#1
|
|||
|
|||
![]() بقلم: سعيد الجزار لا أدري لم يغفل كثير من الناس عن الدعاء وهو أقرب باب إلى الله، وأحب عبادة إليه، وأحسن ما يتوسل به العبد، والدعاء قربة من أَجلِّ القربات، وطاعة من أيسر الطاعات، لا تحتاج إلى كثير جهد أو كبير عناء. ويُحكى عن بعض العارفين أنه قال: دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها، فما دخلت من باب إلا رأيت عليه زحامًا، فلم أتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار، فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه، ولا مزاحم فيه ولا معوق، فما هو إلا أن وضعت قدمي على عتبته، فإذا هو شيء قد أخذ بيدي وأدخلني عليه. والدعاء عماد الدين، وهو ضروري لكل عابد؛ لأنه دائر بين ذنب يطلب غفرانه، وعيب يطلب إصلاحه، وعمل صالح يطلب قبوله، واستقامة يطلب ثباتها، وقرب من الله يطلب الوصول إليه. والدعاء سلم المذنبين، وأنس المستوحشين، وسلاح المؤمنين، وعدة المجاهدين، ووسيلة المتقين، وسبيل المحبين. والدعاء يلطف القضاء، ويرد البلاء، ويجلب النعم، ويدرأ النقم، ويستوجب المحبة، ويستأهل المعية. وبالدعاء تنشرح الصدور، وتطمئن القلوب، وتسكن النفوس، وتقر العيون، وبه تغفر الذنوب، وتستر العيوب، وبه تكشف الكروب، وتخفف الخطوب، وبه ترفع الهموم، وتصرف الغموم. قال مُطَرَّف بن عبد الله: تذكرت ما جماع الخير، فإذا جماع الخير كثير الصوم والصلاة، وإذا هو في يد الله تعالى، وإذا أنت لا تقدر على ما في يد الله إلا أن تسأله فيعطيك، فإذا جماع الخير الدعاء. فإذا أحببت- أخي- أن تذوق حلاوة الرحمة، وتستشعر روح القرب، وتلمس برد العفو، فعليك بالدعاء. وإذا رغبت فيما يهدي الله به قلبك، ويشرح به صدرك، ويجمع به أمرك، ويلم به شعثك، فعليك بالدعاء. وإذا أردت نورًا يبدد ظلمة دربك، وسلاحًا تدفع به أذى عدوك، وحصنًا تدرأ به سهام شيطانك، فعليك بالدعاء. وإذا افتقرت إلى ما يجبر الله به كسرك، ويقوي به ضعفك، ويكمل به نقصك، فعليك بالدعاء. وإذا ابتغيت من الله مددًا لا يوقف، وعطاء لا يقطع، ونوالاً لا يمنع، فعليك بالدعاء. وإذا طلبت كشفًا لضرك، وشفاء لسقمك، وفرجًا لهمك، ومخرجًا لضيقك، فعليك بالدعاء. أخي: ارفع يديك، واسكب الدمع من مقلتيك، واخشع بقلبك، وتذلل بجوارحك، وسل مَن يحب دعاءك، وأنت موقن بإجابته، يأتك مدده، ويغمرك رفده، ويحطك فضله، ويسعك عفوه، وتشملك رحمته.
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|