وحيد حامد ....... رسائل الحزن
يبدو أن الشعب المصرى أمام خيارين لا ثالث لهما.. إما الحكم العسكرى وإما الحكم الدينى- وهذا اجتهاد شخصى- فى ظل قراءتى المتواضعة لحالة المجتمع المصرى الراهنة، التى توحى بتفكك وتشرذم جميع القوى الوطنية التى تنادى بالدولة المدنية التى تؤمن بالحرية والديمقراطية، وإقامة العدل الاجتماعى ولا تفرط فى دينها سواء كان الإسلام أو المسيحية.. والحالة القائمة الآن تؤكد أن التيارات الدينية تملك المال الوفير الذى يمكنها من السيطرة على الشارع المصرى، ولديها الخطاب الدينى الذى يلقى قبولاً من البسطاء رغم تعارضه مع مبادئ الإسلام فى أحيان كثيرة.. وأيضاً يملكون الجرأة الخشنة التى تتحدى القوانين، والخروج على الثوابت التى تضبط المجتمع.
أما المجلس العسكرى الذى يتولى الحكم الآن وصاحب القوة الوحيدة التى تمكن صاحبها من تنفيذ أهدافه سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة فيصبح هو القادر على التمكن من السلطة.
وعن نفسى ورغم كراهيتى الشديدة لذلك فإننى أقبل بالحكم العسكرى ولا أقبل بالحكم الدينى. فالخلاف مع الأول قد يدفع بنا إلى السجون والمعتقلات والأحكام الجائرة والغليظة، وربما نحكم بالقهر والاستبداد والتسلط الذى تفرضه الديكتاتورية بكل أشكالها.. وهذا إن حدث فهو بلاء مقدور عليه عانت منه شعوب كثيرة حتى تحركت وكافحت وشاء لها الله أن تتحرر من بطش الديكتاتورية العسكرية البغيض.
أما الحكم الدينى فالخلاف معه هو خلاف مع الإسلام، ومع الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الكفر مكتمل الأركان.. وأنا- وغيرى الكثير- مستعد لكل صنوف العذاب والقهر دون أن يكفِّرنى حاكم مستبد يوظف الإسلام لتحقيق أغراضه.. هكذا بكل وضوح.. أما إذا حدث البلاء الأشد والأعظم وتقاسم الطرفان السلطة فإن مصر لن تكون مصر التى نعرفها اليوم أو قبل اليوم.. لا أقول إنها ستعود إلى الوراء. لأن تاريخها يشهد بأنها فى أشد العصور ظلاماً، كانت هى مصدر النور والحضارة والعلم والفكر.. ولكنى أزعم أنه فى حالة حدوث البلاء فإننا سنعيش زمن «حسن الصباح» وسوف تتحول مصر إلى قلعة «المرت» تحكم بالحديد والنار وقطع الرقاب والقذف بالبشر من أعالى الجبال وغرس الخناجر فى الظهور.. وسوف نتخطى ملالى طالبان وأئمة التشدد فى إيران وسوف يندثر الإسلام الحقيقى، ويتراجع كثيراً فى ظل بطش العسكر، وتشدد عنيف لا يقبل إلا بما دخل فى رؤوس أصحابه وعشش فيها.
|