|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() رمز العطاء إنها الرمز الأول للحياة ، و أوّل القاطنين على الأرض ، و أوّل من استضافت الإنسـان و أعطته مفردات اللغة .. حياتها سكينة و هدوء ، و لها سحرها الأخّاذ ، تنمو بصمت ، و لا تموت إلا بعد عمر مديد .. النظر إليها اطمئنان ، و البعد عنها مكابدة ، خضرتها تمنح الصفاء و النقاء ، و الوفاء و الهناء .. أسرارها كالبحر زاخرة بوابل الحكمـة و المعرفة ، و ما أدرك الإنسان روعة الألوان إلا بها .. لها معانٍ بعيدة لم يُكشَف بعد إلا طلائعها .. هي صديقة الغيث ، و هي شفاء .. و إنه لفرق كبير بين أن يرى الإنسان نفسه في صحراء تلفُّها الأعاصير و لا تحيط بها إلا الأودية الشاحبة ، و بين أن يرى نفسه في رياض نضرة ملأى بأشجار باسقات و اخضرار كالموج ينســاب . و التشجير عبـادة يثاب عليها الإنسـان .. و لو قامت القيامة و في يد الإنسان فسيلة ـ كما في الحديث ـ فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليفعل . أشجارنا هي نعمة فلنحمها هذا العطاء الزاهر الوضاء أبداً هي الأشجار ظلٌّ وارفٌ نُعمى تجمِّل أرضنا و غذاء و كان من وصية السابقين للمجاهدين : " لا تقطعوا شجراً " . فالشـجر يسجد لله و ينقاد لعظمته : ( و النجم و الشـجر يسجدان ) . الرحمن / 6 . و النجم هنا هو النبات الصغير الذي لا ساق له . و قال تعالى : ( هو الذي أنزل من السماء مـاءً لكم منـه شراب و منـه شجـر فيه تسيمون * ينبت لكم به الزرع و الزيتون و النخيل و الأعناب و من كل الثمرات إنّ في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) . النحل / 10 – 11 . و تمت بيعة الرضوان تحت الشجرة ، و وصفت شجرة الزيتون في القرآن بالبركة . و هنا نقف عند تلك الشجرة الباسقة في علياء السماء ، الضاربة بجذورها في عمق الأرض .. نقف عند الشجرة التي حنَّ جذعها إلى الرسول الله صلى الله عليه و سلم لما فارقه حين صُنِعَ له المِنبر ، الشـجرة المثلى في عطائهـا و استقامتها و دوام ظلها و طيب ثمرها و وجوده على الدوام . يقول ابن القيم عن ثمرها بأنه من أكثر الثمار تغذية للبدن .. هو فاكهـة و غذاء و دواء و شراب . و في الحديث : (( بيت لا تمـر فيه جيـاع أهله )) . و في رواية البخاري : (( من تصَّبح بسبع تمرات ، لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر )) . و ذلك ببركة دعوة النبي [ صلى الله عليه و سلم ] لتمر المدينة ، فالذي يتصبح بسبع تمرات إيماناً و تصــديقاً ، فإن يقينه يزيده توكلاً على الله ، و بذلك تقـوى معنوياته الجسدية و النفسية ، فلا يبقى مجال للوساوس و المخاوف و حدوث سحر أو دس سم من قِبَل عدو يكيد له ؛ لأن من شروط انتفاع المريض بالدواء اعتقاده النفع به . و جاء الحثّ على الإفطار على التمر : (( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر ؛ فإنه بركة ، فإن لم يجد تمراً فالماء )) . فالتمر يُمتَص في فترة قصيرة جداً ؛ ليعوض الدم عن نقص السـكر . و كان الرسـول الكريم يمكث ثلاثـة أهلّة في شهرين و طعـامه و طعام أهل بيتــه : التمر و المـاء . و معـروف أنه كان أكمل الناس في الخلق و الخليقة و الصحة و العافية . و بالوقوف على ما طالعنا العلم الحديث عن مخازن الغذاء في التمر ؛ لن نستغرب كيف كانت جيوشنا تفتح الأمصار بجنود لا يقتاتون إلا بضع تمرات .
__________________
عبدالباسط يوسف البياع
|
العلامات المرجعية |
|
|