ، فإنَّ الأمر لا يختلف كثيرًا؛ فالعدوان هو العدوان، واستهداف الدم المصري هو نفسه في كل الأحوال ، وهو خطّ أحمر بالطبع ، لا ينبغي بأيِّ حال من الأحوال السكوت عليه.

وفي الحقيقة فإنّ قيام إسرائيل بالعدوان المستمرّ على غزة بدعوَى الانتقام لعمليةٍ فدائيةٍ قام بها فلسطينيون- لا يعرف أحد حتى الآن الجهة التي دفَعَتْهم إلى ذلك في هذا التوقيت- هو أمر مُسْتَهْجَن ومرفوض ولم يَعُدْ من الممكن تركه يمرّ هكذا بدون ردّ فعل عربي ودولي.

وفي هذا الصدد فإنَّه ينبغي التأكيد على عددٍ من الحقائق في هذا الصدد؛ أنَّ من حق الشعب الفلسطيني أن يحاول تحرير أرضه بكل الوسائل، سواء عن طريق العمليات الاستشهادية، أو عن طريق الزَّحْف السلمي المليوني مع العرب والمسلمين وكل أحرار العالم على فلسطين المحتلة، وهو الأسلوب الذي اقترحناه دائمًا ونكرّره الآن، ولكننا رغم انحيازنا للأسلوب الثاني، لا نُخطِّئ الأسلوب الأول، فهو مشروع ومتاح وممكن أيضًا، ولكن لكلِّ وقتٍ الأسلوب المناسب والملائم.

إنَّ الأمور قد تغيّرت في المنطقة؛ فزمن الحكام العملاء أو المنبطحين قد وَلّى، فإذا كانت إسرائيل قد قامت قبل ذلك بقتل جنود مصريين على الحدود عشرات المرات، وكان النظام المخلوع يسكت على ذلك أو يتواطأ أو يقدِّم ردًّا ضعيفًا لذرِّ الرماد في العيون فإنَّ الأمر الآن قد تغيّر تمامًا، ولم يعد هناك حكام عملاء أو منبطحون، أو لم يعد هناك من يجرؤ منهم على الانبطاح أو العمالة؛ لأن الشعوب امتلكت زمام المبادرة وخاصة في مصر، فالردُّ الشعبي المصري، وحصار السفارة الإسرائيلية بعشرات الألوف من المحتجين المصريين، جعل من المستحيل أن يكون الرد المصري الرسمي ضعيفًا، بل إنَّ تلك الإرادة الشعبية ستتعاظم يومًا بعد يوم، في اتجاه تحركات حقيقية ضد إسرائيل مثل قطع العلاقات، وإلغاء السفارات أو حتى طرد السفير الإسرائيلي من القاهرة، وقطع الغاز نهائيًا عن إسرائيل، أو تعديل اتفاقية كامب ديفيد أو حتى إلغاؤها نهائيًا، وربما يصل الأمر في النهاية إلى تصاعد الحركة الشعبية السلمية باتجاه الزحف المليوني من المصريين إلى الحدود وتحرير فلسطين سلمًا وإنهاء دولة إسرائيل تنفيذًا للوعد الإلهي {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}.

وينبغي أن نُدْرِكَ هنا أنَّ جميع القوى السياسية التي اختلفت واتَّفقت على قضايا الداخل المصري، ووصل الأمر إلى حد التلامس والتشاتم قد وحَّدت موقفها بالنسبة لقضية العدوان الصهيوني على الجنود المصريين ونَسِيت خلافاتها في هذا الصدد، كما أنَّ القوى السياسية التي اتَّفقت أو اختلفت مع المجلس العسكري قد وقفت صفًّا واحدًا خلف القيادة المصرية- أيًّا كانت- لمواجهة إسرائيل وهذا شأنٌ مصريٌّ معروف بل وعربي معروف أيضًا.

أنَّ الدول العربية ذاتها لم تَعُدْ قادرة على السكوت على ممارسات إسرائيل تجاه أهل غزة؛ فهذه الحكومات العربية تريد أن تصمد أمام رياح التغيير الفوري في المنطقة وبديهي أنها تريد أن ترضي شعوبها، ولن تتواطأ مع إسرائيل كما كان يحدث عادة، وبالنسبة إلى مصر فإنَّ زمن العملاء قد ولّى والذين كانوا يساعدون إسرائيل في حصار غزة، أو القبض على عناصر حماس وتعذيبهم لصالح إسرائيل، هؤلاء إما في السجون المصرية الآن تحت المحاكمة، وإما لم يعودوا في السلطة بحيث يُمارِسُون أي دور، وهكذا فإنَّ مصر الرسمية والشعبية الآن مع الشعب الفلسطيني في كل فلسطين وفي غزة أيضًا، ويمكن أن نتوقع أن المستقبل القريب سيشهد تسليح أهالي غزة بمضادات للطائرات ومضادات للدبابات من مصر أو من خارج مصر عن طريق مصر بأيِّ وسيلةٍ من الوسائل العلنية أو السرية أو شبه السرية، وساعتها ستختلف المعادلة تمامًا في المنطقة وربما في العالم.